أسس الرئيس صالح رؤية واضحة لحركة الحياة والتاريخ، هذه الرؤية لا تستند على التفسيرات الإيديولوجية، فالرئيس لم يتبنَ إيديولوجية محددة تساعده على تفسير الأحداث المختلفة وحركة العملية التاريخية، إلا أنه من خلال خبرته الذاتية،وتجربة العرب والمسلمين وتجارب الأمم الأخرى، ونتيجة تأثره بالمنظور الإسلامي المفسر لحركة التاريخ، استطاع تكوين مجموعة من المعتقدات ساعدته على فهم تطورات الأحداث التاريخية ومكنته من التنبؤ إلى أي مدى يمكن أن تصل النتائج مستقبلاً، واعتقد بوجود نمط تكراري منتظم في الحياة السياسية يمكن من خلاله تفسير تطور الأحداث.
فالحياة السياسية وحركة الحياة حسب تصوره قائمة على التطور التاريخي في مسارات تقدمية حتمية، ولكن تلك المسارات قد يحدث لها نوع من التراجع والانتكاس في بعض الحالات لأن الحركة الحاكمة للتاريخ مرتبطة بظروف بيئية وبقدرة الإنسان على التعامل مع الوضع التاريخي.
فالقانون الأساس المسير للتاريخ هو أن "حركة التاريخ لا ترجع إلى الوراء".. وهي تسير وفق قوانين منتظمة تحكم حياة الشعوب - ولا دور للصدفة أبداً - فالحياة هي حركة دائمة من التغير والتطور.. يقول الرئيس صالح: "لاشك أن الحياة نفسها لا تتوقف عند حد معين وأن كل نقلة في حياة الشعوب هو نتاج معطيات اقتصادية واجتماعية وسياسية فضلاً عن الظروف والتغيرات المحيطة بأي بلد أو التي تؤثر على هذا البلد.. وأية خطوة لا يمكن أن تتم بصورة عشوائية أو بدافع التلقائية فاعتبارات ومعطيات ما توجبه المصلحة العامة في ضوء مجمل المؤثرات ".
الانسان هو المسيّر الفعلي للتاريخ
والعملية التاريخية في الغالب تسير بخطى حتمية نحو التغيير الإيجابي ولكن صناعة التغيير وقيادة المسارات التاريخية مرتبطة بقوة وإصرار الإنسان الراغب دائماً في التعمير والبناء وتجاوز ماضيه وواقعه الرديئ الذي يمثل الحافز الأساسي للإنسان لبناء مستقبل جديد وهذه العقيدة هي التي جعلت من الثورة والوحدة والحرية أمراً حتمياً في فكر الرئيس صالح.
وهذه الحتمية ليست إلا نتيجة لإرادة الشعوب ورغبتها الدائمة في تعديل المسارات الخاطئة للتاريخ لصالح الفعل الإيجابي المعبر عن حاجة الانسان في الحرية والكرامة والتي لا يمكن تحقيقها إلا بالبذل والتضحية يقول الرئيس صالح: "إن هناك لحظات حاسمة في حياه الشعوب تصوغها معاناة الماضي وتوقد شعلتها نضالات الواقع المعيش.. فتتدفق خلالها كل عوامل القوة والإصرار لدى جماهير الشعب لتفجير حدث يضع حدا فاصلا بين ظلام الجهل ونور الانعتاق.. وبين أغلال الظلم ورحاب الانطلاق... فتدور عجلة الزمن التي يظنها البعض أنها قد وقفت في مكانها إلى الأبد لتسير معها جحافل الشعب العظيمة بعزيمة وإصرار على درب النضال من اجل تحقيق أهداف عظيمة وسامية" .
والحتمية السابقة مستقاة من ايمان الرئيس بمسئولية الانسان عن افعاله وقدرة الله مهيمنة على كل فعل إنساني فقد عبر الرئيس صالح عن حتمية أخرى هي حتمية الأقدار وهي المهيمنة على ماعداها ولكن هذا لا يعني الاستسلام للواقع فعلى الانسان أن يتحرك لتغيير مسارات حياته ببذل الجهد وان جاء الحدث بغير المراد فتلك إرادة الله ولا راد لقضائه وعلى الانسان ان يتعامل مع الحدث بعزم واصرار.
فأثناء أزمة الخليج مثلا قال صالح : "أما قرار الحرب فهو من السهل جداً ولكن نقول ان هذا مكتوب عند الخالق عز وجل وإذا كان هناك قرار سماوي سوف يتم لا أحد يستطيع أن يرده لا قرار الإدارة الأمريكية أو أي مكان آخر ما نزل من عند الخالق عز وجل تستقبله الأرض وعلى بركة الله"، وبذل الجهد ومواجهة الاحداث ايّاً كانت نتيجة قناعة الرئيس أن حركة التاريخ مرتبطة بعمل الإنسان وجديته وإخلاصه وصدقه في العمل فالله سبحانه وتعالى لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .
فالحتمية التاريخية التي يتحدث عنها الرئيس يصنعها الإنسان ويسيّرها وهي نظرة مختلفة عن الرؤى الفكرية التي تجعل من الإنسان في حالة من الاستسلام للحتميات التي تسيّره ولا يسيّرها فعملية الصعود التاريخي والتطور تسير إلى الامام وعلى الانسان أن يبذل كل جهده ويضحي من أجل تحقيق أهدافه ومواكبة العصر والمدنية الزاحفة دوماً إلى الأمام. أي أن الإنسان هو المسيّر الفعلي للتاريخ والمتحكم بالظروف والأحداث والدافع للتغيير والتقدم.
إرادة الشعوب منتصرة دائماً
وحركة التاريخ تحكمها وضعية صراع الخير والشر والانتصار دائماً للمبادئ والقيم الخيرة، مهما تجبَّر الباطل وطال غيّه فمن يدافع عن المبادئ ينتصر في النهاية.. يقول الرئيس صالح: "خذ مثلاً الشعب البوسني المسلم على الرغم مما يواجهه من حصار ومن آلة حربية هائلة بيد الصرب إلا أنه شعب لديه قضية، يناضل في ظل مبادئ، لذلك فهو صامد وسينتصر حتماً لقضيته .. أيضاً خذ التجربة الأفغانية عندما كانت هناك مبادئ يناضل من أجلها الشعب الأفغاني انتصر على المد الشيوعي على الرغم من الآلة العسكرية الهائلة التي واجهها لكنه عندما ضاعت المبادئ أصبحت القضية خلافاً وصراعاً من أجل السلطة.
وإرادة الشعوب في المنظومة العقائدية للرئيس "ستظل منتصرة دوماً".وهذه التصورات جعلت الرئيس صالح يعتقد أن أهدافه سوف تتحقق حتماً لأنها صحيحة وهي حق وقائمة على المبدأ وتعبر عن إرادة الشعب والشعب اليمني "استطاع أن ينتصر لإرادته في الوحدة تماماً كما انتصر لثورته وأفشل كل المراهنات الخاسرة" .
تاريخ اليمن نضال من أجل المبدأ
وحركة التاريخ المرتكزة على الإيمان والقوة والجهاد والوحدة والتي يصنعها الإنسان بحكم تفاعله مع معانات الماضي ونضاله المستمر من أجل التغيير والانعتاق وإدارة حركة الزمن نحو الأهداف العظيمة والسامية يمكن فهم التاريخ اليمني ايضا من خلالها. فاليمن قد تعرض خلال عهود الأئمة للضياع والتمزق والفرقة ولكن النضال الوطني أعاد مسارات التاريخ إلى الطريق الصحيح عبر الثورة والنضال من أجل الوحدة. واعتقد الرئيس صالح أن الثورة "26 سبتمبر ليست إلا "تواصلاً مستمراً لصنع حضارة يمنية جديدة بطرق حديثة".
والثورة فاصلة تاريخية حاسمة بين عهدين من عهود البؤس والظلم الإمامي البغيض والإرهاب والشتات والتمزق والعبودية والاستبداد والظلام وعهد الحرية والعدل وعهد النور والازدهار وهذا ما يجعل الثورة ضرورة حتمية وحالة مستمرة دائمة، لان الثورة عطاء متدفق وانتصارها يكون في إستمراريتها وتطورها والاعتصام بها يقيناً وفهماً والتزاماً وممارسة ونهجاً للبناء والتطور يظل الضمانة الأساسية للنجاح وتحقيق التقدم.
وهذا الالتزام الثوري والاعتصام بها مسألة تاريخية تفرضه الظروف وطبيعة العصر والمدنية الحديثة وذلك أن التاريخ في حالة من التقدم والصعود الدائم والحياة تسير نحو الأفضل "أننا نسير بخطى ثابتة وحثيثة على طريق التنمية والتقدم وأننا الآن أفضل حالاً في المجالات مما كنا عليه حتى سنوات مضت بل اننا اليوم أحسن حالاً منا بالأمس الأمر الذي يؤكد أننا سوف نكون غداً بإذن الله أفضل مما نحن فيه اليوم".
وقد أوصلت الرئيس صالح الخبرة الذاتية والمتفحصة للتاريخ اليمني أن ترسخ لديه اعتقاداً أن الزمن يعمل لصالح قيم الحق والعدل ضد الشر والباطل وعلى اعتبار أن الثورة اليمنية هي تجسيد للحق فقد رأى صالح "أن كل عام يمر، بل أن كل يوم يؤكد أن لا عودة أبداً لحياة الاستبداد والدكتاتورية في الوطن السبتمبري... وأن الثورة تزداد صلابة ورسوخاً"، بل إن الثورة مستمرة والنظام الجمهوري خالد ولا يمكن "إعاقة مسيرة حركة التاريخ أو إعادته إلى الخلف".
والتجربة التاريخية تكرر نفسها فيما يخص أيضاً الصراع مع الأعداء، فالشعب اليمني في حالة من الصراع مع أعدائه من أجل تحقيق أهدافه ومنجزاته وهذه التجارب تزيد الشعب قوة وصلابة وعناداً ثورياً، واعداؤه عبر التاريخ في نهاية الأمر حتماً خاسرون، وهذا ما جعله يتوقع عند أعلان الوحدة "أن تواجه الكثير من التآمر والتحديات مثلما واجهت الثورة اليمنية" ومثلما انتصر الشعب لإرادته في استمرارية الجمهورية فإنه لابد سينتصر في الوحدة والديمقراطية والأمن والاستقرار و"المواطن يعرف كيف يفشل كل المؤامرات" ، و"باستطاعة إرادة شعبنا أن تفشل كل المؤامرات كما افشلها في الماضي" .
فالثورة واجهت مؤامرات خطيرة وعواصف وتحديات كبيرة ومع ذلك صمدت وانتصرت واستطاع الشعب أن يحميها وأن تظل شعلتها مضيئة تنير درب شعبنا نحو التقدم وصنع الحياة للأفضل، والوحدة اليمنية واجهت تآمراً ومحاولات مستميته لاعادة عجلة التاريخ إلى الوراء ولكنها محاولات خائبة وفاشلة.
والخلاصة أن الشعب اليمني ينتصر على أعدائه ليثبت قدرته على مواصلة صنع المعجزات وصياغة تاريخه المتألق بروعة تجسيد القيم والمبادئ.. وكل القوى الشريرة التي تتحدى الشعب اليمني -حسب اعتقاد الرئيس- دائماً واهمة وفاشلة لأنها تصطدم بالمبادئ وبإرادة الشعب .
التاريخ يكرر نفسه
اعتقد الرئيس صالح أن التاريخ اليمني يكرر نفسه فيما يخص الإنجاز والتقدم والتطور وأن أية انتكاسة في تاريخه إنما هي لحظة قد تطول أو تقصر ولكن عادة ما ينتصر اليمنيون لأنفسهم ويكررون حضاراتهم التي صنعوها عبر التاريخ ، فأي إنجاز تاريخي يقوم الشعب اليمني وقدرته على الاستفادة من العصر وارتياد آفاق التقدم: "ليس بغريب على ابناء اليمن أحفاد أولئك العظماء الذين شادوا واحدة من أعرق الحضارات الإنسانية وصنعوا تاريخاً مجيداً يبعث على الفخر والزهو والاعتزاز لكل ابناء الأمة" .
وهذا ما جعل الرئيس صالح إثر حرب صيف 1994مأن انتصار الوحدة والديمقراطية والشرعية الدستورية أبقى التاريخ الجديد لليمن في مجراه العصري الصحيح زاهياً كما تألق في التاريخ الحضاري التليد لليمن أرضاً وإنساناً" .
وأي تقدم وتطور يمثل تواصلاً فعالاً مع اشراقات حضارة الأمس التليدة والتاريخ المجيد للشعب اليمني؛"ففي هذه البقعة من العالم انطلقت أقدم وأعرق الحضارات الإنسانية وظهر فيها نظام سياسي يقوم على الديمقراطية والشورى".
وإذا كان التاريخ اليمني في بعض العهود كعهد الأئمة قد أصابه التخلف والفساد والاستبداد فهي محاولة لعرقلة مسيرة التاريخ وإعادته إلى الوراء وهي متناقضة مع تاريخ اليمن القائم على الانتصار للمبادئ في طريق طويل من النضال الدؤوب في سبيل الانتصار للإرادة الحرة" .
واليمن وجود حضاري دائم وأي ضعف إنما هو حالة طارئة ولكنه دائماً مصمم على إنجاز أهدافه واعادة أمجاده، و"اليمن ليست حالة طارئة وإنما هي وجود حضاري في العصر كما في التاريخ لأن موقعها الفاعل في الماضي كما في الحاضر والمستقبل وأن الشعب اليمني طوال تاريخه المديد لم يركعه الفقر والجوع وشظف الحياة أو تذله الحاجات المعيشية.. وإنما كانت تلك الظروف الطارئة في حياته سبيلاً للمواجهة وحافزاً للابتكار وبناء الحضارة فقد حركت تلك الظروف في تاريخه القديم والحديث كوامن قوته الإيمانية والروحية فتغلب على الحاجة وتعلم كيف يبني المدنية ويساهم في صنع الحضارة والتقدم الإنساني" .
ومثل امتلاك الحرية في عقائد الرئيس أكثر الحقائق لامتلاك القوة والتطور .و"اليمن كان واحداً من المواقع التي ازدهرت فيها الحضارات القديمة بفضل تراثه الشوروي التعاوني الأصيل ومصمماً على إنجاز مشروعه الحضاري واستعادة أمجاده التاريخية العظيمة".
وبالتالي فقد تصور الرئيس صالح أن الشعوب لا تحقق ذاتها إلا بتحريرها من العبودية والفرقة وأن تملك حريتها وتوحد نفسها "إيماناً بأن أعظم الحقائق التي أفصح عنها عصرنا الراهن ودلت عليها الحضارات الإنسانية الخيرة تكمن في أنه لا يمكن أن يتوفر وجود حضاري فاعل لأي شعب أو أمة بعيداً عن حرية الشعب وعن ممارسة الديقراطية الحقة وأن الرفاهية وامتلاك القوة والتطور الاقتصادي والاجتماعي كلها عطاء الشعوب الحرة والأمم المتحدة".
الوحدة اليمنية حتمية تاريخية
كان الرئيس من بداية توليه للحكم في أغلب احاديثه وخطاباته على يقين تام أن الوحدة هي قدر أهل اليمن وقد استند الرئيس صالح في تنبؤاته فيما يخص الوحدة على عدة أسس مبنية على رؤيته السابقة لفهم التطور التاريخي ورؤيته للوحدة اليمنية كحتمية تاريخية وهي قدر ومصير الشعب اليمني ولا بد أن تجد طريقها للمثول والتحقق فهي تجاوز للتشطير والتجزئة وهي "حقيقة تاريخية أصلية وحتمية"، "والمجتمع اليمني موحد منذ فجر التاريخ". واعتقد الرئيس صالح أن التشطير ظرف طارئ لابد من تجاوزه "فاليمن عبر التاريخ يمن واحد له الحضور القوي في صنع الأحداث في المنطقة وفي الإسهام الفعال في المسيرة الحضارية العربية والإسلامية ونضال الشعب اليمني من أجل وحدته ينطلق من إصراره على التواصل مع ذلك الدور الرائد".
وكان على يقين كامل أن الوحدة ستتحقق لا محالة لأن النضال في نهاية الأمر سيصل بالوحدة إلى مرحلة التحقق لأن "الشعب هو صانع الحضارة والتاريخ". "والشعب اليمني يملك قدرات خلاقة تمكنه من أن يحقق طموحاته" في الوحدة التي تمثل الحق الطبيعي في منطق التاريخ وصيرورة الحياة.
فالوحدة كأبرز الأهداف الأساسية للرئيس صالح وان كانت حتمية وقدراً ومصيراً للشعب اليمني إلا أن تحقيقها لم يكن "لولا توفيق الله سبحانه وتعالى أولاً ومن ثم الجدية والإخلاص وصدق العمل والزخم الجماهيري الحاسم والدافع لقافلة العمل الوحدوي إلى الأمام".
"ولولا إرادة الله وعزيمة شعبنا وقواه الخيرة والصادقة لما تحقق هذا الإنجاز الوطني والقومي والتاريخي العظيم" ، "إن هذا الإنجاز العظيم تحقق في هذا العصر بفضل الله ونضال وتلاحم جماهير شعبنا اليمني" .
ومحاولات الأعداء التي اعتقد الرئيس صالح أنها تهدف الى إعاقة الوحدة لا يمكن أن تنجح "في إيقاف عجلة التطور والحد من خطوات شعبنا الوحدوية" لان الوحدة تعبير عن الحق والخير فهي "وجدت لتبقى وهي إنجاز الشعب كله وثمرة نضاله وصموده ولن تستطيع أية قوة في الأرض مهما كانت أن تنال منها لأنها محمية بإرادة الله ووعي والتفاف الشعب مع قواته المسلحة"وهي أيضاً نتيجة "حتمية التطور إلى الأفضل والأكمل" ؛ و"هي محمية ومحصنة بجماهير الشعب وبكل القوى الوطنية وفوق كل ذلك محروسة برعاية الله سبحانه وتعالى الذي أراد لهذا الشعب أن يتوحد وأن يجمع شتاته وينتهي تفرقه وتمزقه" و"محروسة بالشعب والديمقراطية".
وبالتالي اعتقد الرئيس صالح أن الوحدة لا يمكن أن يحدث تراجع فيها مطلقاً "الوحدة شيء ثابت" واستمر الرئيس صالح في اعتقاده المطلق أن الوحدة مستمرة وهي ليست محمية بالقوة العسكرية ولا بالإرادة السياسية ولكنها محمية بالشعب نفسه وبإرادة الجماهير وهي راسخة رسوخ الجبال ومتجذرة في واقع الشعب اليمني وبحكم تضحياته الغالية وبالتالي فهي "حقيقة ثابتة" .
ومع تفاقم الأزمة السياسية اعتقد الرئيس صالح أنه لا خوف على الوحدة لأنها بيد "الشعب وهو الحارس وهو المؤمّن وهو الموحد" ،"وسوف يصونها الشعب ويدافع عنها ويواصل انتصاراته في كافة مجالات البناء الاقتصادي والتغيير الاجتماعي والرقي الحضاري بإذن الله".
الانفصال مناقض لحركة التاريخ
وعند إعلان الانفصال في عام 1994م تنبأ الرئيس صالح بيقين مطلق أن الوحدة باقية وأن الانفصال محاولة فاشلة وأن الانفصاليين لا محالة منهزمون و"أنه إن شاء الله سيتم دحر هؤلاء الانفصاليين أو القبض عليهم وتقديمهم إلى العدالة أو فرارهم إلى خارج الوطن" . "نحن نثق كل الثقة من أن النصر حليف كل الوحدويين اليمنيين في الساحة اليمنية" ، "الإنسان كان مؤمناً بأنه لابد أن يتحقق النصر"وهذا اليقين مبني على أساس أن الانفصال ضد الإرادة الإلهية التي أرادت لهذا الشعب أن يتوحد وهو أيضا ضد حركة التاريخ الذي يسير دائما إلى الأمام ولا يمكن أن تعود عجلته إلى الخلف وأيضا ضد الشعب في أعظم انتصاراته وضد أهم أهداف الثورة التي هي في حالة من الاستمرار في إنجاز أهدافها على أيدي الشعب وهم أيضاً ضد المبادئ التي هي دائماً منتصرة وليس لديهم قضية.
ولا خوف على الوحدة "مهما تآمروا شكلاً وموضوعاً ومهما كانت آلياتهم ودعمهم وأساليبهم التآمرية على الوحدة ، فسوف يفشلون لا محالة وسوف يواجههم الشعب وقواته المسلحة والأمن" و"إن عجلة التاريخ التي أخذت تتقدم في مسارها الصحيح منذ فجر اليوم الثاني والعشرين من مايو عام 1990م لا يمكن الانحراف بها أو إيقافها"، "ويخطئ من يتصور أن حل المشاكل يكمن في تقويض الوحدة أو العودة بالوطن إلى ما قبل الـ 22 من مايو 1990م فقد دارت عجلة التاريخ ولن تعود إلى الوراء" "وليس هناك شيء اسمه شمال أو جنوب هناك يمن واحد وشعب واحد موحد عبر كل العصور""نحن شعب يمني موحد منذ الأزل من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب ومن أقصى الشرق إلى أقصى الغرب"،وبالتالي "ستستمر الوحدة بإذن الله مهما كان الثمن ومهما كانت الظروف".وهي "عقد أبدي لا طلاق فيه" .
أما الذين راهنوا على نجاح الانفصال فإنهم حسبوا كل شيء ولكنهم لم يضعوا حساب الشعب اليمني الحامي الفعلي للوحدة والتي تمثل قدره ومصيره وأساس الخير والاستقرار والمستقبل الأفضل في الوطن ولم يحقق الشعب اليمني وجوده الحضاري كاملاً إلا بالوحدة.
و"لقد فات على الانفصاليين أن الشعب سيقاوم مخططاتهم الانفصالية مهما كان حجم الدعم والسلاح لأنهم بلا قضية أما الذين كانوا يدافعون عن الوحدة فقد كان لديهم قضية ويدافعون عن المبادئ" والمبادئ لابد أن تنتصر في النهاية. وقد فشلوا ولم يجنوا "غير الخزي والعار إذ رد الله كيدهم في نحورهم وأحبط ما كانوا يصنعون" .
العرب قوّتهم بالإيمان والوحدة
اعتقد الرئيس صالح بأن واقع التمزق والشتات لدى العرب وكثرة المخططات التآمرية والضربات المتلاحقة للأمة العربية سيقودها إلى التحدي والمواجهة: "الواقع العربي سوف يتحسن لأن الأوضاع العربية في شكلها ومضمونها الحالي كفيلة لبعث الغيرة في قلوب كل الأشقاء ومن ثم تصميمهم على إجراء التعديلات المطلوبة في العلاقات العربية وخلق الظروف المهيأة لبروز معطيات إيجابية في الواقع العربي وتحسينه إلى الأفضل".
والأمة العربية عبر التاريخ تواجه قوى معادية، وهي تنتصر على أعدائها ولكن منطق التاريخ يؤكد أن الوحدة هي الأداة الوحيدة للمواجهة والنصر:" المخططات المعادية لأمتنا العربية لا ترتبط بزمان ومكان محددين فهي مستمرة ومتنوعة وتستهدف العرب ككل.... والتصدي لهذه المخططات وغيرها لا يتم إلا بموقف من كل التحديات وهذا ما يجب إدراكه على الدوام".
وعلى هذا الأساس فقد اعتقد الرئيس صالح أن الوحدة العربية واقعة لا محال في المستقبل على أساس" أن تلك حتمية التاريخ وما تفرضه الخلفية التاريخية ومنطقية التطور وما تتطلع إليه جماهير أمتنا العربية" كما أن الظروف التي تمر بها الأمة العربية وما تواجهه من أخطار وتحديات سيجعلها تسير حتماً على طريق الوحدة.
وماسبق مبني على اعتقاد أن هناك قاعدة ثابتة تحكم التاريخ العربي فحواها أن العرب لا يحققون انتصاراتهم إلا بالوحدة والتمسك بالقيم، والهزائم تلحق بهم هي نتيجة الاستسلام للرغبات والأهواء الذاتية والتفكك وغياب الهدف وبالتالي فإن تضامنهم ضرورة تاريخية تحتمها التحديات والمؤامرات التي تواجههم ناهيك عن الحاجة والضرورة الاستراتيجية وقيم الإخاء والمصالح المشتركة.
ويؤكد ذلك بقوله: "لقد شهد المسلمون طوال تاريخهم أزهى الانتصارات بفضل ما أشاعوه في صفوفهم من الوحدة والتلاحم والتراحم فيما بينهم والتزود بالعزيمة والإرادة والإصرار من أجل تحقيق أهدافهم والدفاع عن عقيدتهم وحقوقهم ووجودهم والالتفاف خلف أهداف عظيمة ومبادئ نبيلة وسامية، وعلى العكس من ذلك فإن الهزائم لحقت بهم في تلك الأزمنة التي كانوا يستسلمون عندها للرغبات والشهوات والأهواء الذاتية ويقعون أسرى للتفكك والخوف وغياب الهدف" ، "فالتاريخ شاهد على أن التفكك والانقسام يؤدي إلى الضعف والوهن ويمهد لاستبداد الدخيل واحتلال المستعمر وأن التلاحم والعزم قادا دائماً إلى انتصارات باهرة". وهذه القاعدة جعلت الرئيس يتفاءل ويعتقد أن التضامن العربي "سيأتي وستلتئم الأسرة العربية" ، "الأمة العربية مهما واجهت من الصعاب والتحديات ومهما نشأت بين أقطارها من خلافات وتباينات فإنها قادرة في الحاضر والمستقبل على تجاوزها وإنهاء أسبابها" و"الأشقاء العرب مضطرون أن يلتقوا وأن تعود علاقاتهم ببعضهم البعض لأنه لا أحد يستطيع أن يبتعد عن الآخر.. قد تكون هناك حالة غضب أو انفعال ويزعل الواحد من أخيه لكنها لحظات طارئة ومؤقته ولابد أن يعود الأخ لأخيه مهما كان ومهما حصل من خلاف"، ويقول أيضا "ولكن في النهاية لابد أن يتصالح العرب وأن نتفق ونلتقي كأشقاء لا أحد يستطيع أن ينهي القطر العراقي من على أرضه ولا أحد ينهي أي قطر جار له من على أرضه أو من الخارطة الكل موجودون والأنظمة أنظمـــــة تأتـــــي وأنظمة تذهب ولكن الشعوب باقية".
ورغم أن القاعدة أن يلتقي العرب ولكن التغيير لن يحدث حتى تصلح وتصدق النويا: "ولا يمكن أن يحدث التغيير إذا ظلت العلاقات العربية والإسلامية تسير على خطين متعاكسين باطني وظاهري" ، "منسوخ في زوايا مظلمة من سوء الظن" .
والحــــــــركة التاريخية للعرب تسير بخطى تقدمية ولا يمكن أن ترجع إلى الوراء وأن أصابها بعض التراجع لظروف مــــــوضوعيه إلا أن التاريــــخ يؤكد أن العرب قادرون على تجـــــــاوز وضعيــــــتهم الحالية بالاســــــتفادة من دروس التاريخ وتغــــــــيير الواقع الموضـــــوعي لصـــــالح الحـــــركة الإيجـــــابية.
|