محمد يحيى شنيف -
الفساد المؤسسي وأقصد به كافة انواع الفساد السياسي والاقتصادي والإداري، والمالي والثقافي والاعلامي والاجتماعي.. لكن هل أصبح مثل هذا الفساد مؤسسياً ومنظماً؟.. وهل ندرك أنه إذا ما تركناه سيصبح من أكبر الاخطار التي تنذر بعواقب وخيمة؟..
بالمقابل الفساد كالماء حينما يتسلل بين الأصابع، لا لون له ولا رائحة.. ولا يمكن القبض عليه إلا وفق قواعد ونُظم مؤسسية ودلائل واضحة.. هنا يكون البدء باستكشافه من خلال منابعه لتجفيفها.. ومن هنا تبدأ الهيئات الرسمية والشعبية المعنية بمكافحة الفساد، ومسؤولياتها لتنفيذ مهامها بفاعلية..
وللإعلام السوي دوره المهم في إشاعة الثقافة الوطنية وكشف مكامن الفساد وتعرية رموزه، ليبدأ القضاء في تأدية واجبه في إطار الدستور والقوانين النافذة.. كما أن لمنظمات المجتمع المدني وأجهزة الرقابة والقنوات الخاصة دورها الحيوي، وكذلك الحال بالنسبة للمواطن وقبله القيادي في السلطة والمعارضة على حد سواء، كي لا يصبح الفساد ثقافة مجتمعية.
الفساد منتشر في الدول المتقدمة، وأجزم بأنه فساد مؤسسي منظم.. ولعل الدول المتخلفة أقل شأناً، ،لكن فسادها يمثل خطورة أكبر لا تتحمله مؤسساتها الاقتصادية والإدارية الهشة، ذات الهيكلية الضعيفة والتجربة الديمقراطية الناشئة.. في بلادنا توجد القوانين لكنها في الغالب غير مفعَّلة، وتوجد المؤسسات الخاصة بمكافحة الفساد، لكنها مازالت تحبو.
الأحزاب السياسية، وبخاصة المعارضة تتغنى بالديمقراطية والتعددية، وبداخل تكويناتها لا تمارس الأبجدية الديمقراطية تدَّعي مطالبتها بالمواطنة المتساوية والحقوق المشروعة، بينما المنتسبون لها في القواعد لا تكفل قياداتها أبسط حقوقها المكتسبة ومنها الحزبية.
الوحدات الاقتصادية والخدمية وبعض الوزارات تعاني من ضعف في هيكليتها وتدهور في مستويات أدائها، واختراق لقوانينها ونظمها ولوائحها وعدم المصداقية في تقاريرها، كما تضلل الحكومة في أدائها الإداري، وتستهدف إصدار لوائح لا تتفق مع القوانين النافذة لصالح أقارب وعقارب وترضيات ووسائط لمصالح شخصية..
هاتان القضيتان نكتفي بهما في هذه التناولة وأقصد فيما يتعلق بالجانب السياسي والاقتصادي للحديث في وريقات قادمة بالتفصيل، وفي ضوء الممارسات والثبوتيات لنوالي بعدها أوجه الفساد الاخرى.. والله المعين حتى لا نقول: وآية هذا الزمان الفساد بدلاً عن »الصحف«.. مع الاعتراف بوجود مؤسسات اقتصادية وخدمية ناجحة مازالت بعيدة عن الفساد.. وكذلك تنظيمات سياسية ومنظمات جماهيرية وجمعيات خيرية نظيفة اليد مع اختلاف النسب.