الميثاق نت/ لندن - أكد رئيس مجلس الوزراء الدكتور علي محمد مجور أن المشكلة الرئيسة التي تعاني منها اليمن هي مشكلة اقتصادية بالدرجة الأولى، وأهمها النمو السكاني المرتفع، وتدني معدلات الالتحاق بالتعليم.
جاء ذلك في كلمته خلال انعقاد اجتماع خاص بشركاء وأصدقاء اليمن مساء اليوم في العاصمة البريطانية لندن بهدف حشد الدعم الدولي لليمن لمساندة جهوده على صعيد التنمية والإصلاحات وتعزيز قدراته في مكافحة الإرهاب, بمشاركة وزراء يمثلون أكثر من عشرين دولة عربية وأجنبية وفي المقدمة وزراء خارجية الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الاتحادية وعدد من الدول الأوربية ودول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن وتركيا..
وأوضح رئيس الوزراء أن هناك أكثر من 3 ملايين طفل خارج نظام التعليم، ونصف السكان ما يزالون خارج نطاق الخدمات الأساسية، وبالذات الكهرباء التي تغطي احتياجات 42 في المائة من السكان فقط، فيما لا يتجاوز نسبة الذين يحصلون على خدمات المياه من الشبكة العامة حوالي 26 %، مبينا أن ما نسبته 32 في المائة من الأسر اليمنية تواجه نقصاً حاداً في الأمن الغذائي.
وعبر رئيس مجلس الوزراء عن الشكر باسم الحكومة والشعب اليمني للمشاركين في الاجتماع واهتمام دولهم بمساندة اليمن، مقدرا في ذات الوقت تقديراً عالياً دعوة رئيس الوزراء البريطاني السيد/ جوردن براون، لعقد هذا الاجتماع واستضافته في العاصمة لندن بهدف مناقشة كيفية دعم اليمن والحد من التطرف ومكافحة الإرهاب، وكذا مساعدته في مواجهة التحديات التنموية.
وقال: إننا نثمن عالياً استجابة الشركاء الدوليين الممثلين في هذا الاجتماع، وحرصهم على أمن واستقرار ووحدة اليمن، وتعزيز جهوده في مكافحة الإرهاب، وتذليل ما يجابهه من تحديات تنموية وأمنية انطلاق من إدراكهم أن يمناً قوياً ومستقراً يخدم الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
وقدم الدكتور مجور عرضا موجزا إلى الاجتماع بشأن أولويات اليمن التنموية والتحديات التي يواجهها ورؤيته بشأن مواجهة ظاهرة التطرف والإرهاب بمختلف أشكالها وآليات التعاون الملائمة لتعزيز الجبهة العالمية لمناهضة الإرهاب.
وقال: ما من شك إن اليمن يعاني اليوم من تحديات عديدة تزامنت في وقتٍ واحد، مما استنزف جهود وقدرات وإمكانيات الدولة في مواجهتها، وألحق ضـرراً كبيراً باقتصادها وجهودها التنموية، وفي مقدمة تلك التحديات الأعمال والأنشطة الإرهابية، فالإرهاب آفة خطيرة تتجاوز الدول والحدود.. وتستهدف قيم الحرية والديمقراطية والسلام، وقد كانت الجمهورية اليمنية من أوائل الدول التي عانت من الإرهاب أكثر من غيرها مـن الدول واكتوت بناره".
موضحا أن الإرهاب ألقى بظلاله سلباً على مختلف الجوانب الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية في اليمن, حيث تكبدت خسائر فادحة في كثير من القطاعات الحيوية.. خاصة في مجال الاستثمارات والسياحة.. هذا إلى جانب ما تكبدته اليمن من خسائر وأضرار مادية وبشرية بسبب تلك الأعمال الإرهابية.
وتابع قائلا: يضاف إلى ذلك الكثير من التحديات.. وخاصة ما يتصل بفتنة الإرهاب والتخريب والتمرد في محافظة صعدة.. وتلك الأنشطة التخريبية وأعمال العنف للعناصر الانفصالية في بعض مديريـــات المحافظات الجنوبية والشرقية .. وجميعها أعمال خارجة على الدستور والنظام والقانون.. حيث يلتقي الجميع عند هدف واحد.. هو زعزعـة الأمـن والاستقـرار ونشر العنف والفوضى.. مستغلين المناخات الديمقراطية.. مما اثر سلباً على الوضع الاقتصادي.".
ومضى قائلا :" لاشك أن مناخات الفقر والبطالة أهم سبب للإيقاع بالشباب ودفعهم إلى ارتكاب أعمال عنف وإرهاب".
واستطرد قائلا :" كما تمثل أعمال القرصنة البحرية.. وظاهرة اللجوء من الصومـال ودول القرن الأفريقـي.. واحـدة مـن أهم التحديات التي تواجه اليمن.. فقد بلغ عدد اللاجئين من تلك المنطقة الموجودين باليمن حوالي ثمانمائة ألف لاجئ.. مما يشكل عبئاً اقتصادياً وأمنياً واجتماعياً".
وقال: إن الجمهورية اليمنية تعي جيداً تلك التحديات التي تواجهها في الوقت الراهن ولذلك فإنها تقوم بواجبها والتزاماتها في مكافحة الإرهاب وتعزيز شراكتها مع المجتمع الدولي في هذا المجال لأنها تعتبر ذلك أولوية إستراتيجية، استشعاراً منها بخطورة الإرهاب على وجودها أولاً وعلى استقرار المنطقة والعالم ثانياً".
وأضاف: لقد خاض اليمـن معركة متعددة الأوجه أمنياً واقتصادياً وفكرياً وإعلامياً، تستدعي تضافر الجهود لمساندته ودعمه في تجاوز الآثار والتداعيات المترتبة على ظاهرة الإرهاب"، مؤكدا بأن تلك الجهود متواصلة في مكافحة الإرهاب في مختلف الاتجاهات ليس فقط أمنياً وعسكريا، وإنما من خلال نظاماً متكاملاً صاغته اليمن يضمن محاصـرة الإرهاب وتجفيف منابعه.
وأردف قائلا" لقد تجلـى ذلك في إيجاد منظومة تشريعية متكاملة، والمصادقة على الاتفاقيات العربية والدولية المعنية بمكافحة الإرهاب.. والمصادقة على قانون مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز التنسيق والتعاون مع الأجهزة الأمنية في الدول الشقيقة والصديقة في مجال العمليات المشتركة، فضلا عن تبادل المعلومات حول العناصر الإرهابية وتبادل تسليم المطلوبين في قضايا الإرهاب وطبقاً للاتفاقيات الموقعة مع تلك الدول".
وتابع رئيس الوزراء " كما تقوم الأجهزة المختصة في اليمن بحماية الموانئ التجارية والنفطية واتخاذ الإجراءات والاحتياطات الأمنية الفعالة والمشددة في المداخل والمنافذ البرية والبحرية والجوية واعتمـاد نظـام حديث للرقابـة على عملية الدخول والخروج من وإلى تلك المنافذ".
وخاطب المشاركين في الاجتماع قائلا: "لاشك أنكم قد تابعتم الإنجازات الأخيرة التي حققتها الأجهزة الأمنية والعسكرية اليمنية والتي تمكنت من إلحاق وتوجيه ضربات مؤثرة وموجعة ضد هذا التنظيم الإرهابي وحققت نجاحات ما كان لها أن تتحقق إلا في ظل وجود إرادة وطنية قوية لمكافحة الإرهاب وبفضل التعاون الأمني بين اليمن وشركائه الإقليميين والدوليين".
ومضى الدكتور مجور قائلا "كما أننا لم نُغفل في هذه المواجهة الدور الإعلامي والثقافي والفكري فقد تبنت الحكومة خطة إعلامية وثقافية مساعدة في هذه المواجهة مع الإرهاب، تعتمد على تناول وشرح الأضرار الجسيمة التي تخلفها الأعمال الإرهابية التي تهدد أمن وسلامة الجميع وتصحح المفاهيم الخاطئة لدى الشباب المغرر بهم".
وأردف: إننا اليوم بحاجة أكثر من أي وقتٍ مضى، أن ندرك مع شركائنا أن الإرهابيين يطورون من إمكاناتهم ووسائلهم المادية والتكنولوجية بصورة تفوق أحياناً قدرات الدول ويساعدهـم في ذلك تفاقم مظاهر الفقر والبطالة التي تشكل أرضية خصبة لزرع روح العداء والكراهية بين الشعوب والأمم وهي الإشكالية التي نطلب من شركائنا تفهمها.. ومساعدتنا على مواجهتها من خلال تعزيز قدراتنا الأمنية والتنموية".
وأشار إلى أنه رغم الجهود المستمرة التي تبذلها الحكومة في معالجة تلك المشكلات من خلال الخطط والبرامج الإنمائية وبرامج الإصلاح الاقتصادي المتواصلة، إلا أن تلك الجهود ظلت قاصرة عن تلبية الأهداف المرجوة، والتي بلا شك ستنعكس آثارها في تزايد أعداد المتطرفين الاختلالات الأمنية، وهو ما ينبغي تداركه والتغلب على آثاره المدمرة".
وجدد رئيس مجلس الوزراء التزام اليمن بمواصلة الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بمـا يكفل تحقيـق الاستقرار والازدهار للشعب اليمني.
وقال: نحن حريصون على الوفاء بتعهداتنا تجاه المنظمات الدولية ومجتمع المانحين الخاصة بمواصلة تطوير البناء المؤسسي للدولة لتحسين القدرة الاستيعابية لتنفيذ برامج التنمية".
وأضاف: كما أن الحكومة اليمنية حريصة كل الحرص على تسريع وتيرة تنفيذ أجندة الإصلاحات الوطنية وتطوير منظومة الحكم الجيد وخاصة في مجال تعزيز استقلالية السلطة القضائية ومكافحة الفساد وتحسين البيئة الاستثمارية وتحفيز النمو الاقتصادي والتخفيف من الفقر".
وأكد الدكتور مجور مـرة أخرى أن الإرهاب لن يثني اليمن عن التزامها بالنهج الديمقراطي والتعددية السياسية الذي انتهجته الجمهورية اليمنية كخيار مبدئي لا رجعة عنه .
وأشار في هذا الصدد إلى ما يتمتع به المواطنون من حق تكوين الأحزاب السياسية التي يزيد عددها اليوم عن عشرين حزبا سياسيا وحرية التعبير وحق النشر والإعلام حيث تصدر بانتظام أكثر من ثلاثين صحيفة حزبية معارضة وأهلية ومستقلة يومية وأسبوعية، إضافة إلى توسيع مشاركة المرأة وتكوين منظمات المجتمع المدني وحماية واحتـرام حقـوق الإنسـان،مؤكدا أن اليمن تعمل بصورة متواصلة على تطوير تجربتها الديمقراطية،رغم كل الظروف والمعوقات.
وقال: اليمن بلد ديمقراطي قائم على وجود المؤسسات الدستورية المنتخبة: مجلسي النواب والشورى.. وحكومة منبثقة عن النتائج التي تفرزها إرادة الناخبين في صناديق الاقتراع وهناك انتخابات رئاسيـة برلمانيـة ومحليـة دورية وتنافسية، كما أن هناك أحزاب ومنظمات مجتمع مدني فاعلة ونشطة وبالتالي فإن من غير المقبول أن نسمع البعض وهو يتحدث عن اليمن بأنه دولة فاشلة أو في طريقها للفشل ففي ذلك تجاوز للواقع واعتساف للحقيقة وتدخلاً في الشأن الداخلي".
وأردف رئيس الوزراء قائلا "إذا كان البعض يستند في حديثه ذلك على وجود بعض أعمال التطرف والإرهاب، فإن تلك ظاهرة لا يختص بها اليمن لوحده، بل إنها موجودة في الكثير من البلدان المتقدمة والمتخلفة على السواء،حيث أن التطرف والإرهاب لا حدود لهما ولا وطن".
وتابع: إننا في الجمهورية اليمنية ندرك أن عملية التحول الديمقراطي في بلدٍ نامٍ ومجتمع تقليدي، تستدعي من شركائنا التفهم بأن تلك التحولات تحتاج إلى الرعاية والتشجيع لكي تتطور وتستمر، وانطلاقاً من هذه الرؤية ستظل عملية الإصلاحات السياسية متواصلة بهدف تطوير العملية الديمقراطية وتعزيزها".
ولفت إلى أن اليمن حالياً بصدد إجراء إصلاحات لتطوير النظام السياسي والانتخابي، تتضمن توسيع دائرة المشاركة السياسية والأخذ بنظام الغرفتين في السلطة التشريعية والانتقال إلى نظام الحكم المحلي واسع الصلاحيات.
وقال: إن يمنـاً مستقـراً ومزدهـراً وموحـداً، هو الضمان الأساسي لنجاح الحرب على الإرهاب بكافة صوره وأشكاله وخدمة الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، وهذا لن يتحقق إلا بالدعم الواضح والعملي لأمن واستقرار ووحدة اليمن من قبل الشركاء الإقليميين والدوليين".
وأكد رئيس الوزراء حرص الجمهورية اليمنيـة علـى الوفاء بمسؤولياتها الوطنية والإقليمية والدولية في مكافحة الإرهاب وأن أرضها لن تكون أبداً ملاذاً آمناً لقوى التطرف والإرهاب وسنواصل ملاحقة ومطاردة العناصر الإرهابية بكل ما أوتينا من قوة، وبما لدينا من إمكانيات ولن تتوقف جهودنا في هذا المجال.
ولفت إلى ما شهدته السنوات الأربع الماضية من إجراءات في هذا المجال من خلال تنفيذ حزمة واسعة من الإصلاحات الهيكلية والمؤسسية والتشريعية جنباً إلى جنب مع الإصلاحات السياسية والاقتصادية.
وبيّن أن تلك الإجراءات تمثلت بتأكيد استقلالية القضاء والتأطير المؤسسي لجهود مكافحة الفساد، وإصلاح نظام المناقصات والمزايدات الحكومية.. وتحقيق الشفافية في هذا النظام،عبر إنشاء اللجنة العليا للمناقصات والهيئة العليا للرقابة على المناقصات، فضلا عن تحديد عشر أولويـات سيتم تنفيذها خلال العامين الحالي والقادم، وذلك كضرورة ملحة أمام الحكومة للتسريع بوتيرة التنمية والإصلاحات الاقتصادية وعملية البناء والتطوير المؤسسي وفقاً لبرامج منهجية واضحة ومتكاملة.
وقال: إن اليمن حكومة وشعباً وهو يتطلع إلى هذا الاجتماع، ليحذوه الأمل بأن يكون هناك تفهماً واضحاً للقضايا التي تعزز من جهود مكافحة الإرهاب وتبعث الأمل للشعب اليمني بأنه ليس وحيداً في مواجهة التحديات الاقتصادية
وأن شركاءه وأشقاءه وأصدقاءه سيقفون بقوة إلى جانبه".
وأضاف: نثمن بهذه المناسبة تثميناً عالياً، دعوة العديد من الدول لتكوين مجموعة أصدقاء اليمن لدعمه تنموياً وأمنياً، كما أننا نعبر عن شكرنا وتقديرنا للتوجهات الهادفة للدعوة إلى عقد مؤتمر في الرياض بالمملكة العربية السعودية بعد هذا الاجتماع، لمناقشة المواضيع المتعلقة بتمويل متطلبات التنمية وتحسين فاعلية المساعدات التنموية لليمن.. وتعزيز قدراته الأمنية والاقتصادية"
وأعرب رئيس مجلس الوزراء الدكتور علي محمد مجور في ختام كلمته عن تمنياته أن يخرج هذا الاجتماع بنتائج مثمرة تسهم في تحقيق الأهداف المرجوة منه وتخدم الاستقرار في اليمن والمنطقة.
سبأ
|