لقاء: هناء الوجيه - لو لم أكن مذيعة لتمنيت أن أكون مذيعة، تلك هي الكلمات التي تعرفت من خلالها على إحدى الكوادر النسوية ذات الكفاءة والخبرة والتي تعمل في المجال الإذاعي منذ أكثر من ثلاثين عاماً حتى أصبحت تصف عملها بشريان حياتها وتعتبر الإذاعة منزلها، وكل من يعمل فيها هم أفراد أسرتها.. تلك هي المذيعة المتألقة في إذاعة لحج الأستاذة القديرة جميلة أحمد صالح إبراهيم- رئيسة قسم المذيعين في الإذاعة ومنسقة البرنامج العام للإعلام والاتصال السكاني والمرأة والطفل.. والتي كان لنا معها هذا اللقاء..
استاذة جميلة منذ متى بدأت العمل في المجال الإعلامي..؟
- بدأت العمل في المجال الإعلامي منذ عام 1978م كمنسقة صوت، ولم أكن أتوقع أن أكون مذيعة كون عمل المرأة في تلك الأيام كان مرفوضاً في المجال الإعلامي عموماً، ويعتبر عيباً، كما أن صوتها عورة، إلا أن والدتي كانت تتمنى أن أكون مذيعة في الإذاعة وشجعتني كثيراً حتى استطعت أن أخطو تلك الخطوة، والحمد لله أنا اليوم رئيس قسم المذيعين في إذاعة لحج، وخلال فترة عملي قدمت العديد من الرسائل الاعلامية التي أؤمن بها.
إنجاز كبير
هل أنت خريجة كلية الإعلام؟
- لا .. أنا خريجة ثانوية عامة، وحينها اعتبرت ذلك إنجازاً كبيراً، لأن تعليم الفتاة لم يكن بتلك السهولة التي نراها اليوم، فالمرأة اليوم قادرة على تحقيق الكثير، ولها أن تلتحق بكافة المجالات والتخصصات التي تطمح إليها.. علاوة على ذلك أنني كنت المسؤولة عن أسرتي، فأنا أكبر اخواني ووالدي كان قعيداً، وفي كل الأحوال لديّ الآن أصغر بناتي التحقت بكلية الإعلام بناء على رغبتي، وأتمنى أن أحقق من خلالها ما لم أستطع تحقيقه لنفسي.
رسائل إيجابية
كما ذكرتِ سابقاً أنه من خلال عملك الإذاعي قدمت العديد من الرسائل الاعلامية.. هلاّ تحدثيننا عن تلك البرامج .. وما الرسائل المقدمة من خلالها؟
- أغلب البرامج التي أقوم بإعدادها وتقديمها تختص بقضايا المرأة والمجتمع، وما اسهم في تطوير قدرتي على الطرح والإعداد لمثل هذا النوع من البرامج هو أني تلقيت الكثير من الدورات التأهيلية، وحضرت مشاركات وورش عمل تهتم بهذا الجانب، وهذا ما أعطى معلومات أوفر، بالاضافة الى عملي كمنسقة في البرنامج العام للإعلام والاتصال السكاني، والمرأة والطفل، كل ذلك جعلني قادرة على أن أكون من معدي البرامج الاجتماعية المختلفة، ومن تلك البرامج برنامج «مع الأسرة»، ومجلة «الأسرة» برنامج اسبوعي يناقش القضايا الأسرية المختلفة مع التركيز على حقوق المرأة والطفل ومناهضة العنف ضد كلٍ منهما، كما يسهم هذا البرنامج في تعريف المستمعين بالأسس الصحيحة للتربية والتعايش المتكافل داخل المنزل، ونستضيف في هذه البرامج عدداً من المختصين والمعنيين، ونفتح مجال المشاركة للمستمعين إما من خلال الزيارة الميدانية أو التواصل التلفوني.. كذلك لدينا برامج في مجال الصحة السكانية، ومن خلال تلك البرامج نحاول النزول إلى المراكز الصحية والمستشفيات لنقل صورة حية للمستمعين، وهناك نوع آخر من البرامج اعتبرها ترفيهية، حيث تسهم في إزاحة الهموم عن المستمعين بتقديمها كل يوم كبرنامج «ما يطلبه المستمعون» و«أفراح وتهانٍ».. وعموماً أعتقد أن تلك البرامج تقدم العديد من الرسائل الإيجابية والتي تعتبر المساعد الأول الداعم لدور الأسرة والمؤسسة التربوية.
قضايا مهمة
عطفاً على ما قلتِ.. ماذا عن الدور الإعلامي في مسألة تعزيز قيم الولاء الوطني وترسيخ مبادئ الوسطية والاعتدال في نفوس النشء والشباب؟
- إن عملية التوعية والتثقيف والارشاد هي مسؤولية الجميع من أبناء هذا الوطن -مجتمعاً ومؤسسات تعليمية وأفراداً معنيين ومؤسسات متخصصة- ودور الإعلام يتمثل في إظهار وتوضيح عمل وجهود الأطراف السابقة بحيث يكون هناك انتشار وتعزيز لتلك الثقافة التي ينبغي أن تعمق في نفوس أبنائنا من النشء والشباب، وبالمقابل لابد من الاهتمام وحل القضايا التي جعلت العديد من الناس ينشغلون عن غرس وترسيخ مثل تلك القيم ، ومن تلك القضايا البطالة والقضاء على الفساد وتقديم المفسدين للعقاب، حيث يستغلها أصحاب النفوس الضعيفة في تخريب البلاد وزرع الفتن والقلاقل.. ومثل تلك القضايا تحتاج إلى تضافر جهود كل الشرفاء والمخلصين من أبناء هذا الوطن.
مشاريع تآمرية
هناك من يدّعي الوصاية على أبناء الجنوب، ويسعى لإثارة النعرات وبث ثقافة الحقد والكراهية والقتل بالهوية.. برأيك من أعطاهم الحق في ذلك، ولصالح من يعملون؟
- حقيقة ما يقوم به بعض الأشخاص في بعض مناطق بعض المحافظات الجنوبية لا يمت بصلة لقناعة ورأي الشارع العام هناك.. فأولئك المزوبعون هم ممن فقدوا مصالحهم بعد تحقيق الوحدة المباركة.. كما أنهم يريدون تنفيذ مشاريع تآمرية على أمن واستقرار الوطن.. ولو كان لديهم قضية حقيقية ما لجأوا للعنف والتخريب وممارسة الفوضى والقتل وإقلاق السكينة العامة.. أعمالهم وتصرفاتهم تكشف نواياهم وتفضح أهدافهم الشريرة التي تخدم الإرهابيين.
نهج واحد!
على ذكركِ للإرهابيين كيف تنظرين للعمليات الاستباقية التي نفذتها الأجهزة الامنية اليمنية ضد تنظيم القاعدة؟
- باعتقادي أن كافة الشعب بارك تلك العمليات، وأشاد بجهود الأجهزة الأمنية.. وحقيقة نحن مع تكثيف الجهود لاستئصال هذه الآفة التي تستهدف الوطن وتعمل على تشويه سمعته وضرب تنميته.. ودعيني أشير إلى أن تنظيم القاعدة بدأ ينشط مؤخراً وهذا ما يؤ كد تحالفه الشيطاني مع الحراك القاعدي، لأن الأهداف والنهج يكاد يكون واحداً.
مكسب عظيم
نعود إلى عملكِ في المجال الإذاعي.. ما أهم المكاسب والتحفيزات التي حصلت عليها..؟
أنا الآن رئيسة المذيعين ومنسقة، وقد حصلت على العديد من الشهادات التأهيلية والتكريمية، ويكفيني من المكاسب أنني أحظى بتقدير كبير من قبل مديري وزملائي في العمل حتى أن الإذاعة بالنسبة لي كأنها منزلي، وأنا أعامل هناك وكأني أم أو أخت كُبرى لكل زملائي، وهذا مكسب عظيم بالنسبة لي.
عدم إنصاف
كلمة أخيرة؟
- أريد أن أختتم حديثي بشجن وربما عتاب للمختصين والمعنيين لعدم الاهتمام بالإعلاميين القدامى، فيتم تهميشهم ، وأحياناً إقصاؤهم، غير مدركين أن الخبرة والكفاءة قد تفوق المؤهلات الجامعية العليا، فأصحاب الخبرة هم مرجعية لابد من الاستفادة منهم.
وأنا بذلك لا أعني عدم تشجيع الوجوه الجديدة من أصحاب الشهادات، ولكني أتمنى أن يأخذ المعنيون بعين الاعتبار أن الأولوية في التكريم وإعطاء الدرجات ينبغي أن يكون بالإنصاف مع حاملي المؤهلات الذين ربما يكون البعض منهم غير مؤهلين، وأرجو أن لا يكون جزاء الإخلاص والتفاني هو التهميش والإهمال.
|