محمد انعم -
الدولة يجب أن لا تجيد البكاء، وإنما لابد أن تكون دائما مصغية جيدة لذلك.. باعتبارها المغيث والمجير والمنصف للمظلومين والرادع للمتجبرين.. كما أنها المسئولة شرعا عن حماية دماء وحقوق مواطنيها ، واقامة الحدود على القتلة والمجرمين والمخربين وقطاع الطرق وغيرهم..
كما لا يجب على الدولة ومهما كانت الظروف والأوضاع أو تحت اية ضغوط إن تحتكم لغير عدالة مؤسساتها لحل قضايا كالتمرد والتخريب وغيرذلك.. ومن الأخطاء الجسيمة هو أن تتخلى عن النظام والقانون الذي هو أقوى أسلحتها على الإطلاق.. وتقبل الاحتكام للجان للفصل بينها وبين الخارجين على النظام والقانون والتسليم باحكام تتضمن بنود تثير الاشمئزاز ومن نماذج ذلك: رفع النقاط العسكرية أو الأمنية من الجبال أو الطرق العامة، على إن يلتزم المتمردون والمخربون بإزالة النقاط المسلحة، أو منع الأمن أو القوات المسلحة أو أي موظف عام من ممارسة مهامه إلا بموافقة العناصر المسلحة.. الخ.
للأسف ان بنود كهذه لا تختلف في مضامينها عن أحكام قرقوش الشهيرة ، فاللجان تعتبر نفسها غير ملزمة بتطبيق الدستور والقانون، بل أن بعض أعضائها، لايترددون من اعتبار الدستور والقانون في حكم الملغي، أمام تفاهاتهم..
ولهذا نجد أن اغلب اللجان فشلت في مهامها وستفشل طالما يقف النظام والقانون في الوسط .واي اجتهادات لا ترتقي الى مستواه مصيرها الموت.. لأنه من الحماقة، القبول بالحديث عن حق أو حقوق خارج النظام والقانون، وهنا يكمن جوهر الصراع والخلاف..
ومع ذلك نستخلص من تجربة اللجان، أنها قد شجعت أصحاب مشروع تمزيق الدولة اليمنية على التمادي في غيهم.. بدليل أن الحوثة قد هربوا من تنفيذ النقاط الست وانتقلوا الى الحديث عن اتفاق يتضمن 22 نقطة..
بصراحة عبث اللجان طوال أربعة أشهر بدون أي نتيجة يجعلنا لا نستبعد أن يطلب الحوثة من ايران بتعيين سفير لها في مران، أو الحراك الانفصالي في ردفان.. طالما لدينا هكذا لجان على هذا المستوى من الذكاء والعبقرية والمسؤولية ..
كل أعذار اللجان أصبحت غير مقبولة بعد هذه الفترة.. بل من السذاجة بعد أربعة أشهر، أن يوقعوا على اتفاق أخر.. فإذا كانوا قد عجزوا عن تنفيذ الست النقاط.. يبقى الله حده والعليمي يعلم ماذا بعد ذلك؟..
لكننا نجزم من الآن انه لن يستطيع أن يجبر الحوثة على تنفيذ النقاط الــ22، ولا نصفها أو ربعها حتى لو استعان بكل آيات قم وكربلا والنجف، وحروز أبو لؤلؤة المجوسي..
وأمام لامبالاة اللجان.. تظل الدماء التي تسفك تلد عشرات الفتن الصغيرة التي لا ندرك خطورتها اليوم، على الرغم من أنها أصبحت ترضع نيران الأحقاد والكراهية وحب الانتقام والقتل من حولنا بطريقة مرعبة .. وتكبر.. ثم تكبر.. لتتسع مساحات الموت.. ولا تمر هدنة للسلام، ونتفاجأ بعدها بميلاد مستوطنة جديدة للقتل، كما يقول المثل: (الخارج منها مولود والداخل فيها مفقود).. للأسف في كل مرة توشك البلاد على إخماد الفتنة.. نتوقف ونسلم المهمة لمشعليها .
فيبدو المشهد كاريكاتوريا في وسط هذه الدراما المأساوية.. عندما تسلم مهمة إحلال السلام لمرضى نفسيين ومعتوهين وقتلة وقطاع طرق.. فنجدهم بدلامن إطفاء آخر شرر نار تلك الفتن يصبون الزيت عليها لتزداد اشتعالا..
#benanaam@gmail.com