ناصر محمد العطار -
لم يعد من مجال للجهل أو الانجرار وراء المتجاهلين للمفاهيم والمقاصد والآليات ذات الصلة بتطبيق الديمقراطية بعد أن نمت وترعرعت كثقافة وكرست منهجاً وسلوكاً لدى أغلب الأفراد ومنظمات المجتمع المدني والأمم والشعوب ومنها شعبنا اليمني.. وخلال عقدين من الزمن بدأ الشعب بممارسة حقه في الاستفتاء بـ«نعم» لوحدته ودستور عملها ثم الانتخابات العامة الرئاسية والنيابية والمحلية وعلى مستوى الأنشطة الداخلية لكافة منظمات المجتمع المدني..
ومع كل هذا، فما يؤسف له ويؤرق الجميع هو استمرار المتنفذين في اللقاء المشترك في تصرفاتهم لتشويش الرأي العام من خلال زخارف التقولات غروراً واستخفافاً بوعي البسطاء ظناً منهم أن الشعب قد ربط مصيره بتحقيق اهدافهم في تقاسم السلطة دون الرجوع إليه ووفقاً لمن سيختارهم من المرشحين- حزبيين أو مستقلين- للانتخابات النيابية 2011م.. خاصة وان اتفاق فبراير لم يعد نافعاً لهم بعد أن تحققت أهدافهم بتأجيل الانتخابات النيابية بتعطيل بنود الاتفاق.. فبعد مرور أكثر من ثلث الفترة التي حددت للحوار وتقديم مشروع التعديلات الدستورية ثم التهيئة لإجراء الانتخابات في إبريل 2011م، دون تحقيق أو انجاز أي نشاط سوى التصرفات السالبة والأفعال التي من شأنها الحيلولة دون الاحتكام للشعب وتمكينه من مواصلة حكم نفسه بنفسه، ولكل ما ذُكر وحتى يجنَّب الوطن من الوقوع في الويلات والشرور نضع الجميع أمام الوقائع المشهودة والموثقة والتي تصب جميعها في نكران احزاب المشترك ورفضهم للديمقراطية وأبرز الدلائل على ذلك مايلي:
1- عدم القبول بنتائج صناديق الانتخابات والالتفاف أو الانقلاب عليها، فما حدث بعد إعلان نتائج انتخابات 1993م، وتوقيع اتفاقية الائتلاف بتاريخ 24 / 5 / 1993م، بين المؤتمر الشعبي العام والإصلاح والاشتراكي، الحاصلة على أعلى المقاعد في البرلمان فقد تم تحديد أُسس ومنطلقات والتزامات الاتفاق بالإيمان بالله وبالدفاع عن الثورة والوحدة والتمسك بالشريعة الإسلامية وبالتعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة وعلى ضوء ذلك تم تشكيل الحكومة برئاسة العطاس للعمل بصورة جماعية وما تلى ذلك من اتفاقات حتى اتفاق عمان، إلاّ أن الوضع آل للحرب وإعلان الانفصال صيف 1994م، ومواقف أخرى قصد منها التشكيك بالانتخابات وعدم التسليم ضمنياً بنتائجها.
2- تعمد أحزاب المشترك على إعاقة وتعطيل إجراء الاستحقاقات الدستورية في مواعيدها وتجهيل المواطنين بالحقوق الانتخابية بما في ذلك منعهم من ممارسة حقوقهم في قيد اسمائهم بجداول الناخبين وبقوة السلاح كما حدث خلال أعمال القيد والتسجيل عام 2008م، ومن وسائلهم المعيقة مايلي:
- تعطيل وإعاقة تشكيل اللجان الانتخابية والتشكيك بعدم حياديتها في تلك اللجان وعدم التسليم بأعمالها رغم انه قد تم الاتفاق على نسب لكافة الأحزاب في تلك اللجان، وبرغم ذلك عملت أحزاب المشترك على إعاقة تشكيل لجان مراجعة تعديل جداول الناخبين عامي 2006،2008م.. وتجاوزت اللجنة العليا المشكَّلة باختيار رؤساء وأعضاء اللجان الاشرافية والأساسية والفرعية من المتقدمين للتوظيف عام 2006م ومن التربويين عام 2008م.
- إعاقة تشكيل اللجنة العليا للانتخابات رغم استقلاليتها دستورياً والاتفاقات المتعددة مع المؤتمر وبقية الأحزاب على تشكيلها، ففي اتفاق المبادئ الموقع بتاريخ 18 / 6 / 2006م بين كافة الأحزاب والتنظيمات السياسية والذي تضمن «12» بنداً نفذ عدد «11» بنداً من «1-11»، قبل الانتخابات الرئاسية والمحلية كان أولها تعديل المادة «19» من قانون الانتخابات بإضافة عضوين إلى قوام اللجنة العليا للانتخابات من عناصر المشترك، أما البند «12» فقد حدد تنفيذه بعد الانتخابات والمتضمن الاتفاق قطعاً على تشكيل اللجنة العليا للانتخابات من القضاة وذلك هو المطلب الذي اتفق عليه الجميع بل كان أشدهم مطالبة أمناء عموم المشترك خلال جلسات أعمال لجنة الحوار التي شكلت عام 2007م للحوار بشأن تنفيذ البند «12» من اتفاق المبادئ، يليه توصيات البعثة الأوروبية.. ووفقاً لوثيقة قضايا وضوابط الحوار بين الأحزاب والتنظيمات السياسية الممثلة بمجلس النواب والموقعة بتاريخ 16 / 6 / 2007م.. ثم محضر اختتام اللقاءات التشاورية للجنة الحوار التي تمت بمدينة عدن للفترة من 2 / 11- 8 / 11 / 2007م والذي تضمن القرارات التي خرجت بها اللقاءات والمتمثلة في تنفيذ اتفاق المبادئ، واستيعاب مبادرة فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية رئىس المؤتمر الشعبي العام بتطوير النظام السياسي وإجراء التعديلات الدستورية اللازمة..
وما تلى ذلك حتى تقديم مشروع تعديل قانون الانتخابات لمجلس النواب والاتفاق على تشكيل اللجنة العليا للانتخابات التي اعاقوا تشكيلها لأكثر من ثمانية أشهر وبمخالفة الدستور والقانون ومن خلال تورط نافذي المشترك بذلك، ومن ذلك ما أعلنه رئىس كتلة الإصلاح في مجلس النواب ممثل المشترك بتخلفه عن تقديم مرشحي المشترك للجنة العليا للانتخابات بعد أن أقسم في الجلسة السابقة على جلسة 18 / 8 / 2008م على موافاة مجلس النواب بأسماء ممثلي المشترك في اليوم التالي..
وأخيراً لابد من التأكيد ان الحاضر والمستقبل تتحكم به إرادة الشعب ومن خلال نبذه لدعاة الشر والفرقة الذين اثبتت أعمالهم أنها معادية لخيارات الشعب وضد الديمقراطية بل تتنافى كلياً مع أحكامها وإن تنصل المشترك اليوم عن تنفيذ اتفاقية فبراير يندرج ضمن رفض المشترك للعملية الديمقراطية..
إن الشعب بكافة شرائحه وأطيافه مطالب اليوم للعمل من أجل إجراء التعديلات الدستورية الهادفة إلى تطوير النظام السياسي وممارسة حقوقه في انتخابات مجلس النواب 2011م.. فذلك هو السبيل لتقويض وإجهاض كل المخططات والتآمرات التي تحاك به.