يحيى نوري -
ماذا بعد فتنة التمرد؟ سؤال يضع اليوم نفسه بقوة ويحتاج منا جميعاً إلى إجابة شافية له تحدد بدقة متناهية ملامح وآفاق العمل الحكومي القادم في إطار المناطق التي شهدت عبث المتمردين من قتل للمواطنين وتخريب لكل مظاهر الحياة؟ ومن تهديد صارخ للأمن والسلام الاجتماعيين واستهداف رخيص لانجازات شعبنا في الثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية.. الخ من الاشراقات اليمانية التي تحققت في ظل مسيرة الثورة الظافرة واضحت تعم كل ربوع الوطن..
سؤال لاريب كبير ولايحتاج إلى أية ارتجالية في الاجابة عليه بل يحتاج إلى اجابة تستند على رؤية علمية دقيقة تشكل الصورة الكاملة لحدث الفتنة والتمرد والأسباب والدوافع التي أدت إلى قيامها ومكامن القصور التي شابت الأداء الحكومي ومن ثم استغلال هذا القصور من قبل العناصر المتمردة في السير باتجاه تحقيق أهدافها ومآربها الهدامة.
سؤال، الإجابة عليه تحتاج من وجهة نظري إلى ندوة وطنية موسعة تشارك فيها مختلف الفعاليات الإبداعية ومختلف المختصين والمهتمين ليشاركوا جميعهم في تقديم الصورة الكاملة والحقيقية لطبيعة العمل المستقبلي الحكومي والمدني في التعاطي مع آثار ومخلفات التمرد وفي وضع حد حازم وقوي حتى لايتكرر ما حدث وحتى لاتظل أماكن عدة في الوطن اليمني ملاذاً لكل عناصر التطرف والإرهاب تنطلق من خلالها باتجاه استهداف الحياة اليمنية عموماً.
وأذكر هنا ان حكومة عبدالقادر باجمال وعلى أثر الانتهاء من الحرب الأولى التي خاضتها قواتنا المسلحة والأمن في مران واستئصالها لرأس الفتنة المقبور حسين الحوثي كان لها أي الحكومة ان شكلت فريقاً وزارياً اسندت له حينها مهمة اجراء دراسة شاملة وكاملة لدراسة كافة المناطق النائية والأكثر تخلفاً في الوطن حتى يتم التعاطي من قبل الحكومة مع هذه المناطق برؤية أكثر وضوحاً وحتى تجعل من التنمية لهذه المناطق سلاح ذو حدين لمواجهة التطرف خاصة وان عناصر التطرف والغلو والإرهاب تستفيد من واقع هذه المناطق وتعمد على القيام باستغلال رخيص لظروفها التنموية وافتقادها للعديد من الخدمات ومنها التعليم والصحة وعدم وجود الطريق للقضاء نهائياً على حالة العزلة التي تعيشها بفعل فظاعة التضاريس الجغرافية وبفعل ضعف الاداء الحكومي في تلبية احتياجاتها.
وللاسف ان هذه الخطوة الحكومية والتي استبشر بها الكثيرون يومها لم تجد طريقها الى التنفيذ والبلورة إلاّ انها ومع ذلك مثلت خطوة مهمة في الطريق الصحيح لانقاذ المناطق النائية من عبث الارهابيين والمخربين وهي خطوة بالرغم من اهميتها هذه لابد على الحكومة اليوم ان تواصل جهودها في هذا الاتجاه من خلال رؤية شاملة لهذه المناطق بأسلوب علمي كما أشرنا من خلال ندوة موسعة مهمة نسهم في اثراء محاورها حتى تشكل الصورة الكاملة لما ينبغي على آلحكومة والمجتمع المدني ان تقوم به في المستقبل المنظور وفي اطار مشاركة كاملة وواسعة لمختلف الفعاليات، حتى يتم انقاذ هذه المناطق من ويلات التخلف وويلات العناصر المتطرفة وتلك مهمة باتت اليوم تمثل اتجاهاً اجبارياً لم يعد قابلاً للارجاء والتسويف من قبل اياً كان بل وتفرضها بقوة للحياة اليمنية وما تشهده من تحولات ومتغيرات متسارعة وكذا منطق الثورة التي قامت باهدافها ومبادئها لتخلص الوطن من كافة مخلفات الائمة والاستعمار من التخلف والفقر والمرض والجوع.. وبتحقيق هذا التوجه الايجابي باتجاه تنمية المناطق النائية والبعيدة نكون قد أوصلنا الى هذه المناطق زخم الثورة وعطاءاتها ووضعنا المداميك القوية لأمننا الوطني والقومي، وهيأنا لوطننا المزيد من الانطلاق.