علي عمر الصيعري -
هناك حقيقية تاريخية تقول إنه مهما تباينت واختلفت أطروحات ورؤى جميع الأحزاب والتنظيمات السياسية في بلادنا إلاّ أنها في الأخير تتفق جميعها على أن الوحدة اليمنية ثابت وطني لا يقبل الجدال، أو الحوار حوله، أو التفاوض عليه.
غير أنه في سياق التطور التاريخي، وصيرورة الأحداث، نتفاجأ بحقيقة مؤلمة مفادها: أن غالبية هذه الأحزاب لا تولي الاهتمام الكافي لمسألة ترسيخ »الوحدة الوطنية« المقام الأهم والرئيسي لتجذير وتأصيل الوحدة اليمنية، التي أصبحت اليوم مسلمة تاريخية لدى جميع هذه الأحزاب والتنظيمات.
وفي تقديرنا أن قضية ترسيخ وشائج الوحدة الوطنية وتجذيرها في عقول وقلوب ابناء الشعب اليمني في الداخل والخارج، يعتبر النضال الأكبر الذي لا يتوقف اطلاقاً عند محطة تاريخية أو منطق حاسم، بل يتواصل ويتسع باتساع وتمدد جذور الوحدة في وجدان الجماهير اليمنية بوصفه القلب النابض والمغذي على الدوام للوحدة اليمنية.
ولهذه القضية، أو النضال الأكبر- كما يحلو لي أن أسميه- طرق وأساليب عدة، غير أن أهمها وأكثرها جدوى وفاعلية هو طريق »التنمية الثقافية«، وبما أن هذا المفهوم واسع ومتعدد الاغراض، فإننا نقول تحديداً، »طريق الثقافة الشعبية« أو »الجماهيرية« عند الأحزاب العقائدية.. وهو الطريق القويم والمأمون الى تمتين وتجذير وشائج الوحدة الوطنية، مع عدم اغفال الدور الشامل للتنمية الثقافية التي تؤمن بدورها مقومات ووسائل »الثقافة الشعبية«.
وقبل أن نتطرق الى مفهوم »الثقافة الشعبية« ومكوناتها واشكالها ودورها في »النضال الأكبر« يتوجب علينا أن نقف قليلاً أمام واقع التنمية الثقافية، ودور الأحزاب والتنظيمات السياسية في تجذير الثقافة بين أوساط المجتمع اليمني، كفعل قيمي ينعكس صداه فيما تتبناه هذه الأحزاب من برامج تسهم من خلالها في ترسيخ قيم الوحدة الوطنية، وفي مقدمتها: التسامح والتصالح، وثقافة المحبة والتكافل، والقبول بالآخر، ونبذ المفاهيم الهدامة من مناطقية وطائفية ومذهبية وسلالية وغيرها.
فما هو واقع التنمية الثقافية في الوقت الراهن؟! وكيف هو دور الأحزاب والتنظيمات السياسية الثقافي في الارتقاء بهذا الواقع؟! ولماذا يؤكد علينا فخامة الأخ علي عبدالله صالح، رئيس الجمهورية- حفظه الله- مراراً وتكراراً بأن علينا الاهتمام بالثقافة الشعبية بوصفها المرسخ والمجذر للوحدة الوطنية؟! هذا ما سنتناوله في قادمات الاعداد بإذن الله.{
sayari13@hotmail.com