عباس غالب - كنت أتصفح الصحف الصادرة أيام الاسبوع المنصرم لأقرأ رأياً أو موقفاً أو إشارة إلى أخطر طرح يتعلق بموضوع الوحدة وموقف الأحزاب، إلى ما يعتمل على الساحة واستطراداً إلى ما يعتبره البعض "الجنوب والشمال"..
ولكنني لم أظفر مما تمنيته إلا في تناولة سريعة «غمزاً» لأحد كتّاب «الثورة» واسمه ـ كما أعتقد ـ «عبدالرحمن سبأ» الذي حاول المقاربة من المقال رداً على ما يسميه «مسدوس» في مقاله «المدسوس» الثنائية القائمة بين «بلدين» وبين «شعبين» ناكراً كل حقائق التاريخ والجغرافيا والهوية والمنطق أيضاً!!.
ولقد ازداد استغرابي من غياب تفاعل أحزاب السلطة والمعارضة معاً للرد على هذا الطرح «المدسوس» الذي يسمي الأشياء بغير مسمياتها، حيث يرى أن الأزمة ليست بين السلطة والمعارضة؛ ولكنها بين «شمال» و«جنوب» إلى ما هنالك من تخريجات عجيبة، حيث يتحدث عن جزء من أبناء الجنوب باعتبارهم منحدرين من الشمال، والعكس صحيح!!.
>>>
ومما يزيد الطين بلة أن أحاديث الساسة والنخب ومعهم الصحف التي لا حصر لها لم تقف عند هذه الطروحات الخطيرة والإشارة إلى المرامي الخبيثة لما تضمنه «نداء مسدوس» عندما يرى أن فهم حل القضية يكمن بالتخلص من واحدية اليمن، وكذلك التخلص من واحدية هويتيهما وتاريخيهما وثورتيهما، بـل تـزداد عـنـده حـالـة النـزق التخريفي عـنـدما يردد مقولة «الابتعاد نهائياً عن فكرة اليمن الواحد، والوطن الواحد، والتاريخ الواحد، والثورة الواحدة».
ولعل بيت القصيد فيما استغربته أكثر عن صمت النخب والأحزاب على الساحة للرد على تلك الافتراءات تحميله الحركة الوطنية مسئولية ترديد عبارات «الوحدة الوطنية» خلال العقود المنصرمة، وقوله عنها: «إن تلك العبارات ظلت الحركة الوطنية تلوكها بغباء شديد»!.
>>>
أعتقد أن كل القضايا مثار الخلاف يمكن إيجاد الحلول لها باعتماد آلية الحوار، فضلاً عن أن أخطاء التجارب ليست بالضرورة نابعة من التجربة بذاتها، ولكن من القائمين عليها.
وهذه واحدة من القضايا التي يمكن مناقشتها، لكن القول بالتراجع عن التجربة والقسمة على «اثنين» فهو القول الغلط الذي لا يقرّه عقل أو منطق، ولعلني بحاجة إلى تذكر عبارة قالها الكاتب "عبدالرحمن سبأ" رداً على تلك الخربشات على جدار الوحدة تأكيده على واحدية اليمن وهويته وانتمائه عندما يقول في المقال المشار إليه:
«أما ما يتغنى به دعاة المناطقية والطائفية والشطرية، فليس حجة على الوحدة، وليست الترهات التي يسوقونها لإثبات دعاواتهم إلا إدانات عليهم، وكشفاً لعمالتهم وخيانتهم؛ لأن الوحدة هي الأصل والقاعدة في تاريخنا وجغرافيتنا، والتشرذم هو الاستثناء».
>>>
ربما الشيء الوحيد الذي نطق به «مسدوس» في ختام بيانه «المدسوس» هو حديثه عن العقل والإيمان بحرية العقل؛ ليس لأنه محق في طرحه هذا، بل لأن بيانه الذي أسماه بـ«الحقائق الخمس» يفتقر إلى المنطق والعقل معاً، إن لم أقل «الاتزان» أيضاً.
- ولله في خلقه شئون..!!.
عن صحيفة الجمهورية |