د. علي مطهر العثربي -
إذا كانت الوحدة الركيزة الاساسية في جبهة التحدي والمواجهة فإن حمايتها وصيانتها من أقدس الواجبات، وإذا كانت الوحدة مرتبطة بحب الوطن، فإن تربية الجيل على هذه القيم من لوازم الولاء الوطني، وإذا كان الميثاق الوطني عرَّف الوحدة الوطنية بأنها: »القوة التي نواجه بها كل المخاطر التي تهدد كياننا واستقرارنا وسيادتنا الوطنية«.. فما هو الواجب المقدس الذي ينبغي القيام به من أجل حماية وتعزيز الوحدة الوطنية؟
إن الحديث عن الوحدة الوطنية يأتي في إطار المعيار الثالث، الذي أكد على أهمية الحفاظ على الوحدة الوطنية من خلال الابتعاد بها عن التعصبات الجاهلية سواء أكانت سلالية أو مذهبية أو قروية أو حزبية، وهذا الفعل يتطلب وعياً متكاملاً بمعاني تلك المصطلحات الجاهلية القائمة على الفهم الضيق الذي يحصر الوحدة الوطنية ويقلل من شأنها، ولذلك كله فنحن في أمسّ الحاجة الى صيانة الوحدة الوطنية وتعزيز حماية الجبهة الداخلية وخلق موقف وطني موحد إزاء القضايا الوطنية وكافة التحديات، فوحدة الجبهة الداخلية تتطلب الالتزام المطلق بمبدأ الولاء الوطني الذي تختفي معه كل الولاءات وتذوب فيه وتنتهي عنده كل التناقضات والصراعات، ويطغى على الجبهة الداخلية موقف واحد وهدف أوحد هو: توفير الضمانات الضرورية لحماية كيان اليمن الواحد من أي خطر خارجي أو داخلي يهدده، ونحن اليوم في أمس الحاجة الى وحدة الهدف لدى الجبهة الداخلية.
ولئن كانت وحدة الهدف قد تمثلت في توفير الضمانات الضرورية لحماية اليمن، فإن ذلك يتطلب التجرد المطلق على المستويات الثلاث السلطة والمعارضة والشعب كافة، من كل الطموحات الذاتية المنحرفة التي تريد الوصول الى السلطة عبر طرق غير مشروعة ولا تؤمن بالتداول السلمي للسلطة، وكذلك التجرد المطلق من الاستئثار بالسلطة دون وجه شرعي مستمد من الإرادة الجماهيرية صاحبة الحق المطلق في منح الثقة أو حجبها.. وقد أكد الميثاق الوطني أن ذلك التجرد لا يكفي إذا لم يكن كاملاً ومكتملاً، وهذا الكمال والاكتمال لا يتم إلا من خلال التجرد المطلق من رواسب الانتماءات الضيقة من سلالية وقبلية أو حزبية أو أي انتماءات على حساب الولاء الوطني أو تؤثر على معاييره، وهذا التجرد المطلق هو الكفيل بالقضاء على مظاهر التفرقة والعصبيات وعلى كل الارتباطات التي لا تخدم اليمن أرضاً وإنساناً، بل وتجلب الويلات للبلاد والعباد وتمزق وحدة الجبهة الداخلية وتزعزع أمن اليمن واستقراره.
إن الوصول الى التجرد المطلق من كل تلك الرواسب الماضوية لايتم إلا من خلال الاتفاق على القضايا الاساسية الذي يأتي عبر الحوار المستنير الذي حدد هدفاً واحداً وهو إيجاد الضمانات الضرورية لحماية كيان اليمن من أي تهديد.. فما هي القضايا الأساسية التي ينبغي الاتفاق عليها لتوصلنا الى الهدف الوحيد الخاص بحماية كيان اليمن الواحد؟ ذلك ما سنتناوله في العدد القادم بإذن الله.