د. سعاد سالم السبع -
تأثرت جداً بخطاب الرئيس في الحفل الخطابي لعيد سبتمبر المجيد، وأظن أن أي مشاهد أو مستمع، لا شك قد لمس صدق الرئيس، وكراهيته للحرب،أحسست به مضطراً للضغط على صفة التسامح التي تميز بها طوال حياته ليوقف الظالم عند حده، فقد استنفد كل وسائل الترغيب والترهيب ، وما عاد أمامه سوى خيار الحرب لإعادة الحق إلى نصابه.. لم يكن سعيداً بإعلان الحرب ، بل كان تساؤله حزيناً حينما قال: ماذا نفعل حينما لا يكون أمامنا إلا خيار الحرب لحفظ استقرار البلد ووحدته؟!! لقد كان الخطاب زاخراً بحزن الزعيم لما يحدث في يمن الإيمان والحكمة، وكان واقعياً حكيماً خاطب كل يمني -مع السلطة أو ضدها- يريدهم أن يكونوا فاعلين لتحقيق النصر على أنصار الفتنة من أجل التنمية، لأن النصر سيكون للجميع، والهزيمة لن تكون إلا للمتمردين والمتخاذلين...
كان الخطاب المناسباتي الأول الذي يركز الرئيس فيه على همّ واحد هو هم الفتنة؛ وهو هم لم يترك مساحة للحديث عن أي موضوع آخر على الرغم من أهمية الموضوعات الأخرى.. فالرئيس يدرك كل الموضوعات، ولكنه يعرف أن كل الموضوعات لن تسير على ما يرام إلا بعد القضاء على الفتنة، الرئيس يعيش في بيت كبير يسكنه أبناء اليمن قاطبة، ومثله مثل أي بيت صغير ..هل يستطيع قائد البيت أن يهتم بتوفير حاجات البيت وأهل البيت يتقاتلون؟! هل يستطيع أي أب أن يشعر بمشكلات كل ابن على حدة في ظل المعارك الأسرية كل يوم في البيت الواحد ؟!! لا شك سوف يكون هم الأب أو قائد البيت الأول هو إعادة الاستقرار إلى أجواء الأسرة ، ثم بعد ذلك يتم التفكير في الرغبات والحاجات والمتطلبات لكل فرد من أفراد الأسرة.. هذا هو حال زعيمنا معنا هذه الأيام ، ومن الظلم أن نتوقع منه ما يعجز عنه البشر كيفما كانت قوتهم..
و لو أن كل القراء بمن فيهم قادة الأحزاب والمفكرون والكتاب وقادة الرأي العام وحتى قادة المتمردين أنفسهم يعيدون قراءة خطاب الرئيس لوجدوا فيه من الحقائق ما يعيشونها يومياً، ويؤمنون بها في قرارة أنفسهم حتى وإن أعلنوا خلاف ذلك، لذلك لابد أن يسارعوا بإعلان مواقفهم مع الوطن، لأن الوقت اليوم لم يعد متاحاً للمكابرة والعناد، ولا يمكن أن يحقق أي شخص مصلحة سياسية بالتحريض ضد الدولة والوطن، لأن افتقاد الأمن ليس في صالح أي مواطن ، سواء أكان شريفاً أم غير ذلك.. إما أن نكون جميعاً مع الوطن أو ضده، والتاريخ سيحاكم كل خائن أو متخاذل مهما طال وقت الأزمة، وعلى كل متخاذل أن يدرك أن الوضع قد تغير، فلا يظن أحد أن يلعب على الحبلين، ويقف موقف المتفرج، لينظم في النهاية إلى من يحقق النتائج القوية ويدّعي مشاركته في الانتصار.
في بلاد العالم كله يجتمع الناس على أهداف ، ويضعون معايير ويعملون في ظلها، مهما كانت العداوات بينهم ، ومهما تأججت الخلافات يعملون معاً لتحقيق الأهداف التي تحفظ لهم قوتهم، وكيانهم ودولتهم واستقرارهم ضد العدو الخارجي، ويسلمون بالحق حتى وإن كان آتياً من أشد الناس عداوة لهم، لذلك يبنون دولهم، فهم في العمل فريق واحد ، وخارج العمل كل له رأيه ، وتكتله، وحتى عداوته ونزواته، المهم ألا تصيب تلك الاختلافات ما يتصل بالأهداف المتفق عليها فيما بينهم لحفظ كيان الدولة والمجتمع..
اليمن اليوم تمر بأزمة عصيبة ، تتطلب منا أن نكون معاً، فيجب أن يسكت المنتقدون، ويشمعوا ألسنتهم وأقلامهم بالشمع الأحمر، كما إنه ليس من الذكاء ولا من الموضوعية أن نطالب بالتنمية وتحسين ظروف المعيشة في ظل محنة يعيشها المجتمع، وتكابدها الدولة، ويواجهها أبطال القوات المسلحة والأمن دون أن نكون واضحين في مواقفنا، فكيف يتجرأ أي يمني أن يحدث نفسه حتى حديثاً سرياً بهزيمة الجيش في حربه ضد الفتنة؟!!
نكون مع الجيش من أجل الاستقرار والتنمية أو لا نكون فنخرس ، ونجرجر أذيال الخيبة والانكسار، التنمية لن تعود إلى الواجهة ما لم ينتصر الجيش على فتنة (الحوثة).
الجيش منا وفينا، فهو يمني الجنسية والانتماء، وما من أسرة يمنية إلا ولها أفراد في الجيش بغض النظر عن موقفها من السلطة، فهؤلاء هم أبناؤنا وجنودنا، وينتظرون دعمنا جميعاً، وقد أثبتوا بإيمانهم بالله وبدفاعهم عن الحق أنهم مع الوطن، وبتأييد الله وبدعم آبائهم وأمهاتهم وإخوانهم وأخواتهم في اليمن من أقصاه إلى أقصاه، سوف ينتصرون ، وإن غداً لناظره قريب....
(#) كلية التربية - جامعة صنعاء
[email protected]