يحيى علي نوري -
ناقشت المؤتمرات الفرعية للمجالس المحلية بالمحافظات باستفاضة مضامين الرؤية الاستراتيجية للحكم المحلي وملامح البرنامج الوطني لتنفيذها.. ذلك أن هذه الرؤية تمثل مستقبل المشاركة الشعبية في بلادنا وتحدد بدقة متناهية أسسها وقواعدها وعلى مستوى كافة جوانب العمل المحلي.. وقد خرجت هذه المؤتمرات وكما تابعنا بالعديد من الروئ والتصورات التي أضافت إليها أبعاداً ومدلولات أكبر، تجسد جميعها حرص القيادة والشعب على بلوغ حكم محلي قادر على ترجمة مختلف الآمال والتطلعات، وتؤكد بالتالي قدرة شعبنا على التعاطي المقتدر والمسئول مع كافة متطلبات الانتقال الى الحكم المحلي..
ولعل أبرز الشواهد التي أمكن رصدها داخل قاعات المؤتمرات الفرعية للسلطات المحلية، قد أكدت حالة التفاعل الكبير، التي أبدتها المؤتمرات الفرعية مع الرؤية الاستراتيجية، تمثل في وقوف المشاركين باستفاضة أمام مجمل ما حمله الإطار العام للبرنامج التنفيذي لاستراتيجية الحكم المحلي، باعتباره -أي البرنامج - الأداة المثلى والفاعلة التي يعول عليها كثيراً في تنفيذ وبلورة كافة الأهداف والمضامين والمنطلقات التي اشتملت عليها الرؤية، وهي مضامين تعكس عظمة المهام والمسئوليات القادمة والتي يقع على عاتق الحكومة القيام بها خلال الفترة القادمة وعلى طريق بلورتها من خلال البرنامج التنفيذي ووفقاً لما احتواه من أهداف ومبادئ، يتعين على الحكومة وعلى مستوى مختلف أجهزتها المعنية -المركزية واللامركزية- التعاطي معها في اطار من الخطط والبرامج والمناشط الهادفة الى بلورة الاستراتيجية من خلال الالتزام بمدد زمنية تنجز من خلالها كافة المهام المتعلقة بالحكم المحلي بمختلف الوحدات الادارية بالمحافظات والمديريات، وبما يتفق مع كون ذلك يمثل هدفاً استراتيجياً يعبر عن الإرادة السياسية والشعبية التي تتطلب التعامل الايجابي مع كل الخطوات التي حددها البرنامج التنفيذي وبالتجرد من أي نشاط عشوائي وارتجالي، ونظراً للأهمية البالغة التي يمثلها وما يتطلبه ذلك من موجهات البرنامج وبما يتفق مع من وعي شعبي وجماهيري بكل الأهداف والمضامين التي يتطلع الى تحقيقها، فإننا وفي اطار الاهتمام الراهن بالرؤية الاستراتيجية وببرنامجها التنفيذي سوف نسلط الضوء هنا، ولو بصورة سريعة، على مختلف ملامح البرنامج التنفيذي بهدف المشاركة في تشكيل الصورة الكاملة لطبيعة الحراك الرسمي والشعبي القادم، المرتبط بخطط وبرامج بلورة الاستراتيجية.. وكذا إحداث التفاعل الايجابي مع كل التوجهات القادمة.. باعتبار المواطن -ومن خلال مشاركته في دعم وتعزيز دور وحدات الحكم المحلي- يعد هذا الدور ضرورياً لإنجاح هذه التوجهات.
البرنامج التنفيذي
يعبر الإطار العام للبرنامج التنفيذي لرؤية استراتيجية الحكم المحلي، عن وجود العديد من الأهداف والمهام التي تصب جميعها في بوتقة واحدة، هي بلورة الحكم المحلي على أسس وقواعد سليمة، فالأهداف والمبادئ التي اشتملها البرنامج، ورؤيته لكافة الجوانب والأصعدة ذات العلاقة بالعمل المحلي، سواءً على صعيد إعداد التشريعات والسياسات أو على صعيد التخطيط المنظم للاستجابة لمتطلبات البنى المؤسسية، وبناء القدرات البشرية والفنية، بالاضافة الى أسس وقواعد التخطيط لبرامج ومشاريع التنمية المحلية الاقتصادية والاجتماعية.
أهداف البرنامج
الى جانب الهدف الرئيس للبرنامج التنفيذي والمتمثل في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية كمنظومة متكاملة، توجد هناك العديد من الأهداف الفرعية التي تم وضعها بعناية كاملة تستهدف جميعها العديد من الموضوعات الحيوية المرتبطة بعملية بلورة الاستراتيجية، حيث حددت هذه الأهداف مصفوفة المهام والأنشطة والإجراءات التي يتعين على المختصين والمعنيين القيام بها، كما تم الى جانب ذلك تحديد التكلفة التي تتطلبها عملية الانجاز لكافة المناشط والإجراءات التي شملتها المصفوفة في إطار مدد زمنية محددة، بالاضافة الى تحديد طبيعة الأدوار والمسئوليات التي ستقوم بها الوزارات والأجهزة المركزية والمحلية كما أشرنا، وكذا أدوار المجتمع المدني في تعزيز مسار التنمية المحلية على طريق الانتقال للحكم المحلي واسع الصلاحيات.
مبادئ البرنامج
لقد أكد البرنامج على جملة من المبادئ التي يستحيل السير باتجاه بلورة رؤية استراتيجية الحكم المحلي دون الأخذ بها كأساس قوي وصلب لعملية البناء لمنظومة الحكم المحلي على مستوى وحدات المحافظات والمديريات، حيث أكدت هذه المبادئ على ضرورة تحقيق الجودة في عملية التنفيذ لمختلف الإجراءات والمناشط والتوجهات، ومن خلال العمل على اتاحة الفرصة أمام مختلف المعنيين والمهتمين بقضايا الشأن المحلي من باحثين وكوادر ادارية علمية وفنية، مع الاعتماد الكامل على مبدأ الشفافية والموضوعية، وتحقيق أعلى درجات الانسجام بين مختلف الخطط والبرامج والأهداف والتطلعات التي حددتها الاستراتيجية الوطنية للحكم المحلي.
محاور البرنامج
وجاءت محاور البرنامج الأربعة متفقة تماماً مع محاور الاستراتيجية، وبذلك حققت أعلى درجات الانسجام مع محاور الاستراتيجية في صورة تعكس المهنية والعلمية الحريصة على الغوص المقتدر في كل ثنايا الاستراتيجية من أهداف ومضامين ومنطلقات ومن رؤى إدارية وتخطيطية وتنظيمية محكمة..