بقلم :هاني الجمل -
بغض النظر عن نتائج الانتخابات الرئاسية والنيابية الأخيرة باليمن، فإن الفائز الحقيقي فيها هو المواطن اليمني، خاصة اذا شارك بفاعلية في هذا الحدث الديمقراطي الأهم على ساحتنا العربية حاليا.
الوقفة الموضوعية تشير الى ان الرئيس علي عبدالله صالح أعطى الفرصة للمعارضة كي تشارك بفاعلية في الحياة السياسية وتولي مقاليد الأمور في حال فوزها في هذه الانتخابات.
أهمية الانتخابات في اليمن تأتي من خلال طبيعة المجتمع القبلي وسماته من ناحية، وتوقيت هذه الخطوة من ناحية أخرى.. فالمجتمع اليمني بعاداته وتقاليده وانتشار السلاح بين جميع فئاته، وجد نفسه أمام اختبار حقيقي عليه أن يختار من خلاله من يحقق له الأمن والاستقرار والإصلاح الاجتماعي والاقتصادي ايضا.
وفي هذا الإطار رصد المراقبون تركيز الرئيس صالح على الوضع الأمني في جميع حملاته الانتخابية، وتعامله بشدة مع (المتشددين) وحرصه على التنسيق مع واشنطن لمواجهة ما يسمى (الإرهاب).
نقطة أخرى أضفت أهمية على الحدث الانتخابي الأخير في اليمن وهي توقيت هذا الحدث، حيث تشهد عواصمنا العربية منذ مدة طويلة ضغوطا داخلية وأخرى خارجية لإجراء اصلاحات سياسية حقيقية تتيح لرجل الشارع البسيط المشاركة في صنع القرار الوطني وتحمل مسؤولية بناء وطنه..
وفي هذا السياق يرصد المحللون ما يجري حاليا في مصر من نقاش وحراك من جانب الحزب الوطني الحاكم والمعارضة حول ضرورة الإصلاح، وان اختلفا حول طرق تحقيقه.
واذا كان المواطن اليمني هو الفائز الحقيقي في هذا العرس الديمقراطي، فإن الرئيس صالح واجه بلا شك أول تحد حقيقي له منذ توليه السلطة المطلقة بعد حرب عام 1994 ضد أنصار الحزب الاشتراكي السابق، ويحسب له تحمله لكثير من الانتقادات من جانب المعارضة.
يرى بعض المحليين أن المواطن العربي ينظر بعين الرضا إلى الانتخابات اليمنية باعتبارها تجربة مفيدة رغم ما فيها من سلبيات، ويتطلع في الوقت نفسه إلى تكرارها في عواصم عربية أخرى لتعيد إلى الأذهان خطوة المشير سوار الذهب الفريدة في السودان وتركه السلطة للأحزاب التي لم تكن على مستوى الحدث والطموح.
المحللون الذين يؤكدون فرص فوز الرئيس صالح ولو بنسبة ضئيلة، يبدون خشيتهم من تدهور الوضع الأمني في اليمن، إذا لم تتقبل المعارضة هذه النتيجة ولجأت إلى الشارع لتصعيد الموقف، خاصة أن لديها عمقا قبليا لا يستهان به خارج العاصمة صنعاء.
وفي هذا الإطار يتوقع المراقبون أن يقدم الرئيس صالح فور الإعلان عن فوزه، على عدة خطوات، وربما يلجأ إلى إجراء تغيير شامل في السياسات والوجوه لتخفيف حدة المعارضة لحكمه المستمر منذ عام 1978. ويدرك الرئيس صالح ومن خلال تمرسه الطويل في السلطة ما لدى المعارضة من قوة في الشارع اليمني، وما يمكن ان تلجأ إليه من خطوات تصعيدية؛ اليمن في غنى عنها.
وفي النهاية يظل الحدث الانتخابي في اليمن، بغض النظر عما شابهُ من تجاوزات؛ نموذجا يتطلع إليه المواطن العربي الذي سئم الوعود وضاق ذرعاً بتمسك بعض قياداته بالسلطة ويتوق للتغيير الحقيقي.
[email protected]
عن البيان الاماراتية