محمد الجرادي - حتى لا نظلم كثيرين- رغم عدم معرفتنا بهم- ممن يؤمنون بقيم الكتابة وأخلاق ومسؤوليات المهنة، فإن قليلين هم من يؤمنون بعكس ذلك، وأمثال هؤلاء تناسلوا في مشهدنا الصحفي بشكل طارئ.. ومايزالون طارئون لاعتبارات تتعلق بمستوى فهمهم للمهنة من أنها وسيلة للارتزاق والكسب قبل ان تكون مسؤولية ووسيلة مقدسة للعيش »بنظافة وعفة«!
ولأن هناك ممن يوفر لهذه النماذج بقصد أو بدون قصد، ما يحفزها على اختراقات للمهنة ويدعم فهمها الانتهازي لممارستها فإنه يصعب عليها التخلي عن قناعات تتعارض مطلقاً مع ماهية المهنة وجوهر الممارسة.. وصلت بها إلى حد »التوهم« في اختزال المهنة لذاتها! وإدعاء أحقية تمثيلها دون آخرين وإن كان هؤلاء الآخرون في حقيقة الأمر- يرفضون ذواتهم وينكرونها- على امتلاكهم قدراً عالياً من نزاهة الممارسة وكفاءة القيام بالمهام.
> وتبلغ »انتهازية« هذه النماذج أعلى درجاتها في استغلال الممارسة الصحفية- لتفريغ رغبتها في اختلاق »الخصومات« وإشباع دوافع قد تبدو »غريزية« هدفها الإساءة للآخرين.. وإن لم يكونوا مسيئين.. إنما لأنهم يثيرون حفيظتها بقدرتهم على التجاوز الإيجابي، ويجعلونها تتحسس هلامية وهشاشة ذاتها.. ولذلك.. فإنها لاتطمئن إلى ممارسة المهنة ما لم تتحول سطور الصفحات إلى »مستنقعات«!.
والغريب ان تكون هذه النماذج في صدارة من يطالبون باحترام قدسية المهنة وحمايتها من عبث العابثين.. كاشفين بذلك فداحة التناقض الواضح بين التفكير والممارسة ثم بين إدعاء المسؤولية والالتزام وبين القدرة الرهيبة على كبح جماح الشرف والمصداقية علناً!!
والخلاصة أن في هذا كله يكمن السقوط.. وإن بدا التوهم بعكس ذلك.. فبقدر الالتزام والاحساس بالمسؤولية يكون النجاح والقبول وما عدا ذلك فهي المراوحة في الرهان على الفشل ومغالبة الشعور بالنقص والوضاعة.
|