احمد ناصر الشريف -
يعوّل المواطنون كثيراً على الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد المزمع تشكيلها قريباً والتي سيكون لها صلاحيات قانونية في مكافحة الفساد ودرء مخاطره وملاحقة مرتكبيه وحجز واسترداد الأموال والعائدات المترتبة عن ممارسة الفساد بعد ان عجزت كل الأجهزة الرقابية بما فيها الجهاز القضائي في الحد من ممارسة هذا الداء الذي استشرى في أجساد أصحاب النفوس الضعيفة كسريان الكهرباء في الأجسام وتقديم المخالفين للمحاسبة.
وبما ان هذه الهيئة الوطنية ستكون مستقلة ويكون لها شخصية اعتبارية واستراتيجية وطنية شاملة لمكافحة الفساد وتوسيع مشاركة المجتمع المدني في التعريف بمخاطره ومناهضته فإن الأمل في استئصال هذه الآفة سيظل يلوح في الأفق وصولاً إلى تحقيق الأهداف التي ستنشأ من أجلها هذه الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد، ومن أهم تلك الأهداف التي وردت في القانون: القضاء على استغلال الوظيفة العامة للحصول على مصالح خاصة سواءً أكان ذلك بمخالفة القوانين واستغلالها أو باستغلال الصلاحيات الممنوحة لكل مسؤول يتبوأ منصباً مهماً في الدولة.. كما أن السماح لمشاركة المجتمع المدني في كشف ومكافحة الفساد سيعطي دفعة قوية لهذه الهيئة الوطنية يساعدها على القيام بعملها على أحسن وجه بما من شأنه ان تحقق الأهداف المرجوة منها.
وإن كان السؤال يبقى دائماً حول الأعضاء الذين سيتم اختيارهم لتتشكل الهيئة الوطنية منهم وهل سيحسن مجلس الشورى الذي انيط به اختيار أعضاء الهيئة من بين أكثر من ثلاثين مرشحاً التأشير على الشخص المناسب والنزيه وتقديمه للمجتمع كعنصر صالح وفاعل لايخاف لومة لائم في قول كلمة الحق وإحالة المخالفين للقوانين والأنظمة والعبث بالمال العام إلى التحقيق والمحاكمة؟!
واستفادة مجلس الشورى مما يجري في الهيئات الرقابية الحالية التي أصبحت تشكل عبئاً على الدولة والمجتمع لأنها هي نفسها بحاجة إلى تصحيح بعد ان أصبح الفساد ينخرها من الداخل وذلك بسبب عدم منحها الصلاحيات الكاملة والاعتماد على شخصيات لايهمها إلاّ تنمية مصالحها الخاصة واستغلال كشفها للفاسدين من خلال مساومتهم والتقاسم معهم ماتم نهبه وسرقته على حساب مصلحة الوطن العليا.
إذاً فإن الكرة الآن هي في مرمى مجلس الشورى بحكم أنه الجهة الوحيدة التي اعتمدت عليها القيادة السياسية والحكومة ووثقت فيها لترشيح من تراهم صالحين للقيام بهذه المهمة الشاقة وهي مهمة مكافحة الفساد بمشاركة المجتمع وهذا يحدث لأول مرة ان يدخل المواطن طرفاً حقيقياً في كشف المتلاعبين بالمال العام وتقديمهم للمحاسبة.. ولا نعتقد إلاّ أن كل مواطن مخلص وشريف يحب وطنه سيعمل جاهداً على ملاحقة هؤلاء الفاسدين والتبليغ عنهم وتقديم ما يثبت جرمهم بالوثائق بعيداً عن استغلال هذه الصلاحية التي منحها قانون مكافحة الفساد للمواطن في المكايدة.. فهل يقدم مجلس الشورى للوطن هيئة وطنية عليا لمكافحة الفساد تستطيع ان تنجح في تحقيق ما فشل فيه الآخرون خلال السنوات الماضية؟ إن الثقة كبيرة.. ولكن لايعيد حسن الكلام إلاّ بحسن العمل!!.