لقاء- جمال مجاهد - - أكّد الدكتور عبدالله المخلافي وكيل وزارة المالية لقطاع الشئون المالية والإدارية أن الحكومة لن تفرض أية أعباء مالية إضافية أو ضرائب جديدة على المواطنين، وإنما ستعمل على التوسّع في تحصيل الضرائب بشكل أفقي وليس بشكل رأسي من أجل الوصول إلى القنوات الإيرادية التي لم تصل إليها يد الدولة بعد.
وقال الدكتور المخلافي وهو أستاذ العلوم المالية والمصرفية بجامعة تعز في حوار مع "الميثاق" إن الحكومة تعكف حالياً على ترجمة توجيهات فخامة الأخ علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية على الواقع العملي سواءً فيما يتعلّق بإعادة هيكلة الإنفاق العام في ظل ارتفاع العجز في الموازنة العامة ، حيث سيتم إعادة النظر في كل إنفاق عام غير ضروري من أجل التخفيف من عجز الموارد. .موضحاً أن هناك التزامات كبيرة جداً أمام الاقتصاد الوطني ، تتمثّل في مشاريع البنية التحتية حيث الاحتياج إليها بلا حدود مثل مشاريع الطرق والتعليم والصحة والمياه والكهرباء، وهذه المشاريع تشكّل التزامات حتمية أمام الدولة وتتطلّب موارد كبيرة جداً، وهنا يظهر التمويل كأوّل مشكلة، نظراً لأن الالتزامات كبيرة والإيرادات المتاحة للدولة محدودة.
وجّه فخامة الأخ علي عبد صالح رئيس الجمهورية خلال ترؤّسه اجتماع الحكومة مؤخّراً، ببذل أقصى الجهود للتعامل مع الوضع الاقتصادي الراهن واتّخاذ إجراءات صارمة تعمل على إعادة هيكلة الإنفاق العام.. كيف تنظرون إلى أهمية توجيهات الرئيس للتغلّب على التحديات التنموية التي تواجهها بلادنا ؟
- اجتماع فخامة الرئيس علي عبد الله صالح بالحكومة ناقش الأوضاع والقضايا الاقتصادية والتنموية والإدارية بشكل شامل، وجاء في إطار اهتمامات الرئيس بمعالجة الأوضاع الاقتصادية والوقوف على القضايا التي تمسّ المواطن والاقتصاد الوطني، ومتابعته المستمرة وحرصه الدائم على الدفع بعملية التنمية والتخفيف من حدّة الفقر وتوفير فرص العمل وتقليص البطالة، وبالتالي شدّد فخامة الرئيس في الاجتماع على ضرورة ترشيد الإنفاق العام وإعادة هيكلته، وتحسين الأداء الحكومي، وهذا فيما يخص السياسات الاقتصادية الكلية. كما حثّ رئيس الجمهورية على تفعيل أجهزة الرقابة ومحاسبة المقصّرين ثم العمل على تنمية الإيرادات غير النفطية والتركيز على قطاعات الثروة السمكية والزراعة والسياحة.
وفي الجانب الإداري والمالي وجّه فخامة الرئيس بتصحيح الأوضاع المالية والإدارية في كافة أجهزة الدولة وبالذات العمل على إنهاء الازدواج الوظيفي وصولاً إلى تفعيل دور الأجهزة الأمنية في مواجهة الأعمال الإرهابية والتخريبية بما يؤدّي إلى تحقيق الأمن والاستقرار، وبالتالي زيادة الاستثمارات المحلية والأجنبية القادمة إلى اليمن. .كما ركّز الاجتماع على ضرورة تحسين بيئة الاستثمار وإزالة المعوّقات أمام المستثمرين، ومتابعة الدول المانحة للوفاء بالتزاماتها تجاه بلادنا .
هذه هي القضايا التي ركز عليها رئيس الجمهورية خلال ترؤّسه اجتماع الحكومة، وكان الهدف من توجيهاته طبعاً هو كيفية الوصول إلى حقيقة الواقع الاقتصادي في اليمن حتى تستطيع بدء تنفيذ وصفة العلاج اللازم للاختلالات الاقتصادية أو الإشكالات التي تواجه بلادنا، بالإضافة إلى الخروج من حالة التعثّر بما يؤدّي إلى انطلاق الاقتصاد الوطني نحو تحقيق الأهداف والغايات المنشودة.
وحقيقة الأمر فإن توجيهات رئيس الجمهورية تمثل برنامجاً تنموياً، وهذه ليست المرة الاولى بل لقد بدأ في الإشراف المباشر والمتابعة الحثيثة للاقتصاد منذ عام 1995 عندما بادر و طرح ضرورة تغيير السياسات الاقتصادية الكلية بعد ان وصل الاقتصاد الوطني إلى عنق الزجاجة عقب حرب صيف عام 1994، وبالتالي كان فخامته هو المبادر إلى الدعوة بضرورة تبنّي اليمن برنامج إصلاح اقتصادي شامل.
كما يأتي الاجتماع امتداداً لاجتماعاته السابقة لمتابعة الموقف الاقتصادي وبالذات بعد بروز مشكلة ارتفاع الأسعار، وتصاعد إشكالية دعم المشتقات النفطية، والخلل الواضح في سوق صرف العملات الأجنبية وتراجع سعر صرف الريال أمام الدولار.
إعادة هيكلة الإنفاق
باعتقادكم ما الذي تنوي الحكومة فعله لتنفيذ توجيهات الرئيس.. وماهي الحلول الناجعة للاختلالات الاقتصادية القائمة؟
- الحكومة تعكف حالياً على ترجمة توجيهات رئيس الجمهورية في الواقع العملي وخصوصا فيما يتعلّق بإعادة هيكلة الإنفاق العام في ظل ارتفاع العجز في الموازنة العامة للدولة، فكل إنفاق عام غير ضروري سيتم إعادة النظر فيه من أجل التخفيف من عجز الموارد. من جهة أخرى سيتم العمل على زيادة الحصيلة من الإيرادات العامة بشكل أفقي وليس بشكل رأسي . أكد على هذا لان كثيراً من المواطنين يتحدّثون عن زيادة الضرائب أو ان إلغاء الدعم سيؤدّي إلى زيادة الأعباء المالية عليهم، لكن التوجّهات الحكومية لا تسعى إلى زيادة الأعباء المالية على المواطنين وإنما التوسّع في الضرائب أي في تحصيل الإيرادات العامة بشكل أفقي.
الموارد محدودة
كيف تشخّصون مشكلة الاقتصاد الوطني ؟
- الاقتصاد الوطني مثله مثل أي اقتصاد نامٍ، اي أنه في بداية مشواره التنموي، ومشكلته أن الإنفاق العام الذي يشكّل التزامات عامة على الدولة يكون بالضرورة أكبر من الإيرادات العامة. الاقتصاد النامي عادةً تكون موارده محدودة أما التزاماته فهي غير محدودة، وهذا هو لب المشكلة الاقتصادية بشكل عام ليس في اليمن فقط وإنما في الدول النامية.
إذاً نحن أمام مشكلة، فقد تكون الموارد موجودة في الاقتصاد اليمني وهذا ما يتم المحافظة عليه، ولكن هناك موارد اقتصادية عدة في اليمن سواءً في باطن الأرض أو فوق سطحها. هناك التزامات كبيرة جداً أمام الاقتصاد ، تتمثّل في مشاريع البنية التحتية حيث الاحتياج إليها بلا حدود مثل مشاريع الطرق والتعليم والصحة والمياه والكهرباء، وهذه المشاريع تشكّل التزامات حتمية أمام الدولة وتتطلّب موارد كبيرة جداً، وهنا يظهر التمويل كأوّل مشكلة، نظراً لأن الالتزامات كبيرة والإيرادات المتاحة للدولة محدودة.
وعندما نقول إن على الدولة أن تعمل على توسيع الإيرادات العامة بشكل أفقي وليس رأساً حتى لا يكون هناك أي أعباء مالية جديدة على المواطنين أو فرض ضرائب جديدة عليهم، حيث أن فرض الضرائب الجديدة بشكل أفقي يعني الوصول إلى القنوات الإيرادية التي لم تصل إليها يد الدولة بعد. ربما تؤثّر الضرائب الجديدة على المواطنين، ولكن الجهد الضريبي في اليمن لا يزال أقل من نظيره في البلدان العربية فما بالك بالبلدان المتقدّمة. المشكلة الأولى التي نعاني منها هي مشكلة وجود فجوة تمويلية وهذه الحالة ليست مقتصرة على اقتصادنا فقط بل تعاني منها اقتصاديات البلدان النامية.
الحكومة ووفقاً للتوجّهات التنموية للقيادة السياسية تعمل جاهدة منذ وقت مبكّر على العمل على الوفاء بالتزامات الإنفاق العام تجاه مشاريع البنية التحتية في مختلف مجالات الاقتصاد على الرغم من القصور الواضح في الإيرادات العامة للدولة، ومن هنا برز العجز في الموازنة العامة للدولة.
هذه هي القضية الأولى..
القضية الثانية تتمثّل في فوارق أسعار الصرف وهي أيضاً ليست مشكلة خاصة بالاقتصاد اليمني وإنما تحدث في كل الاقتصاديات المتقدّمة والنامية، والمطلوب فقط هو كيف ندير الأزمة في هذه السوق، وببساطة فإن السلطة النقدية ممثّلة في البنك المركزي هي المعنية بحل المشكلة أو إعادة سوق الصرف إلى نقطة التوازن.
حقيقةً التغيّرات التي حدثت في أسعار الصرف وانخفاض الريال مقابل الدولار في الفترة الماضية ليس له مبرّر اقتصادي واحد، وبالتالي فإن الوضع يحيلنا إلى أن هناك أمراً غير اقتصادي أو غير طبيعي يحدث، متمثّلاً طبعاً في المضاربة على سعر الدولار، والتي أدّت إلى استنزاف جزء من الاحتياطي في البنك المركزي وبالتالي الإضرار بمركز العملة الوطنية،.
لكن عندما تدخّلت الدولة في الموضوع لاحظنا تحسّن الريال مقابل الدولار ووصل إلى 218 ثم 215 ريالاً، بعد ان كان قد بلغ أكثر من 255 ريالاً.
الآن الأمور تحت السيطرة خاصةً أن البنك المركزي تدخّل بقوة واعتمد آليته المؤسسية المتمثّلة في ضخ الدولار إلى البنوك التجارية ناهيك عن توجيهات فخامة الرئيس وتشديده وتأكيده على أن الدولة ستحاسب كل من يتسبّب في المضاربة وكل من لم يلتزم بتعليمات السياسة النقدية.
دعم خليجي
تعوّل بلادنا كثيراً على دعم دول مجلس التعاون الخليجي للتنمية واستيعاب العمالة اليمنية في أسواقها.. ماذا تتوقّعون خلال الفترة القادمة؟
- عندما يتم التنسيق بين القيادات السياسية في اليمن ودول مجلس التعاون الخليجي لدعم التنمية في بلادنا ومساعدتها للتغلّب على التحديات الاقتصادية التي تواجهها فإن دول المجلس لا تتردّد أبداً في تقديم كافة أشكال الدعم والمساندة.
وأتوقّع في الفترة القادمة أن تتسارع الخطى لتعزيز أطر التعاون المشترك بما يساهم في تسريع وتيرة تنفيذ المشاريع المموّلة من دول مجلس التعاون والصناديق والبنوك الإقليمية، وإدماج الاقتصاد اليمني في اقتصاديات دول المجلس، وتسهيل استيعاب العمالة اليمنية في دول المجلس، وتنشيط التواصل بين القطاع الخاص اليمني والقطاع الخاص الخليجي بهدف زيادة تدفّق الاستثمارات الخليجية إلى اليمن.
وتؤكّد الأرقام أن إجمالي التعهّدات التمويلية الحالية لدول مجلس التعاون والصناديق الإقليمية بلغ حوالي 3.7 مليار دولار لمشاريع خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية الثالثة للتخفيف من الفقر 2006- 2010، وتم تخصيص حوالي 3.2 مليار منها حتى الآن وبنسبة 86٪ من إجمالي التعهّدات، موزعةً على أكثر من ستين مشروعاً وبرنامجاً تنموياً تم الاتفاق عليها بين الجانبين اليمني والخليجي، وتشمل تمويل مشاريع لإنتاج الطاقة الكهربائية، والطرق والموانئ والمطارات، وبناء وتأهيل عدد من المستشفيات، وبناء وتجهيز معاهد التعليم الفني والتدريب المهني، والصندوق الاجتماعي للتنمية، ومشروع الأشغال العامة، وغيرها.
كما انضمّت اليمن إلى لجنة رؤساء أجهزة البريد في دول المجلس، وذلك بالإضافة إلى المنظّمات الثماني التي سبق أن انضمت إليها وهي هيئة التقييس ، ومنظّمة الخليج للاستشارات الصناعية، وهيئة المحاسبة والمراجعة ، وجهاز تلفزيون الخليج، ومكتب التربية العربي لدول الخليج العربي، ومجلس وزراء الصحة في مجلس التعاون، ومجلس وزراء العمل والشئون الاجتماعية، ودورة كأس الخليج العربي.
هل تؤيّد حصول اليمن على دعم خليجي مباشر للموازنة العامة للدولة لتغطية العجز الحاصل الذي يصل إلى 10٪؟
- أؤيّد دعم مشاريع التنمية وليس دعماً نقدياً مباشراً، بحيث يتم تحديد المشاريع ذات الأولوية الوطنية الأولى، ثم توجيه المساعدات القادمة سواء من دول مجلس التعاون الخليجي أو الدول والمنظّمات الدولية والإقليمية المانحة، لتمويل هذه المشاريع التي تتمثّل في مجالات الطرق والتعليم والصحة والكهرباء والمياه وغيرها.-
|