عبدالعزيزالهياجم -
ونحن نعيش أفراح العيد الوطني العشرين لتحقيق الوحدة وقيام الجمهورية اليمنية , نجد أنفسنا أمام حدث ومنجز عظيم ينبغي أن نعض عليه بالنواجذ ونقف سداً منيعاً في وجه كل التحديات وكل محاولات التشويه والانتقاص والإساءة إلى عظمة الوحدة كهدف سام تحقق لليمنيين بعد مراحل طويلة من النضال الوطني .
تصوروا لو أن أحداً بعد فترة من قيام الدولة الإسلامية وظهور الصراعات والخلافات بين الصحابة وبين الخلفاء ثم بين الدويلات الإسلامية المتعاقبة , بدأ يعبر عن حالة رفض وتذمر ويطرح مقولات تسيء للإسلام وتحمله أخطاء وتداعيات ما جرى ويجري وتعالت الأصوات في بعض الأمصار الإسلامية تنادي بفك الارتباط والعودة إلى ما قبل الإسلام .
تصوروا لو أن أبناء باذان والمقوقس وغيرهما من الحكام الذين جاء الإسلام على حساب عروشهم وأعلنوا الدعوة إلى فك الارتباط عن الإسلام وعودة الأمصار التي كان آباؤهم يحكمونها إلى وصايتهم وإلى دياناتها السابقة وبعد ذلك يعيدون النظر فيما إذا كانوا سيدخلون الإسلام مجدداً !؟
لا شك أن ذلك سيكون ارتداداً حتى ولو لم يعاقب بحد السيف, فإنه كان سيكون محل استهجان وازدراء وسيطالبهم الآخرون بالتفريق بين الإسلام ومظالم الحكام المسلمين , والتفريق بين المكانة والتقدير الذي منح لآبائهم عند دخول أمصارهم في الإسلام وبين استحالة أن يظلوا شركاء ولهم حصة ومناصب في الدويلات الإسلامية المتعاقبة .. من حقهم فقط أن يمارسوا حقهم في التعبير عن الرفض لكل المظالم من أجل تغيير أية مظلمة أو منكر والتوجه نحو تطبيق تعاليم الإسلام وبناء دولة الحق والعدل والمساواة في إطار وتحت مظلة الإسلام وليس بالخروج عليه.
واليوم عندما نتحدث عن نعمة الوحدة ونتذكر كيف كنا إخوة أعداء فألف بين قلوبنا لنصبح مجدداً إخواناً موحدين , فإن علينا أن نظل كما كنا أقوياء الإرادة لا ضعاف النفوس . وأن نتذكر أن ثورتينا سبتمبر وأكتوبر واجهتا نفس التحديات وأكثر فهل كان يجوز النكوص والارتداد عن الثورتين لمجرد أخطاء وممارسات وقعت.
ثورة سبتمبر حملت طموحات وآمالاً عبرت عنها أهداف الثورة التي كانت عناوين لغد يتطلع إليه الشعب , لكن هل كان بمجرد القضاء على نظام الحكم الإمامي المستبد سيكون الطريق معبداً ومفروشاً في الورود للمضي في تحقيق تلك الأهداف سريعاً وبسهولة ويسر , واجهت الثورة السبتمبرية ولا زالت تحديات وكان لابد من الشروع في الممكن شيئاً فشيئا.
وكذلك الحال بثورة أكتوبر التي دحرت الاستعمار ومنحت شعبنا في المحافظات الجنوبية حينها الاستقلال, من المؤكد أن أكثر من عقدين بعدها كانت بشموليتها مؤلمة ولم تكن بحجم التطلعات , لكن هل كان مقبولاً العودة إلى زمن الاستعمار؟!.
فمهما حدثت من أخطاء وتجاوزات في الثورتين أو الوحدة فإن ذلك لا يبرر ما ينادي به مرضى القلوب الذين يحلو لهم ترديد اسطوانات على شاكلة: كان الإمام أرحم .. كان عهد الاستعمار أكثر تطوراً ورخاء.. قبل الوحدة كانت أوضاعنا المعيشية أحسن .. ينبغي أن نتصدى لهؤلاء ونرد على جميع المشككين والمزايدين ودعاة التمزق والعنف بمزيد من التلاحم والعمل سوياً من أجل البناء والتنمية ومحاربة الفساد والعبث والاختلالات.
[email protected]