تحقيق : عارف الشرجبي - شهدت أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية خلال الفترة الاخيرة ارتفاعاً كبيراً وغير مسبوق بلغ أكثر من 25% عما كانت عليه قبل نحو شهرين من الآن، الأمر أثقل كاهل المواطن وحمَّله اعباء اضافية خاصة مع دخول شهر رمضان المبارك، في ظل غياب شبه تام للجهات المعنية للحد من هذا الغول المسمى بالغلاء والذي اصبح يهدد لقمة عيش المواطن ويوقعه بين نار الجشع وتقاعس الجهات المعنية.
يقول المواطن حمزة عبدالرحمن: - لقد ارتفعت الاسعار بشكل لم يسبق له مثيل من قبل فعلاوة على ارتفاع سعر التعرفة لفاتورة المياه والكهرباء تفاجأنا الشهر الماضي بزيادة اسعار معظم السلع.. حيث ارتفع سعر كيس القمح من 4000ريال الى 5600 ريال وارتفع سعر كيس الارز بنسبة 15% عما كان عليه قبل نحو شهرين. ويقول: راتبي 40 ألف ريال أدفع منه 25000 ألف ريال ايجار سكن فماذا افعل بالباقي وأنا اعول اسرة مكونة من ستة افراد ورمضان على الأبواب يتبعه عيد الفطر بكل لوازمهما.. وعن سبب ارتفاع الاسعار يقول اسألوا وزارة الصناعة والتجارة لماذا لم تقم بواجبها في ضبط الاسعار ووضع التسعيرة التي قالت قبل عامين انها سوف تلزم التجار بها ولكنها لم تحرك ساكناً لكبح جشعهم.
استغلال وجشع
بعد ذلك اتجهنا الى إحدى أسواق أمانة العاصمة وسألنا الاخ محمد العواضي- تاجر جملة وتجزئة عن سبب ارتفاع الاسعار فقال : - الارتفاع لم يشمل كل السلع ولكن الدقيق والقمح وبعض مستلزمات رمضان وذلك بسبب ارتفاع الدولار الذي قفز بشكل كبير، واضاف: التجار الكبار المستوردون هم الذين يستغلون مثل هذه الظروف ويقصد ارتفاع الدولار ليرفعوا بشكل مبالغ لايتناسب مع مقدار ارتفاع الدولار.. وأوضح ان كيس القمح ارتفع من 5100 ريال الى 5500ريال خلال ساعتين الأمر الذي يؤكد ان المستورد رفع السعر بدون مبرر.
قوانين مغيَّبة
من جانبه يقول التاجر حمود الحبيشي : - هناك ارتفاع غير مبرر في كثير من السلع من قبل المستوردين، أما نحن فالغلاء يؤثر علينا بشكل كبير بسبب الركود الذي ينتج عن عجز المواطن عن مجاراة الأسعار، وطالب الحكومة بتفعيل القانون النافذ الخاص بالاحتكار واحتساب الكلف الذي صدر قبل عدة سنوات.. مشيراً إلى أن ارتفاع الاسعار لم يقتصر على المواد والسلع الاساسية بل شمل مختلف السلع بما فيها اللحوم الحمراء والبيضاء فقد قفز سعر الكرتون الدجاج المجمد من 5500 الى 6500 ريال خلال اليومين الماضيين ليصبح سعر الدجاجة المجمدة 650 بدلاً من 550ريالاً، أما سعر الدجاج المذبوح فقد ارتفع بنسبة 30% بدون مبرر لان الدجاج ليس مستورداً وهذا جعل السوق يعيش حالة من الكساد حسب قول التاجر محمد عبدالله. سياسة خاطئة 9 الاخ ياسين التميمي- الامين العام المساعد للجمعية اليمنية لحماية المستهلك- قال : - يبدو ان كثيراً من التجار قد فقدوا الاحساس بمعاناة المواطن جراء لهيب الاسعار وكذلك الحال لدى المسئولين في وزارة الصناعة والتجارة ومكاتبها التي لم تقم بواجبها على الشكل المطلوب للحد من ارتفاع الاسعار. وأضاف: ان البنك المركزي هو سبب موجة الغلاء لعجزه عن فعل أي شيء لوقف تدهور الريال مقابل العملة الصعبة لاسيما الدولار الذي ارتفع بشكل قياسي، إضافة الى ان قيامه بضخ الملايين من الدولارات الى السوق ليفتح باباً واسعاً للمضاربين وسماسرة السوق السوداء، وحذر الامين العام المساعد للجمعية من استمرار البنك باتباع هذه السياسة الخاطئة مقترحاً ان الافضل قيامه بتغطية الطلب من العملة الصعبة للتجار والمستوردين من خلال البنوك التجارية ومن ثم مراقبة ادائها من خلال كشوفات فتح الاعتمادات للتجار.. وتساءل عن مصير الــ800مليون دولار التي يقول البنك انه ضخها للسوق خلال النصف الأول من العام الجاري، مؤكداً ان جزءاً كبيراً من هذا المبلغ ذهبت الى تجار العملة في السوق السوداء مما جعل سعر الريال يضعف الى هذا الحد المخيف.
آلية ناجحة
ما قاله الامين العام المساعد لجمعية حماية المستهلك حول سبب تدهور سعر الريال أيَّده نائب رئيس مجلس ادارة الغرفة التجارية والصناعية بأمانة العاصمة محمد صلاح، حيث اكد ان ارتفاع سعر الدولار بلغ حداً لم يسبق له مثيل، جراء سياسة البنك المركزي الخاطئة، والذي قام بفتح باب المزايدة بالعملة، نتج عنه رفع السعر بشكل مباشر ناهيك عن قيامه بإنزال الملايين الى السوق السوداء من خلال تجار العملة الذين لايلتزمون بالسعر المحدد ولم يقوموا بتمويل احتياجات القطاع الخاص لعمليات الاستيراد.. وحذر صلاح من وجود سماسرة يقومون بتهريب العملة الصعبة لضرب الاقتصاد الوطني واثارة الفوضى والإضرار بالأمن والاستقرار.. مطالباً وزارة المالية ورئاسة الوزراء إلزام البنك المركزي بتغذية البنوك التجارية التي تمول المستوردين من الخارج على أن يضع المركزي آلية ناجحة للرقابة على هذه البنوك لمعرفة أين تذهب تلك المبالغ التي يضخها لها. وعن ارتفاع سعر السلع قال صلاح: الارتفاع لم يشمل كل السلع وانما الدقيق والقمح بسبب الارتفاع العالمي لسعره والذي بلغ 65 دولاراً في الطن الواحد خلال الاسبوع الماضي ناهيك عن انخفاض سعر الريال امام الدولار.. مؤكداً ان المسح الميداني الذي قامت به الغرفة وبقية الغرف في الجمهورية اثبت ان السوق لايشكو نقصاً في السلع وانها متوافرة بشكل كبير واذا كان هناك تفاوت في الاسعار فهذا بسبب تكاليف اجور النقل من محافظة الى أخرى، ولكن الزيادة في سعر السلع في الحدود المعقولة مقارنة بارتفاع سعر الدولار الى جانب ارتفاع قيمة التعرفة الجمركية التي وصلت من 15 الى 20% على السلع المستوردة من السوق العربية، و20 - 30 % من الاسواق العالمية تحت مسمى تحسين السعر والذي طبق من قبل الجمارك منذ بداية يونيو 2010م 9 ولمعرفة اجراءات وزارة الصناعة والتجارة لمنع ارتفاع الاسعار واحتكار السلع من قبل بعض التجار فقد التقينا الاخ عبدالباسط عبدالله محمد- مدير عام استقرار الاسواق بوزارة التجارة والصناعة- والذي عزا ارتفاع الاسعار الى انخفاض سعر الريال أمام الدولار منذ بداية 2010م ووصل الى اكثر من 240 ريالاً للدولار الواحد مما اثر على سعر كافة السلع في السوق المحلية وعناصر التكلفة والانتاج وارتفاع تكلفة النقل. أما سبب ارتفاع سعر القمح فقد قال: ان الارتفاع العالمي هو السبب نتيجة امتناع روسيا الاتحادية عن تصدير القمح خارج حدودها جراء الجفاف الذي أصابها. مؤكداً على وجود زيادة مستمرة في الاسعار بشكل غير مبرر من قبل التجار المستوردين والمنتجين والجملة والتجزئة خلال الفترة الاخيرة خاصة مع قدوم شهر رمضان وزيادة الطلب على مختلف السلع.. وتوعد باتخاذ اجراءات حاسمة لمنع الاحتكار ووقف الزيادة غير المبررة في الاسعار.. وقال ان الوزارة قامت خلال اليومين الماضيين باتخاذ جملة من الاجراءات لتفعيل قانون التجارة ومنع الاحتكار واحتساب الكلف، واضاف : لقد عممنا على كافة مكاتب الوزارة في الامانة والمحافظات الاخرى، القيام بتكثيف الرقابة والنزول الميداني واتخاذ الاجراءات الرادعة ضد كل من يتلاعب بالاسعار ويستغل حاجات الناس، بالاضافة الى توجيه مذكرة للغرفة التجارية بإلزام التجار بإعادة الاسعار الى ما كانت عليه قبل الزيادة الاخيرة غير المبررة. مشيراً إلى ان الوزارة وجهت مذكرة الى المؤسسة الاقتصادية بتوفير السلع الغذائية الاساسية لسد احتياجات المواطن وكسر أي مظاهر للاحتكار او الرفع المزاجي.
|