الشيخ الدكتور/ علوي عبدالله طاهر -
ذوو الاحتياجات الخاصة أو ( المعاقون) هم أفراد يعانون من قصور القدرة على التعليم او اكتساب خبرات ومهارات أو أداء أعمال يقوم بها الفرد العادي السليم المماثل لهم في العمر والخلفية الثقافية أو الاقتصادية أو الاجتماعية.
والإعاقة أياً كان نوعها لا تخرج صاحبها عن كونه شخصاً ابتلاه الله تعالى بما أفقده من القدرة أو الحواس، فأصبح معوقاً عن الحركة أو العمل والكسب والعطاء كغيره من الناس ما يجعله بحاجة إلى الرعاية والعناية، ويندرج ضمن مفهوم الإعاقة كبار السن أو العجزة الذين تقدم بهم العمر وصاروا يتحركون بصعوبة ، ويحتاجون إلى رعاية خاصة في مأكلهم ومشربهم ونومهم وعلاجهم.
ولقد اهتم الإسلام بذوي الاحتياجات الخاصة لعدة أسباب منها بشريتهم التي كرمها الله بقوله : «ولقد كرمنا بني آدم» (الإسراء 70) والتكريم شامل لكل البشر.ثم باعتبار إنسانيتهم فالناس جميعاً من أب واحد وأم واحدة هما آدم وحواء وفي الحديث الشريف: (كلكم لآدم وآدم من تراب). والأخوة الإنسانية تستدعي المؤازرة والمعاونة.
وكذا باعتبار الأخوة الإيمانية التي تقتضي المناصرة والمساعدة ، قال تعالى: (المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) ( التوبة 71) ثم باعتبار التكافل الاجتماعي الذي يقتضي التعاون بين الناس والتكافل فيما بينهم ، وفي الحديث الشريف :” إذا أراد الله بعبد خيراً استعمله على قضاء حوائج الناس”. ثم لاعتبارات أخرى.
لقد ألزم الإسلام المجتمع والدولة برعاية ذوي الاحتياجات الخاصة وذلك برعاية كل من يحتاج إلى الرعاية من أفراد المجتمع وجعل لهم مصرفاً من مصارف الزكاة ، وهو مصرف ( في سبيل الله ) الذي قرر الفقهاء أن ذوي الاحتياجات الخاصة من المعوقين وغيرهم يندرجون ضمن هذا المصرف.
ولذا فالواجب بذل كل الجهود من قبل الأفراد والجماعات لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة ، ويقتضي ذلك العمل على توعية المجتمع بأسباب الإعاقة للحيلولة دون حصولها ، وبالتالي العمل على تصحيح نظرة المجتمع لذوي الاحتياجات الخاصة ، ومعاملتهم بنوع من الاحترام والتقدير وتوفير العلاج المناسب لهم ، ومعالجة ما يمكن علاجه كالعمى، أو توفير البدائل للأعضاء التي فقدت أو تعطلت بالإضافة إلى تمكينهم من الحصول على التعليم المناسب لكل منهم ، مع توفير الوسائل المعينة على ذلك.
كما يقتضي الواجب توفير العيش الكريم لهم وذلك بتأهيل كل منهم للقيام بأعمال أو ممارسة مهام تتناسب مع قدراتهم، أو مساندتهم لأداء أعمال كانوا يقومون بها قبل الإعاقة.
ويندرج ضمن مساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة تخصيص من يقوم بمساعدتهم أو خدمتهم وبناء المؤسسات الاجتماعية التي تتولى القيام برعايتهم والعناية بهم وبالتالي دعم هذه المؤسسات من خلال إشراك جميع أعضاء المجتمع بدعم المؤسسات التي تعنى برعاية ذوي الاحتياجات الخاصة.
وينبغي في هذا الصدد أن تقوم الدولة بسن القوانين والتشريعات التي تحفظ حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة والتي تردع كل من يعتدي عليهم أو يستغل ضعفهم لمصلحته الشخصية ولابد من تشجيع الناس على إحياء سنة الوقف الشرعي ،الذي كان له عظيم الأثر في رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة عبر مراحل تطور الحضارة الإسلامية .
وينبغي في هذا الخصوص مراعاة حق المعوقين حركياً في الانتفاع بالمرافق العامة كالمساجد والمدارس والمستشفيات والأسواق ونحوها ، وذلك بتخصيص ممرات خاصة لعرباتهم دون أية معوقات لأن ذلك سيساعدهم للوصول إلى حيث يريدون بدون صعوبات.
*خطيب جامع الهاشمي بالشيخ عثمان
* صحيفة 14 أكتوبر