تحقيق: منصزر الغدرة -
أوصت اللجنة البرلمانية - التي شكلها مجلس النواب لتقصي الحقائق حول ما تتعرض له أملاك ومناجم شركة صناعة وتسويق الملح والجبس بالصليف واللحية من اعتداءات ونهب منظم من قبل نافذين -بوقف تلك الاعتداءات على مواقع خاصة بالشركة، وأكدت في تقريرها - الذي قدمته الثلاثاء الماضي الى مجلس النواب - على عدم منح تراخيص جديدة لممارسة نشاط استخراج الملح والجبس في مواقع الشركة، كما أكدت على الجهة المانحة لتراخيص الاستغلال - الهيئة العامة للمساحة الجيولوجية- لبعض المستثمرين في مواقع الشركة تعويضهم في مواقع أخرى.. وأوصت لجنة البرلمان -التي ترأسها مقرر اللجنة الدستورية النائب سنان عبدالولي العجي، والنائب عبدالمعز عبدالجبار دبوان مقرراً لها، وعضوية خمسة نواب - بضرورة تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة لصالح أراضي الدولة وشركة الملح بخصوص مواقع النزاع التابعة لشركة الملح والتي قامت هيئة المساحة الجيولوجية بنزعها من ملكية الدولة لتملكها آخرين، عندما منحت تراخيص مزاولة النشاط الاستثماري فيها.
وشددت على إيقاف عملية البيع لأي من أصول الشركة أو التصرف فيها، والتي يقوم بها وكيل محافظة الحديدة »ح.ط« بطريقة مخالفة للقانون، وبشكل عشوائي بحجة دفع مرتبات ومستحقات موظفي الشركة التي لم تدفع منذ عشرة أشهر، لكنه حتى الآن لم يمنح أياً من موظفي وعمال الشركة أي فلس رغم أنه ماضٍ في عملية البيع لأصول ومعدات الشركة منذ أشهر.
تفاصيل التدمير
ودعت اللجنة البرلمانية الى تشكيل لجنة مشتركة لمراجعة حسابات الشركة من السلطة المحلية ومن وزارة الصناعة والتجارة، ومكتبي هيئة الأراضي وهيئة المساحة الجيولوجية ومن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة.
وأوردت اللجنة في تقريرها المقدم الى المجلس تفاصيل نزولها الميداني الى محافظة الحديدة، واللقاءات التي أجرتها مع المسؤولين في الجهات ذات العلاقة وبمسؤولي وموظفي الشركة.. مشيرة الى الخلفية التاريخية لشركة الملح والتي كانت منذ ستينيات القرن الماضي مملوكة للحكومة وتعمل بشكل جيد الى فترة ما بعد خصخصتها لموظفيها وتحويلها الى شركة مساهمة للموظفين والعمال بقرار مجلس الوزراء رقم (٤١٢) لسنة ٤٠٠٢م، لتؤول الشركة بكل ممتلكاتها المنقولة والثابتة من معدات وعقارات ومواقع ومناجم ومصالح الى الشركة الجديدة المملوكة لموظفين في الشركة .. لافتة أن ما حصل هو أن عدداً من المستثمرين من بينهم ثلاثة من أعضاء مجلس النواب وآخرون تمكنوا من الحصول على تراخيص استغلال - استثمار - من هيئة المساحة الجيولوجية في مناجم الملح والجبس وهي مواقع تابعة للشركة.
تأكيد صحة الشكوى
كثير ممن التقتهم اللجنة وخاصة مسؤولي محافظة الحديدة حملت مضامين إجاباتهم دلائل قوية تؤكد صحة شكوى عمال وموظفي شركة الملح من أن عدداً من قيادة المحافظة والسلطة المحلية يدعمون النافذين لتدمير ونهب شركة صناعة وتسويق الملح والجبس وتشريد العاملين فيها والمقدرين بـ٠٠٣ موظف، و٠٠٠٨ عامل بأجر يومي.
المحافظ أحمد الجبلي أكد للجنة أن الشركة بعد أن استكملت إجراءات الخصخصة وفقاً للقانون وانتخاب مجلس إدارة بدأت عملها بشكل ممتاز الى أن وصل إيرادها الشهري (٠٣) مليون ريال، لكنهم نتيجة خلاف نشب بين بعض أعضاء مجلس إدارة الشركة و بعض العمال أدى الى استغلال الخلاف من قبل بعض المستثمرين بالاعتداء على مواقع ومناجم الشركة.. ويكتفي المحافظ بتوجيه اللوم على عمال الشركة وخلافاتهم، ولا يكلف نفسه عناء استحضار ذاكرته الغائبة أن تشرد كل تلك الاسر التي كانت تنفق عليها الشركة هي من صميم مسؤوليته قبل أية جهة أو شخص.
وقال المحافظ: إنه في شهر مايو الماضي كلف وكيله حسن طاهر بالجلوس مع مجلس الإدارة ومكتب الصناعة لمناقشة موضوع الشركة .. ولماذا لم يتم صرف مرتبات ومستحقات العمال؟!
ولم يتطرق المحافظ إلى ما تعرضت له مواقع الشركة من اعتداءات بتوجيهات ودعم منه ومن وكيله، عدا إشارته أنهم قالوا: إن هناك أحكاماً قضائية لصالحهم ولصالح هيئة الاراضي ضد من ادعوا الملكية، لكنه قال: أنتم كلجنة عليكم أن تتأكدوا .. حتى وإن كان هناك أحكام قضائية على حق اليد..
نفي واعتراف
واعتبر المحافظ - حسب ما جاء في تقرير اللجنة - ما يبيعه الوكيل من معدات وأصول الشركة - اشاعة يبثها اثنان أو ثلاثة يريدون الاستيلاء على الشركة.. إلاّ أن الوكيل نفسه اعترف بعملية البيع، وكذلك أكدها موظفو الشركة وحراس مخازنها وشهود عيان وآخرون يقومون بتحميل الناقلات والسيارات من مخازن ومواقع تشغيل الشركة..أما وكيل المحافظة حسن علي طاهر - أعاد أسباب تدهور الشركة الى انتشار المناجم وجبال الملح وإغراق السوق من قبل منتجين خاصة بالملح وانخفاض أسعاره.. وأنه رفع للمحافظ بمقترح إعادة تأهيلها.. وما يقوم به الآن من بيع لأصولها ما هو إلا تأهيل للشركة ولبعض معداتها، لكنه مع ذلك يعترف أنه لن يستطيع الوفاء بالتزامات الشركة ومديونيتها - حد قوله-..
٠١ أشهر بلا مرتبات
عضو مجلس الإدارة مدير الإنتاج بالشركة المهندس محمد علي محمد غالب حمل مسؤولية الاعتداءات التي تعرضت لها مواقع ومناجم الشركة في منطقتي القمة واللحية من بعض تجار الملح الذين أغرقوا السوق ، وبالتالي انخفاض سعره الى أدنى مستوى له بعد ما كان سعر الطن ٥١ ألف ريال، انخفض الى الفي ريال .. ما أدى ذلك بالشركة الى عدم الايفاء بالتزاماتها من ضرائب وإيجارات وتأمينات ومرتبات منذ عشرة أشهر للموظفين البالغ عددهم (٨١٢) موظفاً و (٠٧) عاملاً متعاقداً في الصليف و٣ آلاف عامل في الممالح كانوا يشتغلون بالأجر اليومي مع الشركة ومثلهم في منجم اللحية، وهم الآن موقفون عن العمل.
٣ أعضاء نواب من ١١ نائباً
وذكر عضو مجلس الإدارة (١١) شخصاً استولوا على مواقع ومناجم التابعة للشركة في كل من منجم القمة بمديرية المنيرة في الصليف، ومنجم القسعة في مديرية اللحية.. منهم ثلاثة أعضاء في مجلس النواب وان لدى بعضهم تراخيص للاستغلال من هيئة المساحة الجيولوجية، التي ترفض ان تكون تلك المواقع والمناجم أملاك دولة، رغم أن ملك الدولة أكدته عقود الإيجار من هيئة الأراضي لشركة الملح وأيدته أحكام القضاء، لكن هذه الأحكام لم تنفذ حتى الآن لرفض المسؤولين في محافظة الحديدة التنفيذ.
أما عضو مجلس الإدارة - مدير الشؤون الإدارية أكد للجنة أن إيرادات الشركة خلال أربع سنوات منذ خصخصتها ٤٠٠٢ -٨٠٠٢م بلغت ملياراً و ٠٠٢ مليون ريال منها ٠٠٧ مليون ريال مصروفات ومرتبات و٧٥٨.١٠٦.٩٠٢ ريالاً ظلت عهدة لدى رئيس مجلس الإدارة وباقي المبلغ أنفق في الصيانة وشراء قطع غيار.
يوافقه الرأي الأخ محمد منصور المسؤول المالي بالشركة والذي قال: إن الشركة كانت تصدر ما بين ٠٠٥١ - ٠٠٠٢ طن بمبلغ ٠٣ مليون ريال شهرياً يتم انفاق ٠١ ملايين والباقي أرباح.
مؤكداً أن معدات وأصول الشركة التي تم بيعها على أساس أنها معدات خردة ودون إجراء مناقصة أو مزايدة هي ٥ مولدات، وبلدوزر، ووايت مياه، وكمبريشن كبير وآخر صغير، وشريط طربال، وحامل الملح من المنجم الى ناقلات التصدير بطول ٠٥٩ متراً وثلاث مضخات مشروع المياه، وحسب تقرير اللجنة أن وكيل المحافظة أكد بأنه شاهد على البيع وعمل محضراً بذلك.
مدير مديرية الصليف عبدالسلام ثوابه قال للجنة: إذا كنتم تريدون حل مشاكل الشركة وعمالها عليكم الاطلاع على وثائق الشركة وعقودها وتراخيص مواقعها، ويتم الانتقال الى المواقع المستحدثة ومقارنتها مع وثائق الشركة.. فإن الواقع سوف يؤكد أن تلك المواقع المستحدثة سواءً التي لديها تراخيص من جهات حكومية أو غير المرخصة مواقع تابعة للشركة وأن معدات أولئك تعمل في مواقع مؤجرة للشركة.
الأمر ذاته أكده مدير مديرية المنيرة حمود السواري الذي أضاف أنه يتم متابعة احد المعتدين ويتم حبسه فتأتي أوامر بإطلاقه.. مؤكداً : أن المسؤولين على المناجم لا يدفعون الضرائب للدولة ولا يسددون الرسوم للمجالس المحلية.. علاوة على ذلك فإن أسراً كثيرة تضررت منهم نتيجة توقف الشركة عن العمل.
موظفو الشركة
وأخيراً التقت اللجنة البرلمانية بالموظفين وعمال الشركة واستمعت الى آرائهم وشكواهم وتلخصت مطالبهم بتشغيل الشركة وإعادتهم الى عملهم ودفع مرتباتهم ووقف الاعتداءات التي تتعرض لها أراضي ومواقع الشركة..مشددين على ضرورة تنفيذ أحكام القضاء المؤكدة لحقوق الشركة في المواقع المعتدى عليها من قِبل أكثر من عشرة أشخاص.
وأشار الموظفون الى أن الشركة عندما خصخصت كان في حساب رصيدها أربعة آلاف ريال فقط، لكنها نشطت بعد ذلك ليصل الى ٠٣ مليون ريال شهرياً، وطالب موظفو الشركة بوقف عملية التصفية للشركة.
من جانبه أكد الاخ عثمان علي هبة - أمين مخازن الشركة أن وكيل المحافظة هاجم بتاريخ٠١/٧/٩٠٠٢م مخازن الشركة وأفرغها من محتواها بالمعدات الثقيلة التابعة للشركة ليبيعها بطريقة مخالفة لقانون المزايدات.. مضيفاً أنه - أي الوكيل - حتى بعد أن وجهته اللجنة البرلمانية بتوقيف عملية البيع لأصول الشركة خلال نزولها الا أنه أقدم الأربعاء بأخذ السكة الحديدية الناقلة لشريط الملح من مناجم الشركة في الجبل الى ميناء التصدير.
أما موظف الحسابات بالشركة علي عبدالله الهرمي، فيقول: هناك أيادٍ خفية تعمل على استهداف وتدمير الشركة لخدمة القطاع الخاص.
في حين قال الموظف عبدالله بشر: إن خصمه هو الحكومة ومجلس إدارة الشركة جراء الحال الذي وصلت اليه شركتهم وأوضاعهم.. لكنه أكد أنهم مستمرون في الدفاع عن حقهم، لذلك يدعو موظفي الشركة الى الاعتصام أمام رئاسة الجمهورية.
ويتفق معه الموظف يحيى يحيى عمر في هذا رافضاً تصفية الشركة ونهب حقوق المساهمين .. مطالباً بمحاسبة المسؤولين عن ضياع الشركة وأصولها..
رأي اللجنة البرلمانية
وقف الاعتداءات على المواقع والمساحات الخاصة بالشركة في المواقع وعدم منح تراخيص جديدة.. وعلى الجهة التي منحت في السابق مستثمرين تراخيص إخراجهم من مواقع الشركة وتعويضهم تنفيذاً للأحكام القضائية الصادرة لصالح أراضي الدولة وشركة الملح.
يتم إيقاف بيع أي من أصول الشركة أو التصرف فيها حتى تصحح أوضاعها.
تشكل لجنة من السلطة المحلية ووزارة الصناعة والتجارة ومكتبي هيئتي الاراضي والجيولوجية ومن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة لتصحيح وضع الشركة ومراجعة حساباتها منذ خصخصتها واستعادة نشاطها وتسليم مرتبات العمال كما كانت قبل الخصخصة.{