ابين/ منصور الغدرة -
في محافظة أبين قد تصاب بالهستيريا إن لم تقرأ تركيبة المجتمع، وتسقطها على واقع الحياة وإدارة شئون المحافظة، التي تنطلق من ولاء المصالح، والانتماء القبلي، اللذين شكلا جداراً تتحطم عليه هموم ومصالح الناس، والمواطن البسيط هناك، يبكي ضياع سلطة القانون وفقدان هيبة الدولة لصالح مجموعة من الأفراد -هي التي تعبث بالحياة العامة في المحافظة.
واذا ما قدر لك واستمعت لرأي المواطن في أبين عن الأحداث الجارية في المحافظة -لوجدت أن غالبية الناس هناك رغم تذمرهم وسخطهم من أوضاعهم المعيشية إلاّ أنهم يرفضون أن يصل حال محافظتهم الى هذه الفوضي، التي أصبحت تهدد الاستقرار والسكينة العامة، لذلك يجمعون على أن الحل والمخرج من هذه الحالة هو تطبيق النظام والقانون وفرض هيبة الدولة واجتثاث الفساد.
فيما هناك عناصر تعيث فساداً في المحافظة لمحاولة ترهيب المواطنين واخضاع سكانها وتطويع مصالح الناس لمصالحهم ويعتبرون العدو اللدود للمواطن، وبينهما الطابور الخامس، لاعبون، يمسكون العصاء من منتصفها حتى يطال أمد الفوضى لضمان بقاء مصالحهم.
وهؤلاء يتوارون عن الأنظار في الظروف التي تتطلب حضورهم الى الواجهة وابداء مواقفهم، كالظرف الجاري في أبين.. ولا يحضرون إلا حينما استدعت مصلحتهم ذلك، وعند صرف المخصصات أو عند اقتسام غنائم الفوضى ليعودوا الى مخابأهم استعداداً لإشعال فوضى جديدة أخرى في المحافظة!!
المناضلة بونة سعيدعلي الساحلي حوالي «68» عاماً -رئيس جمعية المتقاعدين في محافظة أبين- تفضح وتعري هذه العناصر، محملة إياهم مسئولية الأحداث الدامية التي شهدتها عاصمة محافظة أبين -زنجبار- يوم 23 يوليو 2009م على يد عناصر إرهابية يتزعمها الملا طارق الفضلي.
الوالدة بونة.. تنحدر من أسرة مناضلة، حيث تنتمي الى أسرة الرئيس سالمين، لذلك تقول: تأثرت بسالمين ومناضلات عربيات كـ«جميلة بوحيد» وأخريات، فالتحقت في يناير 1967م -قبل سقوط منطقة زنجبار- بالقطاع الطلابي لجبهة التحرير في أبين لتحرير جنوب اليمن من احتلال المستعمر البريطاني- عمرها يومذاك لم يتجاوز الـ13 ربيعاً- ومن يومها وهي فاعلة في المجتمع المدني في المحافظة، مطالبة بفرض القانون ومحاسبة الفوضويين أينما كانوا، وحيثما حلوا، رافضة أن يحول الإرهابيون مدينتها الآمنة المسالمة -زنجبار- الى بؤرة ووكراً للإرهابيين.
«الميثاق» التقت المناضلة بونة سعيد علي الساحلي، وسألتها عن رأيها فيما يجري في مدينتها، وما يخطط ويعتمل ضد الوحدة التي ناضلت من أجل تحقيقها منذ ستينيات القرن الماضي.
فتقول: نحن كمجتمع مدني وكنساء وكأمهات لسنا راضيين عما يجري في المحافظة من أعمال ارهابية وتهديد لحياة المواطن وإقلال للأمن والاستقرار والسكينة العامة والطمأنينة لمجتمعنا المسالم.
هذا وضع وحال لا نقبله ولا يمكن القبول به نهائياً.. نحن أبناء يمن واحد، ونحن ناضلنا منذ ستينيات القرن الماضي من أجل الوحدة لا من أجل يمنين أو ثلاثة.. ناضلنا من أجل اليمن الموحد وليس من أجل «فلان» أو «علان»، فأنا لا أخضع لفلان أو لعلان، وإنما أخضع لله سبحانه وتعالى ثم لمصلحة الوطن.
المشاكل لا تحل!
{ باعتقادك ما الأسباب التي أوصلت الأوضاع في محافظة أبين الى ما وصلت إليه؟
- للأسف السبب الرئيسي وراء هذه الأعمال اللامسئولة من قبل شخصيات نافذة في المحافظة أو تدعي وصايتها عليها.. كما أن مديري عموم المكاتب في المحافظة كان لهم دور في ذلك.. إذ أنهم غير قادرين على استيعاب ما يدور حولهم في المحافظة، فالذي يحدث هنا في أبين أن مديري العموم يعلقون كل قضايا ومشاكل الناس بالمركز -صنعاء- والمركز هو الشماعة التي يعلق هؤلاء اخطاءهم واصرارهم على تفاقم ومشاكل الناس.. وأنا لا ألوم المركز وإنما ألوم مديري عموم مكاتب المحافظة ككل الذين -للأسف- هم من أبناء المحافظة وليسوا من خارجها، لكنهم يعملون ضد مصالحها وضد مصالح أبنائها.
ففي الوقت الذي يجب عليهم القيام بمسئولياتهم نحو المجتمع الذي وجدت الوظيفة الحكومية لخدمته وتسيير شئونه.. لكن الحاصل الآن أنهم لا يقومون بعملهم تجاه هذا المواطن.. فقضايا ومشاكل الناس لا يتم حلها، ولم نجد مع من نقاشها.. فكلها ماتزال معلقة تتراكم الى أجل غير مسمى.. ابتداءً من قضايا التوظيف، مروراً بقضايا التعليم، وحقوق المتقاعدين.. وانتهاءً بالأراضي المنهوبة.
فمنذ أن أعيدت لنا أملاكنا وأراضينا المؤممة ونحن ندور ونجري من قسم شرطة الى آخر ومن محكمة الى أخرى دون فائدة.. ولم نلقَ أي مسئول أو جهة داخل المحافظة تجلس معنا وتستمع إلينا وتعمل على حل مشاكل الناس، وكلما أتينا نشتكي الى أي شخص في المحافظة يقول لنا أذهبوا راجعوا في المركزية هناك- في صنعاء.
وحقيقة الأمر هم كاذبون في ذلك، فليس للمركز أية علاقة بما يقولون.. لذا أنا لا ألوم المركز، وإنما ألوم- أبناء المحافظة- الموجودين على كراسي الادارة كمديري عموم.. وألوم -أيضاً -الشخصيات الاجتماعية، الموجودين داخل أبين، الذين لم يحاولوا لملمة أوجاع وآلام الناس، مما أدى الى أعمال مؤسفة.
الجاري أو الحاصل وما وصلنا إليه اليوم شيء لا نقبله بالمرة.. ونرفض الاستسلام للمخططات التآمرية التي تحاك ضد وحدتنا ومستقبل أبنائنا.
يتقاضون مليارات
{ من تتحدثي عنهم من أبناء المحافظة، يفترض بهم أن يكونوا حريصين على استقرار وتنمية المحافظة، ما مصلحتهم في عكس ذلك؟
- لأنهم يتقاضون من وراء هذه المشاكل مليارات من الخزينة العامة للدولة، والتي يفترض بها أن تضخ لخدمة التنمية، لكنها تذهب الى جيوب هؤلاء المستفيدين.. ملايين الريالات تضخ لهم على حساب المشاكل داخل محافظة أبين، في الوقت الذي نجد مياه الشرب منقطعة عن مدينة زنجبار وعن بقية مدن أبين منذ فترة طويلة، وقد طرحت هذه القضية على وزير المياه والبيئة عندما زار المحافظة.
وبعدها بأسبوعين أقر مجلس الوزراء تمويل مشروع تزويد مدينة زنجبار بالمياه من منطقة باتيس بتكلفة 175 مليون ريال.. ومن يومها لم يتم البدء بالعمل في المشروع، ولا ندري الى أين وصل.. وتفاقمت أزمة المياه، وزادت معاناة سكان المدينة وأتوا لنا بمسئول عاطل آخر يبدأ يفكر بمصالحه، ويدور كم سيكسب من أبين.. الجهاز الاداري في أبين للأسف متضخم بالفساد.
{ الوظائف التي يأتون إليها هؤلاء المسئولون.. هل هي موجودة في الأساس أم أنها توجد لهم؟
- لا.. الوظائف توجد- للمسئولين في المحافظة من أجل أن تظل هذه الأوضاع والحالة في أبين كما هي عليها اليوم، ويستفيدون منها هؤلاء ومن بعدهم الطوفان.
{ وما الحل برأيك للتخلص من هذا؟
- أطلب من القيادة السياسية أن تتجه مباشرة الى الشخصيات الصادقة، والتي تدرك بما يدور في أبين، خصوصاً وأننا نجد بعض المسئولين يعالجون مشاكل الناس.
هناك أكثر من 13 وكيلاً ووكيلاً مساعداً في المحافظة ولا يوجد أغلبهم.. أين كل هؤلاء الوكلاء.. أين هم اليوم مما جرى ويجري في محافظة أبين؟
{ أنتِ تسألي، وغيرك يسأل.. وأنا أعود لأسألك.. لماذا يتهربون ويتوارون عن الأنظار في هذا الظرف بالذات؟
- لأنهم يريدون المسألة -الفوضى- أن تطول لأنهم مستفيدون منها.{