تحقيق / فاروق ثابت -
ليست الأولى ولكنها المحاولة الثانية ما يؤكد للذهن وبصورة تلقائية ان الحدث لم يكن صدفة.. وإنما بفعل فاعل.. وهذا ما أكده تصريح الوزير بعد ساعات من اخماد الحريق الذي اندلع في مبنى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وامتد الى ارشيف ادارة البعثات.. غير مستبعد ان يكون وراء الحادث قصداً جنائياً ذا علاقة بتزوير الابتعاث الخارجي كان هذا المحتمل بدرجة أكبر منذ وقوع الحادث الذي هرعت على التو من تلقاء البلاغ (٩) عربات اطفاء اخمدته بعد جهود مكثفة امتدت لساعات.
< اللجنة التي تشكلت على الفور من حادثة الحريق الثانية في نفس الاسبوع وفقاً لمصادر وتضم ثلاث جهات التعليم العالي والامن السياسي والداخلية اكدت في نتائج التحقيقات الأولية ما أدلى به الوزير ودار في الذهن ان الحادثة كانت مدبرة تقف وراءها عصابة هادفة لاحراق ملفات التزوير وان مادة سريعة الاشتعال استخدمت لاضرام الحريق الذي امتد بسرعة وتصاعدت ألسنته في دقائق قليلة من البدروم متجهة صوب مكاتب البعثات الواقعة في الدور الأول للوزارة ذات المكاتب المفصولة بالقواطع الخشبية.. وهذا ماكان مخوفاً بقوة للمسئولين الذين ما انفكت اياديهم عن اجهزة الهواتف يطلبون فرق الاطفاء لاخماد الحريق واطفاء الهلع المتزايد الذي بدا على (15) موظفاً فروا الى سطح المبنى المكون من سبعة طوابق خوفاً من حرارة الحريق واحترازاً من الاختناق بالدخان الذي ملأ الطوابق القريبة من البدروم.
كارثة
< مادة سريعة الاشتعال.. ارشيف يحوي الآلاف من الوثائق والملفات.. مخازن مليئة بالموكيت والاثاث المصنع من المواد الكيماوية المعروفة بسرعة اشتعالها.. ايضاً ملفات ملقاة لم يتم ترتيبها بعد لم تجعل المهمة سهلة على فرق الاطفاء التي سارعت بعربتين فقط ثم ثلاث حتى وصلت الاعداد الى خمس عربات، الى ان وصل عدد العربات المزودة بفرق الاطفاء الى (٩) عربات هرعت الى مكان الحادث لتجد امامها حريقاً وادخنة كثيفة جعلت مهامها في مشقة عالية.
الصبر جميل..!
ورغم المحاولات المكثفة التي بذلتها »الميثاق« لاستقصاء ملابسات الحادث والخروج بمعلومات تكشف هوية الجناة قيل لنا : تريثوا ايام قليلة وتكشف الحقائق باعلان رسمي لذا فلم نحصل على اي معلومات نطفئ بها لهيب تساؤلاتنا الصحفية..
تسريبات!!
< غير ان مصادر صحفية وباسم »وهمي« نقلت عن مصادر خاصة في الوزارة وأخرى نسبت انها مسئولة وبعضها عن موظفين وآخرون عن صحفيين ربما معلومات مسربة عن نتائج أولية توصلت اليها لجنة التحقيقات المكونة من ثلاث جهات رسمية احدها مدني وأخريين عسكريتين.
وهذا ما دفع فينا للاستغراب والاستفهام الكبير حول مايدور.. خاصة وان مصادر المسئولة التي نقل عنها افادتنا : لم نصرح بشيء ولا نعلم عن هذه المعلومات سوى ما ذكرناه في تصاريح مسبقة مفادها ان الحادث جنائي وان العملية مدبرة استخدم فيها مادة سريعة الاشتعال..
متورطون والعهدة على الراوي
< موقع »المؤتمرنت« نقل عن مصدر مكلف في اللجنة المكلفة بالتحقيق في حادثة حريق ارشيف وزارة التعليم العالي ان التحقيقات الأولية كشفت وقوف (٩) اشخاص وراء الحريق الذي التهم جزءاً كبيراً من ارشيف البعثات بينهم (٤) من موظفي الوزارة.
واربعة آخرين يشتبه قيامهم بأعمال السمسرة لانجاز معاملات الطلاب المبتعثين للدراسة في الخارج..
واضاف المصدر وفقاً للموقع ان اللجنة استعانت بالانتربول الدولي لسحب طالب يمني ملتحق للدراسة في هولندا ثبت تورطه في حادثة الحريق.. تمكن من الحصول على منحة دراسية بهولندا بطريقة غير قانونية.
وان الحريق الذي نشب في ارشيف الوزارة استهدف وثائق خاصة بقضية فساد مالي واداري مازالتا موضع التحقيق ويتهم فيها (٩) موظفين بالتزوير في وثائق رسمية وابتعاث (560) طالباً بطريقة غير قانونية.
المعارضة والمصدر المجهول!!
< مواقع وصحف أخرى حزبية ورسمية ومعارضة فاجأتنا بالامس بتناقل الخبر عن اللجنة المكلفة لم نجد ما يوافقها من مسئولي الوزارة أحد سوى القصد الجنائي في الوقت الذي تحط فيه الصحف بوابل تسريبات وبيانات »مصدر مجهول«!! غائر في ثنايا الوزارة ودوامة البعثات ما خلق دوامة أكبر من حادثة الحريق تركزت في ارتباك ملاحظ وتضارب في المعاملات على طريقة »من تعلا هدش« والعاقبة على الراوي!!
ليس بعقب سيجارة
< طالما ان الحادث جنائي بالاستنتاج بحكم الفساد في الابتعاث الذي كان ومايزال يؤرق الدكتور صالح باصرة وزير التعليم العالي والبحث العلمي في جهوده الشاملة للاصلاحات ما يتفق مع تلويح المسئول وتصاريح المجهول الذي استأثر بسرد تفاصيل تحفظ عنها المسئولون في الوزارة فإن هذا ما ينفي بقوة احتمال ضعيف مفاده ان يكون الحريق قد شب بفعل عقب سيجارة ربما رميت من قبل احد الموظفين او اصحاب المعاملات الذين يزورون الوزارة من الخارج على فتحة المصعد الذي لم يتواجد بعد الامر الذي سيتسبب في اشعال حريق البدروم ربما!!
باصرة و(كاترينا) التعليم العالي
< وان لم نجد المعلومات الرسمية التفصيلية التي تكشف المتورطين في العملية فعلاً فإن خطوات الدكتور صالح باصرة الجادة والعملية لانتشال الوزارة من اعصار الفساد »كاترينا« التعليم العالي المدمر بالتأكيد لم ولن يرضى الوسطاء والسماسرة والمزورين والفسدة داخل الوزارة خصوصاً البعثات..
اصلاحات شاملة
< فمنذ جاء الرجل العملي والجاد استطاع الوزير باصرة اجراء اصلاحات شاملة في مجالات عدة من ضمنها البعثات.
فقد تمكن منذ أشهر قليلة على تعيينه فقط على سبيل الذكر لا الحصر تنظيم البعثات وايقاف السماسرة والمتاجرين بالمنح الدراسية الى جانب اتخاذه اجراءات فاعلة لتنظيم مهام الملحقيات الثقافية بالخارج والحيلولة دون اقتصار عملها على دفع الاعانات للطلاب فقط واقامة سلسلة من الانشطة الهادفة الى تجويد التعليم الاكاديمي وتفعيل وظيفته في التنمية من خلال ربط التعليم الاكاديمي بمتطلبات التنمية وبما يلبي احتياجات سوق العمل من الكوادر النوعية المتخصصة وهذه الخطط التي اطلقها الوزير للخروج مما أعتبره بــ»دوامة البعثات« خاصة قضية التزوير التي تورط فيها (٩) مدانين بتزوير (560) منحة الى الخارج وتقديم الجناة للعدالة فضلاً عن توجهاته لاعطاء الحق لمن يستحقه وانصاف المظلومين من المستحقين للابتعاث الخارجي ومنع الوساطة بالتصريحات المعلنة التي استهل بها باصرة عمله في الوزارة بعد تعيينه مطلع 2006م الجاري، ومطالبته النافذين من اعضاء مجلس الشورى والنواب والمشائخ والوزراء والعسكريين بايقاف الوساطة حرصاً على مصلحة الابناء واخلاء الاجواء للوزارة للعمل من أجل اعطاء الحق لمن يستحقه..
(٥) ملايين دولار لدعم البحث العلمي
< خطط الاصلاحات مكنته من توفير (٥) ملايين دولار الى خزينة التعليم العالي قال حينها انه سيعمل على مطالبة وزارة المالية لتوجيه المبلغ الموفر من ميزانية الوزارة للابتعاث السنوي والبالغة (32) مليون دولار.. وهذا المبلغ تم توفيره جراء توقيف الطلاب غير المستحقين للبعثات من المستقطعين او الفاشلين او المنح المزورة.
الابتعاث بعضه يتم بشكل صحيح وبعضه يتم بشكل غير صحيح او خاطئ.. لا نتهم احداً لكن جزءاً منه يتم بشكل عشوائي كتخصصات عشوائية كايفاد الى بلدان معينة.. عشوائي كاختيار.. وهو جزء من الابتعاث، واصبحت الوزارة تلبي رغبات ولا تنظم التخصص البعثات.. هذا خلق دوامة للوزارة وعطلها عن عملها بدءاً من الوزير حتى أصغر موظف.
ايضاً دخل في ذلك مشكلة فعدم وجود خطة وعدم تفعيل القانون رغم وجوده والاستجابة لرغبات الكل جعل البعثات والمنح جزءاً منها عبر التزوير والسمسرة.
الشيء الآخر هو عدم وجود آلية لمتابعة ومراقبة الطلاب.. الطالب يعتبر تخصصه يفشل او يرجع الى البلد ويظل يستلم الفلوس.. اذن فالمشكلة تتزايد فالطلاب موزعون في (39) دولة والملحقيات موجودة في (13) دولة فقط وايضاً هناك مشكلة فلم تعد وزارة التعليم العالي هي المسئولة عن الايفاد، هناك وزارات اخرى دون ان يكون لوزارة التعليم العالي اي اشراف سواءاً على الترشيح او الايفاد او على الطالب اثناء دراسته.
اصلاح التعليم الجامعي
< لم تقتصر اصلاحات باصرة على البعثات فحسب بل شملت ايضاً المضي نحو تطبيق استراتيجية التعليم العالي وتصحيح التعليم الجامعي واعادة النظر في المناهج الدراسية الى جانب تصحيح التعليم الجامعي الاصلي ابرز ما تم في ذلك ايقاف جامعة العلوم التطبيقية لعدم التزامها بمعايير قانون التعليم العالي الاهلي وقرار مجلس الوزراء..
الحريق وقراصنة الابتعاث
< الاصلاحات الشاملة التي اطلق عنانها الدكتور صالح باصرة لوضع البلسم على مكامن الداء قطعت الطرق على قراصنة الابتزاز وعصابات نهب المال العام اقترنت بتصريحات اعلامية شنها باصرة ضد الفساد والمفسدين في وزارة التعليم العالي خصوصاً في مجال البعثات.. ما اعتبره البعض بأنه شن حرب شاملة بل وشرسة ضد المخالفين والمستفيدين من الوضع المتردي للوزارة وهذا ما وضع الوزارة ومسئوليها المعنيين بالتصريحات في حالة استنفار..
لكن مع البدء بخطوات الاصلاحات توسعت دائرة الاستنفار نحو اللجوء الى احراق الوزارة وتشتيت شملها لتعتيم التحقيقات حول قضايا التزوير وارباك العمل وادخال الوزارة وقيادتها في حالة من القلق ودوامة من المشاكل بغية اضعافها ويأسها عن مواصلة خطاها الجادة لاجتثاث الفساد والمفسدين.. من تؤكد المؤشرات وقوفهم وراء احراق ارشيف الوزارة وهذا ما أكده مواطنون ومتابعون للقضية.
| 
تحفظ المسئول وصرح المجهول!!.. من وراء إحراق التعليم العالي؟!
