كلمة الثورة -
الوثائق التي تم ضبطها من قبل الأجهزة الأمنية بحوزة بعض عناصر الإرهاب التابعة لتنظيم القاعدة بمديرية لودر محافظة أبين كشفت عن التحالف الوثيق بين عناصر تنظيم القاعدة والعناصر التخريبية والانفصالية الخارجة على النظام والقانون، وأماطت اللثام عن حقيقة أن المخربين والإرهابيين هما وجهان لعملة واحدة، حيث أظهرت تلك الوثائق أنه ومهما اختلفت الوجوه والغايات والأهداف لكليهما فإنهما ينهلان من ثقافة واحدة وتحركهما نزعة متطرفة وعدائية وحاقدة على هذا الوطن وأبنائه. وبانكشاف هذا الترابط لم يعد بإمكان أحد إنكار حقيقة أن تلك الشرذمة التخريبية والانفصالية التي ظلت تتخفى وراء بعض التسميات الكاذبة والزائفة هي صنو ورديف لتنظيم القاعدة وجزء لا يتجزأ من هذا التنظيم الإرهابي، وأنهما بتحالفهما الإجرامي يعيدان إلى الأذهان صورة ذلك التحالف القائم بين طالبان وتنظيم القاعدة في أفغانستان، ومثل هذا التنسيق وإن كان قد تأكد اليوم من خلال تلك الوثائق التي ضبطتها الأجهزة الأمنية، فإنه في ذات الوقت قد جسد بالدليل القاطع أن تنسيقا كهذا قد بدأ منذ فترة طويلة، وتم إعداد سيناريوهاته والاتفاق على تنفيذه ليتحالف الشر مع الشر والباطل مع الباطل، فعناصر تنظيم القاعدة الإرهابية التي تبحث عن ملاذ آمن لاشك أنها قد وجدت في تلك الشرذمة الخارجة على النظام والقانون ضالتها، وفي المقابل وجدت تلك الشرذمة من المخربين ودعاة الانفضال في تنظيم القاعدة الإطار الذي يمكن أن تستقوي به لضرب الأمن والاستقرار وإثارة الفوضى وإذكاء الفتنة المناطقية والجهوية بين أبناء الوطن الواحد، بعد أن فشلت في السابق في بلوغ مراميها الدنيئة في إعادة تمزيق الوطن. ولعل ما كشفت عنه الوثائق المضبوطة بحوزة بعض العناصر الإرهابية من حقائق عن هذا التحالف الشرير كافياً لإقناع من يملك العقل والتفكير بأهمية الاصطفاف الوطني في مواجهة هذا الخطر والتحالف الجهنمي الذي لا يحتكم لأي دين أو أخلاق أو قيم وكل ما يهمه هو القتل والتدمير وانتهاك الحرمات وسفك الدماء والعبث والتخريب وإشعال الحرائق في هذا الوطن. ولأن هذا الخطر هو من يتربص بنا اليوم جميعاً، فإن الواجب علينا كمواطنين وأحزاب ومنظمات مجتمع مدني استيعاب المعطيات الراهنة والإدراك العميق أن تحالف الشر يستهدف أمننا جميعاً بل ووجودنا وهويتنا الوطنية وعقيدتنا الإسلامية، فحين ينتهك الإرهابيون والمخربون استقرارنا الداخلي ويقومون بترويع المواطنين واستهداف جنود الأمن الذين يحرسون هذا الوطن ولا يتورعون عن قطع الطرق الآمنة وإقلاق السكينة العامة، ممن ينتقمون يا ترى؟ هل من شخص أو طرف معين؟ أم أنهم ينتقمون من هذا الوطن وأبنائه جميعاً ومن الخاسر اليوم من وراء عزوف الاستثمارات والشلل الذي أصاب السياحة وتعطل الكثير من مشاريع البناء والتنمية؟ اليس هو اليمن الذي يستهدفه أولئك المجرمون والقتلة وأمام كل ذلك يصبح من السذاجة أن يقف أيٌّ منَّا موقف المتفرج أو الحياد بذريعة أن مواجهة العناصر الإرهابية والتخريبة تقع على عاتق الأجهزة الأمنية وحدها ونظرة كهذه لا تنم عن دقة وصوابية الرؤية، ولا عن إحساس صادق بموجبات المواطنة التي تفرض على كل مواطن أن يكون شريكا في تحمل المسؤولية الأمنية لما من شأنه الحفاظ على استقرار الوطن الذي يعد بيتنا جميعاً. وعليه فإذا كان العالم كله بسبب التغيرات التي طالت أمن الدول، هو من يتحرك اليوم على قاعدة التنسيق المشترك لمواجهة خطر الإرهاب لشعوره من أن دوله لم تعد مجرد كيانات متجاورة تعيش في عالم واحد، بل أنها أصبحت تشكل قرية كونية واحدة، مما يقتضي منها التنسيق تجاه ما يحقق لها الأمن الجماعي والسلام والاستقرار، فإن الأحرى بنا على المستوى الوطني أن نتحلى بهذا الحس الاستراتيجي الذي نستلهم منه مسؤولية الحفاظ على أمن واستقرار وطننا باعتبارها مسؤولية مشتركة وقد حان الوقت إلى تمثل هذه المسؤولية بكل صدق وإخلاص عن طريق مساندة الجهود الأمنية والوقوف إلى جانبها في التصدي لكل من تسول له نفسه العبث بسلامة وطننا وسكينتنا العامة. وسيعلم أولئك المجرمون والإرهابيون والمخربون أنهم بتطاولهم على هذا الوطن قد حفروا قبورهم بأيديهم ووضعوا نهايتهم المخزية بأنفسهم ولن يتركهم هذا الشعب حتى يلقوا مصيرهم المحتوم وتطالهم يد العدالة وعقاب الله والقانون ليكونوا عبرة لكل خائن لدينه ووطنه ومجتمعه وأمته.