عنان شايع عز الدين٭ - ما حدث مؤخراً من اعمال تقطع في الطرقات واستهداف المواطنين الآمنين بعمليات القتل والنهب في بعض مديريات المحافظات الجنوبية تعد اعمالاً ارهابية تبعث على الأسى والحزن، لكنها لن توقف عجلة التنمية، ولن تؤثر في مسيرة الديمقراطية والوحدة والجمهورية والأمن والاستقرار، فثوابت ومنجزات الوطن اكبر واغلى واقوى من اية عمليات ارهابية أو تخريبية مدفوعة الأجر، من الحاقدين على اليمن لعملائهم ضعفاء النفوس، الذين باعوا ضمائرهم ووطنيتهم وخسروا أنفسهم، سيذهبون إلى مزبلة التاريخ، ويبقى اليمن شامخاً أبياً بأبنائه الشرفاء من كل أرجاء الوطن، ومن خلال التأمل في الاعمال الارهابية التي حدثت تلوح لنا بعض المعطيات التي لابد من الوقوف عليها بدءاً من التساؤلات عمن هي العصابات التخريبية التي تقوم بأعمال التقطع والنهب والاخلال بالأمن، ومن الدافع لهم، ومن يمولهم، وما مطالبهم وتأثيرهم على المواطنين وكيفية مواجهتهم وعلى من تقع المسؤولية في كبح جماحهم، وماهي الآثار السلبية لاعمال التقطع على التنمية والامن والاستقرار؟ ومن خلال التحليل لهذه المعطيات نجد أن تشكيل العصابات التخريبية من مجموعة من الاشخاص الناقمين على المجتمع والعاطلين عن العمل، وبعض الفوضويين المتعطشين للدماء، الذين سببوا للمجتمع الكثير من المآسي والتآمرات، وكان آخرها احداث 13 يناير في 86م، حيث تأثر هؤلاء الفوضويون على قيام الوحدة والتعددية الحزبية والانتخابات البرلمانية والرئاسية والمحلية، ولكن ذلك التحول الوطني والديمقراطي شكل ضربة قاضية للفوضويين والمخربين الذين يعشقون التخريب والدمار ولا يستطيعون العيش بدونها، وانتصرت ارادة الشعب للوحدة الوطنية والحرية والتقدم والتنمية والتسامح والاخاء ولكن هؤلاء المخربين يحاولون الظهور مجدداً مستغلين الاحداث التخريبية لمحافظة صعدة من عصابات التخريب والارهاب المنحرفة الذين باعوا ضمائرهم ووطنيتهم للحوزات الفارسية الحاقدة على موئل العرب عامة واليمن خاصة لاسباب تاريخية وشعوبية صفوية، ويتناسى المتآمرون من الداخل والخارج أن اليمن ظل عصياً ضد كل اعدائه محاطاً بعناية الله ودعوة الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي دعا لليمن بالرحمة والبركة وشهد لها بالحكمة والايمان، والواقع يؤكد ذلك ومهما بلغت أوهام المتآمرين سواء في بعض مديريات صعدة أوالضالع فإن الشعب اليمني أقوى من تآمرهم، ويبقى عصياً منيعاً عليهم بإيمانه بالله وبوحدته وديمقراطيته، واذا كان هناك بعض الشك من توصيف هؤلاء المخربين والاعتقاد بإن لهم اهدافاً مشروعة، فينفي ذلك انتهاجهم للعنف، فأي انسان صالح لا يقوم بالتقطع والقتل للمطالبة بحقوقه مهما كانت خاصة ونحن في بلد ديمقراطي يقوم على حرية الصحافة وانتخابات محلية ورئاسية وبرلمانية وقضاء محض ودستور وقانون يقدس الحريات في التعبير، ويحافظ على حقوق افراد المجتمع، وعندما نتأمل من نقطة الدافع لهذه العصابات التخريبية يتضح لنا أنهم بعض من فقدوا مصالحهم الشخصية، التي كانت قائمة على حساب الشعب، والذين قدموا مصالحهم الشخصية على مصالح وطنهم وشعبهم، وتدعمهم بعض الجهات الخارجية، والتي تصفي حسابات مع اليمن لمواقفه العربية والاسلامية الشريفة ولايجاد أوراق ضغط لها في المنطقة، ومنطقة نفوذ ولو على حساب دمار وأمن الشعوب الاخرى، مما يعد خرقاً للقانون الدولي ومواثيق الامم ودعماً وتحريضاً على الارهاب والعنف، وتستخدم بعض العملاء من المرضى النفسيين وتجار الأوطان، وهم قلة، وتتخذهم ادوات للاضرار بأوطانهم، فبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعقلون.
أما نقطة المطالب فيجب أن نفرق أولاً بين المواطنين الصالحين أصحاب المطالب أو الحقوق المشروعة، وبين عصابات التخريب، فالمواطن الصالح يطرح مطالبه على هيئات الحكومة المختصة أو السلطات المحلية أو أعضاء البرلمان أو القضاء أو التعبير عن ذلك عن طريق الصحافة، فكل هذه الهيئات الدستورية لا يمكن أن تهمل المطالب المشروعة وهذا هو الفارق بين المواطنين الصالحين، وعصابات التخريب من حيث السلوك والتعبير عن المطالب، فعصابات التخريب تنتهج العنف لفرض أفكارها وتقوم باعمال التقطع والنهب والاخلال بالأمن لترويع المواطنين، وهذا أمر مرفوض في كل القوانين والدساتير والمجتمعات مهما كانت مطالب العصابات التخريبية فليست مبرراً لاعمال الارهاب والتقطع، فلا يمكن لانسان أن يسلب ويعتدي على حقوق الآخرين بمبرر المطالبة بحقوقه، ناهيك عن أن أي حق مشروع لا يستقيم أبداً مع السلوك العدواني مع الآخرين.
ولاشك ان اعمال التخريب تضر بالمواطنين وأمنهم وحقوقهم أياً كانوا، وفي كل أرجاء الوطن، فأعمال العنف والتقطع والارهاب تشكل اخلالاً بالأمن والسكينة العامة وتعرقل التنمية وهو الامر الذي يثير المواطنين ضد اعمال العنف ويقوي عزيمة الدولة لاستئصال المخربين من اجل الحفاظ على شعبها وأمنها عملاً بقول الله تعالى: «واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة» أما مسؤولية مواجهة هذه العصابات فتقع أولاً على الاجهزة الامنية التي من واجبها رصد تحركات المخربين واماكن تواجدهم، والتصدي لأعمالهم غيرالقانونية وحماية المجتمع منهم، ويشاركهم في المسؤولية السلطة المحلية وافراد المجتمع الذين يجب أن تتضافر جهودهم مع سلطات الامن لصد المخربين وضبطهم وتقديمهم للعدالة ليحاكموا محاكمة عادلة وفقاً للقانون، وبدون أي تساهل في ذلك.
وأخيراً فإن اعمال التخريب والارهاب في بعض مديريات صعدة وبعض مديريات المحافظات الجنوبية لا ينبغي أن تؤثر على معنوية وعزيمة أبناء الشعب أو القيادة، لكنها بالتأكيد ستزيد من عزيمة وهمة الجميع لصد أعمال التخريب الماسة بأمن واستقرار الوطن وسترفع من وتيرة تضافر الجهود للقضاء على المخربين والتفرغ لبناء اليمن أرضاً وانساناً، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
٭ قانوني ومحلل سياسي
|