حاوره: احمد الزبيري -
قال الاخ الدكتور أحمد عبيد بن دغر الأمين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام أن الثورة اليمنية «26سبتمبر » شكلَّت علامة فارقه في التاريخ اليمني المعاصر بما أحدثته من تحولات في طبيعة التطورات السياسية، مخَّلصة شعبنا من تخلف القرون بما يعني من انعزال وجهل وعبودية واستبداد، ليعود اليمن من جديد الى دائرة الفعل الحضاري..
وحول قضايا الوطن الراهنة والمواقف السلبي «للمشترك» قال بأن ما يجري في اليمن اليوم هو نتيجة للمواقف المتخاذلة تجاه الثوابت الوطنية من قبل بعض القوى السياسية.. مشيراً بذلك الى احزاب اللقاء المشترك.
وأوضح في حوار ل«26سبتمبر» جملة من التحديات التي يواجهها الوطن اليوم وفي الصدارة ممارسات عصابة التمرد والتخريب والارهاب الحوثية في محافظة صعدة ودعاة الانفصال الذين هم مع من يحاول اعطاء الذرائع والمبررات لما تقوم به هذه العصابة الخارجة على الدستور والقانون كونهم من عجنية واحدة.. الى محصلة هذا الحوار:
الميثاق نت يعيد نشر الحوار
> تأتي احتفالات شعبنا بأعياد ثورته 26 سبتمبر و14 أكتوبر في ظل تحديات وصعوبات.. ألا يوجد من وجهة نظركم استمرارية لاستهداف الثورة اليمنية ومكاسبها ومنجزاتها؟
>> سبتمبر 1962م علامة فارقة في التاريخ اليمني، علاقة تحول كبرى في طبيعة التطورات السياسية، وانتقال جذري من نظام سياسي إلى نظام سياسي آخر مع ما رافق ذلك من تغيرات محلية، وما نتج عنها من آثار إقليمية في سبتمبر نفض اليمنيون عن كاهلهم إرث قرون من التخلف، والانعزال. والجهل والعبودية والاستبداد . وكان قيام الثورة إعلاناً بالعودة إلى دائرة الفعل الحضاري الإنساني لليمن، بعدما غيب الأئمة والعثمانيون في بعض مراحل التاريخ هذا البلد من القيام بدوره. وهذا الشعب من حقه أن يحيا حياة حرة وكريمة ومستقبل أفضل.
فترة حكم الإمامة وهي فترة طويلة للأسف الشديد عزلت اليمن عن محيطه وعن العالم، وفقد اليمنيون في هذه المدة الزمنية القدرة على الاتصال والتفاعل مع غيرهم، فتراجعت قدرة اليمني على العطاء وعلى الإبداع إلا من إبداع ثقافي ديني في حالات هي نادرة، وتعطلت الحياة الاقتصادية لمجتمع كان يضرب به المثل في السعادة، والرخاء، وانحدرت مستويات المعيشة، وسادت العادات والتقاليد المتخلفة، وبقي المجتمع يحمل تركيبته الاجتماعية وهي خليط من علاقات متباينة، ونتاجها السياسي، الثقافي لحقب طويلة.
نجح الأئمة – بقصد ومن سابق إصرار – في التحكم في شعب، تقتله كل يوم تناقضاته الاجتماعية، وحروبه الأهلية، وثقافته المتخلفة. والتي كانت أداتهم في التحكم في وعي مجتمع مسلوب الإرادة في التفكير أوكل شأنه وحياته لحاكم زرع في ذهن الإنسان اليمني خرافة الاصطفاء الإلهي، والحق السلالي في ممارسة الحكم. والتعالي على الآخرين. ولهذه الثقافة سلم الناس قيادهم لليل طويل من الظلم. والتخلف، والجهل . وما كان لهذا الليل أن ينجلي لولا نجاح الثورة، والحركة الوطنية اليمنية في كسر هذه الحلقة المفرغة، وتجاوز الموروث الثقافي أولاً. ثم السياسي تالياً. فالثورة بدأت وعياً جديداً كان ينمو منذ ثلاثينات القرن العشرين مع الطلائع الأولى للأحرار. متقدماً على مسلمات الثقافة السائدة متجاوزاً خطوطها الحمر. فكانت الثورة تحرراً في العقل، تحرراً في الكرامة، وتحرراً في الحياة، مفتوحاً على المستقبل بكل ما يعنيه من تحول وتغير وتطور وانفتاح على الجديد الإنساني، العربي أولاً، والعالمي ثانياً.
ولم يكن النصر في سبتمبر سهلاً، لقد سبقته إرهاصات، وعمدته تضحيات كان أحرار اليمن قد سبقوا غيرهم في إجتراحها فكانت ثورة 1948م وكان انقلاب 1955م، وكانت الانتفاضات القبلية المتواترة حتى قيام الثورة، التي آزرتها كل قوى المجتمع، وأندحر الأئمة، وكانت الثورة هي النهايةالحتمية لحكم الأئمة.
نظرة سطحية
> شخصنة قضايا الوطن على ذلك النحو الذي ورد في ما أسمى بوثيقة الإنقاذ “المشتركية” يعكس مدى انعدام المسؤولية من قبل قيادات تلك الأحزاب.. كيف تفندون مضامين أطروحاتهم في هذه الوثيقة؟
>> للأسف الشديد يفتقد التفكير السياسي عند قيادة المعارضة إلى الموضوعية ولذلك حاولوا تأويل واقع اليوم بما فيه من تحولات. وبما يحتويه من تناقضات وصراعات على نحو ذاتي. لقد أعادوا جذور المشكلات القائمة إلى عامل واحد فقط. وحملوا هذا العامل كل ما يترتب على حركة الواقع، وتطور الحياة في بلادنا. هذه نظرة سطحية للأمور. وقاصرة. وفيها قدر كبير من الأنانية وحب الذات. بقدر ما فيها من كراهية لشخص الرئيس علي عبد الله صالح الذي سعت إليه القيادة ولم يسع إليها، استدعته التطورات عندما اضطربت الحياة السياسية احتاجت البلاد إلى من يعيد التوازن، لدولة نهشتها التناقضات والأطماع.
نحن نقول لقادة المشترك لو قرأتم ما يجري في الواقع بعيداً عن الأهواء الذاتية والمصالح الحزبية الضيقة التي لا زالت تسيطر على تفكيركم، ويبدو أنها ستبقى كذلك لفترة غير قصيرة، نقول لهؤلاء لو أنكم ابتعدتم قليلاً عن مواقعكم هذه، واقتربتم من حقيقية ما يجري على أرض الوطن وغلبتم مصلحة الشعب اليمني على أي مصالح أخرى لتهيأت لكم فرصة إدراك حقيقة المتغيرات ولأبصرتم الأمور على نحو مختلف.
ما يجري في اليمن أيها السادة المعارضون هو نتيجة حتمية إما لمواقفكم المتخاذلة من ثوابت الأمة (الجمهورية، الوحدة، الديمقراطية) التي ترمون بها عرض الحائط في سبيل تحقيق مصالح سياسية زائلة. فهان عليكم إما دعم قوى الأمامة والرجعية التي تطل برأسها علينا من صعدة في ثوب جديد، وبدعم أعداء الوطن . أو دعمكم الذي لا يمكن تفسيره لما يسمى “بحراك الجنوب” الذين أعلنوا جهاراً نهاراً مواقف معادية للوحدة، وتنكروا التاريخ هذا الشعب العظيم، وأئمة اليوم، ودعاة الفرقة والتمزق هم خصوم حقيقيون للوطن اليمني، للشعب اليمني، ولتاريخه وإنجازاته خلال العقود . وأهمها الوحدة اليمنية والوقوف في المناطق الرمادية، وعلى مسافات من الجمهورية، ومن الوحدة، هو موقف لا يسمح وما تدعونه.
تهمة إلقاء تبعات ما يواجهه الوطن من صعوبات، ومشكلات على الرئيس فيه قدر كبير من الافتراء على الحقيقة ومغالطة للذات. أنتم قبل غيركم تدركون ما للرئيس من رصيد ضخم من الإنجازات الوطنية، بدءًا من تحقيق استقرار اليمن . وقيادته إلى آفاق أرحب في البناء، وصولاً إلى الوحدة الذي له دون غيره فيها القدح المعلّى. وكل محاولة لتشويه هذه الحقائق لن تجدون إلا القليل الذي يمكنكم إغوائهم أو تشويه وعيهم، فشخص مثل الرئيس علي عبد الله صالح له هذا الكم الهائل في الإنجازات الكبرى لن تؤثر عليه هذه الأكاذيب أو الإدعاءات الرخيصة ويكفي علي عبد الله صالح أنه صاحب إنجازين عظيمين، منجز الوحدة، ومنجز الديمقراطية الذي تنعمون في ظلها بهذا القدر الكبير من الحرية والحقوق والتي أضحت نموذجاً للتقدم الديمقراطي في بلدان العالم الثالث مع مالهذا النموذج من نواقص وثغرات . هذه الحقائق هي التي تجعل شعب اليمن يجدد العهد تلو العهد لهذا الزعيم الكبير، ويمنحه ثقته في كل دورة انتخابية ونذكركم بأنكم قد اعترفتم نتائجها، وباشر زملاؤكم في مجلس النواب وآخرون في الشورى عملهم في هذه الهيئات.
إنكم تبحثون عن أسباب وأفكار تحاولون بها تورية سوءاتكم في السياسية، وسوءاتكم في الممارسة الديمقراطية. وترمون أخطاءكم على الرئيس. كما ترمونها على المؤتمر، الذي أثبتت الأيام أنه الأجدر بثقة الجماهير. لوضوح مواقفه، وصواب سياساته، وصدق برامجه والكمال لله وحده.
موقف إنتهازي
> البعض يرى بأن توقيت المشترك لإعلان وثيقته تلك يعكس نزعة انتهازية ونوايا تآمرية.. إلى أي مدى يبدو لكم مثل هذا التحليل يتطابق مع حقيقة تفكير المشترك؟
>> للأسف هناك قدر كبير من الحقيقة في مثل هذا الاعتقاد. يؤكد هذا أنهم قد اختاروا وقتاً لإعلان وثيقتهم تلك في وقت تمر فيه البلاد بأخطار حقيقية، هناك صراع حقيقي يجري بين دعاة العودة إلى الماضي البغيض، الأمامي، والتشطيري الانفصالي من جانب، وبين الغالبية العظمى من أبناء الشعب المتمسكين بهويتهم الجمهورية، ودولتهم الموحدة من جانب آخر. والموقف من هذا الصراع إذا لم يتسم بالوضوح والصراحة ضد كل مشاريع العودة إلى الماضي، هو موقف انتهازي رخيص وشعبنا يدرك حقيقة مثل هذه المواقف.
الرغبة في الوصول إلى السلطة، على أننا لا ننكر هذا الحق لهم ولغيرهم، تجرهم إلى ثقافة كراهية الآخر المغاير، وهذه الثقافة تجد تفسيرها في تاريخ متواصل في الهزائم، لأطياف المشترك بدءاً من هزيمة الملكيين، ومروراً بهزيمة الانفصاليين، ووصولاً إلى الديمقراطية التي هزمت ذوي النزعات الماضوية.
مصالح أنانية
> بماذا تفسرون موقف المشترك المتماهي مع ممارسة عصابة التمرد الإجرامية بمحافظة صعدة؟
>> غابت المواقف الوطنية لدى قادة المشترك، وحضرت المصالح الحزبية بل وتغلبت على كل تفكيرهم السياسي. ولهذا حدث هذا الخلل الذي لا يفرق بين المصالح العليا للوطن - بصرف النظر عمن يحكم - وبين المصالح الضيقة الأنانية. هم لا يفكرون إلا بالوصول إلى السلطة . وليتهم يفعلون ذلك عبر التفكير في صوت الناخب وصندوق الاقتراع. لكنهم لا يفعلون ذلك، يمارسون السياسة كوسيلة لتحقيق المصالح التي تحقق لكل طرف من أطراف تحالفهم قدراً من الرضا، وليس كوسيلة للارتقاء بالممارسة الديمقراطية والتي تحمي الوطن والشعب اليمني من خصومه وأعدائه وتسمح بتداول سلمي للسلطة.
أصدقاء الحوثي
> أهذا يجعلهم ينظرون الى أهداف التمرد كورقة ضغط؟
>> هذه النظرة سهلت لهم النظر إلى المتمردين في صعدة دعاة الحق الإلهي، أعداء الشعب والوطن . كأصدقاء وحلفاء. وبئس بهم من أصدقاء، وبئس بهم من حلفاء، صداقة الحوثي والتباكي عليه هذه الأيام من قبل المشترك، هي في الاتجاه الآخر خصومة مع الوطن ومع الشعب. وليت بعض أطراف المشترك ممن عرفوا بمواقف وطنية أو قومية سابقة، يصعب نكرانها أن يستيقظوا مما هم فيه من هوان . تجرهم إليه أحزاب لم تعد تخف انتماءها إلى ذلك الماضي البغيض، ماضي رجعي كهنوتي متخلف. الحوثي حركة تمرد رجعية إمامية، تقتل، وتنهب، وتدمر، والشعب يدرك هذه الحقيقة مهما حاولت وسائل إعلام المشترك تغييب هذه الحقيقة، فلن تتمكن من تزييف الوقائع.
نرفض الفوضى
> كيف ينظر المؤتمر الشعبي العام إلى ما تقوم به بعض الاطراف السياسية في المعارضة من عقد مؤتمرات وتشكيل مجالس تشاورية ولجنة حوار ومشاريع إنقاذ في حين أن الوطن بحاجة إلى إصطفاف أبنائه لمواجهة عصابة التمرد والتخريب الحوثية؟
>> لا تقلقنا أية ممارسات ديمقراطية، فنحن حزب يحترم الدستور والقوانين النافذة. وقد كان لنا شرف صياغة النظام السياسي الديمقراطي القائم، وهذا الإدعاء ليس فيه غرور ولكنها الحقيقة . كما أننا في المؤتمر نقدر لقيادتنا، والرئيس الصالح تحديداً هذا الانتماء الوطني الديمقراطي، الانحياز للشعب، ونثق به ونمضي خلفه بثقة، لذلك كل من أحترم الدستور، ومارس حقوقه الدستورية في هذا الفضاء الديمقراطي سوف يكون محل احترام من جانبنا.
نحن نرفض الفوضى التي تمارسها بعض أطراف العملية السياسية، كما نرفض كل الصيغ التي تستغل الديمقراطية، وسقف الحريات المرتفع في بلادنا للانقضاض على ما هو جميل في تجربتنا الوطنية. كأن تستخدم القبيلة للانقضاض على المجتمع المدني والدولة المدنية، فمثل هذا السلوك ظهر في تجربتنا الديمقراطية، ولا زال يظهر في أشكال مختلفة حيناً بعد آخر. لكن شعبنا رغم ما يرافق هذه الأشكال من ضجيج إعلامي، واستخدام لغطي للمقولات يدرك الحقائق، ولا أظن بأن أحداً سوف تنطلي عليه تلك الممارسات.
لو كان النظام السياسي في بلادنا نظاماً غير ديمقراطي، لوجدنا لهؤلاء عذراً. أما أن يكونوا ضمن أحزاب بل بعضهم قياديون في أحزابهم على مستوى عال فقيام هذه الملتقيات فيه التفاف على الديمقراطية ذاتها، فيه محاولة للاستقواء بالقبيلة، واستغلال غير مسؤول لفضاء الديمقراطية المتاح.
هيبة الدولة
> ما هي رؤية المؤتمر في مواجهة الصعوبات والتحديات التي يتعرض لها الوطن في ضوء التصدي لعصابة التمرد والتخريب والإرهاب في محافظة صعدة والتحركات المشبوهة المعادية للوحدة؟
>> سوف يتصدى شعبنا بكل قواه الوطنية لهذه المؤامرة الدنيئة التي تغذيها مواقف المشترك المتخاذلة في الداخل. وتدعمها قوى إقليمية تريد تحقيق مصالح لها في اليمن عن طريق إثارة الإتباع المأجورين. حركة الحوثي حركة تمرد على الدولة، على الوطن، على الشعب اليمني، ولذلك يؤيد المؤتمر الشعبي العام، وكل حلفائه من أبناء الوطن المخلصين- أحزاباً ومنظمات وشخصيات اجتماعية، وعلماء، وشيوخ، وشباب، نساء- سياسة الحكومة في التصدي للتمرد.
نحن ندعم سياسة قمع التمرد، ونزع سلاحه، لأن بقاء السلاح بيد المتمردين يخالف مصالحنا العليا، ويعد خروجاً على الدستور والقانون. فليس لأحد أىًّ كانت إدعاءاته حق حمل السلاح في وجه الدولة، والاعتداء على المواطنين، ومحاولة الاستيلاء على الأرض، وهذا ما يفعله الحوثي وأتباعه. ولذلك لابد للدولة أن تبسط هيبتها على كل الأرض اليمنية، وأن تستعيد المناطق التي سيطر عليها المتمردون بقوة السلاح، أن تستعيدها بقوة السلاح أيضاً. لقد تمادى الحوثيون عليها وعاثوا فيها فساداً. وواجب الدولة هو أن تعيدهم إلى جادة الصواب وهذا ما تقوم به الحكومة ممثلة بقواتها المسلحة برجالها الأبطال. الذين يستحقون منا كل التقدير والاحترام والدعم والمساندة المادية والمعنوية في مهمتهم الوطنية هذه . كما يستحق الشهداء منا أن نضعهم في قلوبنا وعقولنا وأن نقف احتراماً وإجلالاً لتضحياتهم الجسيمة.
الاحتكام للقانون
> هناك من يدعو إلى وقف المواجهات في صعدة مع عناصر الفتنة التخريبية الإجرامية الحوثية دون أن يطالبوا هذه العصابة الخضوع للدستور والقانون وتنفيذ شروط اللجنة الأمنية الستة.. في أي سياق تأتي هذه الدعوات المشبوهة؟
>> هؤلاء هم أصحاب المصالح الضيقة، إما مصالح شخصية، أو حزبية.. وطالما قد غلبوا مصالحهم الأنانية على المصلحة العليا للوطن، تتساوى عندهم المواقف والرؤى، وهذا للأسف ما ينطبق على مواقف بعض قادة المعارضة، هذه الدعوات ربما انطلت على بعض البسطاء، وربما وجد هؤلاء من يعتقد بحسن نواياهم، لكننا في المؤتمر كنا ندرك أن هذا البعض إنما يسعى لمصالح خاصة به، أو حزبية، وكنا نقول أن هؤلاء هم نموذج للانتهازية السياسية، في بلادنا . وإلا كيف يجرأون على دعوة الحكومة إلى وقف الحرب. دون أن يقولوا أولاً لحليفهم الحوثي المتمرد الذي يقتل الأطفال والنساء أن يعود عن غيه، ويلقي السلاح، ويكف عن المساس بأمن الوطن والمواطنين. نحن ندعوهم أن بقي لهم وازع من ضمير أن يدعوا أصدقاءهم المتمردين الى الالتزام بالنقاط الست، والنزول من الجبال، وإلقاء السلاح والاحتكام للقوانين النافذة.
لقد دفع الوطن كثيراً بسبب هذا التمرد، وتعطلت التنمية، ولحقت بأهلنا في صعدة أضراراً كبيرة في الأرواح والأموال. والدعوة الآن إلى وقف القتال ضد الحوثي، قبل أن يقر بالشرعية الجمهورية، ويقبل بالنظام الوطني الديمقراطي . ويلتزم بالنقاط الست هي دعوة باطلة.
> بدون شك أن هناك تداعيات لأية استجابة لوقف العمليات العسكرية ضد المتمردين.. كيف يمكن الرد على مثل هذه الدعوات من أطراف داخلية وخارجية؟
>> لا أظن أن العمليات العسكرية سوف تتوقف قبل أن تحقق هذه العمليات أهدافها على الأرض. ويصبح في الإمكان البحث في طبيعة المشكلة تحت مظلة الدولة، وباعتراف تام من قبل المتمردين بالنظام الجمهوري، وبالوحدة وبالديمقراطية كحقائق وخيارات ثابتة ترتقي عند شعبنا إلى مستوى الخيارات التاريخية.
لا خيارات اخرى
> ماذا تعني دكتور بهذا الطرح.. أيمكن أن توضحوا اكثر؟
>> هذه المرة نحن في مفترق طرق إما تنتصر الثورة على فلول الأمامة من جديد. وتحافظ على نظامها السياسي، ودولتها الموحدة. وإما أن تطهر حقائق أخرى على الأرض. وليس أمامنا خيارات أخرى. شعبنا يدرك هذه الحقيقة، وهذا هو السر فيما تلاحظونه من دعم لفخامة الأخ الرئيس، وللمؤتمر ولكل القوى الخيرة، وهذا هو السبب في الدعم اللامحدود الذي تتلقاه القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، ومثله واضح في القوافل الشعبية الداعمة لضحايا جرائم الفتنة الحوثية هذه الحرب إذا لم تنه بهزيمة عسكرية واضحة للمتمردين، فإن علينا أن نستعد لما هو أسوأ، وعلى العالم من حولنا أن يدرك أن الضرر سوف يتجاوز اليمن إلى غيره.
ثقتنا كبيرة
> مهما كانت التضحيات؟
>> هناك مصلحة وطنية عليا خلف قرار القيادة السياسية في وضع حد لهذا التمرد أياً كانت التضحيات والخسائر. وثقتنا كبيرة في تحقيق النصر. والمتمردون لم يفقهوا حقائق التاريخ. التي تؤكد غالباً انتصار الدولة والشعب على كل تمرد مهما كانت مبرراته السياسية أو الاجتماعية أو الإيديولوجية.
من ذات العجينة
> اختلطت أهداف الدعوات المناطقية الانفصالية بالدعوات العنصرية المذهبية حتى بدى أن الغايات والمرامي واحدة في زعزعة أمن واستقرار الوطن ووحدة أبنائه.. ما قراءتكم لهذا التلاقي والتداخل؟
>> هي لم تختلط، هذا تعبير غير دقيق هي متحدة وموحدة بهدف إسقاط الجمهورية والوحدة، والعودة إلى ما قبل الثورة اليمنية (سبتمبر وأكتوبر) هؤلاء المتآمرون الذين يرفعون شعار الأمامة والحق الإلهي هم من ذات العجينة التي كونت دعاة الانفصال وفك الارتباط، والعودة إلى ما قبل الوحدة المباركة.
تركة التخلف
> لكن هناك من يسوق لهم الذرائع والمبررات؟
>> هؤلاء جميعاً يستغلون صعوبات التطور في بلادنا. والتي تراكمت لعدة عوامل، منها تركة التخلف الثقيلة عن الفترة الإمامية والعهد الاستعماري. ومنها نقص الموارد وشحتها، ومنها الحروب المحلية، والتدخلات الإقليمية المعادية، لكن هؤلاء ينسون أو يتناسون أن اليمن قد مر بظروف شبيهة وعانى كثيراً، لكن الجمهورية والوحدة انتصرت في معارك كبرى، وحصار السبعين، وحرب الانفصال 1994م، خير شاهد على عظمة هذا الشعب. الذي آمن بحقه في حياة حرة وكريمة، وضحى كثيراً من أجل مستقبله ومستقبل أجياله.
إذاً فأعداء الحياة أعداء التقدم مهما باعدت بينهم الجغرافيا هم متحدون دوماً. وهذا ما يحدث في بلادنا، حيث تتحالف إمامة رجعية كهنوتية بثوب جديد. مع دعاة الانفصال، ودعاة فك الارتباط الذين لم يتعلموا قط من مدرسة الحياة، ولم يتعظوا من خبرات الماضي.
الغاية تبرر الوسيلة
> في مؤتمر إعلان المشترك عما تمخضت عنه لجنة حوار مجلسه التشاوري كررت بعض القيادات أسلوب التناول المتسم بالاستهداف الشخصي ومحاولة إكساب أحقادها بعدا خارجاً عن سياق التعاطي السياسي الجدي.. إلى ماذا يمكن إرجاع ذلك؟
>> فاقد الشيء لا يعطيه،.. نحن في المؤتمر لن ننزل إلى مستوى خطابهم السياسي، وما ذهبوا إليه في تشخيص واقع البلاد هو محاولة لتشويه الحقائق، والكذب الصريح على المواطن، الغاية عندهم تبرر الوسيلة للأسف، وطالما غابت الحقيقة، لدى قادة المشترك، فقد أصبح كل شيء مباح، هم يمارسون المقولة، أكذب ثم أكذب، ثم أكذب حتى تجد من يصدقك هذه هي سياسة إعلامية ودعائية تعودوا على ممارستها في السنوات الماضية، وقد جربوا أنها لا تجدي نفعاً.
ضحالة التفكير
> ما هو تقييمكم لهذه الوثيقة؟
>> وثيقتهم التي لم تحمل رؤية في الواقع بقدر ما عكست ضحالة في التفكير السياسي.. وقد أرادوا الإساءة إلى الأخ الرئيس، لكنهم لا يدرون بأنهم في كل مرة يحاولون تشويه تاريخ الرجل وإنجازاته، وكلما ازدادوا كذباً ازدادت الجماهير تمسكاً به، لثقتها بأنه إنما يفعل ما يستطيع فعله من أجلها. ومن أجل الوطن.
النفوس الخبيثة
> الى هذا يمكن إرجاع شخصنة القضايا؟
>> لو أنهم نظروا إلى الرئيس بموضوعية، لأدركوا الحقيقة التالية أن كل حالة في السياسة إنما تحمل في طياتها ما هو إيجابي وما هو سلبي في ذات الحين وحالة التطور التي تمر بها بلادنا إنما تترجم هذه الحقيقة. هناك إيجابية عظيمة لا تراها عيونهم، أو تراها ولكن النفوس الخبيثة لا تعترف بها . وهناك صعوبات تعترض سير بناء الدولة الموحدة الديمقراطية، والتي له شرف قيادتها، وهذه الصعوبات تلقي أحياناً بظلها على حركة المجتمع وعلى تطوره، وقد تؤثر سلباً في حياتنا . لكن تبقى حقائق كبرى لا يجوز لهم نكرانها. فمسيرة عمرها أكثر من ثلاثين عاماً لا يمكن أبداً أن يوصف قائدها هكذا كما ورد في وثيقة الرؤية المشتركية، والتي تخلو في الحقيقة من الصدق، والتناول الموضوعي للتطورات.
ركام الحقد
> بماذا يمكن تفسير هذا الطرح؟
>> لقد أفرغ قادة المشترك حقداً شديداً في هذه الوثيقة على الرئيس وعلى تجربته في الحكم، وعلى المؤتمر، وعلى كل الوطنيين الشرفاء. ظناً منهم أن ذلك يمهد لهم الطريق نحو السلطة . أو أن ذلك يكسبهم ثقة الشعب . وسوف يكتشفون لاحقاً أن الشعب اليمني الذي عرف علي عبد الله صالح شاباً يافعاً مقاتلاً في صفوف الثورة اليمنية مدافعاً عن نظامها الجمهوري عندما أحاط بعاصمته الأماميون، والعملاء، والخونة من كل مكان، حتى أنتصرت. قائداً عسكرياً مخلصاً محباً لوطنه، ورئيساً وهب جل وقته لخدمة شعبه، وحدوياً مؤمناً بالوحدة قدراً ومصيراً للشعب اليمني ساعياً بثبات وصبر وحكمة لتحقيقها، ومدافعاً جسوراً عن نظامها الديمقراطي.. هذا الشعب الوفي والأبي والعظيم سوف يحفظ لعلي عبد الله صالح كل هذا . وسيذكره كأبرز زعمائه في تاريخه الحديث والمعاصر. وأكثرهم عظمة، وحكمة وقدرة على العطاء. في الوقت الذي سوف يختفي هؤلاء جميعاً خلف ركام أحقادهم وأضغناهم، وسوف يتكشف من مضى خلفهم كم هو حجم الكذب الذي مارسه هؤلاء عبر وسائلهم العديدة . في أجواء كان لعلي عبد الله صالح -وهذه حقيقة- شرف الإسهام في صنعها حقيقة وهي الممارسة الديمقراطية.
لقد بحثوا في جذور المشكلات ولأنهم افتقدوا قاعدة في التفكير تعيد الأمور إلى نصابها ونصاب الأمور وقاعدتها هي المصالح العليا للوطن، فقد تاهوا في البحث، وفقدوا الرؤية الموضوعية، حتى أنهم استساغوا الهجوم على الجمهورية – بعضهم على الأقل – وحاولوا تشويه منجز الوحدة – بعضهم على الأقل – وتلك هي مشكلتهم . فنحن لن نستطيع أن نعيد لهم القدرة على البصر، فقد أصيبوا بعمى ألوان شديد.
وعندما حاولوا تقديم المعالجات، لم يتمكنوا في تقديم جديد ولجأ مثقفيهم إلى وثائق المؤتمر الشعبي العام، وأخذوا من برنامج الرئيس أفكاراً ، بدى لهم الأخذ بها مناسباً ولكنهم لم يقولوا أنهم أخذوها عن برنامج الرئيس . ظناً منهم أن أحداً لن يتمكن من اكتشاف هذه الحقيقة.
تشويه المواقف
وثيقتهم تعكس أموراً عديدة، فإلى جانب أنها ليست رؤية بقدر ما هي محاولة لتشويه مواقف الآخرين . فهي بذات الوقت تعكس جملة من التناقضات الظاهرة والمستنيرة التي يتألف منها المشترك، وحلفاؤهم الجدد وهي تظهر قدراً من الغموض في تناول القضايا الوطنية . لقد تباكوا كثيراً على الحوثي، ودعاة الانفصال . لكن قليلاً ما تناولوا قضايا الوطن والوحدة، ومشكلات التطور الاقتصادي والاجتماعي، وإن حدث ذلك فمن زاوية واحدة فقط هي الإساءة للرئيس، وللمؤتمر وحلفائه.