ناصر العطار -
ما يعد غريباً في حاضر اليمن وربما مستقبله أن يتحول اتفاق فبراير 2009م من حلم جميل قدمته الأحزاب للشعب في أبهى صوره النافعة لتمكينه من حكم نفسه بنفسه بفعالية أفضل مما هو عليه الحال، وطلبت لتحويله الى حقيقة تمديد فترة عمل مجلس النواب لمدة عامين حتى تتمكن من إنجاز الاصلاحات في النظامين السياسي والانتخابي .. الخ، وشيئاً فشيئاً أصبح هذا الحلم قاب قوسين أو أدنى من كابوس مرعب لا يقتصر ضرّه في القضاء على الديمقراطية فحسب بل تجاوز ذلك ليهدد وحدة بلادنا وأمنها واستقرارها، وذلك نتيجة لتصرفات أحزاب المشترك على عكس المؤتمر الشعبي العام الذي يحرص على تقديم التنازلات تلو التنازلات وإيثار مصالح الوطن بهدف لمّ الشمل وتوحيد الجبهة الداخلية لمواجهة التحديات التي يمر بها الوطن..
واليوم بات أبناء الشعب وكل المهتمين بشؤون اليمن ومسيرته الديمقراطية في قلق يؤرقهم الغموض والصمت إزاء أنشطة أحزاب المشترك المعنية دون غيرها بتنفيذ اتفاق فبراير.
ولتفسير الغموض وفك الألغاز وحتى تجد أجوبة للتساؤلات التي يتبادلها المواطنون فيما بينهم عن إمكانية إجراء الانتخابات النيابية، وهل ذلك مشروط بحوار الاحزاب واتفاقاتها يفرضه نص قانوني أو واقع لم يظهر بعد.. وعما إذا كان الوقت المتبقى حتى 27 / 4 / 2011م كافياً لتنفيذ الاتفاق إذا كانت أحزاب المشترك جادة وصادقة في مزاعمها.. أما إذا ظل الحال كالسابق والذي أهدر 60٪ من الوقت الذي تعهدت به تلك الاحزاب للشعب بأنها ستجري حواراتها وتحول نتائجها الى خطوات عملية، وهذا ما لم يحدث.. وعن هذا وذاك لابد من وضع الأمور في نصابها، ونعتقد ان ذلك لن يتأتى إلا من خلال تقييم نشاط تلك الأحزاب والتزاماتها.. الخ، بالاضافة الى بقية المواضيع ذات الصلة بالديمقراطية والانتخابات، ويتضح ذلك جلياً من خلال نصوص اتفاق فبراير ومدلولاته، حيث ورد في ديباجته أن تلك الأحزاب هي من تتقدم لمجلس النواب بمنحها فترة زمنية كافية لتتمكن من استكمال مهامها في التعديلات على قانون الانتخابات وإعادة تشكيل اللجنة العليا للانتخابات وذلك وفقاً لما ورد في البندين الثاني والثالث من الاتفاق، أما البند الأول فقد خصص لإجراء التعديلات الدستورية ولإصلاح النظام السياسي والنظام الانتخابي.. وهذا يدل بما لا يدع مجالاً للشك أن ما تضمنه البندان الثاني والثالث لا يتطلب تنفيذهما سوى انطلاق تلك الاحزاب من النقطة التي توقفت عندها في جلسة مجلس النواب في 18 اغسطس 2008م بإعادة عرض مشروع تعديلات القانون على مجلس النواب لإقراره ومن ثم إعادة تشكيل اللجنة العليا- وفقاً لفحوى البند الثالث، دون الحاجة للتحاور من جديد بشأنهما، وعن التعديلات الدستورية ووفقاً للبند الأول من اتفاق فبراير فإن الظروف والمناخات متوافرة لإجرائها لو كانت أحزاب المشترك جادة، كون مبادرة فخامة رئيس الجمهورية قد فتحت الباب على مصراعيه لجلوس الجميع على طاولة الحوار اضافة الى أن عامل الزمن من اليوم وحتى فترات إجراء الانتخابات النيابية في موعدها 27 / 4 / 2011م والتي ستبدأ في موعد لا يتعدى بداية شهر نوفمبر من هذا العام بدءاً بالمرحلة الاولى من مراجعة وتعديل جداول الناخبين وفقاً لنصوص الدستور والقانون، أي أن فترة أربعة أشهر من بداية الشهر القادم وحتى ذلك الموعد كافية لتقديم مشروع التعديلات من قبل الاحزاب لمجلس النواب وليتولى ممارسة صلاحيته بالمناقشة والإقرار ثم العرض على الشعب للاستفتاء، وقبل كل شيء يجب على أحزاب المشترك التعامل مع القضايا وفقاً لخصوصية كل منها بمعنى أن تفصل بين القضايا الانتخابية عن بقية المواضيع كونها مرتبطة بقواعد وإجراءات وفترات زمنية لا يمكن تجاوزها هذا أولاً، وثانياً عليها البدء فوراً بتنفيذ واجباتها بتقديم مقترحاتها بالتعديلات الدستورية وتسمية ممثليها للحوار مع ممثلي المؤتمر كون الأخير قد قام بذلك اضافة إلى مبادرة فخامة رئيس الجمهورية التي قدمت لمجلسي النواب والشورى، علماً أن المؤتمر لا توجد لديه مشكلة أو موقف من مسألة تشكيل لجنة الحوار وطبيعة عملها طالما ستتولى التنفيذ الفعلي للمهام ووفقاً لبرنامج زمني محدد منعاً من الانزلاق في الفخ المنصوب للوطن سلفاً.
وفي الاخير نحذر قيادات المشترك من مغبة الاستمرار في الاستخفاف بالشعب وحقوقه، وألاَّ يجعلوا من اتفاق فبراير مطية ومعولاً للقضاء على حلم الوطن في العمل الديمقراطي، لأنه لا يمكن القول عن ديمقراطية بدون انتخابات تجرى في مواعيدها المحددة وفقاً للإجراءات والضوابط، مالم فإن الشعب سيسير قُدُماً بإجراء الانتخابات النيابية ولن يتقاعس أو يتكاسل عن ذلك، لأنه قد بات مدركاً أن النظام السياسي والنظام الانتخابي المطبَّق يعد من أفضل الأنظمة وأكثرها ملاءمةً لخصوصيات بلادنا، وأن الآتي من تلك الأحزاب ربما سيكون أنموذجاً سيئاً يعمّق الطائفية والسلالية وغيرها من أشكال التمزق..
< رئيس دائرة الشؤون القانونية