جميل الجعدبي -
*لا يظهر ان النائب والقيادي في المشترك الشيخ حميد الأحمر سيكتفي باحقية احتكار عدد من الوكالات التجارية، والمنتجات في إطار أنشطته الاقتصادية المتنوعة فحسب، ففي المجال السياسي وفعاليات المجتمع المدني يحاصر - رئيس اللجنة العليا للتشاور الوطني- ذاته كذلك بترسانة من المصطلحات التجارية ومفردات سوق البورصة ومؤشرات العرض والطلب، فيبدو كما لو انه وكيل حصري لإنتاج وتنمية الأزمات، ومتخصص كوارث بدرجة امتياز،.. فهو وحده من حَذر من الأزمة قبل وقوعها.. وهو من يحدد ملامح ومسارات الأزمة وتاريخ صلاحيتها.. وهو في نفس الوقت بالإضافة الى لجانه التشاورية من يحددون أطراف الأزمة ويحملونهم مسئوليتها.. ووحدهم من يمتلكون حلول الأزمة.. مثلما هم الوكلاء الحصريون لمنتجات السيطرة على الأزمات، ووسائل الوقاية منها..ولذلك فهم وحدهم فقط، وتحديداً الشيخ حميد الأحمر بما يمثله من (أحزاب/ شخصيات سياسية واجتماعية/ رجال أعمال/ منظمات/ مشائخ ووجهاء..الخ) هو المتخصص الوحيد بضبط إيقاع الأزمة وتحديد موعد( الفرصة الأخيرة) للخلاص منها.. و(الفرصة الأخيرة) هي المصطلح الجديد الوحيد بالإضافة الى (تسوية سياسية)الذي عثرت عليه بصعوبة في مضامين ما سُمِّي بـ(وثيقة الحوار الوطني والبيان الختامي الصادران عن ملتقى التشاور الوطني) الذي عُقد خلال الفترة (21-22) مايو الماضي، بدعوة من لجان تشاور وأحزاب اللقاء المشترك ، وماعدا ذلك فهو تكرار لخطاب وأداء أحزاب المشترك.
لاتشاوربلامصداقـية
التشاور الوطني.. والحوار الوطني.. وغيرها من المسميات مبادرات وفعاليات سياسية مشروعة لا غبار عليها ولا يعيبها في اعتقادي غير افتقارها لقليل من المصداقية والوضوح والصدق مع النفس والوطن والله، حتى لا تبدو في مجملها مجرد تبادل رسائل بين المعارضة والسلطة، وتسجيل أهداف سياسية واستعراض عوامل استقواء بقضايا عرضية وأحداث تشابكت فيها الأسباب واختلطت حولها الدوافع، تستثمر للضغط على السلطة لتحقيق مصالح وأهداف حزبية لا علاقة لأصحابها بهموم وقضايا الناس، غير أنهم يحسنون توظيف هذه القضايا في المواسم المربحة لتبادل رسائل أفصح عنها عضو هيئة الإصلاح ورئيس اللجنة العليا للتشاور في حواره لصحيفة ( الناس )قبل يومين من انعقاد الملتقى حينما قال: (انا أتمنى أن التطورات الأخيرة والتصاعدات المقلقة للأزمات الوطنية قد أرسلت رسالة قوية وواضحة للسلطة، مفادها أن عدم الاستجابة لمطالب أبناء اليمن سواء كأفراد أو كيانات والاستهانة بها لا تعني أنها ستهمل أو يمكن تجاوزها دون ثمن، فالثمن هو تفاقم الأزمات إلى حد يفقد معالجتها أو السيطرة عليها) .. ولا يعنينا هنا تحقيق أمنيات الشيخ حميد من عدمها وان جاء في حديثه مايشير الى انه يتحدث باسم أبناء اليمن بقدر فزعنا وهو يبشرنا متباهيا بتفاقم الأزمات -في حال لم تؤت رسالته القوية والواضحة ثمنها - فهل لايزال الشيخ حميد يرى أن الأوضاع والكوارث والمشاكل والأزمات والأنفاق المظلمة التي نعيشها مقدور على معالجتها .!؟ وأنها تحت السيطرة .!؟ أم أنها لاتقوى على حمل رسالته للسلطة وبالتالي يتطلب الأمر تفاقمها لتحقيق أمنيته .!؟
غموض الملتقى ام غموض فتنة صعدة .!؟
قلنا إن مفهوم الوطنية والوطني وغيرها من المسميات التي تقام فعاليات التشاور تحت غطاءها تقتضي على الأقل الحرص على الشفافية والوضوح والصدق مع النفس أولاً.. فليس من المنطق بعد هذا الضجيج حول لجان وملتقى التشاور وأعمال التشاور، وتشكيل اللجان، وحصر قاعدة البيانات , وعقد اللقاءات الفردية والجماعية، والحلقات النقاشية ، وهذه السلسلة الطويلة من اللجان والمشاورات ,ألاَّ يخرج (ملتقى حميد) بغير قرار الدعوة للحوار الوطني، وأن يكون قرار (الدعوة للحوار والاصطفاف لإنجاح الحوار ) هو القرار الاستراتيجي الوحيد للملتقى كما أسمى في وثائق الملتقى .!! وان قضية حرب صعدة مثلا والتي تقترب من إكمال عامها الخامس لايزال(يكتنفها الغموض.!!) وليس من الوطنية والحرص الوطني إقرار مااسميت بـ(وثيقة حوار وطني ) من دون علم أطراف الحوار .!! وليس من المنطقي ابدا ان لا نسمع متشاور واحد من المشاركين الألف يهمس عن ايجابية واحدة للحكومة ..!الا اذا كان منظموا الملتقى اشترطوا على المشاركين انكار ذلك ، فلا بأس هنا من ازالة مفاهيم الوطنية من شعار ومسمى الملتقى ليسمى مثلا (ملتقى حميد) او (ملتقى المشترك الانتخابي)، وذلك انسجاما مع مخرجات التشاور، ومن باب تسميات الاشياء بمسمياتها.!
تمثيل الملتقى
وليس من المستساغ والمقبول والمنطقي،، ولا من الأمانة والمسؤولية الوطنية أن يدعو (ملتقى التشاور الوطني) كل أبناء الشعب اليمني وقواه السياسية والاجتماعية، ومنظمات المجتمع المدني والعلماء والمثقفين لإجراء حوار وطني،، في حين تؤكد وثائق الملتقى والقائمين عليه أن الملتقى ذاته يمثل خارطة المجتمع اليمني وقواه الحية بصورة أقرب إلى الواقع بما ضم من (قوى وأحزاب وتنظيمات وشخصيات سياسية واجتماعية ورجال أعمال وعلماء ومثقفين وقادة رأي وقيادات نسائية وشبابية)، فما دام الملتقى قد ضم كل هؤلاء فمن هم اذا أبناء الشعب اليمني وكافة الفئات التي يدعوها الملتقى لحوار وطني؟! إلا إذا كان مجموع سكان اليمن هم المستهدفين بالدعوة في القرار الاستراتيجي .! او أن وثائق الملتقى حينما تؤكد على انه – اى الملتقى- يمثل خارطة المجتمع اليمني وقواه الحية بما ضم من الفئات سالفة الذكر تعنى يمثل (علينا ) وهو الارحج .!
قمة الاستخفاف والمغالطة .!
كما أنه ليس من المسئولية الوطنية ولا من هموم الناس وقضايا المجتمع ومعاناة المواطنين أن يعتبر الشيخ حميد الأحمر رئيس اللجنة العليا للتشاور والقيادي في المشترك، حروب صعدة جزءاً من (ثورته الشعبية) عام 2006م ،، وأن يعلن استكمال أعمال التشاور ويحمد الله أنها (أدت ثمارها)،، ويحذر الملتقى من تجدد حرب سادسة في صعدة،، ثم يخرج البيان الصادر عن الملتقى بما فيه من قيادات في المشترك وشخصيات اجتماعية ونواب -كانوا أعضاء في اللجان الرئاسية ومختلف الوساطات المتعاقبة بشان الحرب في صعدة - يخرج بيان الملتقى متضمنا شكوى المتشاورين مجددا من ماسمونه ( الغموض الذي يحيط بقضية صعدة)..! فهل رأيتم استخفافاً بعقول الناس ومغالطة للنفس أكبر من هذه. ؟!
المشترك في نسخة مُطورة
وفي ظل طغيان الأهداف السياسية للقاءات ووثائق وأحاديث ومخرجات ملتقى (تشاور المشترك ) يبدوا أن القائمين عليه سيحتاجون خلال أعمالهم القادمة لفك الارتباط بين خطابهم في (ملتقى التشاور )وخطاب أحزاب اللقاء المشترك .. فطالما التشاور (وطني والحوار وطني) فلا بد أن تتضمن مخرجاته نفساً جديداً يؤثر المصلحة الوطنية على المصلحة الحزبية والشخصية ،، ويفترض في هذا السياق ان تكون اللجان التحضيرية وفرت بنكاً من المعلومات لكل قضية يقول أصحاب التشاور انهم تشاوروا حولها ، وأنها مدرجة ضمن قضايا الحوار . فيما هم في نفس الوقت لايمتلكون المعلومات اللازمة عن القضية..! الا إذا كانوا يحتكرون المعلومات ويميلون للتشاور والحوار في الغرف المغلقة ،، وبما يوحي للآخرين بأنهم يمتلكون كذلك احتكار الحلول لمختلف القضايا ،، ليضع بذلك أصحاب ملتقى التشاور ملتقاهم في دائرة الابتزاز للحزب الحاكم والحكومة ، وجدل المساومات ،وحوار المحاصصة والتقاسم ،في نسخة مطورة لمخرجات أداء أحزاب المشترك والذي اثبتت الايام تعثره عند فزورة (نتواصل ولا نتحاور والتشاور غير الحوار ) .
عدوى التناقض تطارد المتشاورين
*فك الارتباط بين خطاب لجان التشاور الوطني وخطاب أحزاب المشترك سوف يقي الأولى شر لعنة التناقض التي ظلت تطارد أداء وخطاب أحزاب المشترك منذ الانتخابات الرئاسية والمحلية في سبتمبر 2006م ، وهي العدوى التي بدت جلية في خطاب ووثائق ملتقى ولجان التشاور كما اسلفنا . كما أنه ليس بالضرورة احتكار تمثيل أبناء الشعب اليمني وكافة قواه في من ينتمي للمشترك فقط من (قيادات الأحزاب ، رؤساء منظمات المجتمع المدني ، والشخصيات الاجتماعية والمناضلون ، رجال المال والأعمال ، المستثمرين المشائخ والوجاهات، العلماء والدعاة والقضاة ،والمثقفون والأكاديميون قادة الرأي ،..الخ) وهي الفئات المجتمعية التي مثلت ملتقى التشاور. وذلك حتى لا يكون الانجاز الوحيد لكل هذه السلسلة من الأعمال الشاقة والحوارات وجلسات التشاور والملتقيات وحلقات النقاش ، هو إجماع تلك الفئات -التي قيل أنها تمثل خارطة المجتمع اليمني- على صوابية دعوة المشترك للتشاور الوطني على طريق الحوار كما يقول الشيخ حميد – رئيس اللجنة العليا للتشاور الوطني والذي لوحظ من تصنيف الفئات المجتمعية المشاركة أنه حاضر بقوة في معظم الفئات فهو (النائب ،والقيادي الحزبي ، والشيخ ، ورجل الأعمال، والمستثمر.. و...و....الخ ) حتى بدى وكأن بقية المتشاورين تشاوروا فقط لإقرار كلمة رئيس اللجنة العليا للتشاور الوطني في الجلسة الافتتاحية ضمن وثائق الملتقى ..!! فقليلاً من الانفتاح على الرأي الأخر يا أصحاب التشاور الوطني .. وقليلا من المصداقية والموضوعية .. وبما يجنبكم تكرار أخطاء خطاب واداء أحزاب المشترك ،وحتى لا يبدوا الشيخ حميد يتشاور مع نفسه .. لإقامة المعرض الأول لإدارة (وإنتاج الأزمات واحتكار حلولها) بقاعة أبواللو للمعارض الدولية لصاحبها الشيخ حميد الأحمر ..!!
.
[email protected]
*الصورة من فعاليات الملتقى عن نيوز يمن