استطلاع/أمين محمد الصايدي - كثيرة هي المعالم الاثرية التي تزخر بها محافظة ذمار وفي مديرية مغرب عنس عزلة الوثن قرية المنار يوجد حصن أثري عظيم قطن فيه نخبة من رجال الدين والذي عملوا بشكل فعال على نشر علوم الدين والشريعة.. فمن هذه الاسر التي قطن أبناؤها هذا المعلم الاثري.. هم من تلامذة الامام العلامة محمد الشوكاني -رحمة الله عليه- وكانت لهم علاقة قوية تربطهم بالإمام الشوكاني وخير دليل على ذلك اتفاقية الشراء لأرضية المبنى الاثري والتي تم اعتمادها من قبل الإمام الشوكاني.
هذا المعلم هو مبنى يسمى »حصن المنار« مكون من أربعة طوابق يوجد به ثلاثون غرفة.. اضافة الى أربع غرف استقبال »ديوان«.. أطول غرفة في المبنى خمسة أمتار.. وفيه أيضاً ثمانية حمامات، المبنى يقدر عمره حوالي 280-300 عام.. وشيد هذا المبنى على تلة صخرية يقدر ارتفاعها عن الأرض المسطحة 40 متراً تقريباً.
حبوب ومياه
يوجد في المبنى »الحصن« مخازن للحبوب »مدافن« يقدر سعتها من الحبوب 4000 قدح« أي «20.000 ألف كيلو.
وهذه المخازن لها فتحة ضيقة من الأعلى محكمة الغطاء تقدر مساحتها حوالي 60 سم تقريباً.. أحد المسنين الذي سكن في هذا المبنى يقول ان معظم ابناء المديرية كانوا يأتون إليهم لغرض قرضهم بعض من الحبوب المخزونة لديهم ويتم الوفاء بذلك عند موسم حصاد الزراعة.. وأغلب ما كان لديهم من الحبوب »الذرة«.
كما يوجد بجوار المبنى بركتان مائيتان تقدر سعة كل واحدة من المياه 20.000 ألف لتر تقريباً.. يقال ان هاتين البركتين المائيتين كانتا تغطيان حاجة كل الأسر القاطنة في المبنى من مياه الشرب وغيره.
الفن المعماري
النمط المعماري للمبنى متميز عن سواه في المنطقة عموماً، ولو نظرت الى المبنى من الداخل لوجدت شيئاً يدل على الفن المعماري اليمني الاصيل ناهيك عن الشكل الخارجي للمبنى.. فبداخله مثلاً توزيع الغرف وفصلها عن بعضها البعض بواسطة جدران متحركة من الحجار لها عمودان فقط من الحجار ايضاً العمود الأول مكون من حجرة واحدة، والعمود الثاني كذلك وهذا النمط موجود بكل طابق في المبنى.. والمصعد الأساسي للمبنى »الدرج« يقال ان الإبل كانت تصعد الى اعلى طابق وهي تحمل بعض حاجة الساكنين فيه.. ثم ان هناك فتحات في النوافذ والابواب وكذا بما يسمى »بالخزانات الحائطية« المصنوعة من الخشب المميز وهذا الخشب يسمى »الطنب«.
الزلازل والنزوح
تشير معلومات الى أن هذا المعلم الاثري »الحصن« سكنت فيه أسرة وفي عام 1982م، نزحت معظم الاسر الساكنة في المبنى الى خارجه ولم يبق إلاّ القليل ونزوحهم هذا كان بسبب الزلزال الذي هز محافظة ذمار.. ونتيجة لهذا الزلزال حدثت في المبنى عدة تشققات كانت بدايتها بسيطة، ولكنها بفعل الزمن والاهمال اتسعت وزادت خطورتها وأوجد الخوف في نفوس الاسر الساكنة بجوار هذا المبنى الاثري خشية ان يسقط عليهم.
مخطوطات دينية وعلمية
الدكتور علي مجاهد شمر عضو مجلس النواب يقول ان المديرية مليئة بالقلاع والحصون الاثرية التي تدل على عراقة تاريخ أبناء هذه المنطقة.. أما »حصن المنار« فهو من أبرزها بالرغم من ان هناك قلاعاً وحصوناً اقدم منه.. ولكن يأتي الفرق بينهما بالذين قطنوا تلك المعالم الاثرية.. فحصن المنار هو معلم اثري وكان بمثابة مدرسة علمية تقوم بتعليم بعض ابناء المناطق المجاورة وكل الوافدين الى هذا المعلم لأن الذين سكنوا هذا المبنى يعدون من أبرز الاسر في المنطقة من الناحية العلمية والفقهية.
ونحن اذ نناشد الجهات المعنية بالحفاظ على ذلك المعلم الاثري الذي اوشك على الانهيار.. ويكون هناك تقدير لمن كانوا بهذا المعلم والذين بذلوا جل حياتهم بنشر علوم الدين والشريعة في عصر شحت الامكانات.
مع العلم ان هناك مخطوطات دينية وعلمية كثيرة تابعة لمن قطنوا هذا المعلم والتي لا تقدر بثمن.. ولكنها متناثرة وشبه مندثرة يجب تجميعها وحفظها في المكتبة الخاصة بالمنطقة.
|