-
لم تكتف قيادتنا السياسية بزعامة فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية بتقوية جسور الشراكة والمصالح المتبادلة بين اليمن ومحيطها الإقليمي والعربي، بل تجاوزت ذلك إلى نسج علاقات متينة ومتطورة، تقوم على مبدأ الاحترام المتبادل والتعاون البناء مع مختلف دول العالم، وذلك بما يخدم توجهاتها التنموية والاقتصادية، ويرسي مصالح متشابكة تعود بالنفع على شعبها وأصدقائه في تلك الدول، وفي الصدارة منها دول الاتحاد الأوروبي، التي أضحت العديد منها شريكاً فاعلاً ومسانداً لليمن في جهوده المبذولة في مواجهة أعباء التنمية ومكافحة الإرهاب وترسيخ عوامل الأمن والاستقرار في المنطقة.
وبهذا الرصيد توجه فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية إلى العاصمة الفرنسية "باريس"، التي وصلها عصر أمس في مستهل زيارة لهذا البلد الصديق الذي تربطه باليمن علاقات تاريخية وطيدة ومتجددة، تستمد حيويتها من قناعة القيادتين السياسيتين في البلدين الصديقين بإمكانية إكساب هذه العلاقة طابع الديمومة المستمرة، وصولاً إلى ما يحقق الأهداف المشتركة. ومن الطبيعي أن المباحثات التي سيجريها فخامة الأخ الرئيس مع الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي وكبار المسؤولين الفرنسيين، ستشكل إضافة نوعية، سواء على صعيد العلاقات الثنائية والشراكة القائمة بين البلدين الصديقين، وتوسيع آفاقها، وخاصة في ما يتصل بالاستثمارات الفرنسية في اليمن، التي لاشك وأنها صارت تجد في المشروع الاستثماري العملاق، والمتمثل في تصدير الغاز الطبيعي اليمني المسال والذي تتولى شركة توتال الفرنسية قيادة مجموعة من الشركات المشاركة فيه، محفزاً عملياً على الاستثمار في اليمن، والاستفادة من الفرص والمناخات التي يوفرها القانون للمستثمرين.
وإلى جانب الموضوعات الثنائية فإن هناك العديد من القضايا التي ستتناولها المباحثات بين الجانبين، أكان ذلك في ما يتعلق بتنسيق جهود البلدين في مكافحة الإرهاب وأعمال القرصنة البحرية في منطقة جنوب البحر الأحمر وخليج عدن، أو بتطورات عملية السلام في المنطقة والتي ما تزال تواجه العديد من العقبات والمصاعب نتيجة التعنت الإسرائيلي ومماطلته في القبول والتسليم باستحقاقات السلام العادل والشامل.
ومن المؤكد أن القيادة الفرنسية مهتمة كثيراً بالاستماع إلى رؤية فخامة الرئيس علي عبدالله صالح في هذا الجانب وغيره، بالنظر إلى ما يتمتع به هذا القائد من صوت مسموع في مختلف المنابر الإقليمية والدولية، وما يتميز به من حنكة سياسية ومصداقية وموضوعية في طرح القضايا. وبكل المقاييس فإن زيارة الرئيس علي عبدالله صالح لباريس ستنعكس بتأثيراتها الإيجابية ليس فقط على نطاق تنمية مجالات التعاون المثمر بين البلدين، بل ستفتح أفقاً جديداً أمام علاقاتهما التي تزداد يوماً بعد يوم رسوخاً ومتانة وهو ما يمكن استشرافه في الموقف الفرنسي المساند دوماً لليمن وأمنه واستقراره ووحدته ومسيرته التنموية والديمقراطية، ناهيك عن ما يتوقع أن تفضي إليه مباحثات القمة اليمنية الفرنسية من نتائج إيجابية في الجوانب ذات الصلة بقضايا المنطقة ومستجدات عملية السلام والتي تقتضي تحركاً أوروبياً قوياً إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية لإخراج هذه العملية من نفقها الراهن والدفع بها نحو التقدم بعيدا عن تلك المراوحة التي جعلت المنطقة تغرق في حالة من التوتر واليأس والاحباط بفعل زيادة حمى الاستيطان على الأراضي الفلسطينية المحتلة. ومن مصلحة المجتمع الدولي ألا يدع فرصة السلام تفلت من يديه، وتظل اسرائيل تمارس عبثها على ذلك النحو الذي لم يعد معقولا ولا مقبولا.
*كلمة صحيفة الثورة