د. عبدالعزيز المقالح -
نشر أحد المسئولين في أمانة العاصمة ما توهمه رداً غير مباشر على ما نشرتُه هنا في هذه الصحيفة عن الأسماء المعدّة لتتوزع على شوارع مدينة صنعاء، وذلك الرد وما رافقه من نبرة افتخارية بالمنجز المغلوط يؤكد استمرار الساهرين من أعضاء اللجنة التي لم تعرف النوم على مدى سنوات وأنفقت الكثير من الجهد والمال لتخرج بهذا المشروع الهزيل بكل المعاني والمقاييس .
وقد حاولتُ فيما نشرتهُ في هذه الصحيفة أن أنبه إلى ما احتواه المشروع المقترح من خواء ومن إقحام لأسماء المناطق والمديريات والنواحي، بالإضافة إلى أخطاء جديدة تضاف إلى أخطاء اللجان السابقة التي وقف جهدها الطويل عند توزيع أرقام مدخراتها المالية على الشوارع، وكأن اليمن قد خلت عبر تاريخها من أعلام يستحقون أن يخلّدوا وأن يتذكرهم الناس في الذهاب إلى منازلهم والإياب .
لقد حاول الرد غير المباشر أن يوهم القارئ المتعجل بأن هناك إلى جانب أسماء النواحي والمديريات أسماء بعض مشاهير اليمن وقد كانت تلك الأسماء محصورة في ربع صفحة فقط تضم أسماء محدودة جداً من أعلام اليمن منذ الجاهلية إلى العصر الحديث، وهي أسماء جديرة بأن تأخذ مكانها في الشوارع والميادين ولا اعتراض على ورودها في هذا المشروع، بل هي الشيء المقبول والصحيح في القائمة الطويلة التي لا معنى لها، أما الذي أصبح محل شجب واستنكار فهو مئات الأسماء التي ستتحول معها العاصمة إلى قاموس مناطقي لأسماء القرى ومراكز المديريات والنواحي، وهو الأمر غير المسبوق في أية عاصمة أو مدينة في العالم، مهما كانت المبررات والأعذار والتخرصات، ومنها المزاعم (الوحدوية) وكأن الوحدة لن تثبت في منطقة إلاَّ إذا كان اسمها سيحتل واجهة في أحد شوارع العاصمة ! أعرف جيداً أن بعض الذين تولّوا وضع أسماء شوارع العاصمة قديماً وحديثاً لا يحترمون أسماء الشهداء، وهذا من حقهم، لكن عليهم أن يحترموا تاريخ هذا الوطن، ولا أقصد التاريخ الحديث، بل التاريخ القديم بأعلامه الأجلاء من علماء وقادة تاريخيين ومفكرين ومبدعين، وهي أسماء ليست موضع خلاف ولا ينازع أحد من المعاصرين في أن تأخذ مكانها في ذاكرة الأجيال الجديدة التي تعتبر أن التغيير الوحيد الذي صنعته الثورة، تمثل في أنها حولت التلفزيون الذي كان في العهد المباد بالأبيض والأسود إلى تلفزيون ملون، وغيرت اسم ميدان شرارة إلى ميدان التحرير .
ومن المؤسف والمخجل أيضاً أن يتولى التقنيون من مهندسين وتنفيذيين تسمية شوارع العاصمة وفق مزاجهم الشخصي، وأية محاولة لتصحيح الخطأ أو الملاحظة البريئة لما يعد مشروعاً جاهزاً للتنفيذ يعتبر خروجاً على ما اعتادت البيروقراطية الإدارية السير عليه. ولعل أهم ملاحظة على المشروع المذكور أنه لم يشمل كل النواحي والوديان والمديريات في شمال الوطن وجنوبه وشرقه وغربه، مما سوف يترتب عليه الكثير من الاحتجاجات الصارخة من المناطق والنواحي التي لم تدرج أسماؤها في قاموس شوارع العاصمة . ولا أدري متى سيصل الاهتمام بمدننا إلى درجة اهتمامنا بأبنائنا، والنظر إلى العاصمة لا بوصفها مدينة بل أُماً من حقها أن تختار لأبنائها من الأسماء الجميلة، والشوارع هي أبناؤها مثلما لنا الحق في أن نختار لأبنائنا أجمل الأسماء . يضاف إلى ذلك أن لا أحد من المسئولين الكبار في بلادنا يقرأ ما يكتب عن قضايا كثيرة، وربما اكتفى بعضهم بما توجزه له الحاشية الكريمة. ومن هنا توقفت عجلة التغيير أو كادت. وصارت التصرفات العشوائية في كثير من الأمور هي التي تسود وتتحكم في القضايا المباشرة واللصيقة بحياة الناس. الدكتور مطهر عبدالله الإرياني وذكريات طبيب من اليمن : بدأ عدد من الأطباء اليمنيين في كتابة مذكراتهم وهذا شيءٌ يبعث على الأمل في أن يستجيب كثير من الرعيل الأول لأطبائنا اليمنيين لتسجيل ذكرياتهم وكيف كانت أحوال الوطن -الصحية- قبل أن يبدأ هذا الرعيل في تولي مهامه الإنسانية. كتاب الدكتور مطهر عبدالله الإرياني تناول ذكرياته منذ رحيله عن القرية إلى عودته طبيباً بعد دراسته للطب في إيطاليا، وما واجهه في عمله من صعوبات، وما حققه على الصعيدين العملي والطبي من إنجازات. الكتاب صادر عن دار الفكر في دمشق، ويقع في 197صفحة من القطع المتوسط . تأملات شعرية : الصيف كتابٌ مفتوحٌ نقرأُ فيه تضاريسَ الأرضِ ودفءَ عواطفها قد يقسو ويبالغ في قسوتهِ لكن الأرضَ تباركهُ وتحنُّ إليهْ . ما بالُ الإنسانِ الجاحد لا يرضيه شتاءٌ أو صيف وكأن العالم من صنع يَديهْ ؟!
* الثورة