علي عمر الصيعري -
يحلو للبعض ممن لا يعجبهم العجب أو الصوم في رجب، أن يطلقوا لأنفسهم العنان للتقليل من منجزات الوحدة والجحود بخيراتها، وذلك في خضم احتفالات شعبنا بأعياد الوحدة اليمنية كما هو الحال في العيد الوطني العشرين لإعلانها وقيام الجمهورية اليمنية، وكأني بهم لم يعايشوا واقع ومآسي التشرذم والتشطير البغيض، ولم يواكبوا الأشواط التي قطعتها الجمهورية الفتية، ولم يلامسوا المنعطفات الحادة والصعبة التي تجاوزتها منذ الاعلان وإلى يومنا هذا.
فأولئك لا يريدون أن يصدقوا سوى أنفسهم الأمَّارة بالجحود والنكران، إن لم نقل بالسوء، ومع ذلك نقول لهم: مهلاً تعالوا إلى لحظة مراجعة ومكاشفة تحت عمود نور بدلاً من شحذ الأقلام في الظلمة والتراشق بسوادها الذي لا يصيب عادةً إلا مَنْ يرشق بها من حيث لا يدري.
ومع ذلك ندعوهم للحظة مكاشفة مع الذات لنسألهم: كيف كانت الأحوال المعيشية والحرية والديمقراطية في الشطر الجنوبي من الوطن، وعلى وجه التحديد إبان الحكم الشمولي في ذلك الشطر؟!.. ثم نسألهم: من كان وراء إهدار ثلاث سنوات من دوران عجلة التنمية والتطور منذ 22مايو 1990م إلى 7 يوليو 1994م باختلاق التأزمات واللجوء الى الاعتكافات والتلويح بالانفصال ثم إعلان الحرب على الوحدة؟! ونسألهم: من تسبب في خلق حالة من اللااستقرار وزعزعة الأمن والذي هو شرط أساسي للتنمية وتحقيق المزيد من الإنجازات والمكاسب، وذلك منذ افتعال حرب »صعدة« والدفع بعناصرها الى التمرد، مروراً بما يسمى بـ»الحراك الجنوبي« الذي صاحبه العنف والشغب والتأزم خلال السنوات من 2004م إلى يومنا هذا؟!
فلو حسبنا -قياساً- السنوات التي تمكنت خلالها حكومات مؤتمرنا الشعبي العام المتعاقبة من تحقيق هذه المنجزات وتلك المكاسب من العام 90 الى 2010م، بعد استبعاد سنوات الجمر وإرهاصات الأزمات، لوجدنا أنها لاتتعدى العشر سنوات البيض من عمر الوحدة، ومع ذلك تحققت بالإرادة السياسية والالتفاف الجماهيري حول قيادتهم السياسية العديد من المنجزات في ظل ما افتعله أولئك من أزمات واحتقانات ومع ذلك نجد أولئك الحالمين في وحل الانفصال والتشرذم يصرون على ان ما تم تحقيقه أقل بكثير قياساً بالعشرين عاماً من عمر الوحدة - لاحظوا »عشرين عاماً« متناسين ما أهدروه هم وما يخططون لإهداره من فرص أمن واستقرار لو توافرت لنظامنا السياسي الحاكم كاملةً لحقق ما لم يخطر ببال.. ولكن!! نتوقف هنا عند هذه الـ»لكن« لنعطي فرصة لأولئك للإجابة عن أسئلتنا هذه تحت عمود نور من المكاشفة والصدق مع الذات.
قال الشاعر:
»من تراه سيبدأ فينا البكاء.
علَّنا بعده نطرح الأسئلة؟!
من تراه سيصرخ في كبرياء
رافضاً هذه المهزلة،
قبل أن تسقط المقصلة؟!«
(ممدوح عدوان)