حسن عبدالوارث -
بلغ بي الملل أقصى حدوده من الكتابة في السياسة، ومن القراءة في السياسة، ومن الاستماع إلى أحاديث السياسة..
وليست السياسة- هنا- ما تآلفت على فهمها وخوضها الأمم عبر التاريخ.. إنما ما سادت في القاموس اليمني المتآكل من الرطوبة والغبار في البيئة والنفوس!
لقد مللنا من تراكم الأزمات دون حلول، حتى بتنا نتمنى حرباً فاصلة تحسم الأمر، ولا تجرجره وراءها!
ومللنا من حوارات تُفضي إلى العدم، حتى بتنا نتمنى وباءً داهماً يشل الألسنة ويبتر اللغة من «لغلوغها»!
ومللنا من التنظيرات الجوفاء، والإحالات على الماضي تارة، وعلى المجهول تارة أخرى.. حتى بتنا نتمنى الانتقال- عبر آلة الزمن- إلى حقبة ما قبل ظاهرة الدولة!
وأعرف أن حشداً من ألسنة الأنام، أو طائفة من أسنة الأقلام، ستندفع نحوي- إثر قراءتها هذه السطور- كاندفاع الحمم على العشب والحصى.. وقد يبلغ بعضها مبلغ الرمي بالتهم الجاهزة في قاموس «الجدل» اليمني السائد منذ منتصف القرن الماضي!
وأعرف.. وأعرف.. وأعرف.. غير أنني قلتُها ومضيت.. وإذا قالها كلٌّ منا ومضى، أفضل وأهون ألف ألف مرة من أن يقولها ويظل قابعاً يتصدى لصداها المتردد في متاهات لا أول لها ولا آخر سوى العدم!!