|
|
عبدالملك الفهيدي - يصف المراقبون والمحللون السياسيون عام 2009م المنصرم بأنه عام مواجهة اليمن لمحور الشر الثلاثي (الحوثي والقاعدة وما يسمى بالحراك-أو بالأحرى دعاة الانفصال) حيث اضطرت الدولة إلى خوض مواجهات عسكرية للقضاء على تمرد عصابة الحوثي الإرهابية في صعدة ،وشن حرب مفتوحة ضد عناصر تنظيم القاعدة ،بالإضافة إلى مواجهة عناصر الحراك التخريبي المسلح الداعي للانفصال وان كانت المواجهات مع الطرف الأخير لا تزال محصورة في اطار الملاحقات والضبط للعناصر التي تمارس العنف المسلح .
وثمة إجماع رسمي وشعبي على أن (القاعدة وتمرد الحوثيين والحراك الداعي إلى الانفصال ) هي ابرز التحديات التي تواجهها اليمن ،وهو مايؤكده الرئيس علي عبدالله صالح بعد إضافة تحدياً رابعاً هو الوضع الاقتصادي :" اليمن تواجه عدة تحديات منها تنظيم القاعدة منها الحوثيون في صعده والحراك أصحاب الدعوة للانفصال والوضع الاقتصادي ، هذه أربع محطات تواجهها اليمن."
وعلى الرغم من التباينات الأيديولوجية والفكرية بين الأطراف الثلاثة ،وحتى تباعد الفترات الزمنية لظهور كل طرف على الساحة، إلا أن الأحداث التي شهدتها اليمن خلال العام الماضي أثبتت حقيقة وجود تنسيق وتعاون مباشر وغير مباشر بين الأطراف الثلاثة بغية تحقيق الهدف المشترك لهم والقائم أساساً على ضرب وزعزعة استقرار اليمن ووحدته وايجاد مناخ وبيئة مناسبة تسهم في قدرة كل طرف على تحقيق أهدافه الخاصة حيث يسعى الحوثيون إلى قلب نظام الحكم في اليمن والعودة إلى النظام الإمامي الذي أطاحت به الثورة اليمنية 26 سبتمبر 1962م،فيما يحاول مايسمى بالحراك إعادة تقسيم اليمن عبر محاولة تكرار مشروع الانفصال الذي فشل عام 1994م ،في الوقت الذي يهدف تنظيم القاعدة إلى استغلال كل ذلك لخلق بيئة مواتية لإعادة ترتيب أوضاعه التنظيمية وزيادة قدراته التسليحية والتخطيط لشن عمليات إرهابية سواء داخل الأراضي اليمنية أو في محيطها الإقليمي والدولي.
مع مطلع العام المنصرم 2009م بدأت ملامح التنسيق ببن محور الشر (القاعدة -الحوثي- الحراك) تبرز بشكل أكثر وضوحاً، ففي الوقت الذي كان المتمردون الحوثيون يواصلون الاستعداد لجولة جديدة من الحرب ضد الدولة، كان تنظيم القاعدة يعيد ترتيب أوضاعه عبر الإعلان عن اندماج فرعيه في اليمن والسعودية في تنظيم واحد تحت مسمى تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب ،وتزامن ذلك مع تصعيد ما يسمى بالحراك لدعواته إلى الانفصال والانتقال إلى ممارسة العمل المسلح وأعمال التخريب والعنف وقتل المواطنين وأفراد الأمن،خصوصاً بعد انضمام طارق الفضلي المعروف بتاريخه القاعدي إلى ما يسمى بالحراك.
بداية للتعاون
يعود ظهور تنظيم القاعدة في اليمن إلى مطلع تسعينيات القرن العشرين الماضي أي انه سبق ظهور تمرد الحوثي الذي انطلق منتصف العام 2004م على يد الصريع حسين الحوثي ،إلا أن قواسم مشتركة تجمع الطرفين لعل أبرزها استغلالهما الدين شعاراً لتحقيق أهدافهما ،فالقاعدة تدعي أنها تسعى إلى إقامة دولة الخلافة الإسلامية وتنصيب خليفة للمسلمين من أهل الحل والعقد ،في حين أن الحوثيين يهدفون إلى السيطرة على السلطة وإقامة حكم ملكي إمامي اعتماداً على زعمهم بأنهم أصحاب الحق الإلهي في الحكم الذي يجب أن يكون محصوراً في نطاق البطنين (وهو ادعاء يتسم بعنصرية مقيتة).
وانطلاقاً من ذلك فإن القاعدة والحوثيين يرفضان الاحتكام إلى النظام الديمقراطي في الحكم والقائم على حق الشعوب في اختيار حكامها وولاتها وممثليها عبر الانتخابات الحرة والمباشرة التي تتيح لكافة الناس التنافس على الوصول إلى السلطة وفقاً لمعايير الكفاءة وليس لاعتبارات أخرى .
وفي حين ترفع القاعدة شعارات معادية لإسرائيل وتدعو المسلمين إلى الجهاد لتحرير فلسطين، إلا أن الملاحظ أن تنظيم القاعدة لم ينفذ أية عمليات جهادية أو استشهادية -كما يسميها- ضد أية أهداف إسرائيلية أكان ذلك داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة أو خارجها ،فان المتمردين الحوثيين يرفعون شعار الموت لأمريكا الموت لإسرائيل إلا أن عملياتهم الإرهابية لم تتجاوز حدود استهداف أبناء الشعب اليمني وتنفيذ أعمال القتل ضد مواطنين يمنيين لا علاقة لهم بأمريكا أو اسرائيل ،وهذا التلاقي يؤكد -بحسب المحللين - أن الطرفين يستغلان الدين مجرد شعارات خطابية لتحقيق أهدافهما الرامية إلى الانقضاض على السلطة وان اختلفت بعد ذلك رؤيتهما في من يحق له الحكم .
ووفقاً لتلك القواسم المشتركة فقد بدا واضحاً أن التباينات الأيديولوجية والفكرية بين تنظيم القاعدة وتمرد الحوثي التي اعتبرها بعض المراقبين مبرراً لعدم إمكانية قيام تنسيق أو تعاون بين الطرفين، تهاوت أمام نزوع الطرفين لاستخدام المبدأ المكيافيللي (الغاية تبرر الوسيلة) لتحقيق أهدافهما .
تحرك استخبارات إقليمية
واتضحت حقائق العلاقات الخفية بين تنظيم القاعدة وعصابة الارهاب والتمرد الحوثي بجلاء عقب المعلومات التي كشفها القيادي السابق في تنظيم القاعدة محمد عتيق العوفي(السعودي الجنسية) عن تورط أجهزة الاستخبارات الإيرانية في دعم القاعدة والحوثيين لضرب أهداف في اليمن والسعودية.
وكشف العوفي عن التنسيق بين الحوثيين مع تنظيم القاعدة بالقول : :" أتانا شخصية من عند أفراد الحوثيين، قالوا هناك تنسيق من (إيران) وإذا كنتم تريدون الأموال إحنا مستعدون».
وقال الجهادي السابق : سبحان الله العظيم تبينت هذه الأمور واتضحت الصورة، فصرت أركز على هذه الأمور حتى عرفت أن هناك دولاً تقود هذه الفئة القليلة التي في اليمن ".
علاقات التنسيق بين القاعدة والحوثي التي كشفها العوفي أكدتها حقائق كثيرة على الواقع حيث عمدت عناصر القاعدة إلى زيادة وتيرة تهريب الأسلحة وبيعها إلى الحوثيين في محاولة منها لتحقيق هدفين في الوقت نفسه يتمثل الأول في جعل جبهة الصراع مستمرة في صعدة وبالتالي الحصول على فرصة لإعادة ترتيب أوضاعها، فيما يتمثل الهدف الثاني في إيجاد موارد تمويل جديدة للتنظيم ليتمكن من توفير متطلبات العمليات التي يعتزم تنفيذها لاحقاً. وتؤكد المعلومات الأمنية أن عناصر تنظيم القاعدة في مأرب ( تجار السلاح) نشطوا في عمليات تهريب وبيع الأسلحة لعناصر التمرد الحوثية وبمبالغ مالية كبيرة منذ بدء المواجهات العسكرية في صعدة في اغسطس من العام الماضي .
ولم يقف الأمر عند التنسيق بين عصابة الإرهاب الحوثي وتنظيم القاعدة في اليمن فحسب ،بل امتد ذلك التنسيق إلى الإطار الإقليمي وتحديداً مع عناصر تنظيم القاعدة في الصومال من خلال تبادل الدعم اللوجستي والتسليحي بين الطرفين.
وكان القيادي الميداني السابق ضمن عصابة الإرهاب الحوثية الشيخ عبدالله المحدون الذي كشف عن تلقيهم تدريبات على أيدي خبراء إيرانيين ولبنانيين وصوماليين،وهو ما تأكد فيما بع،د حيث ضبطت الأجهزة الأمنية في محافظة صعدة أكثر من 50 صومالياً كانوا يشاركون في القتال مع عناصر الإرهاب الحوثية.
في المقابل صرح وزير صومالي بأن المتمردين الحوثيين يوفرون السلاح للمسلحين التابعين لتنظيم شباب المجاهدين المتهمين بتبعيتهم لتنظيم القاعدة الإرهابي في حربهم لفرض السيطرة على كافة الأراضي الصومالية.
وقال وزير الدفاع شيخ يوسف محمد سياد لإذاعة «جاروي» إن قاربين محملين بأسلحة خفيفة وذخائر وقنابل وصلت لتأجيج العنف في الصومال.
وقالت وكالة الإنباء الألمانية إن شهود عيان قد أكدوا وصول القاربين، بينما تلقى صحفيون تهديدات من حركة الشباب لعدم نشر أي شيء عن وصولهما.
الحوثي والحراك
لم تكن تصريحات قيادة عصابة التمرد الحوثية عن عزمها الإفراج عن جنود من أبناء المحافظات الجنوبية مخطوفين لديها تقديرا لما سمته مواقف المدعو طارق الفضلي، سوى تأكيد علني على تنسيق وتعاون وثيق وخفي بينهم وبين عناصر ما يسمى بالحراك .
ويقول مراقبون إن علاقة الطرفين تعود إلى إبان حرب الانفصال صيف 94م حيث لعبت عناصرتنتمي لما كان يسمى بحزب الحق وحزب اتحاد القوى الشعبية اللذين شكلا لاحقاً نواة لما عرف فيما بعد بالحوثيين أدواراً مساندة للانفصاليين ،الأمر الذي يفسر سر إعلان قيادات ما يسمى بالحراك تعاطفهم وتأييدهم لتمرد الحوثي ضد الدولة.
العام الماضي تبادلت قيادات عصابة الحوثي الارهابية وقيادات ما يسمى بالحراك التصريحات التي حملت تأييد كل منهما للآخر ،حيث كشف المدعو طارق الفضلي- الذي يتزعم العناصر التي قامت بأعمال قتل وتخريب في زنجبار ومناطق أخرى -عن علاقة عناصر "الحراك" بتنظيم القاعدة وجماعة التمرد الحوثي.
وأكد الفضلي - في حوار أجرته معه صحيفة «القضية» الأسبوعية أن هناك علاقة ارتباط مباشرة بين الأضلع التخريبية الثلاثة والمتمثلة بـ" الانفصاليين والقاعدة والحوثيين"مشيراً إلى ان مايسمى بـ"الحراك" الذي يؤيد بشكل صريح تمرد الحوثيين هو ايضاً من يقف على درجة متساوية مع عناصر تنظيم القاعدة التي تقف الى جانبه.
وجاءت دعوة المدعو علي سالم البيض لإيران لمساعدة ما يسمى بالحراك لتؤكد حقيقة تلك العلاقات، التي اتضحت أكثر في لجوء الحراك القاعدي إلى زيادة وتيرة أعمال التخريب والعنف في بعض مناطق المحافظات الجنوبية كلما شددت قوات الجيش والأمن من حصارها على عناصر الإرهاب الحوثية في صعدة.
مشروع انفصالي
ارتبط ظهور ما يسمى بـ"الحراك" في بعض المناطق في المحافظات الجنوبية والشرقية في البداية بمشكلة المتقاعدين العسكريين والمدنيين منذ حرب 94م الذين نفذوا عدداً من الاحتجاجات والمظاهرات للمطالبة بتسوية أوضاعهم وهي المطالب التي استجابت لها القيادة السياسية والحكومة والتي نجحت في إنهاء المشكلة حيث بلغ إجمالي ما أنفقته الحكومة لتسوية أوضاعهم (52) مليار ريال- وهو ما ظهر من خلال توقف الاحتجاجات والمظاهرات التي كان المتقاعدون ينفذونها، إلا أن بعض العناصر التي شاركت في الاحتجاجات الخاصة بالمتقاعدين رفضت القبول بتلك المعالجات وبدأت بتنظيم أعمال تخريب وشغب وفوضى زادت بشكل كبير في محافظتي الضالع ولحج.
وكشفت أحداث التخريب وأعمال الشغب والفوضى التي نفذت في عدد من المناطق الجنوبية وتحديداً منذ منتصف عام 2008م عن مخطط تآمري لا علاقة له بالمطالب الحقوقية التي كان ينادي بها المتقاعدون.
ومع مرور الوقت تحولت أعمال الشغب والتخريب إلى قطع للطرقات واعتداءات وأعمال نهب للمصالح الخاصة والعامة وصولاً إلى رفع الأعلام التشطيرية والمجاهرة بالدعوات الانفصالية. ويشير المراقبون الى أن دخول العناصر ذات التوجه الانفصالي خارج اليمن على خط الأحداث وتبنيها الوقوف خلف ما يسمى بالحراك والأعمال التي ينفذها لم يكن إلا تأكيداً لصحة الاتهامات الحكومية لعناصر وقيادات الحراك بتبني مشروع تآمري يهدف إلى تكرار محاولة الانفصال الفاشلة التي شهدتها البلاد عام 94م.
أعداء الأمس حلفاء اليوم
وإذا كان صحيحاً أن علاقة عناصر تنظيم القاعدة ذوي الأيديولوجية الفكرية الجهادية تتقاطع تماماً مع أصحاب الفكر الأيديولوجي الماركسي الذي يشكل الخلفية الثقافية لعناصر ما يسمى بالحراك ،إلا أن تلك التقاطعات الأيديولوجية انصهرت بفعل المصالح المتداخلة بين الطرفين بشكل لا يختلف عن علاقة التنسيق المصالحي بين القاعدة والحوثيين ايضاً.
وقد برزت ملامح تلك العلاقات مع التحول الدراماتيكي الذي أحدثه انضمام طارق الفضلي إلى عناصر ما يسمى بالحراك وتزعمه لقيادته،حيث شكل انضمامه مقدمة لظهور علاقة القاعدة بالحراك بشكل أوضح .
كما شكل إعلان انضمام الفضلي- وهو أحد العناصر القيادية في تنظيم القاعدة- إلى ما يسمى بالحراك في الثاني من إبريل 2009م نقطة مفصلية في مسار تحول الحراك من مسار التخريب والفوضى إلى أعمال العنف والقتل، مستفيداً من التاريخ الدموي للفضلي الذي يعتبر ابرز القيادات الجهادية والقاعدية في اليمن، وكان أحد المقاتلين في صفوف القاعدة في أفغانستان ويرتبط بعلاقات وثيقة ظل يتفاخر بها مع زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن الذي يعتبره الفضلي معلمه وملهمه وقائده.
ويؤكد المراقبون أن انضمام الفضلي إلى ما يسمى بالحراك لم يسهم في إحداث تحول في اتجاه الأخير نحو العنف فحسب، بل كشف عن خطورة المشروع الهادف إلى محاولة تمزيق وحدة اليمن عبر تشابك المصالح بين العناصر المنضوية في إطار ما يسمى الحراك أو العناصر ذات التوجهات الانفصالية الداعمة لها والموجودة خارج اليمن، بالإضافة إلى عناصر تنظيم القاعدة التي يقودها الفضلي.
وبعد شهر على انضمام القيادي القاعدي طارق الفضلي الى ما يسمى بالحراك اعلن تنظيم القاعدة دعمه لما يسمى بالحراك ودعوات الانفصال حيث بث التنظيم تسجيلاً على شبكة الإنترنت منتصف مايو من العام 2009م أعلن فيه ناصر الوحيشي المكنَّى بـ" أبي بصير " -زعيم التنظيم- دعمهم للعمليات التخريبية وأعمال العنف التي تنفذها عناصر ما يسمى بالحراك،ودعم دعوات الانفصال.
ويؤكد المراقبون أن هذا الإعلان لم يكن مفاجئاً ،فبالقدر الذي مثل ذلك الدعم نتيجة منطقية لانضمام طارق الفضلي إلى عناصر ما يسمى بالحراك ،فإنه في الوقت نفسه جاء ليثبت مصداقية المعلومات التي أكدتها الحكومة عن وجود تنسيق وتعاون بين ثلاثي الإرهاب «القاعدة والحوثي وعناصر الانفصال».
ويرى المهتمون بنشاط تنظيم القاعدة أن إعلان التنظيم دعمه لدعوات الانفصال ومن قبله انضمام القيادي السابق في التنظيم طارق الفضلي إلى ما يسمى بالحراك،والتي جاءت بعد المعلومات التي كشفها القيادي السابق في القاعدة السعودي محمد العوفي عن تورط إيراني في دعم القاعدة والحوثيين وعلاقة التنسيق بينهم شكلت اكتمالاً لصورة التعاون والتنسيق بين الأطراف الثلاثة وتأكيدات واقعية على مصداقية الاتهامات الحكومية للأطراف الثلاثة ( الحوثي والقاعدة والحراك) بالتورط في تنفيذ مشروع إرهابي يستهدف اليمن والمنطقة. وفي هذا الصدد يشير الباحث والمحلل السياسي / نجيب غلاب في تصريحات سابقة لـ«المؤتمرنت» إلى تشابه كبير بين الأفكار المطروحة لزعماء تنظيم القاعدة وبياناتهم وبيانات وأحاديث قادة مايسمى بالحراك ، منوهاً إلى إعلان أحد قادة التخريب قبل عام انضمام الجهاديين والقاعدة إلى صفوفهم ،وقبله إعلان النائب الدكتور/ناصر الخبجي بأن ما يسمى الحراك سيبقى مفتوحاً لكل القوى برغم تأكيده على الجانب السلمي -في إشارة إلى الاستعانة بالعناصر الإرهابية التي تنتمي لتنظيم القاعدة او غيرها من العناصر المتطرفة..
ويرى غلاب في إعلان طارق الفضلي انضمامه ومحاولة تزعمه لما يسمي بالحراك دليلاً واضحاً على علاقة مطالب الانفصال بالحركات الإرهابية.. موضحاً أن المنطلق الأساسي للطرفين ينبع من أبعاد غيبية(حيث فكر القاعدة مؤسس على فكرة جيش عدن -أبين الذي يتجه إلى الجزيرة العربية لينصر الله به الإسلام حسب زعمهم)..
ويبين غلاب أن هدف القاعدة من ذلك التحالف مع عناصر التخريب لا يقتصر على ضرب المصالح اليمنية بل السعي إلى خلق حالة من الفوضى داخل البلاد وتحويل "جزء من تلك المنطقة منطلقاً لضرب المملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج ، ومحاولة زعزعة الأمن في الممرات المائية وإشغال العالم، وبالتالي استقدام الولايات المتحدة لمعركة معها في اليمن" .
ويعتقد نجيب غلاب أن من مصلحة القاعدة أن يكون هناك اعمال عنف وفوضى وتخريب لأن ذلك سوف يسهم في إضعاف الدولة " مشيراً في المحصلة النهائية إلى سعيهم لتحويل اليمن إلى منطقة مفرغة من أية سلطة سوى سلطة الإرهاب والفوضى".
من جانبهم أبدى مسئولون غربيون ومحللون ونشطاء في مجال حقوق الإنسان مخاوفهم من مخاطر تزايد التعاون بين القاعدة وبين عناصر الحراك، حيث يشيرون إلى أن مسلحي «القاعدة» ازدهرت أوضاعهم بمناطق جنوب وجنوب شرق اليمن، ويؤكد بعض النشطاء الحقوقيين أن تحالفاً يجري تشكيله بالفعل بين بعض الانفصاليين والفضلي و«القاعدة».. على سبيل المثال، أعرب كريستوف ويلك، الباحث لدى «هيومان رايتس ووتش» والمعنيّ بشؤون اليمن، عن اعتقاده أن زعيماً واحداً من «القاعدة»، على الأقل، انضم إلى الفضلي و«الحركة الجنوبية»، وقد قتل هذا الشخص في ضربة جوية يمنية.
وأشار إلى أن مسألة ظهور تحالف بين «الحراك» و«القاعدة» لم تتأكد بعد.
قتل مروع
منذ منتصف العام الماضي وتحديداً عقب إعلان تنظيم القاعدة دعمه لما يسمى بالحراك أخذت وتيرة أعمال العنف والقتل التي يمارسها الحراك تتزايد بشكل غير مسبوق وبدأت تأخذ منحى خطيراً هو القتل بالهوية حيث عمدت إلى قتل المواطنين وأفراد الأمن من أبناء المحافظات الشمالية في إشارة إلى النزعة الانفصالية الإرهابية لتلك الاعمال.
وتزامن ذلك مع قيام عناصر القاعدة بتنفيذ عمليات ارهابية استهدفت عدداً من القادة العسكريين والأمنيين حيث قامت بعملية اغتيال العميد علي سالم العامري مدير الأمن العام والعميد احمد باوزير رئيس فرع جهاز الأمن السياسي بوادي وصحراء حضرموت والاعتداء على العقيد محمد سيف ناشر رئيس عمليات اللواء(37 مدرع) وقتل مرافقه في كمين نصب لهما في منطقة العبر،بالإضافة إلى تبنيه عملية قتل المقدم بسام طربوش رئيس قسم التحريات بمباحث مأرب وتصوير عملية القتل بعد خطفه وبثها عبر الانترنت وعلى غرار عمليات الإعدامات التي كانت تقوم بها القاعدة في العراق.
في المقابل كشفت تقارير للسلطة المحلية في محافظات لحج وأبين والضالع عن جرائم مروعة ارتكبتها عناصر الحراك شملت القيام بعمليات اختطاف ونهب وتفجير واقتحام واعتداء على ممتلكات عامة وخاصة والقيام بإطلاق نار والاعتداء على عدد من أبناء المحافظات الشمالية والجنوبية وتفجير عبوات ناسفة في عدد من المباني الحكومية والخاصة.
وحسب تقرير للسلطة المحلية بمدينة الضالع فقد أودت اعمال العنف التي نفذتها عناصر ما يسمى بالحراك في محافظة الضالع خلال العام الماضي 2009م إلى مقتل وإصابة (86) شخصاً بينهم (37) من أفراد الشرطة .
وشهدت محافظات لحج وابين اعمال قتل استهدفت افراد الامن وابناء المحافظات الشمالية من قبل عناصر الحراك ،الذين أقدموا على اقتحام المباني والمؤسسات العامة وتفجير مباني المياه والكهرباء وقطع الطرقات ،وتهديد المواطنين بالسلاح ،وتنفيذ اعمال تقطعات في الطرقات ،وعمليات نهب وسلب للمسافرين .
وعقب العملية الامنية التي استهدفت معسكراً لقيادات القاعدة في منطقة المعجلة بمحافظة ابين والتي ادت إلى مصرع نحو 43 من عناصر القاعدة ،نظم تنظيم القاعدة وعناصر ما يسمى بالحراك مهرجاناً رفعت فيه الاعلام الشطرية وظهر فيه القيادي في تنظيم القاعدة محمد أحمد صالح عمير الكلوي - متوعداً بالثأر لقتلى القاعدة في أبين- قبيل ان يلقى مصرعه في عملية أمنية استهدفت عناصر التنظيم في منطقة "رفض" التابعة لمديرية الصعيد -محافظة شبوة في الرابع والعشرين من ديسمبر 2009م .
نتائج التنسيق بين القاعدة والحراك لم تقف عند حد تزايد أعمال العنف والقتل والفوضى والتخريب فحسب بل امتد ذلك إلى انتشار المظاهر المسلحة في المحافظات الجنوبية وبالذات أبين وشبوة ولحج والضالع وتصاعد عمليات تهريب الأسلحة، وهو ما برز من خلال إحباط الأجهزة الأمنية لعدد من عمليات تهريب الأسلحة سواء بين المحافظات أو القادمة من خارج اليمن فضلاً عن ضبط أسلحة ومتفجرات واحباط عدد من عمليات التفجير التي استهدفت منشآت حكومية في عدد من مناطق تلك المحافظات .
القاعدة والحراك.. واللاجئين
أثارت التطورات الأخيرة التي أعقبت الضربات الأمنية الاستباقية ضد عناصر القاعدة في أبين وأرحب وما تلاها من ردود أفعال سواء من قبل عناصر ما يسمى بالحراك التي عبرت عن تضامنها العلني مع عناصر القاعدة، أو التي أبداها فرع القاعدة في الصومال المسمى بالشباب المؤمن الذي أعلن استعداده إرسال مقاتلين لدعم القاعدة في بلادنا، أثارت مخاوف كثيرة لدى المراقبين من احتمالات استغلال القاعدة والحراك للاجئين الصوماليين والذين يتركز معظمهم في مخيمات بالمحافظات الجنوبية- في أعمال العنف وعمليات تهريب الأسلحة .
وتتعزز تلك المخاوف بالإشارة إلى ضبط عناصر صومالية تقاتل مع عصابة الإرهاب والتمرد في صعدة من ناحية، وضبط عناصر صومالية أخرى في عدد من المسيرات الاحتجاجية لعناصر الحراك القاعدي خلال العام الماضي .
وكانت دراسة عن وضع اللاجئين في اليمن كشفت أن هناك معلومات مؤكدة عن أنشطة لبعض اللاجئين مع بعض الجماعات الإرهابية .ودعت الدراسة -التي أعدها رئيس مركز دراسات الهجرة واللاجئين بجامعة صنعاء الدكتور على الأعوج- إلى بحث وتحري وإجراء دراسات معمقة لما يمثله ذلك من أهمية قصوى لأمن واستقرار البلاد واللاجئين على حد سواء.
خلاصة
رغم التحدي الذي يشكله تنظيم القاعدة ومخاطره ليس على أمن اليمن فقط بل على الأمن الإقليمي والدولي، إلا أن التركيز الإعلامي الدولي يجانب الحقيقة حين يحاول تصوير التحدي الذي تواجهه اليمن في تنظيم القاعدة فحسب.. ويجمع المحللين والمهتمون بشئون اليمن على أن القاعدة ورغم خطرها إلا أن اليمن يواجه تحديات أخرى هي التمرد والحراك والوضع الاقتصادي،ويشددون على ضرورة مساعدة بلادنا في تعزيز جهودها لتحقيق الاستقرار وتقوية إمكاناتها في مواجهة الإرهاب بصورة شاملة تعتمد على الدعم الاقتصادي التنموي الذي سيسهم في القضاء على الأسباب الرئيسة في نشوء الإرهاب وفي مقدمتها الفقر والبطالة.
|
|
|
|
|
|
|
|
|
تعليق |
إرسل الخبر |
إطبع الخبر |
معجب بهذا الخبر |
انشر في فيسبوك |
انشر في تويتر |
|
|
|
|