موقع المؤتمر نت



موقع مايو نيوز



موقع معهد الميثاق


الحديدة.. إصابة طفل بانفجار في الدريهمي - وحدة الصف الوطني.. الحصن المنيع لمواجهة المشاريع الاستعمارية - 43846 شهيداً منذ بدء العدوان على غزة - 6364 مهاجر أفريقي وصلوا اليمن في شهر - الرئيس/ علي ناصر يعزّي بوفاة النائب البرلماني الدكتور عبدالباري دغيش - تدشين خطة الانتشار الإسعافي على الطرق السريعة - النواب يجدد الثقة بالإجماع لهيئة رئاسته لفترة قادمة - صنعاء: انطلاق حملة للتبرع لمرضى الثلاسيميا - ارتفاع عدد شهداء غزة إلى 43 ألفاً و799 - مع غزة ولبنان.. مسيرة مليونية بصنعاء -
ثقافة
الثلاثاء, 08-سبتمبر-2009
محمد‮ ‬بن‮ ‬عبدات -
ثمة شعور جميل ينتابني كلما توجهت نحو مدينة تريم الغناء بل يخيل لي في كل مرة تقابلني معالمها واشجارها وبساتينها أنني ذلك الرجل الذي سمع الكثير عن هذه المدينة ولم يسبق له رؤيتها من قبل فزاد فضوله وشوقه اليها حتى أتى اليوم الذي شد رحاله، فذهب الى العلامة الشاعر ابوبكر بن شهاب يسأله السؤال الاخير في منزله بمدينة حيدر أباد الهندية حيث يعيش الاثنان موطن الاغتراب هناك في وقت أزمنة ليست بالبعيدة على حاضرنا وحينها قال هذا الرجل لابن شهاب: إنني عزمت السفر غداً، وان تريم هي مقصدي، فكيف ستقابلني عندما اقترب من معالمها وبيوتها وأهلها وكل ما يحيط بها . فرد عليها العلامة بن شهاب بقول يحمل في مفرداته أبياتاً شعرية أصبحت فيما بعد مشهورة عندما غنيت بصوت البلبل الشادي وكروان العرب ابن هذه المدينة الساحرة أبوبكر سالم بلفقيه وهي التي تقول:
بشراك‮ ‬هذا‮ ‬منار‮ ‬الحي‮ ‬ترمقهُ
وهذه‮ ‬دور‮ ‬من‮ ‬تهوى‮ ‬وتعشقهُ
وهذه‮ ‬روضة‮ ‬الغناء‮ ‬مهديةً
شدى‮ ‬النسيم‮ ‬على‮ ‬الأحباب‮ ‬تنثرهُ
وقد صدق بن شهاب فيما ذهب اليه في تلك الأبيات التي كانت رداً رائعاً كان بمثابة بصمة التأكيد الاخيرة لذلك الشخص عن إبداعات وجماليات وسحر وروحانية هذه المدينة.. ولهذا لم أكن مستغرباً أن تختار المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة «الايسيسكو» مدينة تريم عاصمة للثقافة الاسلامية 2010م فتريم حوى تاريخها وحاضرها كل فن ناهيك أنها مكان معروف بدور العلم والمعرفة وصلت شهرته الى شتى أصقاع العالم ،و الدليل على ذلك تواجد جنسيات عدة ومختلفة من طلبة العلوم الدينية والشرعية في جنبات الحلقات العلمية في رباط تريم ودار المصطفى وكلية الشريعة وغيرها من زوايا تعاليم الدين التي تنتشر في هذه المدينة المعروفة ايضاً بكثرة مساجدها التي عددها بعدد أيام السنة وهي مسألة أخرى تعطي لتريم مؤشراً صريحاً انها مركز إشعاع ديني غير عادي على خارطة العالم الاسلامي، بل الكل يدرك أن أربطة تريم وأبناءها المهاجرين كانت لهم الريادة والسبق في نشر الاسلام في آسيا وأفريقيا منذ قرون مضت، وهذا يعطي مؤشراً آخر على أحقية تريم بهذه المكانة والاختيار، وحتى لا نهب كثيراً في هذا الموضوع نستخلص ما تكتنزه تريم في مجالات مختلفة سواء كانت دينية أو ثقافية أو فنية أو‮ ‬حتى‮ ‬معمارية،‮ ‬فهي‮ ‬دون‮ ‬شك‮ ‬موروث‮ ‬حضاري‮ ‬متكامل‮ ‬نتطرق‮ ‬له‮ ‬هنا‮ ‬في‮ ‬نقاط‮ ‬متفردة‮ ‬حتى‮ ‬نعطي‮ ‬صورة‮ ‬فيها‮ ‬المعلومة‮ ‬الكافية‮ ‬التي‮ ‬تشبع‮ ‬رغبات‮ ‬القارئ‮ ‬الذي‮ ‬نذهب‮ ‬معه‮ ‬في‮ ‬السطور‮ ‬التالية‮ ‬الى‮ ‬ذلك‮ ‬المخزون‮:‬
المعالم‮ ‬والمراكز‮ ‬الدينية
تحتوي تريم كما أشرنا على العديد من المعالم الدينية والمراكز العلمية القديمة التي مازال نشاطها مستمراً مثل رباط تريم ومعلامة أبي مريم لتحفيظ القرآن الكريم، وبعد الوحدة المباركة افتتح دار المصطفى للدراسات الاسلامية وكلية الشريعة التابعة لجامعة الأحقاف.. إضافة الى وجود مكتبة المخطوطات والتي تحتوي على العديد من الكتب الدينية والمخطوطات الاسلامية التي يعود تاريخها الى العصور الاسلامية الاولى، وتعد مخطوطات مكتبة تريم التي تجاوزت الخمسة آلاف مخطوطة ثمينة ونادرة، وهو ما جعل السياحة الاسلامية على وجه الخصوص تزداد لهذه المدينة التي يتوسطها معلم اسلامي فريد في بنائه وفنه المعماري ألا وهو مسجد المحضار ومئذنته الطينية الذي بلغ إرتفاعها أكثر من مائة وسبعين قدماً، إضافة الى جبانة تريم التي بنيت سنة 566هـ ،و مقبرة زنبل التي يقال انه دفن فيها بعض الصحابة عندما ماتوا متأثرين بجراحهم‮ ‬عقب‮ ‬انتصار‮ ‬جيش‮ ‬المسلمين‮ ‬على‮ ‬بعض‮ ‬المرتدين‮ ‬من‮ ‬كنده‮ ‬بمعركة‮ ‬حصن‮ «‬النجير‮» ‬الواقع‮ ‬على‮ ‬بعد‮ ‬كيلو‮ ‬مترات‮ ‬معدودة‮ ‬شرقي‮ ‬تريم،‮ ‬وذلك‮ ‬في‮ ‬عهد‮ ‬خليفة‮ ‬رسول‮ ‬الله‮ ‬أبي‮ ‬بكر‮ ‬الصديق‮ ‬رضي‮ ‬الله‮ ‬عنه‮.‬
العلم‮ ‬والثقافة‮ ‬والأدب
ليس من اليوم بل منذ فترات قديمة كانت هذه المدينة منبعاً لبزوغ نجومية كثير من رجالات العلم والأدب والتي طغت كتاباتهم ومؤلفاتهم كثيراً من الدول والاقاليم أمثال الشيخ الاديب والعلامة سالم بافضل والأديب محمد أحمد الشاطري صاحب كتاب «أدوار تاريخ حضرموت»، والسيد علي بن عبدالرحمن المشهور صاحب كتاب «شروح الصدور»، والمؤرخ عبدالله بن حسن بلفقيه، وهو من رد على بعض أفكار قاعدة ابن خلدون، والعلامة الأديب عبدالله بن أبي بكر عيديد وهو أحد العبادلة السبعة الذين اشتهروا بالثقافة والأدب والمعرفة على مستوى حضرموت وتوفوا في فترة زمنية متقاربة، والسيد عبدالرحمن بن شيخ الكاف،و هو صاحب أول جائزة ثقافية تنظم لأفضل الكتاب الأدباء والشعراء في زمن لم يكن للثقافة العربية والاسلامية دعم واهتمام وغير هؤلاء هناك العلامة الكبير عبدالله بن عمر الشاطري مؤسس رباط تريم، والأديب عبدالرحمن بن محمد بن شهاب، والعلامة الأديب سالم بن سعيد بكير، والاستاذ الاديب توفيق أمان وغيرهم الكثير والكثير التي أظهرتهم هذه المدينة بل مازالت تعج وتحتضن قبلهم هامات كبيرة في علوم ومعارف أخرى لعل أبرزهم الشيخ العلامة عمر بن حفيظ، والسيد العلامة سالم بن عبدالله الشاطري،‮ ‬والعلامة‮ ‬المشهور‮ ‬علي‮ ‬زين‮ ‬العابدين‮ ‬الجفري‮.‬
الفن
أما في هذا الجانب فتريم هي منبع الفن والفن الغنائي على وجه التحديد، فهي قدمت أفضل شعار الأغنية الغزلية ألا وهو سلطان الدان والغزل الشاعر المرحوم حداد بن حسن الكاف الذي ذاعت شهرة قصائده كثيراً وغنى له كبار الفنانين على مستوى الوطن والجزيرة العربية، وهو صاحب‮ ‬أروع‮ ‬بيت‮ ‬غزلي‮ ‬يحمل‮ ‬بعداً‮ ‬خيالياً‮ ‬لم‮ ‬يسبق‮ ‬اليه‮ ‬أحد‮ ‬من‮ ‬قبل‮ ‬وبشهادة‮ ‬كثير‮ ‬من‮ ‬المطلعين‮ ‬والمهتمين‮ ‬وهو‮ ‬البيت‮ ‬الشعري‮ ‬الذي‮ ‬قال‮ ‬فيه‮:‬
‮«‬بلطف‮ ‬وباكون‮ ‬بين‮ ‬الغصن‮ ‬والورقة‮»‬
ثم‮ ‬أضاف‮ ‬لنفس‮ ‬القصيدة‮ ‬بيتاً‮ ‬رائعاً‮ ‬آخراً‮ ‬يقول‮:‬
ودي‮ ‬وسط‮ ‬يمناه‮ ‬أقع‮ «‬حلقه‮»‬
والا‮ «‬بيساره‮ «‬زام‮»‬
ويقصد بالحلقة الخاتم والزام الساعة التي توضع عند عامة الناس في اليد اليسرى.. وتمعنوا معي كيف وصل خيال هذا الشاعر العملاق بأن يلطف بي الغصن والورقة لكي يسمع صوت محبوبه وهو يشدي بصوت الغناء في إحدى البساتين، بل تمنى لحظتها أن يكون هو الخاتم والساعة الذي في يمنى ويسرى محبوبته أيّ خيال وأيّ إبداع هذا قدمه لنا ابن تريم حداد بن حسن، وغير حداد الذي تكلمنا عنه هناك العلامة الاديب الذي أشرنا اليه في البداية أبوبكر بن شهاب والذي اقترح شخصياً من على منبر هذه الصحيفة أن يكون شعار تريم 2010م مطلع قصيدته «بشراك هذا منار الحي ترمُقه» فهو خير كلام لخير مدينة ولابن شهاب قصائد أخرى في حيز الروعة مثل «حي الربوع» وغيرها، ويبزغ من بين حداد وابن شهاب كروان الاغنية العربية وملكها المتوج الفنان الكبير أبوبكر سالم بلفقيه الذي عشق تريم وهام فيها في أشعاره وأغنياته، وهذا ليس بغريب، كيف وهذه الفاتنة هي مسقط رأسه ليأتي بعد هذه الكوكبة اللامعة مغني الدان الشهير عاشور، أما وهو الذي خاطبه حداد في إحدى قصائده المغناة «باسلك يا عاشور عن حال البلد، وأخبار غنانا وكيف الناس والبلدة»، ومن تريم ظهر الشاعر بن سالم علي الذي توفي قريباً وأشهر قصائده التي غناها الفنان الكويتي عبدالله الرويشد «نحيل الخصر والقامة»، إضافة الى بن سالم علي هناك علمان بارزان في سماء الأغنية اليمنية والعربية الأول وهو الشاعر الرائع عبدالقادر الكاف الذي غنى له كبار الفنانين أمثال أبو أصيل وعبدالرب ادريس، وعبدالمجيد عبدالله، ومحمد البلوشي، وعبدالمنعم العامري، وكرامة مرسال، وغيرهم ، وقد حازت أغنيته «كل شيء معقول» الذي غناها البلوشي على أفضل نص غنائي عربي عام 1996م، أما الثاني فهو الفنان والملحن الكبير حسن باحشوان الذي تغنى من ألحانه الكثير من الفنانين على مستوى الوطن والخليج، وهناك أخوه الشاعر المرحوم محفوظ باحشوان وله أشعار مغناة تفردت كثيراً وذاعت شهرتها عبر وسائل الاعلام، لعل أبرزها «أغنية ليالي الريف وحولاه الليلة»،و غير باحشوان هناك الشاعر الدكتور عمر بن شهاب والفنان حسين بن عثمان، وكمال باحشوان، ومعهم الصاعد الواعد حمادة باحشوان.. ضف الى ذلك هناك فرقة الغناء للدان، وفرقة تريم الموسيقية، وفرق مختلفة للأناشيد الدينية والتي شارك بعضها خارجياً، وحتى لا نطيل نقول: إن تريم تختزن الشيء الكثير والذي ربما لا يحضر على بال أحد في هذا الجانب.
قصور‮ ‬وآثار‮ ‬تريم
لعل أبرز قصور أوحصون تريم هو حصن الرناد الذي يعود تأسيسه الى قبل ظهور الاسلام بحوالى أربعمائة عام، وهو ما أشار اليه السيد علي بن عبدالرحمن المشهور في كتابه «شروح الصدور»، وهناك قصور أخرى ذات نمط عمراني رائع تدهش الزائر وتذهب بخياله الى قصور الروايات والأزمنة البعيدة أمثال قصر عشة، وقصر القبة، وقصر دار السلام، وغيرها من تلك القصور ذات الاقواس والنقوش العمرانية المستوحاة بعضها من نمط العمارةفي الهند جنوب شرق آسيا، وهو ما تم أخذها خلال فترة هجرات أبناء تريم وحضرموت عامة الى تلك البلدان.
أخيراً: قرأنا معاً قليلاً من كثير عن هذه المدينة الساحرة والرابضة في أحضان هضبة حضرموت الشمالية وتتوسط الى حد كبير موقع قبر نبي الله هود الواقع شرقها وضريح الإمام المهاجر الواقع الى جهة الغرب منها، وهو شيء آخر يضاف الى أهميتها وأحقيتها بأن تكون عاصمة لثقافة‮ ‬الاسلامية‮.
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "ثقافة"

عناوين أخرى

الافتتاحية
حوارات
جريمة الرئاسة
مقالات
في زيارتي للوطن.. انطباعات عن صمود واصطفاف ملحمي
اياد فاضل*

هم ونحن ..!!
د. عبد الوهاب الروحاني

اليمن يُغيّر مفهوم القوة
أحمد الزبيري

مسلمون قبل نزول القرآن الكريم.. فقه أهل اليمن القديم
الباحث/ عبدالله محسن

الأقلام الحُرة تنقل أوجاع الناس
عبدالسلام الدباء *

30 نوفمبر عيد الاستقلال المجيد: معنى ومفهوم الاستقلال الحقيقي
عبدالله صالح الحاج

دماء العرب.. وديمقراطية الغرب؟!
طه العامري

ترامب – نتنياهو ما المتوقَّع من هذه العلاقة؟!
ليلى نقولا*

أين هو الغرب من الأطفال الفلسطينيين السجناء وهو يتشدَّق دوماً بحقّ الطفل؟
بثينة شعبان*

صراع النملة مع الإنسان ولا توجد فرص أخرى للانتصار!!
د. أيوب الحمادي

دغيش.. البرلماني الذي انتصر للوحدة حتى المَنِـيـَّة
خالد قيرمان

جميع حقوق النشر محفوظة 2006-2024 لـ(الميثاق نت)