|
|
جمال العشماوي - يشكل مشروع القانون الجديد للمناقصات والمزايدات والمخازن الحكومية المعروض حالياً أمام مجلس النواب أحد المفاصل المهمة في أجندة الإصلاحات الوطنية التي تنفذها الحكومة، وأحد المتطلبات الملحة لضمان استخدام الموارد المالية بما فيها المنح والقروض التي حصلت عليها اليمن في مؤتمر المانحين.
ويأتي مشروع القانون ضمن مجموعة من التشريعات التي تهدف في الأساس إلى إصلاح القطاع الاقتصادي والتجاري وتحسين أجواء الاستثمار، وفي ذات الوقت تحد من التصرفات الخاطئة والمخالفة وتعمق مبدأ الشفافية والمشاركة الشعبية وتعمل كمنظومة واحدة لسد منابع الفساد بكافة أشكاله.
وأشارت المذكرة الإيضاحية لمشروع قانون المناقصات والمزايدات والمخازن الحكومية المقدمة من الحكومة، حصلت عليها "الميثاق" إلى أن إيجاد إطار قانوني ينظم المناقصات والمزايدات يكتسب أهمية كبيرة في الواقع العملي نظراً لطبيعة تلك المناقصات والمزايدات سواءً من حيث المتعاملين بها أم القائمين عليها، أو بالنظر إلى الأموال الطائلة التي تنفق في المشاريع التي تتم بموجبها أياً كانت مستوياتها أو نشاطاتها. ولهذا يجب وفقاً للمذكرة الإيضاحية أن يكفل الإطار القانوني المنظم لها الضمانات التي تهدف إلى تحقيق العدالة والمساواة بين المتنافسين في المناقصات والمزايدات من خلال شفافية وضبط الإجراءات المتعلقة بها، وتعزيز استقلالية وحيادية القائمين عليها وحظر أي تدخل قد يؤدي إلى الإخلال بتلك الاستقلالية والحيادية.
ويهدف ذلك الإطار أيضاً إلى حماية المال العام وذلك من خلال تحديد إجراءات تلك المناقصات أو المزايدات بشكل دقيق حتى لا يؤدي ضعف تلك الإجراءات أو عدم كفايتها إلى جعلها مدخلاً كبيراً للفاسدين والمفسدين من ضعاف النفوس، خاصة في ظل عدم وجود جهة رقابية مستقلة تعنى بالرقابة على تلك المناقصات والمزايدات. ومن ناحية أخرى فإن التشريعات ليست مقصورة بزمن معين فهي بحاجة إلى التطوير والتعديل والتحديث لمواكبة التطورات التي تحدث كل يوم في كافة المجالات.
وأكدت المذكرة أنه لتحقيق تلك الأهداف فقد حرصت القيادة السياسية بزعامة فخامة الأخ علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية على أهمية إعادة النظر في قانون المناقصات والمزايدات والمخازن الحكومية رقم 3 لعام 1997، وتضمينه في البرنامج الانتخابي لفخامة الأخ الرئيس، ولمواكبة التطورات التي حدثت منذ إصداره، وفي ذات الوقت تلبية المتطلبات التي أفرزها صدور قانون السلطة المحلية في عام 2000، كما أن إعادة النظر في قانون المناقصات النافذ تأتي استجابة لتوصيات مجلس النواب بهذا الخصوص.
وقالت إنه استناداً إلى كل ما تقدم فقد قامت الحكومة بإعداد مشروع قانون للمناقصات والمزايدات والمخازن الحكومية بديلاً عن القانون السابق، وقد بذلت في سبيل إعداد ذلك المشروع الكثير من الجهود والدراسات وتمت الاستفادة أثناء إعداده بتجارب وخبرات الآخرين في هذا المجال حتى خرج بصورته النهائية.
الشفافية والاستقلالية
وأهم ما يميز هذا المشروع أنه تفادى جوانب القصور التي ظهرت منذ العمل بالقانون النافذ حتى الآن، ومواءمة نصوصه مع التغييرات التي أفرزها صدور قانون السلطة المحلية، والشفافية والاستقلالية في عمل لجان المناقصات سواءً الأدنى أو اللجنة العليا للمناقصات وذلك من حيث ممارستها لعملها أو حياديتها واستقلاليتها أو شروط شاغليها وآلية تعيينها. بالإضافة إلى وضع آلية للرقابة على المناقصات من خلال إنشاء هيئة مستقلة ومحايدة يشترك في إدارتها القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني بما يضمن توسيع مجال المشاركة الشعبية في الرقابة والحفاظ على المال العام، وإفراز فصل خاص يعنى بالشكاوى والتظلمات التي قد تقدم من المتناقصين أو المزايدين وتحديد آلية البت في تلك الشكاوى والتظلمات. كما يتميز المشروع بتضمينه مجموعة من الضوابط والالتزامات والمحاذير التي يجب على المشمولين بأحكام هذا القانون مراعاتها في أية مرحلة من مراحل إجراء المناقصات والمزايدات.
ويحتوي مشروع القانون الذي وافق عليه مجلس الوزراء بقراره رقم 389 لعام 2006، على 109 مواد موزعة على عشرة فصول.
ويهدف القانون الذي حصلت عليه "الميثاق" إلى العدالة والمساواة بين المتنافسين في المناقصات والمزايدات، والنزاهة والشفافية وضبط الإجراءات المتعلقة بالمناقصات والمزايدات والمخازن، والكفاءة الاقتصادية في أعمال المناقصات والمزايدات، وكذا الإشراف والرقابة على أعمال وإجراءات المناقصات والمزايدات والمخازن وذلك لضمان سلامتها للحفاظ على المال العام والمصلحة العامة.
وتسري أحكام القانون على دواوين عموم الوزارات، والمؤسسات العامة والهيئات والمصالح والصناديق المتخصصة ومختلف الجهات في السلطة المركزية وفروعها في وحدات السلطة المحلية وغيرها من الجهات التي تتضمنها الموازنة العامة للدولة، والوحدات الإدارية للسلطة المحلية، ووحدات القطاع العام ذات الطابع الخدمي، والجهات ذات الموازنات المستقلة والملحقة.
كما تسري أحكام القانون فيما لم يرد به نص خاص على الجهات التي تتضمن في قوانين إنشائها قواعد وأحكام ونظم خاصة بها، وفي حالات الشراء والتوريدات والمقاولات التي تتم بموجب اتفاقيات القروض والمنح المصادق عليها لا تسري عليها أحكام القانون إلا إذا نصت تلك الاتفاقيات على ذلك.
هيئة عليا للرقابة
وتنشأ بموجب القانون الجديد هيئة عليا مستقلة تسمى الهيئة العليا للرقابة على المناقصات والمزايدات تتمتع بالشخصية الاعتبارية ويكون لها الاستقلال المالي والإداري وتخضع لإشراف رئيس الجمهورية. ويكون مقر الهيئة العاصمة صنعاء ويجوز إنشاء فروع لها في المحافظات. وتدار الهيئة العليا عن طريق مجلس إدارة مكون من رئيس وثمانية أعضاء يصدر بتعيينهم قرار من رئيس الجمهورية، وهم سبعة يختارهم رئيس الجمهورية من بين قائمة تتضمن أربعة عشر شخصاً يرشحهم مجلس الشورى ممن تتوفر فيهم الشروط القانونية، على أن يكون من بين المختارين ثلاثة أشخاص يمثلون منظمات المجتمع المدني، واثنين من القضاة الحاصلين على درجة قاضي محكمة عليا يرشحهم مجلس القضاء الأعلى. وتكون مدة العضوية في مجلس الإدارة أربع سنوات.
وتتولى الهيئة العليا بحسب القانون ممارسة عدة مهام واختصاصات منها الرقابة على أعمال المناقصات والمزايدات ودراسة التقارير المرفوعة إليها من لجان المناقصات العامة في كافة الجهات الخاضعة لأحكام هذا القانون عن أنشطة المناقصات والمزايدات واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بشأنها طبقاً لأحكام القانون واللائحة والقوانين النافذة الأخرى، واقتراح تطوير السياسات والتشريعات المتعلقة بالمناقصات والمزايدات ومراجعة السقوف المالية لكل مستوى من المستويات بالتنسيق مع الجهات المختصة ورفعها إلى مجلس الوزراء، وإعداد برامج تدريب وتأهيل لرؤساء وأعضاء لجان المناقصات والكوادر المساعدة لهم بالتنسيق مع اللجنة العليا.
كما تتولى الهيئة أيضاً "دراسة الشكاوى والتظلمات المرفوعة من المتناقصين والمتزايدين واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بشأنها طبقاً لأحكام القانون واللائحة، واقتراح الإرشادات والتعليمات والتوجيهات المتعلقة بالمناقصات والمزايدات وفقاً لأحكام القانون ولائحته ورفعها لمجلس الوزراء للموافقة عليها وتعميمها على كافة لجان المناقصات على المستويين المركزي والمحلي ويجب على تلك اللجان العمل بها، وتكليف فرق متخصصة للقيام بزيارات ميدانية تفتيشية إلى الجهات الخاضعة لأحكام القانون في أية مرحلة من مراحل المناقصة أو المزايدة للتحقق من سلامة إجراءاتها، ولهذه الفرق الحق في الحصول على كافة المعلومات والوثائق التي تمكنها من أداء مهمتها، ورفع تقارير دورية عن نشاطها إلى رئاسة الجمهورية".
لجنة عليا للمناقصات
وبموجب القانون الجديد تنشأ لجنة مستقلة تسمى اللجنة العليا للمناقصات والمزايدات تتمتع بالشخصية الاعتبارية ويكون لها الاستقلال المالي والإداري وتتبع رئيس مجلس الوزراء.
وتشكل اللجنة العليا من رئيس وأربعة أعضاء يصدر بتعيينهم قرار جمهوري بناءً على عرض من رئيس مجلس الوزراء بعد موافقة مجلس الوزراء. وتكون مدة العضوية في اللجنة العليا أربع سنوات.
وتتولى اللجنة العليا فيما يتعلق بالمناقصات والمزايدات التي تندرج قيمتها ضمن صلاحيتها المالية والمرفوعة إليها من قبل لجان المناقصات في دواوين عموم الوزارات والمؤسسات العامة والهيئات والمصالح والأجهزة المركزية الأخرى ولجان المناقصات المحلية في المحافظات وأمانة العاصمة عدة مهام واختصاصات، منها إقرار وثائق المناقصات والمزايدات بعد التحقق من كفاية المواصفات الفنية وسلامتها وإصدار الموافقة عليها قبل طرحها للمتناقصين أو المتزايدين، وتكليف ممثلين عنها لحضور أعمال لجان فتح مظاريف المناقصات والمزايدات، ودراسة ومراجعة نتائج أعمال التحليل والتقييم من مختلف النواحي الفنية والمالية والقانونية والتوصيات المرفوعة إليها بعد إجراء المناقصة أو المزايدة. بالإضافة إلى دراسة ومناقشة التقارير الفنية التي يتم رفعها من قبل لجنتها الفنية عن نتائج دراستها ومراجعتها للمواضيع المحالة إليها للدراسة واتخاذ القرارات المناسبة لكل موضوع على حدة.
كما تتولى اللجنة العليا إقرار الصيغة النهائية للعقد بعد استكمال إجراءات البت للمناقصات والمزايدات، وتسجيل قراراتها في محاضر رسمية وتبليغ الجهات المعنية بها خطياً ونشرها في صحيفة يومية أو أية وسيلة أخرى مناسبة، ورفع تقارير دورية عن نشاطها إلى مجلس الوزراء والهيئة العليا، والقيام بأية مهام أخرى تكلف بها من قبل مجلس الوزراء وتقتضيها طبيعة مهامها.
وتشكل بقرار من الوزير أو رئيس الجهة لجنة للمناقصات والمزايدات في كل ديوان من دواوين عموم الوزارات والمؤسسات والهيئات العامة والمصالح والأجهزة المركزية الأخرى برئاسة الوزير أو رئيس الجهة وعضوية أربعة من المختصين في الجهة، وتكون مدة العضوية في اللجنة أربع سنوات. كما تشكل بقرار من أمين العاصمة والمحافظ لجنة للمناقصات والمزايدات في كل فرع من فروع المؤسسات والهيئات العامة والمصالح والأجهزة المركزية الأخرى في أمانة العاصمة والمحافظات برئاسته وعضوية أربعة من الموظفين العاملين في نطاق أي منها بما فيهم مدير الفرع، وتكون مدة العضوية في اللجنة أربع سنوات. كما تشكل لجنة محلية للمناقصات والمزايدات في أمانة العاصمة والمحافظات برئاسة أمين العاصمة/ محافظ المحافظة-رئيس المجلس المحلي، ولجنة محلية للمناقصات والمزايدات في كل مديرية برئاسة مدير عام المديرية-رئيس المجلس المحلي.
وقد قامت وزارة المالية وبدعم من البنك الدولي والحكومة الهولندية بالتعاقد مع الشركة الاستشارية البريطانية "كراون إيجنتس" وذلك بهدف إعداد مشاريع الأدلة الوطنية للشراء والوثائق النمطية ووضع تصور لنظام إدارة المعلومات الخاصة بالمناقصات، وذلك وفقاً لأفضل المعايير المقبولة دولياً بحيث تصبح كمرجعية هامة للعاملين في مجال المناقصات والمزايدات في اليمن وتوفير شفافية كاملة وواضحة سواءً عند إعداد وثائق المناقصات أو عند تنفيذ عقود التوريدات أو أعمال الأشغال أو الخدمات الاستشارية، وذلك بالاستفادة من تجارب الدول المتقدمة والمنظمات الدولية بحيث يصبح نظام المناقصات والمزايدات في اليمن مستوعباً للمعايير الدولية ومسايراً لها.
وتتمثل الأهداف الرئيسية للأدلة الوطنية للشراء في توضيح المعايير والسياسات وتبسيط الإجراءات الواجب إتباعها في كافة الأعمال "شراء السلع، تنفيذ الأعمال، أداء الخدمات" وذلك في الجهات الخاضعة لأحكام القانون واللائحة، وتوحيد الإجراءات في كافة مراحل تنفيذ المناقصات والمزايدات، وضمان توفير الشفافية والمساءلة. فضلاً عن تحسين مستويات الكفاءة والمسئولية، والتطبيق لأفضل الممارسات القانونية والاستفادة من المعايير الدولية المتبعة في هذا الصدد.
أما الأهداف الرئيسية للوثائق النمطية فتتضمن توحيد المفاهيم والمصطلحات والنماذج التي سيتم استخدامها في كافة الجهات الخاضعة لأحكام قانون المناقصات ولائحته التنفيذية وتعزيز الشفافية والعدالة والمساواة وتحقيق منافسة حقيقية للحصول على عطاءات مكتملة ومستجيبة لكافة التعليمات والشروط والمتطلبات وبأقل تكاليف ممكنة. وكذا تسهيل مهمة الجهة في إعداد وثائق المناقصة لكل حالة بما يتوافق مع طبيعة ونوعية العمل المطلوب، واختصار وتخفيض الوقت اللازم لكلٍ من المشتري أثناء إعداد الوثائق، والمورد أو المقاول أو الاستشاري خلال إعداد وتقديم العطاءات.
كما تشتمل أهداف الوثائق النمطية على تسهيل مهمة الجهة أثناء عملية التقييم ومقارنة العطاءات وإرساء العقود وتنفيذ العقود حتى انتهاء مرحلة التسليم النهائي وانتهاء تنفيذ الالتزامات المحددة في العقود.
|
|
|
|
|
|
|
|
|
تعليق |
إرسل الخبر |
إطبع الخبر |
معجب بهذا الخبر |
انشر في فيسبوك |
انشر في تويتر |
|
|
|
|