حاوره: عارف الشرجبي -
> دعا المناضل اللواء علي عبدالله السلال عضو مجلس الشورى الى الاصطفاف الوطني لمواجهة أعداء الوطن والمتربصين بالثورة والجمهورية، وقال في حوار مع »الميثاق«: علينا أن نعمل من أجل الوطن بعيداً عن التمترس خلف قضايا شخصية أو حزبية ضيقة، مشيداً بالإنجازات الكبيرة التي حققتها الثورة.. مؤكداً أن الشعب كان يعيش حالة من الحرمان والفقر والمرض وكاد أن ينقرض في ظل الحكم الإمامي لولا قيام ثورة سبتمبر المجيدة التي دافع عنها كل أبناء الوطن من المهرة الى الحديدة ومن عدن الى صعدة، ودعا نجل قائد ثورة سبتمبر إلى ضرورة إعادة النظر في الثقافة الوطنية من خلال المناهج الدراسية والخطاب الاعلامي للأحزاب حتى تعمق مبادئ الثورة والولاء الوطني.
< بداية نريد أن تعطينا فكرة عن وضع البلاد قبل قيام الثورة اليمنية؟
لقد كان الوضع أصعب مما يتصوره عقل بشر فلم تكن هناك أي من مظاهر الحياة العصرية وكان المواطن يرزح تحت وطأة الفقر والمرض والتخلف، ولم تكن هناك مدارس أو مستشفيات ولا اتصالات حتى بقالات غير موجودة، أما الشوارع فكانت خالية من السيارات تماماً ولم يكن هناك مرور أو اسفلت وكاد الشعب ان ينقرض من كثرة الأمراض والجوع والقتل بالسيف، ولذلك كانت الثورة ضرورة لابد منها لإنقاذ الشعب من ظلم الامامة وحكمها المقيت وقد سمعت والدي المشير عبدالله السلال يقول:لقد تسلم الإمام يحيى الحكم وعدد السكان 6 ملايين، وعندما قتل في 1948م كان عدد الشعب قد تناقص الى 5 ملايين إما موتى أو قتلى.
ذيول الإمامة
هناك من يقول ان الذي حدث في 26سبتمبر 1962م كان عبارة عن انقلاب.. فبماذا ترد؟
الذين يرددون مثل هذا الكلام هم أعداء الوطن وذيول الإمامة بالامس واليوم.. فالثورة خرجت من أوساط الجماهير الذين انخرطوا في الدفاع عنها ضد الإمامة المتخلفة ولابد أن أشير الى أن الانقلاب يكون عادة وضع ملك بدل ملك أو رئيس بدل آخر ولم يكن هناك أهداف أو التفاف شعبي بجانب الثوار.. وما هروب الإمام البدر من صنعاء بثوب امرأة الا خوفاً من الشعب الذي كان قد بدأ يزحف تجاه قصر البشائر مقر البدر ثم ان الثورة غيرت النظام من حكم فردي متسلط الى حكم جمهوري أساسه العدل والمساواة وبالتالي فإن الذي حدث في سبتمبر 1962م هو ثورة غيرت وجه التاريخ ونقلت الشعب من الظلمات الى النور ومن الثرى الى الثريا.
إيران مع أعداء الشعب
ما أهم الصعوبات التي واجهت الثورة منذ انطلاقتها؟
واجهت الثورة العديد من الصعوبات والتحديات، فقد حُوصرت صنعاء ثلاث مرات وكانت المؤامرات كثيرة من الداخل والخارج من بعض الدول العربية والاقليمية والدولية، فهناك دول مجاورة وأخرى عربية وايران واسرائيل ايضاً كانتا ضمن الدول الداعمة للملكيين ولدينا وثائق تؤكد ذلك.
الشعب حمى الثورة
متى شعرتم ان الثورة أصبحت بمأمن وأنها انتصرت؟
منذ اليوم الاول للثورة.. فقد كنا نؤمن بعدالة الثورة وضرورة انتصارها، كما أننا عندما شاهدنا الزخم الشعبي والالتفاف الجماهيري حول الثوار أدركنا ان الثورة وجدت لتبقى، فتخيل أننا في صباح الرابعة من فجر الثورة لم يكن لدينا ذخيرة ولا ديزل ولا بترول، ولا مدافع كافية، ومع ذلك كنا قد قررنا نكون أو لا نكون.. وعندما فتح المشير السلال قصر السلاح للثوار في الصباح رُجحت كفة الثورة وعندما سمعنا إذاعة صنعاء تقول: هنا صنعاء وإذاعة الجمهورية العربية اليمنية شعرنا اننا خلقنا من جديد وان الإمامة ذهبت الى غير رجعة.
دعم مصر
إذا كانت الثورة قد انتصرت منذ اليوم الاول فلماذا طلبتم الدعم المصري؟
لقد كان هناك تنسيق مسبق بين الثوار وجمال عبدالناصر لدعم الثورة، كما ان الملكيين لم يستسلموا فراحوا يحشدون المرتزقة بدعم من كثير من الدول للانقضاض على الثورة وإعادة الحكم الملكي، ولذلك كان للدعم المصري أهمية كبيرة في ترسيخ الجمهورية علينا ألاّ ننكره رغم المؤامرات الكبيرة التي لم تتوقف حتى بعد حصار صنعاء بل حتى اليوم؟
التآمر من الداخل
ما هي المؤامرات التي أشرت اليها؟
الحديث عن المؤامرات طويل ولكني اقول ان حصار صنعاء ومحاولة إقامة دولة اسلامية بدلاً عن الجمهورية يعد من أخطر تلك المؤامرات لأن ذلك التآمر لم يكن من الخارج فقط أو من الملكيين بل من قبل البعض من الصف الذي يدعي الجمهورية بالنهار ويمارس الملكية في الليل، فقد تجمعوا مجاميع كبيرة من صنعاء مدنيين ومشائخ وأحراراً مزعومين فذهبوا الى السعودية واتفقوا مع من تبقى من بيت حميد الدين على ما يسمى باتفاق الطائف لإقامة دولة اسلامية بدلاً من النظام الجمهوري وعادوا الى صنعاء بهذا الاتفاق المشؤوم للتوقيع عليه، إلا أننا أفشلناه والمحطة الخطيرة الثانية هي اتفاقية حرض بين الملكيين والجمهوريين أو من يدعون انهم جمهوريون على أساس تقرير مصير اليمن ولكن الجمهوريين الحقيقيين أقوى في المنطق والحجة والايمان بضرورة الثورة والجمهورية للخلاص من الظلم والطغيان الإمامي.
الثورة والذهب
هل تعني ان بعض الثوار قد تراجعوا عن مواقفهم الثورية؟
الثوار الحقيقيون لم ولن يغيروا مبادئهم، ولكن هناك أناس اعتادوا على المراوغة والمضي مع الغالب، فعندما جاءت النقود »الذهب« بالشوالات الى عند البعض غيروا مواقفهم لصالح الإمامة وراهنوا على فشل الثورة وسعوا لإجهاضها من الداخل ولكن عزم الابطال ومساندة عبدالناصر لليمن أجهض تلك المؤامرات وانتصرت الثورة.
محاكمة القتلة
وماذا عن الطابور الخامس الذي حارب الثورة؟
كل الذين ذهبوا للطائف هم طابور خامس وهناك آخرون وسوف اذكر الجميع في مذكراتي سواء من المشائخ أو الذين يدعون انهم أحرار أو من بيت الوزير أو غيرهم بالاسم مع الدليل دون خوف من أحد حتى يعرف التاريخ والاجيال القادمة دور كل شخص وقف ضد الثورة أو معها.. والغريب أن البعض يريد أن يحاكم الثوار بحجة أنهم ألقوا القبض على العلماء والوجهاء في الوقت الذي يفترض أن نطالب بمحاكمتهم على ما اقترفوه ضد الوطن.
المرتزقة الجدد
بعد 48 عاماً على قيام النظام الجمهوري.. هل تشعر بالخطر عليه؟
لا.. على الاطلاق وما نشاهده أو نسمعه من خزعبلات من قبل البعض لن تكون أكبر من تلك التي كانت بداية الثورة وفشلت رغم ضعف الامكانات بداية الثورة، أما اليوم بعد أن أصبح لليمن جيش قوي قادر على حماية الثورة بجانب الشعب والقيادة السياسية والنظام الجمهوري فلا اعتقد أن أي أحد أو جماعة قادرة على ُْ فعل شيء يضر بالثورة والجمهورية.. وما نسمعه من أصوات نشاز ليست أكثر من أبواق لأعداء الوطن مقابل المال المدنس.
سنردع الحوثي
هناك من يعتبر الحكم حقاً إلهياً محصوراً به ويعمل للوصول اليه؟
هذا ناتج عن الجهل والتخلف والتربية المغلوطة منذ الصغر، ولابد من إعادة النظر في هذه التربية والثقافة.. وقد قلنا اكثر من مرة اننا على استعداد لمقاتلة الحوثي حتى يعود الى جادة الصواب منذ اليوم الاول لظهوره ولكن قالوا اننا أصبحنا كباراً في السن ولا ننفع للقتال.
أحزاب الفيد
كيف ترى تحالف بعض الاحزاب مع الحوثيين وعودة الإمامة؟
الاحزاب التي تساند التخريب سواء الحوثيين أو الخارجين عن القانون إعلامياً أو سياسياً هي أحزاب تبحث عن مصالح آنية لأنها لم تفهم واجبها الوطني وحصرت نفسها في هذه الزاوية الضيقة.. كم حقي.. كم نصيبي في البرلمان ومجلس الشورى ولجنة الانتخابات؟! ولهذا أصبحت معارضة للفيد ولو كان لديها زعامة قوية وطنية لما انزلقت الى هذا المستوى الرخيص، فالتنظيم الوحدوي الناصري عندما كان أميناً عاماً له كانت مواقفه جيدة ولكن عندما تغير المخلافي تغير موقف التنظيم للأسوأ..إذاً المشكلة ليست في الاحزاب بل في عدم وجود قيادات تاريخية وطنية تلتف حولها الناس للعمل لصالح الوطن والشعب.
إلغاء الفوارق
لوحظ وجود بعض الشباب مع الخارجين على القانون.. كيف تفسر ذلك؟
الاوضاع الاقتصادية وعدم كفاية الوظائف أوجدت فراغاً لدى الشباب مما سهل جرهم واستدراجهم للعمل ضد الوطن، ولهذا لابد من توفير فرص العمل للشباب ويمننة الوظائف وتحسين أوضاع الناس المعيشية وإزالة الفوارق في المجتمع حتى لا يزيد الغني غنى والفقير فقراً، فلا يعقل أن نشاهد بعض المسؤولين يذبح الواحد منهم عشرة أو عشرين خروفاً في وجبة غداء أو مائة ثور في حفل عرس في الوقت الذي يبحث المواطن عن لقمة عيش أو حبة كدم لأولاده ولا بد من أن نحاسب الفاسد سواءً أكان وزيراً أم مديراً ونحاكم المختلس علناً أمام الشعب حتى نعيد الثقة بالدولة وهيبتها ليقف الناس حولها ضد كل الخارجين على القانون ونباش القبور من حوثيين أو غيرهم من المتآمرين.
استدراج
لكن الثورة والوحدة ليستا مرهونتين بإزالة الفوارق؟
هذا صحيح ولكن أعداء الوطن يجدون سوء الاحوال الاقتصادية للمواطنين نافذة للدخول منها ووسيلة لدغدغة عواطف السذج واستعدائهم ضد الوطن والحكومة.. فيقولون لهم مثلاً ماذا فعلت لكم الثورة وماذا فعلت لكم الوحدة وهكذا.
هيبة الدولة
كيف يمكن تنمية الثقافة الوطنية في المجتمع؟
يكون ذلك بالتربية الوطنية السليمة ولكن للأسف نلاحظ أن المناهج الدراسية خالية من التربية الوطنية، فإذا سألت طالباً ثانوياً أو جامعياً من هو أول رئيس للجمهورية أومن هو أول شهيد في الثورة وما دور عبدالرقيب عبدالوهاب والعمري والعواضي في فك الحصار عن صنعاء؟ لن يستطيع الاجابة عليك.
يوجد خلل كبير في المناهج الدراسية ونفس الشيء نجد ان بعض الاحزاب تعمل على تزييف التاريخ وزرع ثقافة مناطقية وروح العداء للوطن والثورة والثوابت الوطنية وعلى الدولة أن تتخذ إجراءات حازمة ضد كل من يحاول المساس بالثوابت دون هوادة لأن المعارضة في العالم تعمل على المطالبة بحقوقها بالطرق السلمية وبالكلمة الشريفة والحوار البناء وليس عبر تزييف الحقائق.. ولذا نقول للجميع: اتقوا الله في الوطن.
المشكلة الدولارات
أشرت الى ضرورة الحوار بين المؤتمر وأحزاب المعارضة .. كيف ترى مستقبل الحوار في ظل المناكفات وافتعال الأزمات؟
بكل أسف لدينا أناس وأحزاب معارضة تمارس أعمالاً ضد الوطن بالاضافة الى الذين يضخون الملايين من الدولارات لشراء ذمم وضعاف النفوس وتجنيدهم ضد الوطن، ورغم ذلك مازال لدينا أمل ان يسود الحوار ويلتقي الناس جميعاً ويتحاوروا حواراً مسؤولاً لصالح الشعب والوطن، ولابد على عقلاء المعارضة ان يغلبوا المصلحة الوطنية على المصالح الحزبية.
واحدية الثورة
الحديث عن واحدية الثورة أخذ حيزاً كبيراً من الجدل.. فكيف تجسدت واحدية الثورة على أرض الواقع خاصة وأنت واحد ممن كان حاضراً وشاهداً في تلك الفترة؟
لقد وجد الشعب اليمني موحداً منذ القدم والدفاع عن الوطن من قبل كل ابنائه شيء طبيعي فلولا الحرس الوطني ومن شارك فيه من المحافظات الجنوبية في الدفاع عن الثورة والجمهورية لما انتصرت الثورة فقد انخرط من تلك المناطق الآلاف من المقاتلين واستشهد الكثير منهم في »يسلح والمحابشة وحجة وخولان« وكذلك الحال في ثورة 14 اكتوبر، فقد شارك الآلاف من أبناء تعز وإب وصنعاء فيها وقاتلوا المستعمر ولكن -للاسف- تم نسيان دورهم كأبطال حتى عندما يتسلم البعض منهم معاش الفي ريال يرفض للذهاب لاستلامه لأنه لا يكفي حق المشوار.. وقد كان فخامة الاخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية شكل لجنة لمعالجة أوضاعهم ولكن اللجنة لم تخرج بشيء وبصراحة الرئيس هو الوحيد الذي مازال يتفقد أحوال المناضلين ويسمع منهم وهذا يحسب له برغم معارضة بعض المشائخ الذين يأخذون حق المناضلين والشهداء فوق التي يأخذونها من داخل وخارج الوطن.
ولماذا برزت بعض الاصوات تدعي الوصاية على بعض أجزاء من الوطن؟
كل الاصوات التي تحاول ادعاء الوصاية أو تنادي بفك الارتباط تصدر من أناس تعمل لصالح أعداء الوطن وتحركها أيادٍ وأموال خارجية للإضرار بالوطن، أما الشعب اليمني فهو موحد منذ القدم، ولذلك لابد على الدولة حل اي مشاكل يستغلها هؤلاء النفر لتفويت الامر عليهم.. وبحسب علمي فإن الاخ رئيس الجمهورية قد أعطى وزير الدفاع أوامر بحل كل المشاكل للمتقاعدين والمنقطعين، ولكن التباطؤ هو الذي سوف يعمل على إثارة الناس ضد الوطن ويجب حل ما تبقى من المشاكل.
رفضوا أخذ المرتبات
خلال فترة الكفاح مررتم بالعديد من المواقف.. فهل يمكن أن تحدثنا عن بعضها باختصار؟
المواقف التي مازلت اتذكرها كثيراً وقد شرحتها في مذكراتي أهمها هو عندما كان عدد من أبناء المحافظات الجنوبية المقاتلين معي في خولان يريدون السفر الى مناطقهم لزيارة اطفالهم ومن ثم العودة للقتال ضد الإمامة فطلبوا الذهاب بالسلاح الذي صرف لهم فرفضت ذلك، فنصحني بعض الاخوة بالذهاب الى الرئيس السلال لطرح الامر عليه فدخلت صنعاء وشرحت الامر للرئيس فغضب منّي وقال: احمد الله انك لقيت من يدخل السلاح الى عدن لدعم الثورة هناك وامر بإعطائهم السلاح ومعاش عام كامل كان لدى الخزينة لم يستلموه من قبل، فعدت الى خولان ومعي الفلوس لكل واحد 120 ريال فرانصي (فضة) وأمر بالسلاح، وعندما وصلت اليهم قلت لهم: هذه المعاشات حقكم وهذا السلاح اذهبوا مع السلامة ولكنهم أخذوا السلاح والذخيرة ورفضوا أن يأخذوا الفلوس وقالوا نريد فقط 20 ريالاً لكي تساعدنا على الوصول الى أهالينا وهناك سوف ندبر أمرنا، وأصروا على ذلك وهذا الامر لا ينسى والاخ علي عبدالله صالح مطّلع على هذا لأنه كان حاضراً وهو احد الضباط الذين كانوا معي ولم يتسلم ريالاً واحداً خلال عام كامل واكثر، فقد كان همنا كيف نحمي الوطن والثورة وليس كما هو الوضع اليوم تشاهد البعض يتاجر بأمن الوطن واستقراره.{