أحمد غراب -
أنا رمضان شهر الخير والبركة الذي انزل في القرآن، ولست جرعة ترفع الأسعار. أنا الشهر الذي أوله مغفرة وأوسطه رحمة وآخره عتق من النار، ولست الشهر الذي أوله جرعة وأوسطه شمعة وآخره دمعة.
أنا الشهر الذي ينادى فيه: يا باغي الخير اقبل، ولست الشهر الذي ينادى فيه: يا باغي القمح أدبر.
أنا الشهر الذي يعلو فيه صوت العقل على صوت الرصاص، ويطغى فيه حوار العقول على خوار العجول.
أنا الشهر الذي ترتفع فيها الأعمال، لا الشهر الذي يهبط فيه الريال.
أنا الشهر الذي ترخص فيه الأسعار، لا الشهر الذي يقفز فيه الدولار.
أنا الشهر الذي يهل بهلاله، لا الشهر الذي لا يجد فيه المواطن قيمة لرياله.
أنا الشهر الذي تنزل فيه السكينة وتعتق الرقاب لا الشهر، الذي توضع فيه سكينة الأسعار على الرقاب.
أنا الشهر الذي تصومون لرؤية هلاله وتفطرون لرؤيته، ولست الشهر الذي تستقبلونه بـ"طفي لصي" وتودعونه بـ"لصي طفي".
أنا شهر الأمن والإيمان والسكينة والاطمئنان، ولست شهر الشحت والجنون والهروب من الديون.
أنا الشهر الذي تفتح فيها أبواب الجنان، ولست شهر الفيوزات القارحة والجنان وكروش الحيتان.
أنا شهر إطعام المسكين، لا شهر احتكار قوته.
أنا شهر المحسنين الأخيار، ولست شهر المحتكرين والتجار، أنا الشهر الذي يشعر فيه الأثرياء بجوع الفقراء فيذهبون إليهم حيثما كانوا ويسعفونهم دون أن يجرحوا كرامتهم، ولست الشهر الذي يموت فيه الفقراء وهم يتزاحمون في طوابير الصدقة أمام محلات التجار.
أنا شهر الرحمة والفرحة، ولست شهر الزحمة والتخمة والحوادث والسرعة.
أنا شهر القيام، لا شهر النيام.
أنا الشهر الكريم، لا الشهر الذي يدوخ فيه الموظفون السبع دوخات وهم يسألون ويتساءلون، يتهامسون ويصرخون: "به إكرامية والا ما بش؟
*عن السياسية