لقاء: علي الشعباني -
حذر الكاتب والمحلل السعودي زهير الحارثي من مخاطر اللعب على الورقة الطائفية المذهبية وإذكاء الصراعات الداخلية لتقسيم وإضعاف الدول العربية المخترقة من قبل إيران بمساندة من عناصر وحركات وأحزاب وتنظيمات في تلك البلدان.
واعتبر عضو مجلس الشورى السعودي في لقاء أجرته معه «الميثاق» أن المتمرد الحوثي يمثل جزءاً من مخطط يستهدف استقرار دول المنطقة.
وقال: إن الحوثي ورقة بيد إيران لتثبيت هيمنتها الإقليمية.. وهذا ما جاء باللقاء..
{ ما تعليقكم على التدخل الإيراني في الشؤون اليمنية والمتمثل في مساندة المتمرد الحوثي وأتباعه في محافظة صعدة؟
- المتابع للسياسة الإيرانية الخارجية في السنوات الأخيرة يلحظ أنها تستند على التدخل في شؤون دول الجوار وغير الجوار،طالما انه مطروح في اجندتها ويحقق مصالحها الذاتية، وعادة ما تبحث عن وسيلة موجودة في هذا البلد او ذاك من اجل توظيفها لترجمة تلك الأهداف على ارض الواقع، ومن يتأمل المشهد السياسي في المنطقة يكتشف ان اليد الإيرانية امتدت في الخاصرة العربية بمساندة من عناصر وحركات وأحزاب وتنظيمات في تلك الدول المخترقة، وتجدها تدين لها الولاء والطاعة إما بسبب المرجعية المذهبية او المصلحة المادية.. ولذا لا غرابة ان تستغل إيران الحوثيين في محاولة تثبيت هيمنتها الإقليمية، فهم في نهاية المطاف ورقة في يدها لا تختلف عن حزب الله في لبنان او حماس في غزة.
تآمر بشعارات دينية
{ لماذا تسعى إيران لإيجاد «حوزات شيعية» في اليمن.. وما خطر ذلك على المنطقة؟
- إيجاد الحوزات الشيعية أمر طبيعي تقوم به إيران لترويج التشيع، ولذلك فهي تشجع تكاثرها وتدعمها مالياً ومعنوياً، فهي ترسخه ليس من مبدأ ديني وإنما لدعم مخططاتها السياسية، أي بمعنى أنها توظف الشعارات الدينية من اجل أهداف سياسية، فالحوزة في هذه الحالة تحديداً تبقى الغطاء الشرعي لمخططاتها داخل تلك المجتمعات ،وقد انتهجت هذا الأسلوب في سوريا ومروراً بالمغرب والجزائر وانتهاء باليمن.
الجزر الاماراتية المحتلة
{ لماذا تصر إيران على اعتبار الجزر الإماراتية المحتلة جزراً تابعة لها وكيف يمكن مساعدة الإمارات الشقيقة لاسترداد تلك الجزر؟
- قضية الجزر الإماراتية تكشف وبجلاء مدى التعنت والصلف الإيراني، فإيران لم تقبل بالحوار المباشر مع الإماراتيين ،ورفضت عرض المسألة على محكمة العدل الدولية، فضلاً عن تصريحاتهم التي نسمعها بين الحين والآخر إزاء هذه الجزر وأنها إيرانية ويرفضون حتى مجرد نقاش الفكرة. وهذا أسلوب منافٍ لقوانين العلاقات الدولية ومبادئ القانون الدولي ، فالاستعلاء والعجرفة والنظرة الدونية أمور مرفوضة في العلاقة ما بين الدول، فضلاً عن ان المنظمات الدولية والمجتمع الدولي يقف مع الإمارات ويطالبون بالتحكيم الدولي، ولكن لا حياة لمن تنادي.
اللعب بنار المذهبية
{ كيف تفسرون التوجه الإيراني نحو إذكاء الصراعات الطائفية في المنطقة؟
- اللعب على وتر الطائفية المذهبية وإشعال فتيلها، أمر تجيده إيران وبامتياز، واتضح ذلك في لبنان حينما سيطر حزب الله على بيروت وجعله يوماً مجيداً وخالداً، كما ان العراق الذي لم يشهد تأزماً طائفياً في تاريخه، بات اليوم جسداً مكتوياً بسياط الطائفية، ولم يعد سراً ان لإيران ومؤيديها يداً في ذلك التأجيج.. ان هذا السلاح يمثل خطرا حقيقيا على استقرار الدول العربية، فالفتنة الطائفية لم تعد خلافات في فروع الدين فحسب ولكنها الركيزة لخلق هوة في المجتمعات مما يؤدي لزعزعة أمنها ،وبالتالي تقود الشعوب لأتون الحرب أهلية، والمحصلة تكون التقسيم والانهيار .
المخالب الإيرانية تتربص بالعرب
{ ما الدور الذي يجب أن يقوم به السياسيون والمفكرون العرب في توعية الشعوب العربية من خطر التدخلات الايرانية؟
أولا يجب التفرقة بين الشعب الإيراني الذي نحترمه ونحترم مذهبه، وبين السياسة الإيرانية الخارجية التي نختلف مع توجهاتها. وعند الارتهان للموضوعية نقول ان من حق إيران ان تبحث عن مصالحها، مثلها مثل أية دولة، لكن ما نشاهده على الأرض انها تبحث عن مصالحها من خلال الإضرار بأمن واستقرار الدول الأخرى وهنا يكمن الخلل.. كما ان حالة القلق التي يعيشها النظام من انه آيل للسقوط وشكوكه من الغرب، جعله في حالة هستيرية، متمسكاً ببرنامج السلاح النووي لأنه يرى فيه ضمانة لبقاء النظام، كما تراءى له أن إشغال الآخرين بما يحدث داخل بلادهم سيساهم في بقاء النظام ، بل وسيعطي له ثقلاً في التأثير على تلك الدول، وبالتالي تتوافر لها الهيمنة الإقليمية ان لم يكن السيطرة على الإقليم.
ان العرب مطالبون باليقظة والحرص على مصالحهم واستيعاب الصورة بكافة أشكالها وأبعادها، وعليهم ان يعوا-شعوباً وحكومات- أنهم ما لم يعالجوا خلافاتهم ومشاكلهم بأنفسهم، فان ثمة طرفاً هناك لا يلبث ان يقتنص الفرصة بمخالبه ويصطاد في الماء العكر من اجل مصالحه ، ولعل المخالب الإيرانية المثال الأفضل لتجسيد هذا المشهد.