محمد الجرادي -
نقدر صدمة بعض زملاء المهنة الذين فاجأتهم خيبة المشترك واكتشفوا الوهم الكبير الذي صنعته في مخيلاتهم قيادات هي في الأساس "منتهية الصلاحية« ولم يعد في وسعها غير اضفاء الوهم على نفسها وعلى الآخرين، حين بالغت في تقديرها لذاتها وحاولت تجييش المشاعر البريئة وراء أوهام وزيف الشعارات وإخفاء حقيقتها التي تؤكد انسياقها وراء مصالحها الشخصية والضغط على استمرارية هذه المصالح عبر اختلاق التأزيم واظهار المواقف الكلامية المتشنجة ضد "الحاكم" في مختلف الظروف السياسية.
ولعل من حق هؤلاء الزملاء وخصوصاًَ المتحمسين "جدا" في طابور المشترك ان يغضبوا.. ان يصوبوا لعناتهم على قيادات هي تعرف حقيقة حجم وجودها في المشهد العام مسبقاًِ، وتعرف انها مهما بدت عضلاتها المفتولة فإنها متراخية ومتهالكة ومع ذلك تكابر ان تعترف بحقيقتها ومقامرتها المفضوحة على "النضال والتغيير"..!
أما عن قبولها بنتائج الانتخابات فهو أمر واقع ومثبت من قبل ارادة الناخبين الذين رفضوها ولم يكن من سبيل أمامها سوى الاعتراف والاقرار بهذه النهاية التي وصلت اليها ويكفي ان المواطن البسيط تكفل بمهمة وضع هذه القيادات أمام حجمها الطبيعي وهو أمر نعتقده كافياً بالنسبة للعقلاء داخل احزابها.
مهمة لابد منها
حتى لاتكون الديمقراطية مهمة موسمية فإن كافة الاحزاب السياسية معنية بوضع برامج عملية خلال المرحلة المقبلة تستهدف مجمل فعالياتها ومناشطها تأسيس وعي ديمقراطي حقيقي، يمكن الوصول من خلاله الى ان تكون الديمقراطية قناعة والتزام لا ممارسة قابلة للشك والتشكيك، او الالتفاف على مبادئها وقيمها.
والمؤشرات الايجابية التي أفرزتها المرحلة الانتخابية الاخيرة تحرض على تعاظم جميع الجهود في المنظمات الحكومية او الحزبية والمجتمع المدني عموماً من أجل تأصيل وتأسيس قيم الديمقراطية في وعي وثقافة وسلوك المجتمع، وهي مهمة يجب ان تستحوذ الاحزاب السياسية على وجه الخصوص الجزء الأكبر من مسئولية ادائها بدلاً من البقاء في دوائر التربص او النكايات الحزبية التي تضر بالعمل السياسي والديمقراطي وتقوض من ثقة المجتمع بجدوى الاحزاب والسياسة والديمقراطية ايضاً.