احمد الرمعي -
شهدت محافظات الجمهورية خلال الايام الماضية عقد مؤتمراتها الفرعية للسلطة المحلية.
والمتتبع للبيانات الختامية وما احتوته من مطالبات وتوصيات سيجد أن هذه المؤتمرات قد تطرقت لعدة قضايا مهمة كان أبرزها الدعوة للاصطفاف الوطني للدفاع عن الثوابت الوطنية وفي مقدمتها أهداف الثورة والحفاظ على النظام الجمهوري والتصدي لكل الدعوات النشاز التي تحاول المساس بوحدة اليمن الواحد.. كما توقفت بيانات المؤتمرات عند كثير من المطالب الاخرى وخاصة المطالب التنموية وتنفيذ استراتيجية الحكم المحلي واسع الصلاحيات وغيرها من المطالب الاخرى.
أحمد الرمعي
وكما قلنا أنه ورغم أهمية القضايا التي طرحت إلا أن هناك قضايا مهمة أغفلتها مؤتمرات المحليات وإن كانت بعض المحافظات قد تطرقت إليها الا ان ذلك كان بشكل مختصر مثل قضية ارتفاع الاسعار وأثرها على المواطن والمعالجات اللازمة لها وكيفية مجابهتها ومن المتسبب فيها.
وهناك قضايا أخرى لم تتطرق إليها مؤتمرات المحليات البتة سنحاول التطرق اليها في هذه المساحة.
الهجرة الداخلية
الهجرة الداخلية في اليمن هي إحدى المشكلات التي تنعكس آثارها على الفرد وعلى المجتمع، والمقصود بها الهجرة من الريف الى الحضر.
ورغم أهمية هذه القضية وما قد تؤدي اليه من خلل في التوازن الاقتصادي والاجتماعي بين السكان وما يترتب عليها من تناقص مساحات الاراضي المزروعة وحجم توزيع الخدمات في الأماكن المستقبلة للمهاجرين من الريف الى المدن، إلا أن هذه القضية غابت تماماً عن نقاشات مؤتمرات السلطة المحلية رغم أهميتها ورغم أنها من صلب اختصاصات السلطة المحلية في الريف والحضر.
وإن كنا لا نستطيع معالجة هذه المشكلة في مؤتمر أو موضوع مختصر- كما يشير الى ذلك الاستاذ علي الهيثمي أمين عام الاتحاد الزراعي الذي حذر في نفس الوقت من مخاطر استمرار هذه الظاهرة دون حلول ومعالجات سريعة.
ولا نعتقد أننا في هذه العجالة نستطيع الإحاطة بكل أبعاد هذه الظاهرة والنتائج التي تترتب عليها ولكننا كنا نتمنى أن يكون لها مساحة لدى السلطة المحلية.
الفساد المالي والإداري
قضية أخرى شائكة لها آثارها السلبية على المواطن اليمني وعلى الوطن وتقدمه واستقراره وأمنه الاجتماعي والاقتصادي مثل قضية الفساد التي مرت عليها البيانات الختامية للمؤتمرات الفرعية للسلطة المحلية مرور الكرام، وإن كان البعض قد أشار اليها وعدَّد مخاطرها إلا ان ذلك كان بشكل مقتضب لا يتناسب وحجم المشكلة التي يعاني منها الجميع.. وإن كنا هنا نقصد الفساد المالي والإداري إلا أننا ايضاً نضيف اليه الفساد السياسي الذي يمارسه البعض، ولاندري كيف غابت مثل هذه القضية.
النمو السكاني
مشكلة النمو السكاني من القضايا التي كان يجب الوقوف عندها من قبل مؤتمر السلطة المحلية لما لها من انعكاسات خطيرة على معيشة الاسرة اليمنية نتيجة عدم تناسب معدل النمو السكاني مع الموارد المتاحة لبلادنا.
وإن كانت معالجة هذه الظاهرة والتعريف بخطورتها ليست مسؤولية أعضاء المجالس المحلية بمفردهم بل مسؤوليتنا جميعاً جهات رسمية ومنظمات مجتمع مدني وأحزاباً وأفراداً، إلا أننا كنا نتمنى أن لا تغفل مؤتمرات المحليات قضية بهذا الحجم.
المرأة والطفل
إن كانت المرأة وخاصة بعد تحقيق الوحدة اليمنية المباركة قد حصلت على الكثير من الحقوق وأصبحت تتبوأ المناصب العليا على المستوى الرسمي والحزبي إلا انه مازال هناك نساء يعانين من الأمية وخاصة في الأرياف، لذلك كان الأولى بمؤتمرات المحليات الدعوة لتبني قضايا المرأة التي تشكل نصف المجتمع.
هذا فيما يخص المرأة ، أما فيما يخص حقوق الطفل اليمني فقد غاب غياباً كاملاً من أجندة المحليات.. رغم ما يعانيه الطفل اليمني من ظروف قاهرة تدفع به الى سوق العمل رغم صغر سنه إضافة الى ما يعانيه من الاضطهاد الاسري وعدم تمكنه من الحصول على حقه في التعليم والصحة.
ولا ندري كيف لم تنظر مؤتمرات المحليات في قضايا فلذات أكبادنا رجال المستقبل وصناع الغد والسواعد التي يعلق عليها الوطن الآمال.
محو الأمية
من المعروف أن اليمن مازالت ضمن الدول ذات المستوى الأعلى في عدد الأميين وان كانت بلادنا قد أطلقت عدداً من الخطط الاستراتيجية طويلة الأمد للقضاء على هذه الظاهرة والتخفيف منها، وقد استطاعت بالفعل قطع شوط في هذا الجانب إلا أنه كان الاولى بالمجالس المحلية ومؤتمراتها مناقشة هذه الظاهرة والوقوف عليها ومحاولة المشاركة في وضع مقترحات لمكافحتها كونهم أقرب الى المواطن بحكم مواقعهم في السلطة المحلية، لكن هذه القضية غابت أيضاً من أجندة المؤتمرات الفرعية رغم أهميتها وارتباطها بكافة مناحي الحياة.
خاصة أن الأرقام تشير الى أن قاعدة التعليم الأساسي للتعليم النظامي لاتتسع لاستيعاب الاطفال من الجنسين ممن هم في سن التعليم الإلزامي .. فكيف فاتت قضية مثل هذه على مؤتمرات المحليات.
القرصنة البحرية
رغم خطورة عمليات القرصنة البحرية التي برزت على السواحل الصومالية وسواحل خليج عدن وما تبع ذلك من تواجد عسكري أجنبي بحجة مكافحة القرصنة وما يترتب على ذلك من تهديد للأمن القومي للدول المطلة على البحر الأحمر إضافة الى ما تشكله من خطورة على الملاحة الدولية وآثارها الاقتصادية، إلا أن قضية بهذا الحجم قد غابت أيضاً من المؤتمرات الفرعية للسلطة المحلية ولم تتطرق إليها أو تناقشها حتى مؤتمرات المحافظات الساحلية القريبة من أعمال القرصنة.
مما يؤكد أنه كان هناك بعض القصور في تناول القضايا رغم النجاح الذي حققته المؤتمرات الفرعية للسلطة المحلية.
وبطبيعة الحال فإن ما ذكرنا، هنا من قضايا لم يتم التطرق إليها، ليست هي القضايا الوحيدة التي غابت عن مؤتمرات المحليات، فهناك قضايا أخرى لا يتسع المجال لذكرها.