منير احمد قائد -
اصطدمت المعارضة المنضوية بتكتل المشترك بهزيمتها وهزيمة مشروعها الانقلابي على نظام دولة الوحدة، وهو ما بدأت تشعر به مع بدء فترة الدعاية الانتخابية.. فلجأت عبر مرشحها الرئاسي ومرشحيها للمحليات وصحفها الى تبني خطاب سياسي واعلامي جمع سمات التناقض والاضطراب والجهل والسب والشتم والتشكيك والتكهن والنكران والجحود كحلقة من حلقات مسلسل المخطط التآمري الذي وقعت أحزاب المشترك في اطاره كأدوات داخلية تحركها وتوجهها قوى دولية وعبر بوابات اقليمية جميعها اندهشت من حقيقة تعبير الشعب اليمني عن ارادته الحرة بهذه الصورة الجلية والبهية.
وهي من اعتقدت أنها مازالت وصية على اليمن وظنت أن ما افرزته مخططاتها ومؤامراتها في الماضي منذ قيام الثورة وبعد اعادة تحقيق الوحدة من مشكلات وتحديات وأوضاع عامة يعاني منها الشعب سوف تجعله غافلاً ومتراخياً عن المخطط الأحدث والأخطر ويصوت للمعارضة لانقاذه مما هو فيه وقد وقعت في فخ المخطط يسيرها أشخاص محدودون يمثلون رموز مشاريع الظلام والعصبية والتمزق والانقسام والانفصال، وتلك القوى التي اسهمت في جمع هذه المشاريع المتناقضة في بوتقة العداء لمصلحة الوطن في الثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية طلبت عبر اولئك الاشخاص باعتبارهم قناة التواصل أن يحشدوا امكاناتهم وطاقاتهم ويحصدوا باسم المعارضة على نسبة ٠٤٪ من أصوات الناخبين وان تلك القوى ستساعدهم للوصول الى هذه الغاية لاعتقادها ان لها وزناً وثقلاً تأثيرياً في أوساط الشعب، من خلال ركائزها المحنطة وعناصرها الخائبة.
وأنها فور اعلان نتائج الانتخابات على هذا النحو تضمن لهم هذه القوى تسليمهم السلطة وبالتالي تنفيذ مخطط التقسيم لدويلات كمخطط افرزته الانتخابات والديمقراطية ويعتبر نموذجاً سيعمم على دول المنطقة بقوة الديمقراطية على غرار النموذج العراقي الذي تتصدى لإفشاله المقاومة العربية العراقية الباسلة.. واسقاطها المشروع الأمريكي-الصهيوني، الذي يوجه الحرب الطائفية لكسر شوكة المقاومة وافقادها حاضنها الشعبي الوطني، ويشعر الاحتلال الامريكي كأداة للصهاينة بالاحباط من فشل مشروعه بالعراق فيبحث لإنجاحه في دول عربية أخرى لأن لديه أجندة معدة ما بعد نجاح المشروع بالعراق ولفشله بدأ الاحتلال يتجه الى تنفيذ الاجندة في هذه الدولة.
وبالعودة الى خطاب المعارضة في فترة الدعاية الانتخابية فإنه تركز حول انكار وجود المنجزات للانقضاض عليها وفي المقدمة الثورة والدولة والوحدة، وشكك بنتائج الانتخابات وانها ستزور كتهيئة للمواقف اللاحقة ضمن المخطط، وهي مواقف التشكيك بهذه النتائج فور اعلانها تباعاً بصورة أولية من اللجنة العليا للانتخابات، وعلى صعيد الانتخابات الرئاسية تقول المعارضة انها لا تريد الفوز وانما نسبة الـ٠٤٪ من الاصوات لأنها واثقة بحصولها على هذه النسبة ستصل الى قصور الدويلات المخطط اقامتها على أسس مذهبية وقبلية وطائفية وغيرها بسطوة قوة الطغيان اقليمياً ودولياً تحت مبرر انهم يستحقون السلطة التي فشل القائمون عليها على مدار ٦١ عاماً ان تكسب الشعب، الذي غالبية مشاكله وصعوباته بفعل المؤامرات والمخططات ضده على كافة الجوانب والنواحي من قبل تلك القوى الدولية وبواباتها الاقليمية.
ومع ذلك يتحمل ويصبر مقابل تمسكه بكبريائه وكرامته ومنجزاته الوطنية التي تحققت في عهد القائد العربي الوحدوي الكبير علي عبدالله صالح باني اليمن الحديث والجديد، وبالتالي رفضت المعارضة الاعتراف بالنتائج رسمياً رغم توقيع مندوبيها عن مرشحيها على محاضر فرز اصوات الناخبين في كل مركز انتخابي، وتفاجأت بيقظة الشعب تجاه المخططات التآمرية وهي أسيرة ثقافة المصلحة الذاتية والانانية التي اوقعتها كفريسة سهلة وأداة طيعة للمخططات التي يعلم بها عدد محدود من قياداتها المتطلعين للانقلاب على نظام دولة الوحدة ليحكموا اليمن كأشلاء ممزقة لن يعود له أثر لا سمح الله وهو موطن العرب الأول بل والانسان الأول، فإرادت المعارضة ممارسة الذكاء على الحزب الحاكم بأنها لا تعترض على فوز الأخ الرئيس وانما نسبة الاصوات وإلاّ لن تعترف بالنتيجة معتقدة أن الحزب الحاكم يهمه اعترافها بالنتائج بقدر ما يهمه صون ارادة شعب أؤتمن القائد الصالح عليها وهو المتفرد بتمثلها والتعبير عنها دائماً، وفشل المعارضة بالمهمة هو فشل للقوى المعادية دولياً واقليمياً التي اعتقدت انها ستربح الديمقراطية لصالح مخططها العدواني، فإذا الديمقراطية تنتصر للشعب وينتصر بها لإرادته الحرة وخياراته الوطنية ويحبط اخطر مخطط عدواني جديد عليه.
وتدرك تلك القوى أن اليمن بقيادته الفذة والحكيمة تعاملت معها بمنطق المصالح والمنافع المتبادلة والند للند وعدم التدخل بالشئون الداخلية، وخاضت معركة انعكاسات الصراع الدولي الحاد في المنطقة ومنها اليمن التي اسقطت الحجج والذرائع الواهمة المعلنة المسوقة من هذه القوى المتصارعة، افكار واتفاقيات وغيرها.
فخاضت اليمن ممثلة بقائدها التحدي بالرهان على الشعب والاحتكام اليه، فهذه القوى بنت تقديراتها من وحي عملها المخابراتي وتقييمات ومعلومات المعارضة.
وكان رد القائد هو ايمانه بثقة شعبه وانتصاره لإرادته وتحطم المؤامرات والمخططات أمام عزيمته الصلبة واصراره الأشد صلابة على تأكيد ذاته وابراز شخصيته وحماية هويته وخياراته، وانتقلت بعد ذلك المعارضة الى التهديد بمهزلتها المضحكة انها ستحرك الشارع اذا استمر التلاعب بالنتائج.. وهذا الموقف هو ضمن خطة مواجهة الاحتمالات والهادفة الى اخراج مسيرات ومظاهرات واثارة القلاقل والاضطراب والشغب الذي قد هيأت له في خطابها ومواقفها منذ بدء الدعاية وربما منذ تأسيس المشترك بصورة تدريجية معتقدة انها أثرت على أبناء الشعب وهو اعتقاد خاطئ لأن مشروعها لا ينتمي للشعب.. وان رفعت شعارات زائفة باسمه وهو يدرك ما خلفها جيداً. ومع ذلك اتسم الخطاب الرسمي بأعلى قدر من المسئولية في التعامل مع هذه المحطات بروح وطنية خلاقة من منطلق الشراكة في الانتماء الوطني والاخاء والوحدة والتسامح، لأن يقظة القيادة والدولة دائماً قد احبطت المخطط قبل أن يبدأ منذ سنوات وكان على ثقة أن المعارضة ستكتشف ما وقعت فيه كأداة ضمن المخطط حينما يرد عليها الشعب اليمني في صناديق الاقتراع انتصاراً لإرادته وخياراته ليفرض على المعارضة أن تراجع حساباتها وتعيد بناء نفسها ضمن الرؤية والمشروع الوطني بعد ان تتخلص من أولئك المنتمين اليها الذين استغلوها وضللوها وقادوها لتنفيذ مطامعهم وأحلامهم المريضة.
وهي تعرف جيداً أنها غير قادرة على ان تقف أمام ارادة الشعب وان دعت مئات من اعضائها أو انصارها للتظاهر فإنهم سيرفضون الاستجابة لها لأنهم انخدعوا بها.. وكان يفترض لهذه المعارضة الغبية والمستغفلة ان تقرأ ما خلف ردود الافعال الواسعة على إعلان النتائج الأولية للانتخابات والمتمثلة بتهنئة قادة الاشقاء في السعودية ومصر والكويت وغيرهم وكذا الرئيس الأمريكي وغيره من قادة دول اجنبية وشهادة المراقبين بنزاهة ونجاح الانتخابات بما يؤكد بوضوح أن المخطط كان يعشش فقط في أذهان المرضى في المعارضة رغم ادراك القوى الخارجية ان مخططها من المستحيل تمريره أمام قوة الممانعة وصمود الارادة، وبعد هذه الانتخابات يدخل اليمن مرحلة جديدة ومهمة رافعاً فيها هاماته تعانق السماء وسنقف في تناولة اخرى لاستقراء ملامح هذه المرحلة.