كتب/ توفيق الشرعبي - ناقش مجلس الشورى الاسبوع الماضي واحدة من أهم القضايا التي تهدد الانسان اليمني والبيئة الحية والتي تتمثل في المبيدات والمدخلات الزراعية، حيث اتسعت هذه الظاهرة من خلال الاستخدام العشوائي لكل ماهو مأكول من خضروات وفواكه عن طريق الرش والتسميد، لذا انتشرت العديد من الامراض الخطيرة كالسرطان والجلطات والموت الفجائي والفشل الكلوي والكبد والقلب..و..و.. الخ من الامراض القاتلة.. في حين أن العالم بدأ العزوف عن استخدام المبيدات والمدخلات الزراعية المدمرة باتباع اساليب حديثة وعلمية وفي معظمها تعتمد على اسلوب المكافحة البيولوجية واستخدام الطرق الوقائية، في وقت نحن في اليمن لانأخذ الأمر بأنه يتعلق بنا كشعب وكأمة ومتعلق بمستقبل الاجيال القادمة، ونخشى ان نصل الى مرحلة يفرض علينا الآخرون حظراً صحياً - حسب قول الدكتور فضل ابو غانم عضو المجلس - الذي اشار الى ان كل التقارير المقدمة في بلادنا تأتي بنفس المفردات - عدم -غياب- عشوائية.. الى آخر تلك المفردات التي تكشف عورات ومغاور الفساد.. فلماذا لانحاول -بحد قوله- تغيير تلك المفردات لتصبح القوانين والنظم والرقابة والجزاء والثواب حاضرة.. ما الذي يمنعنا حيث والفساد اصبح علامة تميزنا عن غيرنا من الشعوب؟!
الوضع الراهن
التقرير الذي قدمته اللجنة الزراعية والاسماك والموارد المائية الى المجلس عرض الوضع الراهن لاقتناء كل جديد يأتي من هنا وهناك في ظل غياب مراكز البحوث المتخصصة والتزايد الملحوظ في تجارة المبيدات الكيماوية والمدخلات الزراعية كالمخصبات والاسمدة واستخدامها في ظل غياب الرقابة والاشراف وعدم فاعلية التشريع وغياب الارشاد الزراعي والتثقيف الصحي لاستخدام هذه المبيدات بحسب القاضي يحيى قحطان- الذي دعا الجميع الى تضافر الجهود لتوعية المجتمع بالمخاطر الجسيمة والمدمرة للانسان والبيئة.
مسئولية وطنية
ولخطورة مانحن فيه فإن الموضوع مهم صحياً وبيئياً واقتصادياً وأمنياً وسياسياً ويجب ان نتناوله بمسئولية وطنية كما اكد على ذلك الدكتور احمد الاصبحي واضاف : ان الأمر يتعلق بمصادر الاستيراد ومنافذه وانتشار ظاهرة التهريب وغياب المختبرات المجهزة وغياب فاعلية التوجيه والارشاد الزراعي والصحي في هذا المجال خصوصاً وغياب الالتزام الكامل ببيع وتداول وتخزين المبيدات والمركبات الكيماوية.. حيث توجد أسواق في مواقع غير مناسبة تتوسط تجمعات سكانية وأخرى مجاورة.. ناهيك عن استخدام المبيدات المنتهية صلاحيتها او المغشوشة والمستوردة بطرق رسمية.
عدم التفاعل
ومما يزيد الأمور خطورة عدم التفاعل الواضح مع التوجيهات والقرارات والأوامر والمذكرات حول ايجاد آلية لعملية استيراد المبيدات وتسويق الاسمدة والرقابة عليها، الأمر الذي يظهر ان الاشكالية تكمن بدرجة اساسية في ضعف الآليات التنفيذية والرقابية وتدني مستوى الوعي وسط قطاع المواطنين المتعاملين مع المبيدات والمدخلات الزراعية وما يترتب عليها من أخطار سواءً بجهل الكثير او بأنانية من يبحث عن الربح القاتل خارج ضوابط القانون والنظام بحد قول الدكتور الاصبحي.
سبع سنوات من صدوره!!
وبالرغم من ان القانون رقم 25 لسنة 1999م قد عالج من خلال فصوله السبعة ومواده الـــ(36) العديد من القضايا المتعلقة بتنظيم تداول المبيدات بما في ذلك تسجيلها والوقاية منها والتفتيش عن اية عملية من عمليات تداول المبيدات مروراً بالعقوبات - كما جاء في التقرير المقدم الى مجلس الشورى- نجد عدم التزام الجهات ذات العلاقة بخطوات التسجيل وفقاً لنموذج طلب تسجيل المبيد اضافة الى غياب آلية التعامل مع مايتم استيراده من اسمدة كيماوية ومدخلات زراعية مختلفة وعدم الالتزام بالقواعد الخاصة بتداول المبيدات والتي نص عليها القانون وعشوائية الاتجار بالمبيدات والاسمدة وتعدد التجار والمتاجرين بهذه المواد بعيداً عن الالتزام بشروط الاستيراد والبيع، والتداول والتخزين كما ذكر ذلك التقرير المقدم واشار اليه الاعضاء في مداخلاتهم النقاشية.
> القانون يمنع منعاً باتاً ادخال اي مبيد مهما كان نوعه او كميته إلاّ بتصريح مسبق من الجهات المختصة وفي حالة المخالفة يعرض المخالف نفسه للعقوبات وهاهو التقرير المقدم من قبل اللجنة يقول : وبعد مضي سبع سنوات من تاريخ صدوره - عشوائية الاتجار بالمبيدات والاسمدة والمدخلات الزراعية المختلفة اذ تحتضن المدن والمناطق - بحسب الدكتور ابو غانم- التي تتجمع فيها الزراعة والاسواق دكاكين بيع التجزئة منها يحمل ترخيصاً والبعض الآخر لايحمل تراخيص.. فأين القانون من كل ذلك وأين الجهات المعنية بتنفيذه؟
لذا نقول ان القانون لاسمع له ولابصر ولا فؤاد حتى يكون مسئولاً عن نفسه ومحاسباً على تقصيره كما يقول القانون نفسه في الفقرة »ب« : يحظر ادخال او اخراج او عبور أي مبيد إلاّ من خلال المنافذ الرسمية للجمهورية والمحددة في تصريح الاستيراد او التصدير.. فمتى تم تنفيذ ذلك الحظر؟ ان الحقيقة تقول اننا اليوم وبعد سبع سنوات من صدور القانون لانلمس وجوداً للحظر..
اختيار
د. فضل ابو غانم اشار الى ان المادة (28) من القانون تقول انه على جميع اجهزة القوات المسلحة والامن والجمارك والتموين والتجارة والموانئ والمطارات والبريد والجهات ذات العلاقة.. والمشرع قد اكد مشكوراً على مصداقية هذا القانون.. فالأمر ليس إلاّ لزاماً.. فما قيمة قانون ترك للمسئول عن تنفيذه ان يختار بين ان ينفذ او لا؟ فهل هناك اهمال اكثر من هذا في التشريع، وهل هناك من طرف امرّ من هذا في النتائج؟
وكثيرة هي فقرات المواد التي اعطت هذه القضية أهمية كبرى ومع ذلك لم نجد أي تفاعل معها رغم وجود المخالفات التي تم القبض عليها او المتستر عنها.
نتائج وخيمة
وعليه اكد التقرير المقدم الى مجلس الشورى ان العديد من المبيدات ادت لفترة زمنية واجباتها وعملت مفعولها وبعد فترة من الارتياح لها ظهرت مشاكلها وبسرعة كبيرة.. اذ نجد اليوم معظم المبيدات المستخدمة لمكافحة الحشرات الضارة تقتل الطيور والاسماك والنحل ودود الحرير والحشرات النافعة والتي تفيد المزارع والبيئة بقتل الحشرات الضارة.. اذ اصبحت المبيدات نقمة اكثر منها رحمة والأكثر من ذلك يبرز اتساع تأثيراتها على الانسان بظهور حالات مرضية على الانسان والحيوان في المدى القريب والقصير اذا ما دخلت الجسم..
ضرورات
ونجد نتيجة لذلك أن العالم والمجتمعات لم تسكت او تنحنِ لهذه الظاهرة وهذا الخطر المتزايد- كما نص على ذلك التقرير- اذ تعالت الاصوات والاعتراضات المنادية لوقف استعمالات المبيدات خاصة تلك الاستعمالات غير السليمة.. اذ اتجهت العديد من البلدان نحو اصدار التشريعات ومنع صناعتها وحتى دخولها.. لذا اكد اعضاء مجلس الشورى على اهمية دور الجهات المعنية في التطبيق الصارم للقانون الخاص بالمبيدات حمايةً للمجتمع والبيئة.. كما اكدوا على أهمية الارشاد الزراعي وعلى ضرورة تبني حملة وطنية واسعة النطاق تشترك فيها مختلف الجهات المعنية ووسائل الاعلام ومنظمات المجتمع المدني بهدف التوعية بمخاطر الاستخدام العشوائي للمبيدات.. كما اوصت المناقشات بتطوير وترقية الامكانات الفنية والمختبرية اللازمة للتعامل مع المبيدات والمدخلات الزراعية، كما اوصت باتخاذ عقوبات رادعة ضد المخالفين لاحكام القانون من خلال نيابة متخصصة بهذا النوع من القضايا ودعت المناقشات الى انشاء شركة عامة يُعهد اليها مهمة تصنيع واستيراد المبيدات والمدخلات الزراعية ذات الطبيعة الحساسة بهدف وضع حد للتجاوزات التي تتم من قبل المستوردين.
|