ابن النيل - ربما تكون المرحلة الزمنية الراهنة واحدة من المراحل التاريخية الصعبة والحساسة التي تتعرض فيها بلاد اليمن لخطر استهداف ما تتمتع به من دواعي الأمن والاستقرار بين ربوعها، ومن ثم.. التآمر على أنبل ما تحقق لإنسانها العربي في زمن مُنيت فيه أمتها العربية ككل بجملة من الانكسارات المتلاحقة والمضنية، على كافة الصعد والمستويات، حيث لم يعد هناك في سمائها كلها أية بارقة أمل من شأنها ان تمنح ملايينها ولو بعضاً من تفاؤل طال أمد افتقادهم إياه، كفاتحة لتمكينهم من امتلاك القدرة على استشراف ما يسعون إلى بلوغه في قادم أيامهم، إلى غير ذلك من حيثيات تأكيد حضورها الإنساني على خارطة الفعل الكوني من جديد، حيث السبيل الوحيد لاحتلالها مكانتها اللائقة بها بين غيرها من سائر أمم العالم بعد طول غياب.
ومن دواعي الدهشة والاستغراب.. أن اطرافاً خارجية بعينها لايروق لها أن تنعم بلاد اليمن هذه بما تتمتع به من دواعي الأمن والاستقرار على اتساع خارطة جسدها الجغرافي، قد أُتيحت لها فرصة تسخير قلة قليلة حاقدة ومغرضة من بني وطننا اليمني، لتحقيق مآربها ومراميها الرخيصة والمشبوهة، وهو ما يستوجب بالضرورة اصطفاف قواها الوطنية على اختلاف توجهاتها ورؤاها في مواجهة هذا الذي يجري على مرأى ومسمع من جميعها، متمثلاً في إثارة الفتن والضغائن بين أخوة الدم والعقيدة، ولحساب تلك الأطراف الخارجية المعادية لإرادة بني قومنا أينما كانوا.
بينما نجد البعض من بني جلدتنا مع الأسف الشديد، وكأنما هم بمنأى عن كل هذا الذي يجري من حولهم، لدرجة أن بدا البعض من هذا البعض.. وكأنما هم يقفون- دونما خجل أو حياء- في خندق مثيري الفتنة البغيضة إياها.. من جهة، ويباركون دعاة العودة إلى ماقبل الثاني والعشرين من مايو عام 1990م من جهة أخرى، ولأمرٍ في نفس يعقوب- كما يقولون، وهو مايعد في حده الأدنى نوعاً من الصيد في الماء العكر، إن لم يكن انعكاساً لما يرونه سبيلاً لتحقيق مصالحهم الذاتية أو الحزبية الضيقة والمحدودة، حتى ولو كان ذلك على حساب وطن بكامله، بغض النظر عن كونهم يتمتعون بشرف الانتساب إليه.
ونخشى ما نخشاه.. أن يأتي يوم نكتشف فيه أن لاحياة لمن ننادي.. وإلى حديثٍ آخر.
|