جمال عبدالحميد - الكل يتحدث عن أهمية جذب الاستثمارات المحلية والاجنبية في اليمن.. والكل يُجمع على أن سوق الاوراق المالية هي البوابة لتحقيق ذلك.. على اعتبار ان هذه السوق تؤسس بالضرورة لقيام شركات مساهمة في اليمن تعمل على توجيه المدخرات نحو الاستثمار.
ومع هذا الادراك لأهمية انشاء السوق المالية في اليمن.. يظل التساؤل قائماً.. من الذي يقف وراء تباطؤ الاجراءات نحو قيام السوق المالية..؟ خصوصاً وأن الحكومة كثيراً ما تحدثت ومازالت تتحدث عن أهمية هذه السوق بالنسبة للاقتصاد الوطني لأن السوق سوف تساهم في إنعاش الواقع الاستثماري في البلاد الذي يدفع بالضرورة الى تحويل الاموال من شركات لديها فائض الى اخرى لديها عجز لتعمل بالتالي على تنمية نفسها والتحول من شركات صغيرة الى متوسطة وكبيرة.
واذا كان الأمر كذلك.. فإن السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو الى متى سنظل عند لحظة الانتظار.. على الرغم من امكاناتنا التي نعتقد أنها كبيرة قياساً بدول عربية اخرى تقدمت في هذا المجال، ومن ثَمَّ نقول.. كم من السنين تفرق بيننا وبين هؤلاء حتى نبرر لأنفسنا هذا الخوف الغريب والعجيب الذي جعلنا في وضع يقصينا عن الادراك لما يدور بل وكيف تدار الأمور.
وهل انشاء هذه السوق من الصعوبة بمكان الى هذا الحد، أم أن في النفس شيئاً من حتى..؟! أسئلة كثيرة وعلامات استفهام أكثر بحاجة الى مراجعة سريعة واجابة صريحة وواضحة من راسمي ومخططي ومنفذي السياسة الاقتصادية والمالية في الوطن لمجمل الصعوبات والمعوقات التي تحول دون انشاء سوق الاوراق المالية في اليمن، حتى نمنحهم العذر رغم تسليمنا بأنها صعوبات من السهولة بمكان تجاوزها اذا ما تم تحريك الامور دون تردد، واقتحام هذه التجربة بمسئولية ووعي وتنظيم سليم وبمشاركة القطاع الخاص والحكومة، من أجل التغيير الذي يتطلب ارادة الجميع الذي يبدأ بسن التشريعات وضبط وتنظيم آلية عمل السوق المالية وينتهي بالشفافية والوضوح الذي يخدم الجميع.. ويحقق المصالح دون ضرر ولا ضرار.
وفي كل الأحوال لابد من خوض غمار التجربة ولن نخسر أكثر مما خسرناه.. ودون ذلك علينا أن ننتظر أن تمطر السماء ذهباً وذلك عشم ابليس في الجنة كما يقولون.
وبيت القصيد.. أن الوقت مازال معنا ولم يفت بعد، ونقولها بالفم المليان: لا نريد أن يكون العجز في انشاء سوق الاوراق المالية في قادم الأيام واحداً من الشواهد على تخاذلنا وعدم تحمسنا لمصالحنا وعلى أننا لا ننظر الى أبعد من قدمينا ولا نخطط لمستقبلنا ومستقبل أجيالنا.
وعزاؤنا أن يتضمن برنامج حكومة ما بعد الانتخابات الرئاسية والمحلية الحالية.. انشاء هذه السوق التي من شأنها ان تحشد قدراتنا المالية المكتنزة لدى الافراد والمؤسسات ومن ثم توظيفها في خدمة الاقتصاد الوطني.. وأعتقد- كما يعتقد الجميع- أن وجود هذه السوق سوف يسرع عملية التنمية ويحفّز على الاستثمار من قبل المستثمرين المحليين والاجانب في مشاريع اقتصادية كبيرة تستوعب الكثير من الايدي العاملة.. هذا الى جانب انه سوف يساهم بصورة أو بأخرى في محاربة الفساد الذي صار شعار الوطن في المرحلة القادمة.
|