لقاء: حنان محمد فارع -
حول قضايا المرأة وحقوقها الأساسية والمشروعة، وعن أنشطة مركز المرأة للبحوث والتدريب في جامعة عدن من خلال إجراء البحوث والدراسات الخاصة بالمرأة التقينا الدكتورة هدى علي علوي أستاذ القانون المساعد في كلية الحقوق بجامعة عدن والتي عينت مؤخراً مديرة لمركز المرأة للبحوث والتدريب في جامعة عدن.. وكان لنا معها هذا اللقاء : ^ في البدء ما دور مركز المرأة للبحوث والتدريب في جامعة عدن؟ - المركز هو أحد ابرز المراكز العلمية المعنية بإجراء البحوث والدراسات حول قضايا المرأة ويهتم بتنظيم وتنسيق عدد من الفعاليات والندوات وورش العمل والدورات التدريبية التي تستهدف تأهيل الهيئة التعليمية والشباب المعيدين والطلاب في مجال تعزيز المعارف الحقوقية والاجتماعية بهدف تعميم ونشر ثقافة احترام حقوق المرأة في المجتمع.
تجربة نادرة
^ ما هي البرامج والأنشطة التي ينفذها المركز؟ - عمل المركز يسير في اتجاهين، الاتجاه الأول : أكاديمي حيث تم استحداث مساق الماجستير في مجال الدراسات النسوية ويتم تدريس طالبات من حملة البكالوريوس من مختلف التخصصات سواء أكان من علم الاجتماع وعلم النفس واللغة العربية والأدب أم القانون والاقتصاد.. وتم تخريج أربع دفع، ثلاثة منها من حملة الدبلوم، والدفعة الرابعة ستكون أول دفعة في الماجستير وهذا يعتبر منعطفاً مهماً في نشاط المركز العلمي، وهو أول مشروع للدراسات العليا في اليمن في مجال الدراسات النسوية، فلا يوجد هذا التخصص في أي جامعة يمنية، ونستطيع أن نطلق عليه بالتجربة النادرة حتى على صعيد الوطن العربي، فمثله لا يوجد إلا في لبنان وحاليا في الأردن والآن في اليمن. ونشاط المركز يتجه نحو تعزيز المعارف الثقافية والقانونية والمجتمعية في قضايا المرأة من ناحية علمية ومنهجية، ويُدرس في المركز كبار الأساتذة في التخصصات المختلفة، حيث لدينا أقسام متعددة وهي: علم اجتماع، الدراسات القانونية، الاقتصاد والعلوم الإدارية، والدراسات الفلسفية والاجتماعية.. أما الاتجاه الآخر في نشاط المركز فيتعلق بإجراء البحوث والدراسات، فقد أجرى المركز دراسة ميدانية تحليلية حول العنف ضد المرأة استهدفت عدداً من محافظات الجمهورية وتعد نتائجها ذات أهمية بالغة ..الآن نحن بصدد عقد ورشة عمل لتعميم نتائجها، وهناك عدد من الدراسات تتعلق بالصحة الإنجابية وتعدد الزوجات وزواج الصغيرات وغيرها.
موروث تقليدي
^ ما أهم المعوقات التي تواجه عملكم؟ - نواجه بعض الإشكاليات الطبيعية التي يمكن أن تعلق بأي عمل يتوق للإبداع والتميز وإتقان المهام، وأكثر تلك الإشكاليات تتعلق بعمل أي منظمة نسوية أو مراكز معنية بقضايا المرأة وهي الموروث الثقافي السلبي الذي يصطدم مع أهداف وبرامج أنشطتنا لأننا نتجه نحو إحداث تغيير في اتجاه المجتمع بخصوص النظرة لحقوق المرأة، وغير ذلك لدينا آلية عمل تخدم برامج وأنشطة المركز والذي يعمل وفق نظم ولوائح الجامعة ويخضع للائحة داخلية تنظم سير عمله. توسع.. وتعزيز ثقافة المرأة ^ ماهي مشاريعكم للمراحل القادمة؟ - نتوق إلى تطوير الإطار الأكاديمي ونعزز ونرسخ اللوائح المنتظمة لعمل الدراسات العليا في المركز، ونوسع اقسامه حتى نستوعب وحدات الطفولة والشباب إلى جانب الأقسام الموجودة كقسم التدريب، المناهج، البحوث والدراسات.. لأن إدماج قضايا الأطفال والشباب مع النوع الاجتماعي صار لزاماً كمنظومة واحدة، ونسعى أيضاً مع اللجنة الوطنية للمرأة لإدخال مفاهيم النوع الاجتماعي في المناهج الدراسية بالذات في مساق البكالوريوس والهدف هو تعزيز ثقافة حقوق المرأة والمعرفة بالمفاهيم الدولية المناصرة لقضاياها والطفولة والشباب، كذلك في برامجنا المستقبلية لدينا عدد من الأنشطة والبرامج التي تهتم بموضوع الدورات التدريبية الخاصة في أوساط الشباب في مختلف الكليات وأيضاً من خارج الجامعة.
ذكرى التأسيس
^ مع نهاية العام الحالي ينظم المركز بمناسبة الذكرى الأربعين لتأسيس جامعة عدن ندوة علمية كبرى حول قضايا النوع الاجتماعي في الجامعات اليمنية .. ما توقعاتك لهذه الندوة؟ - هذه الندوة ستكون على مستوى الجامعات اليمنية وهو نشاط كبير نستعد له، والندوة ستقوم على أساس بحث إشكالية المفهوم للنوع الاجتماعي والذي لا يزال يثير جدلاً واسعاً في المجتمع، وصارت هناك أطروحات ونقاشات تأويلية واجتماعية وفكرية حول اصطدام هذا المفهوم بأحكام الشريعة الإسلامية أو بعض مضامين خصوصية المجتمع، وبالتالي من المهم بمكان بحث هذا الموضوع على مستوى علمي أكاديمي من خلال ندوة علمية كبيرة نستضيف فيها عدداً من الباحثين والأكاديميين اليمنيين في رحاب جامعة عدن والخروج بعدد من النتائج والتوصيات المتعلقة بإزالة اللبس والشكوك حولها. قوانين نوعية ^ د. هدى علوي .. بما أنك أستاذة في القانون .. هل تجدين أن المشرع القانوني أنصف المرأة اليمنية؟ - القانون اليمني يشكل حالة نوعية مقارنة بقوانين الدول المجاورة، لكن المشكلة تكمن في تحقيق ضمانات فعلية للنصوص القانونية، إلى جانب وجود خلل في احدى نصوص الدستور.. كما أن هناك أكثر من 40 نصاً بحاجة إلى مراجعة ووقفة من قبل لجنة تقنين نصوص الشريعة الإسلامية في مجلس النواب وإعادة النظر فيها وتحتاج للمزيد من النضال والعمل باتجاه تغيير الثقافة المجتمعية.
تحديث المجتمع
^ البعض لديه مآخذ على أطروحاتك حول حقوق المرأة وحريتها، ويرى أن لديكِ شطحات خارجة عن نطاق خصوصيات المجتمع اليمني.. ما ردك على طرح كهذا؟ - بالعكس، أناِ أشعر أني اخطب ود المجتمع إلى حد كبير، كما أنني كامرأة مثقفة ومسلمة التزم بالثوابت الشرعية أو المجتمعية، مع أن ذلك لا يحول دون أن نمثل العناصر الفاعلة في المجتمع والتي تهدف إلى التنوير والتغيير، وأنا مؤمنة تماماً أننا يجب أن نتجه معاً في معركتنا في طريق التحديث لأن السقف الذي نتطلع إليه هو تحديث المجتمع وبناء دولة مؤسسات وهذا لا يتأتى إلا من خلال أطروحات فيها الجرأة والاجتهاد والمبادرة في القضايا الحساسة والمعقدة والذي يحتمل فيها التباين في الرأي والاختلاف.
تراجع المرأة
^ يُقال أن نساء عدن في الوقت الراهن اختلفن كثيراً عن الرعيل الأول من النساء العدنيات المتعلمات والمثقفات والمناضلات والعاملات ... فهل هذا صحيح؟ - أعتقد أن المسألة لا تؤخذ بهذه الطريقة من المقارنة؛ لأن فيها إجحافاً بحق المرأة اليوم وكل ما في الأمر أن عدن كانت منطقة حضرية منفتحة على الثقافات الأخرى، وقد يرى البعض أنه صار هناك نوع من التراجع والنكوص في الفترة الأخيرة في التعاطي مع حقوق المرأة وحريتها والسبب هو تغليب كفة التيارات الأصولية في فترة معينة أدى إلى التراجع في الانتصار لقضايا المرأة وحقوقها، ونلاحظ في الفترة الأخيرة أن هناك نوعاً من رد الاعتبار فيما يتعلق بقضايا المرأة واتسعت دائرة المناصرين بل وأصبح هنالك التزام بمسألة حقوق المرأة.
^ من خلال المعطيات السابقة في الحوار.. كيف تنظرين لمستقبل المرأة في اليمن؟ - أنا إنسانة واقعية وأنظر للحياة بمنظور علمي ومنهجي وبالتالي أعول كثيراً على المستقبل، وإن شاء الله سيكون الطريق ممهداً لانتزاع المزيد من الحقوق للمرأة طالما أن النساء باقيات على العهد والولاء لقضيتهن جنبا إلى جنب مع الرجل دون الحاجة إلى نصب العداء للرجال. حضور فاعل ^ البعض ينظر إلى النساء اللواتي تقلدن مناصب قيادية أنهن مجرد ديكور وواجهة حضارية لا أكثر؟ - صحيح.. لأن هذه المسألة ارتبطت بالمناقشات التي دارت حول منح المرأة نسبة في المجالس النيابية أو المواقع القيادية العليا وأن الكوتا يمكن أن تمنع الحضور الفاعل والسياسي الحقيقي المرأة باعتبارها صاحبة قرار وصوتاً مسموعاً وما هذا إلا تجميل للسلطة ... وهذا للأسف ما ارتبط بأذهان الكثيرين بسبب وجود بعضهن في مناصب عليا ولم يستطعن توصيل أصواتهن إلى صانع القرار ولهذا صار المجتمع ينظر إلى هذا الحضور على أنه شكلي وسلبي وغير حقيقي، لكنها معايير ليست مطلقة لأن هناك نساءً قادرات على توصيل أصواتهن إلى أعلى المنابر ولهن بصمات كبيرة على واقع تطور حقوق المرأة سواء موجودات في السلطة أو مواقع أخرى..
رئيسة مركز المرأة بجامعة عدن: معركتنا من أجل التحديث مستمرة 
