استطلاع/عارف الشرجبي - قوبل قرار أحزاب اللقاء المشترك تعليق الحوار مع المؤتمر باستياء واستهجان واسعٍ من مختلف الفعاليات السياسية ومنظمات المجتمع المدني.. والتي وصفت ذلك بأنه يعد استهدافاً مباشراً للنهج الديمقراطي والتعددية السياسية والسلم الاجتماعي، خاصة وأن قرار المشترك يعكس موقفاً سلبياً ومخيباً للآمال خاصة في هذا التوقيت بالذات الذي يتطلب اصطفافاً وطنياً للخروج بمواقف ايجابية تجذر النهج الديمقراطي وترسخ الأمن والاستقرار والسكينة العامة.. وقالوا لـ«الميثاق»: إن المشترك قد تعمَّد اضاعة الفرصة الذهبية التي دعا اليها فخامة الأخ الرئيس على عبدالله صالح للحوار الوطني الشامل وانتهاج ثقافة التسامح وتجنيب البلد مزيداً من التعقيدات.
وبهذا الخصوص قال علي سيف حسن -رئيس منتدى التنمية السياسية: إن الحوار بين الأحزاب الممثلة في البرلمان لم يبدأ بعد حتى يتم تعليقه وبالتالي ستظل العلاقة بين هذه الأحزاب معلقة الأمر الذي سيبعدهم كثيراً عن مربع الفعل السياسي ويفتح ثغرات ويوسع ساحات نشاط القوى الأخرى والأحزاب خارج مجلس النواب.
وأضاف: بلادنا لم تعد تحتمل مثل هذا الفراغ الحزبي لأنها مقبلة على تحديات خطيرة توجب على الجميع التخلي عن والمناكفات السياسية التي لا طائل منها غير المزيد من التعقيدات التي تسيئ الى سمعة بلادنا وتضر بمصالحها.
حلبة مصارعة
ويرى حسن أن تبدأ الأحزاب بالحوار قبل مضي الوقت وأن تتحمل مسئوليتها الوطنية بدلاً من البحث عن ذرائع للإلقاء باللائمة على الآخر.. ويقول: لسنا في حلبة مصارعة ليسجل كل منا النقاط على الطرف الآخر، وكلنا في ساحة وطنية يتوجب أن نتبارى في تقديم الأفضل لخدمة الناس وقضاياهم.
تخبُّط ويأس
< من جانبه يقول عبدالحميد سلطان- رئيس المعهد الديمقراطي: إن تعلي أحزاب اللقاء المشترك للحوار مع المؤتمر يعبر عن الموقف السلبي المتخبط لهذه الأحزاب تجاه القضايا الوطنية المصيرية ولا يعبر عن الحرص لحل قضايا الخلاف.
وأضاف: يفترض على المشترك أن يكون الحوار هو أعلى سقف يمكن الوقوف عنده لحل أية مشاكل أو خلافات بين الأحزاب أو مع الحزب الحاكم.. والتخلي عن هذا السقف هو تعبير عن حالة اليأس في صفوف المشترك وعدم شعورها بحجم المسئولية ففضَّلت الهروب نحو المجهول في محاولة جادة لتصعيد المشاكل وتأزيم الأمور في البلد.
وعبَّر عن أسفه لما وصلت اليه قيادات اللقاء المشترك من عدم المسئولية، الأمر الذي يتقاطع مع العمل الديمقراطي القائم على التواصل والحوار والشراكة في المسئولية في مثل هذه الظروف.. وأضاف: ينبغي على المشترك أن تدرك أنه لا بديل عن الحوار إلاّ التصادم والفوضى والدفع بالبلد نحو المجهول.. فهل هذا ما تريده.
وقال رئيس المعهد الديمقراطي: إن معارضة بهذا السلوك غير المسئول تجاه قضايا الوطن أشرف لها أن تحل نفسها من أن تتخلى أو تعلق الحوار، لأن الحوار في العالم الديمقراطي هو المفتاح الوحيد لحل أي خلاف بين الأحزاب.
وأضاف: يبدو أن أحزاب المشترك تعيش حالة من العجز والشلل، فلجأت الى تعليق الحوار لإخفاء ما تعاني منه..
مؤكداً أن أن أحزاب المشترك مازالت تعيش الماضي وتجتره، ولذلك نجدها تفكر بانقلابية وإلغاء للآخر، وإلا لما وجدناها تضيق من دور منظمات المجتمع المدني وعدم افساح المجال لها للمشاركة الفاعلة في ترسيخ النهج الديمقراطي خاصة وأن العالم المتقدم يعتبر منظمات المجتمع المدني القاعدة الأساسية لتنمية العمل الديمقراطي.
لا يريد الحل!
وعن البدائل التي يمكن أن يلجأ إليها المؤتمر الشعبي قال عبدالحميد سلطان: لسنا بحاجة الى البحث عن بدائل في الوقت الراهن فالبلد لديها مؤسسات رسمية كمجلس النواب وغيره يمكن أن تتحمل المسئولية في معالجة الأمر حسب القانون والدستور ناهيك عن دور الأحزاب الأخرى ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية القادرة على ايجاد البدائل في الوقت المناسب.. وقال: كان على اللقاء المشترك ألا يضيع فرصة دعوة الأخ الرئيس للحوار الوطني الذي حرص بدعوته تلك على اشراك الجميع في المسئولية الوطنية وحل الخلافات، الأمر الذي لم يتم من قبل المشترك وكأنه لا يريد الحل.. مشيراً الى أن أحزاب المشترك ترى أنها لن تصل الى السلطة عبر صناديق الاقتراع ولذلك تلجأ الى اثارة المشاكل وتكريس الانقسام وانتاج سياسة العنف متناسية أنها أول من سوف يتضرر ولذلك ينبغي على المعارضة أن تتخلى عن ثقافة اتهام الآخر التي يعاني منها المشترك.
تجاهل وإقصاء
من جانبه يقول نبيل علي الحاج- رئيس مؤسسة المجد للتوعية الديمقراطية: كنا نتمنى على أحزاب اللقاء المشترك أن تكون أكثر حرصاً على الحوار كوسيلة ناجحة للوصول الى حلول عملية ترضي جميع الأطراف بدلاً من السعي الى محاولة تأزيم الأوضاع في البلد واشاعة حالة الاحباط التي أصبح المواطن يعيشها بسبب مواقف تلك الأحزاب من قضايا الساعة.
وأضاف: نحن في منظمات المجتمع المدني ومعنيون بالشأن الديمقراطي لم نتفاجأ بموقف المشترك من الحوار وتعليقه لأننا كمراقبين لعمل هذه الأحزاب وجدنا في الفترة السابقة تعنُّتاً واضحاً من اللقاء المشترك تجاه شركاء العمل السياسي والديمقراطي فالمشترك مازال مصراً على تجاهل واقصاء بقية الأحزاب الموجودة في الساحة خارج اللقاء المشترك وهو بذلك يعمل على خنق الديمقراطية ووأدها إن لم تكن مفصَّلة على مقاسه أو إن لم توصله للسلطة.
لافتاً الى أن المؤتمر الشعبي العام قدم خلال الفترات السابقة العديد من التنازلات للمشترك والتي كان آخرها قبوله بتمديد فترة مجلس النواب وتأجيل الانتخابات نزولاً عند رغبة المشترك، إلاّ أن هذا كما يبدو لم يشبع نهم المشترك الذي لا يعترف بالديمقراطية إلاّ اذا كان على سدة الحكم.. واعتبر الحاج هذا السلوك من المشترك انتهازياً وغير قابل لتجذير النهج الديمقراطي في سلوك وثقافة المجتمع ولذلك فالمشترك يشكل أهم عوائق النمو الديمقراطي في بلادنا.
وتمنى على مجلس النواب ولجنة شئون الأحزاب القيام بواجبها لحماية الديمقراطية وإلزام الجميع التقيد بالقانون والدستور الذي يوضح بدقة ماذا يتوجب على كل حزب تجاه الديمقراطية والوطن بشكل عام.
داعياً أحزاب المعارضة وكل الفعاليات ومنظمات المجتمع المدني الاستفادة من دعوة فخامة الرئيس للحوار الوطني المسئول واشاعة ثقافة التسامح والتصالح بعيداً عن التمترس والتخندق خلف قضايا جانبية ومصالح حزبية ضيقة قد تجر البلد الى مزيد من التأزيم.
توجهات عدمية
الى ذلك يقول رئيس المعهد اليمني للتنمية الديمقراطية أحمد الصوفي: الحوار السياسي مع أحزاب اللقاء المشترك لم يكن له أفق سياسي واضح منذ البداية، فقد استخدمت هذه الأحزاب أغلبية المؤتمر لتمرير أخطر عملية تعليق للحياة الديمقراطية بتأجيل الانتخابات الى أجل غير مسمى وقد نبهنا منذ البداية أن المؤتمر الشعبي العام اذا جارى هذه الأحزاب سيتورط في خطة غير آمنة ضد الديمقراطية وضد المكتسبات السياسية ناهيك عن أنه سيضع على المحك مسألة مشروعيته كحزب أغلبية.. بعد أن مكن أحزاب اللقاء المشترك من انتزاع هذا السلاح منه بيده وجعل نفسه حزباً يتواطأ ضد الانتظام الانتخابي الديمقراطي بقبوله مثل هذه المساومة على الانتخابات وهذا ما كانت تريده أحزاب المشترك وقد تحقق فعلاً.. لأنها ستتجنب الى ما شاء الله الدخول في منافسة انتخابية ليس فقط مع المؤتمر، بل فيما بينها أيضاً، وبالتالي فهي لا تريد للحوار أن يستمر وتتحاشى الوصول الى أي اتفاق لأنه من ناحية سيفكك تحالفها وسيظهر خلافاتها حول القضايا والمسافة الفاصلة بين كل حزب داخل هذا التكوين كما أن الحوار من ناحية أخرى سيجبرها على الدخول في اطار النظام وهو الأمر الذي لا تريده لأنها دأبت على التحريض على النظام وتبرير التمرد على القانون والدفاع عن أعمال العنف والبنادق التي ترفع في وجه الدولة والنظام.
إن فشل الحوار أمر كان متوقعاً بالنسبة لي لأن أدبيات الخطاب الاعلامي للمشترك يعتريه شحوب وتستولي عليه التوجهات العدمية إزاء قضية النظام السياسي، ومفردات الاصلاحات السياسية المحتملة.. ولأنها لا تمتلك هذه الرؤية فلم يكن أمامها إلاّ أن تتذرع بمطلب عدمي آخر غير ممكن التحقيق أصلاً حتى لو كانت بلادنا في «السويد».. وهو تهيئة الأجواء.وهنا نتساءل عن ماهية الأجواء الملائمة لهم وهل تتطابق مع الأجواء الملائمة مع المؤتمر والاجواء الملائمة للشعب اليمني.. وقال الاستاذ الصوفي: عموماً هذا كلام مطاطي لا يندرج في القاموس السياسي لأنه متى كان اليمن يحصل على أوضاع ملائمة حتى لانجاز تلك الثورات المتعاقبة ورغم ذلك حققها ولم يكن هناك أحزاب لقاء مشترك حينها..على المؤتمر ألا يعول كثيراً على الحوار وإلاّ سوف يتحول الى هدف سياسي في مرمى المشترك.
الأمر الآخر الأكثر الحاحاً أن يقوم بمواصلة إجراء اصلاحات دستورية وقانونية بكل جرأة ووضوح فالاصلاحات السياسية لن تنتظر حتى تتهيأ اجواء المشترك حسب رؤيته لأن الزمن أصلاً ليس ملك المؤتمر إلا الزمن السياسي إذا لم يوظفه وأهدره في ملاحقة ومراضاة المشترك سيجد نفسه في لحظة ما غير قادر على القيام بهذه الاصلاحات لأن الزمن سيكون قد تجاوز.
|