محمد انعم -
يبدو أن النتائج التي خرج بها مؤتمر لندن أكبر من أن يستوعبها أصحاب العقول المكبَّلة بأغلال القرون الوسطى.. لذا فهم يتعاملون معها وكأن الأمر مجرد تشجيع في مباراة لكرة قدم بين فريقين رياضيين..
بالتأكيد لم تجتمع أكثر من عشرين دولة في لندن لتوجه انذاراً واضحاً لتنظيم القاعدة أو لبعضها البعض.. ففي الوقت الذي أكدت التزامها بالحفاظ على وحدة اليمن واستقلاله وعدم المساس بسيادته أو التدخل في شؤونه الداخلية.. حذرت تلك الدول إيران وكل الإرهابيين المتمردين والحراك والقاعدة وأتباعهم، بأن أمن اليمن جزء مهم من الأمن الاقليمي والدولي..
إذاً من حق علي ناصر محمد أن يغضب، ومن حق المشترك أن يشعر بخيبة أمل، ومن حق المتمردين ان يعيشوا أوهام مجد الامبراطورية الفارسية ويعلنوا الحرب أو السلام كيف ما يشاؤون.. ولاخوف لو انتحر البيض أو أعلن عن »فك الارتباط« مع الغرب الامبريالي والرأسمالي البشع.
كل تلك المواقف تجعلنا ندرك أن الذباب الذي يعيش في المستنقعات مهما حمل من قذاراتها، لايمكن أن يدنس الأوطان أو يؤثر على نقاء وصفاء وعزة وكرامة الشعوب ابداً..
لكن ذلك لايعفينا من الوقوف أمام الرسالة التي وُجّهت لإيران من مؤتمر لندن.. باعتبارها الأهم لأننا بحاجة إلى ان يفهم الجميع ذلك بشكل واضح وألاَّ يتقوقعوا داخل مقايلهم وبالتالي عدم فهم حقيقة أبعاد المؤتمر الذي استضافته لندن الأسبوع الماضي..
أجزم أن بيان مؤتمر لندن ليس فيه غموض على الاطلاق وانما قد يكون الخلل في الرؤوس العاجزة عن استيعاب الأشياء الواضحة بشكل صحيح التي ركز عليها البيان..
فليس من المعقول ان تحذر الدول المشاركة في مؤتمر لندن نفسها.. لكنها اجتمعت وأجمعت ان ثمة خطراً يهدد المنطقة والسلم العالمي وذلك يبدو واضحاً في التدخل الإيراني في شئون المنطقة.. لذا نجد البيان الختامي للدول المشاركة في مؤتمر لندن قد جدد تأكيدها على وحدة اليمن و... و... الخ، وهذه رسالة واضحة لإيران التي تسعى إلى إعادة رسم خارطة سياسية للمنطقة.. وإنشاء دول مذهبية على طريق تنفيذ المخطط الفارسي في الجزيرة العربية..
أعتقد أنه يصعب أمام قضايا بهذا الحجم على أحزاب أو عناصر - مازالت تعيش في القرون الوسطى وتخوض معارك مناطقية وقروية وعنصرية وشطرية- ان تفكر بهذا المستوى.. وتكبر إلى مستوى التحديات الحقيقية التي تواجه اليمن والمنطقة عموماً.
إن مؤتمر لندن قد حدد موقفه من خطر القاعدة بشكل واضح، لكنه أضاف إلى ذلك »وغيره من اشكال الإرهاب« واظن ان ارهاب دول محور الشر هو المقصود من وراء إبراز ذلك..
إذاً فكل المشاريع الصغيرة لا مستقبل لها أبداً لأنها خطر داهم لايهدد اليمن فحسب، بل والعالم أيضاً، وثمة تفاصيل أوضح تحتاج إلى قراءة عقلانية لا صبيانية..
مؤتمر لندن يحذّر طهران
