حاوره: عبدالولي المذابي -
أحد خمسة قياديين أسسوا فرع المؤتمر الشعبي العام بمحافظة حضرموت عقب قيام الجمهورية اليمنية..
رجل دولة من الطراز الأول سجل اسهامات بارزة خلال 19 عاماً من مسيرة الوحدة كان فيها السياسي المحنك والقيادي الواعي.. عوض حاتم رئىس فرع المؤتمر ووكيل محافظة حضرموت لشئون مديريات الساحل يفتح قلبه لـ»الميثاق« ويتحدث بكل صراحة عن المغازلات بين المعارضة والقوى الانفصالية ويكشف عن مكامن الخلل في أداء المؤتمر، وعن غيرها من الموضوعات والقضايا المهمة في سياق هذا الحوار:
> لماذا توقف مهرجان البلدة هذا العام؟
- بالنسبة لمهرجان البلدة هناك لجنة تحضيرية للمهرجان ومدير تنفيذي بالإضافة إلى السلطة المحلية بمدينة المكلا، مهمتهم التحضير لمهرجان البلدة في وقت مبكر، واعتقد ان المعوقات المالية هي التي حالت دون إقامة المهرجان لهذا العام..
أنا شخصياً غير مقتنع بعدم اقامة المهرجان، على اعتبار انه يمكن اقامته بفعاليات محدودة على الأقل.. ولكن هناك اسباب موضوعية منها: ان المحافظة خرجت من تداعيات كارثة السيول بالإضافة إلى وجود أسباب طبيعية اهمها ان البحر لم يكن بارداً هذا العام، وجميع تلك الأسباب تضافرت وأدت إلى عدم إقامة المهرجان الذي أصبح له اهمية خاصة لأنه يقام في فترة الصيف التي تشهد عودة المغتربين اليمنيين من مختلف دول العالم، ويتفاعلون بشكل كبير مع فعاليات المهرجان، وقد شهد هذا العام اقبالاً أكبر من العام الماضي نظراً لتزامن قدوم رمضان مع موعد اقامة المهرجان كون رمضان شهر اجازة في المدارس بدول الخليج التي يتواجد بها الكثير من المغتربين..
واستطيع القول: إن عدم إقامة المهرجان يمثل تقصيراً منا جميعاً، وان شاء الله لن يتكرر ذلك وسنعمل على التحضير المبكر له في العام القادم.
عادوا فأطمئنوا
> عودة المغتربين في موسم الإجازة بشكل اكبر من العام الماضي هل يؤكد انهم لم يتأثروا مما يحاول البعض الترويج له من وجود مشاكل؟
- بالتأكيد لم يؤثر كثيراً، ولكن هذا لايمنع من القول ان الكثير من المغتربين يتواصلون معنا من وقت لآخر بسبب ما تنقله وسائل الإعلام الخارجية من صورة غير محايدة عما يجري في البلد وبه قدر كبير من المبالغة، ويتساءلون هل هناك حرب مشتعلة، هل هناك قتال..؟ وكثير من الاسئلة الغريبة، وبالمقابل نحن نطمئنهم ونقول لهم: تعالوا إلى البلد وانظروا بأعينكم وبالفعل، عندما جاءوا تغيرت الصورة تماماً حين شاهدوا الأمن والاستقرار، ونحن نأسف للنشاط المعادي الذي تقوم به بعض وسائل الإعلام في الخارج وخصوصاً من تلك القنوات التي كنا نعتبرها محايدة.
> حضرموت تستعد لاستضافة فعاليات »تريم عاصمة الثقافة الإسلامية 2010م«.. ماهي طبيعة التحضيرات الجارية؟
- الاسبوع الماضي وصل وزير الثقافة إلى حضرموت وقام بعدة زيارات إلى تريم واجرى عدداً من اللقاءات مع المعنيين لبحث التحضيرات، ولاشك ان مدينة تريم تستحق هذا التكريم وهناك إمكانيات كبيرة لانجاح هذه الفعالية نظراً لتعدد الانشطة والمنابر الدينية والتاريخ العظيم لأبناء مدينة تريم في نشر الدين الإسلامي في شرق آسيا وغيرها.
وأنا متفائل جداً بأن هذه الفعالية ستفتح نافذة للسياحة الدينية في اليمن وعلى ثقة بأن أبناء تريم قادرون على نقل صورة ممتازة عن الدين الإسلامي واسلوب جديد في السياحة الدينية بالاستفادة من المكانة التاريخية الكبيرة لتريم..
أين أموال الاشتراكي؟!
> لو انتقلنا إلى السياسة.. كيف تقيم موقف الأحزاب والتنظيمات السياسية بحضرموت من عودة الدعوات الانفصالية بعد 19 عاماً من الوحدة المباركة؟
- في الحقيقة الأحزاب خصوصاً أحزاب المشترك أرادت أن تستفيد من مثل هذه الدعوات وحدثت مغازلة من بعض القوى السياسية، والحزب الاشتراكي تحديداً قام بمحاولة توزيع أدوار مختلفة على قياداته، ولكن، كما يقولون، اختلط عليه الحابل بالنابل، والدعوات الانفصالية هي دعوات ممقوتة وقاتلة في نفس الوقت لأصحابها قبل كل شيء، ونحن نأسف عندما نجد أحدهم يعلن رغبته في الانفصال ويقول انه لا علاقة له بالحزب الاشتراكي وهو قائده، وهو ما يفتح السؤال عن مصدر هذا المشروع الانفصالي والتقولات بأن حضرموت غير يمنية وغيرها من العناوين الغريبة والمستهجنة التي لاتحمل أي مدلول تاريخي أو سياسي في الواقع اليمني.. الحزب الاشتراكي اليمني لم يقل في تاريخه بأنه غير يمني ولم يقل بأنه الحزب الاشتراكي الحضرمي، ولكن البعض يحاول إيجاد تشققات وتدمير لجدار الوحدة المنيع، ومن حق الجميع ان يسأل هؤلاء الذين ظهروا بعد 15 عاماً ليعلنوا الدعوة للانفصال من جديد.. أين أموال الحزب الاشتراكي ومن ينعم بها اليوم؟! حتى أعضاء الحزب السابقين من حقهم محاسبة هؤلاء والتساؤل حول مصير الاشتراكات التي كانوا يدفعونها من رواتبهم لصالح الحزب.. دعاة الانفصال اليوم لم يسرقوا أموال الحزب فحسب بل سرقوا معها أيضاً أموال الدولة.
> ما الدور الذي يقوم به فرع المؤتمر بحضرموت لمواجهة ثقافة الكراهية وخطابات التحريض ضد الوحدة؟
- قمنا خلال الفترة الماضية بلقاءات مباشرة أثمرت نتائج ايجابية.. ولاشك ان هناك منغصات حقيقية يجب ان نعترف بها تتعلق بالمعيشة والبطالة والأمن، وهي أيضاً كانت موضوعات للنقاشات الموسعة التي دارت خلال فعاليات مؤتمر المحليات الذي انعقد مؤخراً في المحافظة، وشكلت فرصة مواتية لطرح هذه القضايا في المؤتمر العام للسلطات المحلية، ولاشك ان لكل محافظة مشاكلها وهناك معاناة من المركزية الحادة في نشاط الكثير من المؤسسات والتي تنغص حياة المواطنين وتضطرهم للسفر إلى العاصمة للحصول على تسوية وظيفية قيمتها ألف أو الفي ريال، وكانت مثل هذه الأمور تتم في المحافظة، لذا لابد من ايجاد معالجات سريعة لها، والتقاط مبادرة الأخ الرئيس بضرورة ايجاد حكم محلي واسع الصلاحيات وليس بالضرورة ان تعمم التجربة كلها، ولكن عندما تتهيأ الظروف في أية محافظة فلابد ان يكون لها صلاحيات للقيام بهذا الدور.
أنشطة مكثفة
> ما العمل السياسي والتنظيمي الذي تقومون به؟
- نحن في قيادة فرع المؤتمر قمنا بنزول ميداني في اتجاهين الأول: مع الشخصيات الاجتماعية والثاني: مع الشباب ونفذنا العديد من الانشطة مثل المهرجانات واللقاءات ومن المهم تنفيذ العديد من المشروعات لصالح الشباب على ضوء توجيهات فخامة الأخ الرئىس.. لكننا نظن ان هناك تلكؤاً في تنفيذ مشاريع زراعية وسكنية وتقديم قروض للمشاريع الصغيرة الخاصة بالشباب، واعتقد انه لايوجد تكامل بين المؤسسات المعنية.. وهناك قصور في الوعي لدى القائمين عليها بضرورة تواصل الحلقات من أجل تقديم تلك الخدمات للشباب بيسر وسهولة بالإضافة إلى ضرورة وجود تقييم للمناهج الدراسية والاهتمام بالتعليم المهني بدرجة أساسية، وفي نفس الوقت العمل باتجاه إقامة تلك المشاريع للشباب، وتشجيع القطاع الخاص على الاسهام في تقديم فرص عمل للشباب واستيعابهم في المشروعات التنموية، فليس من المعقول ان كل من تخرج يجب ان يعمل في وظيفة حكومية.. إلى متى سيظل هذا التضخم في الجهاز الإداري للدولة؟.. وقد نجد في بعض الإدارات الحكومية ما يفوق الحاجة من الموظفين ثلاثة اضعاف وكل ذلك على حساب التنمية وأداء الإدارة.
لابد من وضع هياكل محددة لهذه الإدارات وتحديثها بشكل ايجابي واستيعاب التطورات والتطبيقات التكنولوجية الحديثة في العمل.. واجمالاً نستطيع القول انه كلما اسهمنا في حل مشاكل الشباب والحد من البطالة ومحاربة الفساد بشكل جدي حققنا تنمية حقيقية في البلد تتجاوز كل المنغصات والصعوبات القائمة، ولابد للجميع ان يسهم في محاربة الفساد بتغيير الثقافة والمفاهيم المتعلقة به، ولابد أيضاً من موقف واعٍ، وليس من المعقول ان نمسك بالموظف الصغير ونترك الكبير.. فهذا غير مقبول، يجب ان نبدأ بالكبير الذي يعتبر قدوة للآخرين، لكي يعرف الصغير مصيره إذا ارتكب أي جريمة فساد..
بالنسبة للنشاط السياسي والتنظيمي للمؤتمر، فلايجب ان نفصله عن نشاط المركز، ولابد ان تسهم القيادات العليا في النزول الميداني كما تفعل الأحزاب الأخرى، وتقدم دعماً معنوياً للمحافظات، ويكون هناك عمل متكامل ومعرفة بحاجة العمل السياسي، واعتقد ان الميزانيات التي تقدم للفروع لاتلبي أبسط احتياجات العمل.
المحرك.. الخارج
> هل توافق على القول بأن غياب العمل السياسي أدى إلى ظهور العنف؟
- العنف الذي ظهر مؤخراً في بعض المحافظات ليس نابعاً من الواقع وليس طبيعياً، بل مصدره المحرك هو الخارج بدفع من قوى فقدت مصالحها وامتيازاتها بعد ان كانت في رأس السلطة، وهي شخصيات وقفت ضد الوحدة منذ اليوم الأول، وعادوا من جديد لنشاطهم وهناك قوى أخرى استوعبتهم ومنحتهم الإمكانيات اللازمة لممارسة هذا العداء ضد الوطن.
وبالنسبة لعملنا استطيع القول إنه لم يرتقِ الى المستوى المطلوب لمواجهة هذه النشاطات واستيعاب طبيعتها والتعامل معها وفقاً لحجمها الحقيقي في المحافظات.. على سبيل المثال مفهوم زرع الكراهية مفهوم شامل واعتقد ان هناك أحزاباً تساهم فيه بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، قد تكون احياناً بواسطة معلمين ينتمون لأحزاب مختلفة ويستغلون وضعهم لزرع الكراهية والطالب عادة يقتدي بمعلمه، هذا بالإضافة إلى دور الأسرة والمجتمع في تهذيب مثل هذه السلوكيات أو العكس.
وعلى قيادتنا ان تستوعب ماهي متطلبات العمل السياسي الذي بواسطته نسطيع مواجهة هذه الظواهر من خلال الفكر والانشطة المختلفة..
نحن نقول: ان علينا ان نواجه ليس فكراً بفكر فقط وإنما فكراً بتنمية، فإذا ما قدمنا تنمية وخدمات للناس سنكون قد قدمنا رداً كافياً، هناك تعثرات واعتقد انه حتى الكارثة الأخيرة »كارثة السيول« والتلكؤ في الحلول أوجد مناخاً مناسباً لهذه القوى لكي تعمل وتبث سمومها.
ردة فعل!
> استاذ عوض.. عرف عنك الصراحة.. ماهي مآخذك على أداء المؤتمر الشعبي العام؟
- أحد المآخذ الرئيسة أننا دائماً نتعامل بردة الفعل ولانكون أصحاب مبادرة.. ولا نأتي إلاّ متأخرين.. واشعر ان حلقات التواصل مفقودة، وان كثيراً من الانضباطية ضائعة داخل المؤتمر بمعنى ان عنصر المحاسبة مفقود، وربما في كثير من الاحيان يكافأ المخطئ ويحاسب المحسن، وهذه معادلة غير مضبوطة داخل التنظيم.
نحن نريد في التنظيم الكم والكيف معا ًولن نقول الكيف فقط، فالذين يمارسون العمل السياسي المحترف هم عدد محدود في الأحزاب حوالى الثلث فقط..
الأمر الآخر قضية الانتماء التي نعاني منها كثيراً في المؤتمر وللأسف الشديد تطلب من البعض القيام بعمل معين فنتفاجأ بمن يقول لك خذ البطاقة.. وهي مشكلة تعكس ضعف الانتماء وانضمام الكثيرين لغرض المصلحة فقط فإذا لم تحقق له مصالحه فسينقلب ضدك.
> هل هددت بتقديم استقالتك.. وما الأسباب؟
- أنا لم أهدد بالاستقالة ولكننا علقنا نشاطنا احتجاجاً على ماحدث من اشكال عرض حياة الناس للخطر في الفرع من قبل أحد الاشخاص غير الحزبيين، لكننا وجدنا تفاعلاً من الأخ الرئيس والأمين العام للمؤتمر وتم انزال لجنة تحقق في الحادثة والتقينا بها وطرحنا أمامها كل المشاكل التي تحدث في المحافظة وليس فقط مايتعلق بالمشكلة الأخيرة، وكان لتوجيهات الأخ الرئىس والأمين العام الأثر الكبير في عودتنا إلى العمل سريعاً بعد اتخاذ الإجراءات اللازمة.
مكانها ومكانتها!!
> لماذا يحاول البعض اقحام حضرموت والحديث باسمها لكسب مواقف سياسية معينة؟
- حضرموت محافظة كبيرة ومساحتها تعادل ثلث مساحة الجمهورية ولها منافذ كبيرة براً وبحراً، وتشهد نشاطاً تنموياً كبيراً من خير الوحدة المباركة، فلذلك استهدفت من تنظيم القاعدة ومن القوى الأخرى التي تسير في فلكها، وبدون التقليل من شأن المحافظات الأخرى نستطيع القول بأنه إذا ضربت حضرموت يتأثر الوطن كله.
الأمر الآخر ان عدداً من الذين فقدوا مصالحهم هم من أبناء المحافظة مثل البيض والعطاس.. وللأسف نقول انهم سقطوا في مستنقعات لا أدري من سينتشلهم منها.
ولاشك أيضاً ان المكانة التاريخية لحضرموت وتواجد أبنائها بفاعلية في العديد من دول العالم جعلها مستهدفة ومحط أنظار القوى التي تراهن على مستقبل الوطن.
> كيف تلمس آثار هذه الدعوات التحريضية في حضرموت؟
- في المكلا يكاد لايمضي يوم إلاّ وحدثت مشكلة وظهرت بؤرة هنا وهناك، ولكن المواطن مع مرور الوقت يستطيع الفرز والتفريق بين الغث والسمين، ونحن نراهن على وعي المواطن الذي اصبح مدركاً لكل مايحدث وكل ما يعتمل داخل الوطن ويدرك أبعادها المختلفة، ونحن على ثقة بأن هذه الدعوات ستسقط ولكن أصحابها يبدو أن لديهم احترافاً في الدعاية ومهنية عالية في الغش والخداع.. كما فعلوا تماماً في حرب 94م التي انتصروا فيها إعلامياً بالكذب ولكن زبد البحر يذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.
المستقبل.. بالحوار
> اشتهرت المكلا بين عواصم المحافظات بمنتديات الحوار الثقافي والسياسي.. كيف يمكن الحديث عن دور الحوار في حلحلة الأزمات السياسية؟
- هناك شبه اجماع في المحافظة بأننا لانخرج من الازمات التي نعاني منها هنا وهناك إلاّ بالحوار.. وأبناء حضرموت كما هو معروف عنهم يميلون إلى الهدوء والاستقرار والسلم والحياة بعيداً عن المنغصات.. وهناك حوارات مستمرة على مستوى المنتديات و»المقايل« يتم فيها مناقشة القضايا الراهنة واستطيع القول إن حضرموت فيها اجماع على ان الوطن وطن الجميع ولابد ان يسهم الجميع في أمنه واستقراره.
أرى أن دعوة فخامة الأخ الرئىس للحوار على أساس اتفاق فبراير التي تم التوقيع عليها بين المؤتمر والمشترك يمكن ان تكون الأساس للخروج من أزمات كثيرة ولا أدري لماذا يصر البعض على وضع شروط مسبقة للحوار، ولهذا نطلب دائماً من الأخوة في اللقاء المشترك عند أي لقاء أو حوار الابتعاد عن المناكفات السياسية وان يكونوا واضحين وان يضعوا مصالح الوطن فوق المصالح الشخصية.
واجدها فرصة لادعوا من خلال "الميثاق" المشترك الى البدء بالحوار المسئول مرة اخرى بعيداً عن الاشتراطات والمناكفات والدخول بنوايا سليمة الى قاعة الحوار عندها سنحقق النتائج المرجوة لصالح الوطن وارى ان المستقبل لن يرى الا طريقاً واحداً هو طريق الحوار.
حاتم: أحزاب وتربويون متورطون بأعمال العنف
