محمد صالح الجرادي -
اختار رئيس الجمهورية يوم الـ17 من يوليو الجاري- وهو اليوم الذي يصادف ذكرى تولّيه قيادة البلاد قبل 31 عاماً- ليوجه دعوة للحوار والتصالح والحفاظ على السلم الاجتماعي.
الدعوة في بعض مضامينها لا تختلف عن سابقاتها.. إنما هذه المرة اختلفت الوسيلة في صدورها، فضلاً عن شمولها كافة أطراف العمل الوطني.. ففي حد علمي أنه لأول مرة يكتب رئيس الجمهورية افتتاحية يومية »الثورة«.. هذا الى جانب ان الدعوة تجاوز سقفها الأحزاب السياسية التي لاتزال »تَعُكّ« في البدء بالحوار، حيث شملت الدعوة أطياف العمل الوطني، »قوى سياسية، مشائخ، منظمات مجتمع مدني، مثقفين، شخصيات اجتماعية، وغيرهم«!!
< بالمناسبة، أرجو أن أكون مخطئاً في تقدير غضب الرئيس من الأحزاب السياسية وخصوصاً المعنية بالحوار حول الاصلاحات السياسية والانتخابية »المؤتمر + أحزاب المشترك« بدليل ايحاء إنزعاج فخامته من »المهاترات الاعلامية« التي أوردها في سياق دعوته الى تهدئتها والكف عنها.
وعوضاً عن ذلك، ذهبت دعوة رئيس الجمهورية الى ما هو أبعد من الحوار المرتقب انجازه خلال العامين المتفق عليهما للوصول الى اصلاحات سياسية وانتخابية بين الأحزاب الممثلة تحت قبة البرلمان.. فالرئيس لم يصرّح في دعوته لا من قريب ولا من بعيد الى اتفاق 23 أو 26 فبراير.. بل لم يصرّح بزمنية العامين المرتقبين.
وكما يبدو لي أن الرئيس بدا قريباً من اللحظات التي أعقبت 17 يوليو 1978م، ولا يستبعد أن يكون في ذهنه خطوة مماثلة إن لم تكن متطابقة لخطوة »لجنة الحوار« التي انتهت الى صيغة الوثيقة التاريخية »الميثاق الوطني« مطلع الثمانينيات.
> واذا كان الرئيس لم يخف في مقاله الافتتاحي، تضرر الوطن كثيراً من أحداث السنوات المنصرمة.. ودعا الى صفحة جديدة عناوينها »الحوار، التصالح، السلم الاجتماعي«.. فهذا لا يعني أكثر من إدراك فخامته حساسية المرحلة، وما أفرزته كل الأحداث والمواقف من مهددات حقيقية تبدأ بالنظام الجمهوري وتنتهي بالهوية التاريخية والثقافية والجغرافية.
وأتساءل تبعاً لما سبق، هل سيكون بمقدور الأحزاب السياسية فهم واستيعاب مفردات الصفحة الجديدة التي يتحدث عنها الرئيس، علماً أن هذه الصفحة لن يكون أطرافها اللاعبون هم الأحزاب السياسة، وإنما كل أطراف العمل الوطني السياسي والثقافي والاجتماعي!!
< شخصياً لست متأكداً من قدرة هذه الأحزاب على ترتيب أوراقها جيداً، وهضم مسألة أن فكرة »الوطنية والمسئولية« ما عادت صالحة لاحتكارها في بيان »الحزب« وجيوب »الحزبيين«!!
وخلاصة القول، إن حواراً وطنياً شاملاً وفاعلاً يجب أن يكون.. ووفقاً لدعوة رئيس الجمهورية.. وماذا يمنع أن تأخذ الدعوة في طبيعتها تلك الدعوة التي أدت الى لجنة لحوار الوطني في سنوات قيادة الرئيس الأولى للبلاد، مع الأخذ في الاعتبار ما تفرضه التحولات التي حدثت في المسار السياسي والديمقراطي.