عبدالعزيز الهياجم -
الخطاب الذي ألقاه الرئيس الأمريكي باراك أوباما بالقاعة الكبرى بجامعة القاهرة كان خطاباً تاريخياً بكل ما تحمله الكلمة من معنى ولقي صدى واسعاً في العالمين العربي والاسلامي وجدلاً كبيراً بشأن ما اذا كان هناك تغير حقيقي في السياسة الأمريكية أم مجرد تحسين صورة.
المتشائمون ذهبوا حد القول إن استراتيجية الدبلوماسية الناعمة التي يعتمدها الرئيس الأمريكي باراك أوباما هي أكثر خطورة من دبلوماسية الفوضى الخلاقة أو القبضة الحديدية التي اعتمدها سلفه جورج بوش.. ويقول هؤلاء إن دبلوماسية القفازات المخملية أو الدبلوماسية الناعمة تخفي أكثر مما تبطن وتظهر في خطابها ما لم ترد ظهوره في نواياها.
فيما يذهب المتفائلون الى حد الخوف على حياة أوباما نتيجة المواقف القوية والشجاعة التي عبر عنها وخصوصاً فيما يتعلق بإسرائيل وقضية المستوطنات وحل الدولتين.
والحقيقة أن من الظلم اطلاق الأحكام القاسية جزافاً، ومن الظلم مقارنة أوباما بسلفه جورج بوش أو القول إنه ربما أسوأ.
صحيح أن السياسة الأمريكية لا يمكن أن تتغير جذرياً، لكن لكل رئيس هامش وصلاحيات وكارزمية يمكن أن يتحرك في اطارها ومن خلالها ويحدث تغييرات ملموسة.
وأوباما بتركيبته الثقافية وجذوره التي تعود دينياً الى أسرة مسلمة وتعود عرقياً الى الرجل الأسود والأمريكان الأفارقة أو الملونين الذين ناضلوا من أجل الحصول على المساواة داخل مجتمعهم... وفترة من عمره قضاها في بلد مسلم هو اندونيسيا، لاشك أن ذلك كله سيلقي بظلاله على رؤيته للأمور وسياساته.
صحيح أننا يجب أن ننتظر حتى تترجم تلك الأقوال الى أفعال، لكن ينبغي القول أيضاً إن الخطاب الحسن النوايا يجب الثناء عليه والأخذ بيده وعدم تلقيه بالتشكيك والتفنيد.
ومثلاً هناك مؤشرات على الواقع، ومن ذلك ما يتعلق بقضية الشرق الأوسط على سبيل المثال حيث إن الاجواء بين الولايات المتحدة واسرائيل ليست على ما يرام وهناك توتر في السياسات بين البلدين.. والادارة الأمريكية عبرت عن موقف حاسم بشأن المستوطنات كأساس يُبنى عليه للخطوات اللاحقة بالنسبة لعملية السلام.
وفيما يتعلق بالعلاقات مع العالم الاسلامي وازالة آثار تداعيات الحرب على الإرهاب وما خلفته من شكوك وتوجس، حرص أوباما على عدم استخدام مصطلح الإرهاب في كامل خطابه، وحرص على توضيح القيم العظيمة التي يحملها الاسلام في اشارة الى التفريق بين الارهابيين والمتطرفين وبين الرؤية القاصرة التي عمد اليها البعض للاساءة الى العالم الاسلامي وتشويه صورة الاسلام.{